الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَرْبِ نَصًّا إِلَاّ لِلضَّرُورَةِ فَإِذَا وُجِدَتِ الضَّرُورَةُ يَجِبُ الْعَزْل (1) .
(ب) الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ
لِلْوَطْءِ الْمَحْظُورِ صُوَرٌ: مِنْهَا الزِّنَا، وَاللِّوَاطَةُ، وَوَطْءُ الْحَلِيلَةِ وَالأَْجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا، وَوَطْءُ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءُ الْبَهِيمَةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الزِّنَا:
21 -
الزِّنَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَكَبِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ (2)، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (3) } .
(ر: زِنًا ف 5) .
ثَانِيًا: اللِّوَاطُ:
22 -
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ مُغَلَّظُ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ (4) . قَال
(1) المبسوط 10 / 74 - 75، والدر المختار مع رد المحتار 2 / 289، والخرشي 3 / 226، وأسنى المطالب 30 / 161، ومغني المحتاج 3 / 178، والإنصاف 8 / 14، وشرح المنتهى 3 / 3.
(2)
رد المحتار 3 / 141، وفتح القدير 5 / 31، ومغني المحتاج 4 / 143، وحاشة الدسوقي 4 / 313.
(3)
سورة الإسراء / 32.
(4)
الكبائر للذهبي ص81، والزواجر 2 / 139، وتنبيه الغافلين لابن النحاس ص141، والمغني 12 / 348، ونيل الأوطار 7 / 117.
الْمَاوَرْدِيُّ: وَاللِّوَاطُ أَغْلَظُ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا (1) .
(ر: لِوَاط ف 3) .
وَجَرِيمَةُ اللِّوَاطِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْل قَوْمِ لُوطٍ؛ كَمَا قَال عز وجل: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (2) } .
عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ:
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ مَنْ فَعَل فِعْل قَوْمِ لُوطٍ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ - الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ - كَالزِّنَا، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ، وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ. وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا أَتَى الرَّجُل الرَّجُل فَهُمَا زَانِيَانِ (3) ، وَلأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ مُشْتَهًى طَبْعًا
(1) الحاوي 17 / 59، وانظر المبسوط 9 / 77، وتحريم الغناء والسماع للطرطوشي ص257.
(2)
سورة الأعراف / 80.
(3)
حديث: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ". أخرج البيهقي في السنن (8 / 233)، ثم قال: هو منكر بهذا الإسناد. وذكر ابن حجر في التلخيص (4 / 55) أن في إسناده راويا متهما بالكذب.
مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُل الْمَرْأَةِ، بَل هُوَ أَوْلَى بِالْحَدِّ، لأَِنَّهُ إِتْيَانٌ فِي مَحَلٍّ لَا يُبَاحُ الْوَطْءُ فِيهِ بِحَالٍ، وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُل يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالزِّنَا (1) .
الثَّانِي: لأَِبِي حَنِيفَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُودَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ. وَلَوِ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ أَوْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ، قَتَلَهُ الإِْمَامُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، سِيَاسَةً.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا، لأَِنَّهُ لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُهُ، فَكَانَ كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلأَِنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لَا يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ، كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمِثْلِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَلأَِنَّ أُصُول الْحُدُودِ لَا تَثْبُتُ قِيَاسًا. وَأَيْضًا: فَلأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لَا تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَل رَكَّبَهَا اللَّهُ عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَزْجُرَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ، كَأَكْل الْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَشُرْبِ الْبَوْل. . . غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْصِيَةً مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَمْ يُقَدِّرِ
(1) الأم 7 / 183، ومغني المحتاج 4 / 144، والحاوي الكبير 17 / 62، وأسنى المطالب 4 / 126، وكشاف القناع 6 / 94، والمغني 12 / 349، ورد المحتار 3 / 155، وتبيين الحقائق 3 / 180، ومجمع الأنهر 1 / 595.
الشَّارِعُ فِيهَا حَدًّا مُقَدَّرًا، كَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ (1) .
الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا، فَيُرْجَمُ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْصَنَيْنِ أَمْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ. وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ (2) .
وَبِأَنَّهُ إِيلَاجٌ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ يُقْصَدُ الاِلْتِذَاذُ بِهِ غَالِبًا كَالْقُبُلِ، فَكَانَ الرَّجْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَلأَِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا إِنَّمَا وُضِعَ زَجْرًا وَرَدْعًا لِئَلَاّ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَوَجَدْنَا الطِّبَاعَ تَمِيل إِلَى الاِلْتِذَاذِ بِإِصَابَةِ هَذَا الْفَرْجِ كَمَيْلِهَا إِلَى الْقُبُلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الرَّدْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُبُلِ، بَل إِنَّ هَذَا أَشَدُّ وَأَغْلَظُ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الإِْحْصَانُ كَمَا اعْتُبِرَ الزِّنَا، إِذِ الْمَزْنِيُّ بِهَا جِنْسٌ مُبَاحٌ وَطْؤُهَا،
(1) رد المحتار 3 / 155، وفتح القدير مع الكفاية والعناية 5 / 43، 44، والمبسوط 9 / 77 - 79، والحاوي للماوردي 17 / 60، ومجمع الأنهر 1 / 595، وتبيين الحقائق 3 / 180، والمحلى 11 / 382، والمغني 12 / 350.
(2)
حديث: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ". أخرجه الترمذي (4 / 57) والحاكم (4 / 355) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.