الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على دين عبد الله بن الثامر، وأقام أهل نجران على دين عيسى صلوات الله عليه، حتى دخلت عليهم في دينهم الأحداث. ودعاهم ذو نواس إلى دين اليهودية، فأبوا.
فسار إليهم في أهل اليمن وعرض عليهم القتل فلم يزدهم إلّا جماحا، فخدّد لهم الأخاديد، وقتل وحرق حتى أهلك منهم فيما قال ابن إسحاق عشرين ألفا أو يزيدون، وأفلت منهم رجل من سبا يقال له دوس ذو ثعلبان فسلك الرمل على فرسه وأعجزهم.
ملك الحبشة اليمن
قال هشام بن محمد الكلبيّ في سبب غزو ذي نواس أهل نجران أنّ يهوديا كان بنجران فعدا أهلها على ابنين له فقتلوهما ظلما، فرفع أمره إلى ذي نواس، وتوسل له باليهودية واستنصره على أهل نجران وهم نصارى، فحمي له ولدينه وغزاهم. ولما أفلت دوس ذو ثعلبان فقدم على قيصر صاحب الروم يستنصره على ذي نواس، وأعلمه بما ركب منهم وأراه الإنجيل قد احترق بعضه بالنار، فكتب له إلى النجاشيّ يأمره بنصره، وطلب بثأره، وبعث معه النجاشيّ سبعين ألفا من الحبشة. وقيل إنّ صريخ دوس كان أولا للنجاشيّ، وإنه اعتذر اليه بقلّة السفن لركوب البحر، وكتب إلى قيصر وبعث إليه بالإنجيل المحرق، فجاءته السفن وأجاز فيها العساكر من الحبشة، وأمّر عليهم أرباطا رجلا منهم، وعهد إليه بقتلهم وسبيهم وخراب بلادهم فخرج أرباط لذلك ومعه أبرهة الأشرم فركبوا البحر، ونزلوا ساحل اليمن.
وجمع ذو نواس حمير ومن أطاعه من أهل اليمن على افتراق واختلاف في الأهواء، فلم يكن كبير حرب وانهزموا. فلمّا رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه بفرسه إلى البحر، ثم ضربه فدخل فيه وخاض ضحضاح البحر، ثم أفضى به إلى غمرة فأقحمه فيه، فكان آخر العهد به، ووطئ أرباط اليمن بالحبشة، وبعث إلى النجاشيّ بثلث السبي كما عهد له، ثم أقام بها فضبطها وأذل رجالات حمير، وهدم حصون الملك بها مثل سلجيق وسون وغمدان، وقال ذو يزن يرثي حمير وقصور الملك باليمن:
هوّنك ليس يردّ الدّمع ما فاتا
…
لا تهلكن أسفا في إثر من ماتا
أبعد سون فلا عين ولا أثر
…
وبعد سلجيق يبني الناس أبياتا
وفي رواية هشام بن محمد الكلبيّ أنّ السفن قدمت على النجاشيّ من قيصر، فحمل فيها الحبش ونزلوا بساحل اليمن، واستجاش ذو نواس بأقيال حمير فامتنعوا من صريخه وقالوا: كل أحد يقاتل عن ناحيته. فألقى ذو نواس باليد ولم يكن قتال.
وأنه سار بهم إلى صنعاء، وبعث عماله في النواحي لقبض الأموال، وعهد بقتلهم في كل ناحية، فقتلوا. وبلغ ذلك النجاشيّ فجهز إلى اليمن سبعين ألفا، وعليهم أبرهة فبلغوا صنعاء، وهرب ذو نواس واعترض البحر فكان آخر العهد به. وملك أبرهة اليمن ولم يبعث إلى النجاشيّ بشيء وذكر له أنه خلع طاعته فوجه جيشا من أصحابه عليهم أرباط. ولما حلّ بساحته دعاه إلى النصفة والنزال فتبارزا وخدعه أبرهة، وأكمن عبدا له في موضع المبارزة، فلما التقيا ضربه أرباط فشرم أنفه، وسمّي الأشرم وخالفه العبد من الكمين فضرب أرباطا فأنفذه، وبلغ النجاشيّ خبر أرباط فحلف ليريقنّ دمه [1] . ثم كتب إليه أبرهة واسترضاه فرضي عليه وأقره على عمله.
وقال ابن إسحاق إنّ أرباط هو الّذي قدم اليمن أوّلا وملكه وانتقض عليه أبرهة من بعد ذلك، فكان ما ذكرنا من الحرب بينهما وقتل أرباط، وغضب النجاشي لذلك ثم أرضاه واستبدّ أبرهة بملك اليمن.
ويقال إنّ الحبشة لمّا ملكوا اليمن أمّر أبرهة بن الصبّاح، وأقاموا في خدمته. قاله ابن سلام: وقيل إنّ ملك حمير لما انقرض أمر التبابعة صار متفرقا في الأذواء من ولد زيد الجمهور. وقام بملك اليمن منهم ذو يزن من ولد مالك بن زيد. قال ابن حزم:
واسمه علس بن زيد بن الحرث بن زيد الجمهور. وقال ابن الكلبيّ وأبو الفرج الأصبهاني: هو علس بن الحرث بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عديّ بن مالك بن زيد الجمهور. قالوا كلهم: ولما ملك ذو يزن بعد مهلك ذي نواس واستبدّ أمر الحبشة على أهل اليمن، طالبوهم بدم النصارى الذين في أهل نجران، فساروا إليه وعليهم أرباط، ولقيهم فيمن معه فانهزم واعترض البحر، فأقحم فرسه وغرق فهلك بعد ذي نواس، وولي ابنه مرثد بن ذي يزن مكانه، وهو الّذي استجاشه امرؤ القيس على بني أسد وكان من عقب ذي يزن أيضا، من هؤلاء الأذواء علقمة ذو قيفال بن شراحيل بن ذي يزن، وملك مدينة الهون فقتله أهلها من همدان أهـ. ولما استقرّ أبرهة في ملك اليمن أساء السير في حمير، ورؤسائهم وبعث في ريحانة بنت علقمة بن
[1] الضمير يعود إلى أبرهة.