الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجْهَانِ حَلَالٌ، وَوَجْهَانِ حَرَامٌ. فَالْحَلَالَانِ: أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، أَوْ يُطَلِّقَهَا حَامِلاً مُسْتَبِينًا حَمْلُهَا، وَالْحَرَامَانِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، وَهَذَا فِي طَلَاقِ الْمَدْخُول بِهَا. أَمَّا مَنْ لَمْ يُدْخَل بِهَا، فَيَجُوزُ طَلَاقُهَا حَائِلاً وَطَاهِرًا (1) .
وَعَلَى ذَلِكَ كَانَتْ صِفَةُ طَلَاقِ السُّنَّةِ: مَا وَقَعَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعِ الرَّجُل زَوْجَتَهُ فِيهِ. أَمَّا إِذَا جَامَعَهَا فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ قَبْل تَبَيُّنِ الْحَمْلِ، فَإِنْ فَعَل كَانَ مُحْدِثًا لِطَلَاقٍ بِدْعِيٍّ مُوجِبٍ لإِِثْمِ فَاعِلِهِ فِي قَوْل سَائِرِ أَهْل الْعِلْمِ (2) .
أَمَّا عَنْ وُقُوعِ طَلَاقِ الْبِدْعَةِ الَّذِي صَدَرَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَكَانَ الْمُطَلِّقُ عَاصِيًا (3) . لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ
(1) زاد المعاد 5 / 219.
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية 33 / 66، 70 - 72، وفتح القدير 3 / 329، والكافي ص262، والمعونة 2 / 833 وما بعدها، وزاد المعاد 5 / 221.
(3)
فتح القدير 2 / 329، والمعونة 2 / 837، والكافي ص262، نيل الأوطار 6 / 224، وشرح منتهى الإرادات 3 / 123، والمغني لابن قدامة 10 / 327، ومغني المحتاج 3 / 307 - 308.
طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَاجِعَهَا (1) وَفِي رِوَايَةٍ، قَال: فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا، أَكَانَ يَحِل لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا؟ قَال: " لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ، وَتَكُونُ مَعْصِيَةً (2) . وَفِي رِوَايَةٍ: قَال سَالِمٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهِ، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (3) .
وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، قَال: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: تُحْتَسَبُ؟ قَال: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ (4) ! وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ صِحَاحٌ؛ وَلأَِنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ مُكَلَّفٍ فِي مَحَل الطَّلَاقِ، فَوَقَعَ، كَطَلَاقِ الْحَامِل؛ وَلأَِنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، فَيُعْتَبَرُ لِوُقُوعِهِ مُوَافَقَةُ السُّنَّةِ، بَل هُوَ إِزَالَةُ عِصْمَةٍ، وَقَطْعُ مِلْكٍ، فَإِيقَاعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ أَوْلَى، تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَعُقُوبَةً لَهُ، أَمَّا غَيْرُ الزَّوْجِ، فَلَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ، وَالزَّوْجُ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِهِ مَحِلَّهُ.
(1) حديث ابن عمر: " أنه طلق امرأته وهي حائض. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 345) ومسلم (2 / 1093) .
(2)
رواية ابن عمر: قلت: يا رسول الله رأيت لو أني طلقتها ثلاثا. أخرجها الدارقطني (4 / 63 - ط دار المحاسن) .
(3)
مقالة سالم: وكان عبد الله طلقها تطليقة. . . أخرجها مسلم (2 / 1095) .
(4)
رواية يونس بن جبير: تحتسب؟ . . . أخرجها البخاري (الفتح، 9 / 351) ومسلم (2 / 1096) ، واللفظ للبخاري.