الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: لِلزُّهْرِيِّ، وَهُوَ أَنَّ عَلَيْهِ أَدْنَى الْحَدَّيْنِ، أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصَنْ فَيُجْلَدُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا مِائَةً (1) .
الرَّابِعُ: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا، وَلُزُومِ التَّعْزِيرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ إِذَا اعْتَادَ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَقَال الْبِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْتَل فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لِصِدْقِ التَّكْرَارِ عَلَيْهِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُبَالَغُ فِي تَعْزِيرِهِ (2) . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا:
بِأَنَّهُ قَدْ أَتَى مُنْكَرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ ? الْعَادُونَ (3) ، وَلَا خِلَافَ بَيْنِ أَحَدٍ مِنَ الأَْئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يَحِل أَنْ تُؤْتَى الْبَهِيمَةُ أَصْلاً، فَفَاعِل ذَلِكَ فَاعِل مُنْكَرٍ، وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
(1) عارضة الأحوذي 6 / 239، ومعالم السنن 6 / 276.
(2)
رد المحتار 3 / 155، وفتح القدير والكفاية 5 / 45، ومختصر اختلاف الفقهاء للطحاوي 3 / 304، ومغني المحتاج 4 / 146، وأسنى المطالب 4 / 125، وتحفة المحتاج 9 / 106، وكشاف القناع 6 / 95، والقوانين الفقهية ص358، وعقد الجواهر الثمينة 3 / 305، والمغني 12 / 351، والخرشي 8 / 78، والحاوي 17 / 63.
(3)
سورة المؤمنون / 5 - 6.
بِتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ (1) ، فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ (2) .
وَبِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْئِهَا شَيْءٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَا يُمْكِنُ قِيَاسُهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي فَرْجِ الآْدَمِيِّ، لأَِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَلَيْسَ وَطْؤُهَا بِمَقْصُودٍ يَحْتَاجُ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ إِلَى الْحَدِّ، فَإِنَّ الطَّبْعَ السَّلِيمَ يَأْبَاهُ، وَالنُّفُوسَ تَعَافُهُ، وَعَامَّتَهَا تَنْفِرُ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى زَجْرٍ عَنْهُ بِحَدٍّ، وَيَكْفِي فِيهِ التَّعْزِيرُ (3) .
تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ حَيَوَانًا مِنْ نَفْسِهَا:
34 -
ثُمَّ إِنَّ فِي حُكْمِ إِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ مَا لَوْ مَكَّنَتِ الْمَرْأَةُ حَيَوَانًا - كَكَلْبٍ وَقِرْدٍ وَنَحْوِهِمَا - مِنْ نَفْسِهَا فَوَطِئَهَا، أَوْ أَدْخَلَتْ هِيَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (4) .
قَتْل الَّدابَّةِ الْمَوْطُوءَةِ:
35 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ فِي قَتْل الدَّابَّةِ الَّتِي أَتَاهَا الآْدَمِيُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
(1) حديث تغيير المنكر باليد. أخرجه مسلم (1 / 69) من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
المحلى ابن حزم 11 / 388.
(3)
المغني 12 / 352، ومغني المحتاج 4 / 145، والمعونة للقاضي عبد الوهاب 3 / 1400، والحاوي 17 / 64.
(4)
رد المحتار 3 / 155، وأسنى المطالب 4 / 126، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 316، وكشاف القناع 6 / 95.
أَحَدُهَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ قَتْل الْبَهِيمَةِ الْمَوْطُوءَةِ، وَذَلِكَ لِضَعْفِ الْحَدِيثِ الآْمِرِ بِقَتْلِهَا، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ إِلَاّ لِمَأْكَلَةٍ (1) .
وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ذَبْحُهَا ثُمَّ حَرْقُهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ، وَذَلِكَ لِقَطْعِ امْتِدَادِ التَّحَدُّثِ بِهِ كُلَّمَا رُئِيَتْ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَإِنْ كَانَتْ تُؤْكَل جَازَ أَكْلُهَا عِنْدَ الإِْمَامِ، وَقَال الصَّاحِبَانِ: تُحْرَقُ (2) .
الثَّانِي: لِلْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَوْل الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ، وَهُوَ وُجُوبُ قَتْل الْبَهِيمَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْفَاعِل أَمْ لِغَيْرِهِ، مَأْكُولَةً أَمْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ. وَذَلِكَ لإِِطْلَاقِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوهَا مَعَهُ (3) ، وَلأَِنَّ فِي بَقَائِهَا تَذْكَارًا لِلْفَاحِشَةِ، فَيُعَيَّرُ بِهَا (4) .
(1) حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة. ورد من حديث القاسم مولى عبد الرحمن مرسلا بلفظ لا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة. أخرجه أبو داود في المراسيل (ص239، 240 - ط الرسالة) .
(2)
رد المحتار 3 / 155، وفتح القدير 5 / 45، والمحلى على المنهاج وحاشية القليوبي 4 / 180، وتحفة المحتاج 9 / 106، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 316، والخرشي 8 / 78، والمعونة 3 / 1401.
(3)
حديث: " من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه ". تقدم تخريجه فقرة (31) .
(4)
كشاف القناع 6 / 95، والمغني 12 / 352، 353، ومغني المحتاج 2 / 146، والحاوي 17 / 65، وعارضة الأحوذي 6 / 239.
الثَّالِثُ: تُقْتَل إِذَا كَانَتْ لِلْوَاطِئِ، وَلَا تُقْتَل إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلٌ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (1) .
الرَّابِعُ: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ وَلِلْحَنَابِلَةِ فِي قَوْلٍ، وَهُوَ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ ذُبِحَتْ، وَإِلَاّ لَمْ تُقْتَل؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ (2) .
وَعَلَى قَوْل مَنْ قَال بِوُجُوبِ قَتْل الْبَهِيمَةِ الْمَوْطُوءَةِ أَوْ نَدْبِهِ فَإِنَّهَا إِنْ كَانَتْ لِلْفَاعِل ذَهَبَتْ هَدْرًا؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ لَا يَضْمَنُ مَال نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِهَا.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِل بِوُجُوبِ قَتْلِهَا، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ - إِلَى وُجُوبِ ضَمَانِهَا عَلَى الْفَاعِل؛ ِ لأَِنَّهَا أُتْلِفَتْ بِسَبَبِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهَا.
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا غُرْمَ لِصَاحِبِهَا؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ قَتْلَهَا لِلْمَصْلَحَةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الدَّابَّةُ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ يُطَالَبُ صَاحِبُهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ تُذْبَحُ هَكَذَا (3) .
(1) الحاوي 17 / 64.
(2)
مغني المحتاج 4 / 146، وعارضة الأحوذي 6 / 239، والمغني 12 / 352، والإنصاف 10 / 179.
(3)
ابن عابدين 3 / 155، والحاوي 17 / 64، ومغني المحتاج 4 / 146، وكشاف القناع 6 / 95، والإنصاف 10 / 179.