الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيل اللَّهِ (1) .
وَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُول قَصْدًا، وَهَذَا عَلَى إِطْلَاقِهِ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَجُوزُ وَقَفَ الْمَنْقُول إِذَا كَانَ تَبَعًا لِلأَْرْضِ اسْتِحْسَانًا كَمَا إِذَا وَقَفَ ضَيْعَةً بِبَقَرِهَا وَأَكَرَتِهَا وَكَذَا سَائِرُ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ، لأَِنَّهُ تَبَعٌ لِلأَْرْضِ فِي تَحْصِيل مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَقَدْ يَثْبُتُ مِنَ الْحُكْمِ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا كَالشِّرْبِ فِي الْبَيْعِ وَالْبِنَاءِ وَفِي الْوَقْفِ (2) .
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ وَقْفُ الْكُرَاعِ - وَهِيَ الْخَيْل وَالسِّلَاحُ - اسْتِحْسَانًا لِلآْثَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: وَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيل اللَّهِ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ قَال لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: " إِذَا أَنَا مُتُّ فَانْظُرُوا سِلَاحِي وَفَرَسِي فَاجْعَلُوهُ عُدَّةً فِي سَبِيل اللَّهِ "(3) وَتَأْخُذُ الإِْبِل حُكْمَ الْخَيْل لأَِنَّ الْعَرَبَ يُجَاهِدُونَ عَلَيْهَا
(1) حديث " أما خالد فقد احتبس أدراعه. . . " أخرجه مسلم (2 / 677) .
(2)
الهداية 3 / 15، 16، وفتح القدير 6 / 216 نشر دار الفكر.
(3)
حديث " وقال خالد: إذا أنا مت فانظروا سلاحي. . . " أخرجه الطبراني في الكبير (3 / 106) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9 / 350) : إسناده حسن.
وَكَذَا السِّلَاحُ يُحْمَل عَلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الْمَنْقُول لأَِنَّ شَرْطَ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ، وَالْمَنْقُول لَا يَتَأَبَّدُ، فَتُرِكَ الْقِيَاسُ لِلآْثَارِ الَّتِي وَرَدَتْ.
وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - خِلَافًا لأَِبِي يُوسُفَ - وَقْفُ الْمَنْقُول قَصْدًا إِذَا كَانَ مُتَعَارَفًا وَفِيهِ تَعَامُلٌ لِلنَّاسِ كَالْفَأْسِ وَالْقَدُومِ وَالْقِدْرِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَالْمُصْحَفِ وَالْكُتُبِ لأَِنَّ الْقِيَاسَ قَدْ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُل، لِقَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:" مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ "(1) بِخِلَافِ مَا لَا تَعَامُل فِيهِ، أَيْ لَمْ يَجُزِ التَّعَامُل بِوَقْفِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْل مُحَمَّدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ وَمِنْهُمُ السَّرَخْسِيُّ، أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَقْفُ ذَلِكَ، لأَِنَّ الْقِيَاسَ إِنَّمَا يُتْرَكُ بِالنَّصِّ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ (2) .
ثَالِثًا: وَقْفُ الْمَنْفَعَةِ:
68 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ وَقْفِ
(1) أثر ابن مسعود " ما رأى المسلمون حسنا. . . " أخرجه أحمد في المسند (1 / 379) وحسن إسناده السخاوي في المقاصد الحسنة (ص367) .
(2)
فتح القدير 6 / 217، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 3 / 375.