المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم - تاريخ ابن خلدون - جـ ٢

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌الكتاب الثاني ويشتمل: أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة الى هذا العهد

- ‌المقدّمة الاولى في أمم العالم واختلاف أجيالهم والكلام على الجملة في أنسابهم

- ‌المقدّمة الثانية في كيفية وضع الأنساب في كتابنا لأهل الدول وغيرهم

- ‌القول في أجيال العرب وأوّليتها واختلاف طبقاتهم وتعاقبها وأنساب كل طبقة منها

- ‌برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها

- ‌الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة

- ‌الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من العرب وهم العرب المستعربة وذكر أنسابهم وأيامهم وملوكهم والإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم

- ‌الخبر عن ملوك التبابعة من حمير وأوليتهم باليمن ومصاير أمورهم

- ‌ملك الحبشة اليمن

- ‌غزو الحبشة الكعبة

- ‌قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن

- ‌الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة

- ‌الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

- ‌الخبر عن بني إسرائيل وما كان لهم من النبوة والملك وتغلبهم على الأرض المقدّسة بالشام وكيف تجدّدت دولتهم بعد الانقراض وما اكتنف ذلك من الأحوال

- ‌الخبر عن حكام بني إسرائيل بعد يوشع الى أن صار أمرهم إلى الملك وملك عليهم طالوت

- ‌الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها

- ‌الخبر عن افتراق بنى إسرائيل منهم ببيت المقدس على سبط يهوذا وبنيامين الى انقراضه

- ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأوّل وما كان لبني إسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي وبني هيردوس إلى حين الخراب الثاني والجلوة الكبرى

- ‌ابتداء أمر انظفتر [1] أبو هيردوس

- ‌انقراض ملك بني حشمناي وابتداء ملك هيردوس وبنيه

- ‌الخبر عن شأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه في ولادته وبعثته ورفعه من الأرض والإلمام بشأن الحواريين بعده وكتبهم الأناجيل الأربعة وديانة النصارى بملته واجتماع الاقسة على تدوين شريعته

- ‌الخبر عن الفرس وذكر أيامهم ودولهم وتسمية ملوكهم وكيف كان مصير أمرهم الى تمامه وانقراضه

- ‌الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من الفرس وهم الكينية وذكر ملوكهم وأيامهم إلى حين انقراضهم

- ‌الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها

- ‌الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانية والخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

- ‌الخبر عن دولة يونان والروم وأنسابهم ومصايرهم

- ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن اللطينيين وهم الكيتم المعرفون بالروم من أمم يونان وأشياعهم وشعوبهم وما كان لهم من الملك والغلب وذكر الدولة التي فيهم للقياصرة وأولية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطاجنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من الكيتم وهم اللطينيون ومبدإ أمورهم ومصاير أحوالهم

- ‌الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفعال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعد إلى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم

- ‌الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها

- ‌الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم

- ‌الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها

- ‌الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الّذي كان فيها

- ‌الخبر عن بطون كهلان من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها

- ‌الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذر من هذه الطبقة وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم وكيف صار إلى طيِّئ من بعدهم

- ‌ملوك كندة الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدإ أمرهم وتصاريف أحوالهم

- ‌الخبر عن أبناء جفنة ملوك غسان بالشام من هذه الطبقة وأوليتهم ودولهم وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم

- ‌الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك اليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

- ‌أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب

- ‌المولد الكريم وبدء الوحي

- ‌بدء الوحي

- ‌هجرة الحبشة

- ‌ العقبة الثانية

- ‌الهجرة

- ‌الغزوات

- ‌الأبواء:

- ‌بواط:

- ‌البعوث:

- ‌غزوة بدر الثانية:

- ‌غزوة الكدر:

- ‌غزوة السويق:

- ‌ذي أمرّ:

- ‌نجران:

- ‌قتل كعب بن الأشرف:

- ‌غزوة بني قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى قردة:

- ‌قتل ابن أبي الحقيق:

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد:

- ‌بعث الرجيع:

- ‌غزوة بئر معونة:

- ‌غزوة بني النضير:

- ‌غزوة ذات الرقاع:

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد:

- ‌غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة الخندق

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌غزوة الغابة وذي قرد

- ‌غزاة بني المصطلق:

- ‌عمرة الحديبيّة

- ‌إرسال الرسل الى الملوك

- ‌غزوة خيبر

- ‌فتح فدك ووادي القرى

- ‌عمرة القضاء

- ‌غزوة جيش الأمراء

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌حصار الطائف وغزوة تبوك

- ‌إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف وهدم اللات

- ‌الوفود

- ‌ حجة الوداع

- ‌العمال على النواحي

- ‌خبر العنسيّ

- ‌بعث أسامة:

- ‌أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:

- ‌مرضه صلى الله وسلم عليه:

- ‌خبر السقيفة

- ‌الخلافة الإسلامية

- ‌الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

- ‌بعث الجيوش للمرتدين

- ‌خبر طليحة

- ‌خبر هوازن وسليم وبني عامر

- ‌خبر بني تميم وسجاح

- ‌البطاح ومالك بن نويرة

- ‌خبر مسيلمة واليمامة

- ‌ردّه الحطم وأهل البحرين

- ‌ردة أهل عمان ومهرة واليمن [2]

- ‌بعوث العراق وصلح الحيرة

- ‌فتح الحيرة

- ‌فتح ما وراء الحيرة

- ‌فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

- ‌الوقائع بالعراق

- ‌بعوث الشام

- ‌بعوث الشام

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌فتح دمشق

- ‌خبر المثنى بالعراق بعد مسير خالد الى الشام

- ‌ولاية أبي عبيد بن مسعود على العراق ومقتله

- ‌أخبار القادسية

- ‌فتح المدائن وجلولاء بعدها

- ‌ولاية عتبة بن غزوان على البصرة

- ‌وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها

- ‌وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس

- ‌مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية

- ‌غزو فارس من البحرين وعزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة وولاية أبي موسى

- ‌بناء البصرة والكوفة

- ‌فتح الأهواز والسوس بعدهما

- ‌مسير المسلمين الى الجهات للفتح

- ‌مجاعة عام الرمادة وطاعون عمواس

- ‌فتح مصر

- ‌وقعة نهاوند وما كان بعدها من الفتوحات

- ‌فتح همذان

- ‌فتح الريّ

- ‌فتح أذربيجان

- ‌فتح الباب

- ‌فتح موقان وجبال ارمينية

- ‌غزو الترك

- ‌فتح خراسان

- ‌فتوح فارس

- ‌إصطخر:

- ‌بسا ودرابجرد:

- ‌كرمان:

- ‌سجستان:

- ‌مكران:

- ‌خبر الأكراد

- ‌مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه

- ‌نقض أهل الاسكندرية وفتحها

- ‌ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وأذربيجان

- ‌ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر وفتح افريقية

- ‌فتح قبرص

- ‌ولاية ابن عامر على البصرة وفتوح فارس وخراسان

- ‌ولاية سعيد بن العاص الكوفة

- ‌غزو طبرستان

- ‌غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف

- ‌مقتل يزدجرد

- ‌ظهور الترك بالثغور

- ‌بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه

- ‌حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأتابه ورفع درجته

- ‌بيعة علي رضي الله عنه

- ‌أمر الجمل

- ‌انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر ومقتله

- ‌ولاية قيس بن سعد على مصر

- ‌مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

- ‌أمر صفين

- ‌ أمر الحكمين

- ‌أمر الخوارج وقتالهم

- ‌ولاية عمرو بن العاص مصر

- ‌دعاء ابن الحضرميّ بالبصرة لمعاوية ومقتله

- ‌ولاية زياد على فارس

- ‌فراق ابن عبّاس لعلي رضي الله عنهم

- ‌مقتل علي

- ‌بيعة الحسن وتسليمه الأمر لمعاوية

الفصل: ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

هؤلاء اليونانيون المتشعّبون إلى الغريقيين واللطينيين- كما قلناه- اختصوا بسكنى الناحية الشمالية من المعمور مع إخوانهم من سائر بني يافث كلهم كالصقالبة والترك والافرنجة من ورائهم وغيرهم من شعوب يافث، ولهم منها الوسط ما بين جزيرة الأندلس إلى بلاد الترك بالمشرق طولا وما بين البحر المحيط والبحر الرومي عرضا، فمواطن اللطينيين منهم في الجانب الغربي ومواطن الغريقيين منهم في الجانب الشرقي والبحر بينهما خليج القسطنطينية. وكان لكل واحد من شعبي الغريقيين واللطينيين منهم دولة عظيمة مشهورة في العالم.

واختص الغريقيون باسم اليونانيين، وكان منهم الإسكندر المشهور الذكر أحد ملوك العالم، وكانت ديارهم كما قلناه بالناحية الشرقية من خليج القسطنطينية بين بلاد الترك ودروب الشام، ثم استولى على ما وراء ذلك من بلاد الترك والعراق والهند، ثم جال أرمينية وما وراءها من بلاد الشام وبلاد مقدونية ومصر والاسكندرية، وكان ملوكهم يعرفون بملوك مقدونية.

وذكر هروشيوش مؤرّخ الروم من شعوب هؤلاء الغريقيين بنو لجدمون وبنو أنتناش، قال: وإليهم ينسب الحكماء الأنتاشيون وهم ينسبون لمدينتهم أجدة أنتاش، قال:

ومن شعوبهم أيضا بنو طمّان ولجدمون كلهم بنو شمالا بن إيشاي، وقال في موضع آخر: لجدمون أخو شمالا.

وكانت شعوب هذه الأمّة قبل الفرس والقبط وبني إسرائيل متفرّقة بافتراق شعوبها، وكان بينهم وبين إخوانهم اللطينيين فتن وحروب، ولما استفحل ملك فارس لعهد الكينيّة أرادوهم على الطاعة لهم، فامتنعوا وغزتهم فارس، فاستصرخوا عليهم بالقبط فسالموهم إلى محاربة الغريقيين حتى أذلّوهم وأخذوا الجزى منهم وولّوا عليهم. ويقال:

إنّ أفريدون ولّى عليهم ابنه، وأنّ جدّه الإسكندر لأبيه من أعقابه. ويقال: أن بخت نصّر لما ملك مصر والمغرب أنفوه بالطاعة وكانوا يحملون خراجهم إلى ملك فارس عددا من كرات الذهب أمثال البيض ضريبة معلومة عليهم في كل سنة، ولما فرغوا

ص: 220

من شأن أهل فارس وأنفوا ملكهم بالجزى والطاعة صرفوا وجوههم إلى حرب اللطينيين، ثم استفحل أمر الإيشاءيّين من الغريقيّين ولم يكن قوامهم إلا الجرمونيّون، فغلبوهم وغلبوا بعدهم اللطينيين والفرناسيين والأركاديين، واجتمع إليهم سائر شعوب الغريقيين واعتز سلطانهم وصار لهم الملك والدولة.

وقال ابن سعيد: إنّ الملك استقرّ بعد يونان في ابنه أغريقش في الجانب الشرقي من خليج قسطنطينية، وتوالى الملك في ولده وقهروا اللطينيين والروم ودال ملكهم في أرمينية، وكان من أعظمهم هرقل الجبّار بن ملكان بن سلقوس بن أغريقش، يقال: إنه ضرب الإتاوة على الأقاليم السبعة. وملك بعده ابنه يلاق وإليه تنسب الأمّة اليلاقيّة وهي الآن باقية على بحر سودان. واتصل الملك في عقب يلاق إلى أن ظهر إخوانهم الروم واستبدّوا بالملك، وكان أولهم هردوس بن منطرون بن رومي بن يونان فملك الأمم الثلاثة وصار اسمه لقبا لكل من ملك بعده، وسمّت به يهود الشام كل من قام بأمرها منهم. ثم ملك بعده ابنه هرمس، فكانت له حروب مع الفرس إلى أن قهروه وضربوا عليه الإتاوة، فاضطرب حينئذ أمر اليونانيين وصاروا دولا وممالك. وانفرد الاغريقيون برئيس لهم، وصنع مثل ذلك اللطينيون، إلّا أنّ اللقب بملك الملوك كان لملك الروم، ثم ملك بعده ابنه مطريوش فحمل الإتاوة لملك الفرس لاشتغاله بحرب اللطينيين والإغريقيين. وملك بعده ابنه فيلفوش [1] وكانت أمّه من ولد سرم من ولد أفريدون الّذي ملّكه أبوه على اليونان، فظهر وهدم مدينة إغريقيّة وبنى مدينة مقدونية في وسط الممالك بالجانب الغربي من الخليج. وكان محبّا للحكمة فلذلك كثر الحكماء في دولته. ثم ملك من بعده ابنه الإسكندر وكان معلمه من الحكماء أرسطو.

وقال هروشيوش: إنّ أباه فيلفوش إنما ملك بعد الإسكندر بن تراوش أحد ملوكهم العظماء، وكان فيلفوش صهرا له على أخته لينبادة بنت تراوش، وكان له منها الإسكندر الأعظم. قال: وكان ملك الإسكندر بن تراوش لعهد أربعة آلاف وثمانمائة من عهد الخليقة ولعهد أربعمائة أو نحوها من بناء رومة، وهلك وهو محاصر لرومة قتله اللطينيون عليها لسبع سنين من دولته. فولي أمر الغريقيين والروم من بعده صهره على أخته لينبادة فيلفوش ابن آمنة بن هركلش، واختلفوا عليه فافترق أمرهم

[1] هو فيلبس المقدوني والد الإسكندر.

ص: 221

وحاربهم إلى أن انقادوا وغلبهم على سائر أوطانهم. وأراد بناء القسطنطينية فمنعه الجرمانيّون بما كانت لهم، فقاتلهم حتى استلحمهم، واجتمع إليه سائر الروم والغريقيين من بني يونان، وملك ما بين ألمانية وجبال ارمينية. وكان الفرس لذلك العهد قد استولوا على الشام ومصر فاعتزم فيلفوش على غزو الشام، فاغتاله في طريقه بعض اللطينيين وقتله بثأر كان له عنده. ووليّ من بعده ابنه الإسكندر فاستمرّ على مطالبة بلاد الشام، وبعث إليه ملوك فارس في الخراج على الرسم الّذي كان لعهد أبيه فيلفوش، فبعث إليه الإسكندر إني قد ذبحت تلك الدجاجة التي كانت تبيض الذهب وأكلتها. ثم زحف إلى بلاد الشام واستولى عليها وفتح بيت المقدس وقرّب فيه القربان وذلك لعهد مائتين وخمسين من فتح بخت نصّر إيّاها، وامتعض أهل فارس لانتزاعه إياها من ملكتهم، فزحف إليه دارا في ستين ألفا من الفرس ولقيه الإسكندر في ستمائة ألف من قومه فغلبهم وفتح كثيرا من مدن الشام ورجع إلى طرسوس، فزحف إليه دارا ولقيه عليها فهزمه الإسكندر وافتتح طرسوس. ومضى وبنى الإسكندرية.

ثم تزاحف مع دارا وهزمه وقتله وتخطي إلى فارس فملك بلادها وهدم مدينة الملك بها وسبى أهلها، وأشار عليه معلمه أرسطو بأن يجعل الملك في أسافلهم لتتفرق كلمتهم ويخلص إليه أمرهم، فكاتب الإسكندر ملوك كل ناحية من الفرس والنبط والعرب وملّك على كل ناحية وتوجه فصاروا طوائف في ملكهم، واستبدّ كل واحد منهم بجهة كان ملكها لعقبه ومعلمه أرسطو هذا من اليونانيين وكان مسكنه أثينا وكان كبير حكماء الخليقة غير منازع، أخذ الحكمة عن أفلاطون اليوناني، كان يعلم الحكمة وهو ماش تحت الرّواق المظلّل له من حرّ الشمس فسمى تلاميذه بالمشّاءين. وأخذ أفلاطون عن سقراط ويعرف بسقراط الدّنّ بسكناه في دنّ من الخزف اتخذه لرهبانيّته، وقتله قومه أهل يونان مسموما لمّا نهاهم عن عبادة الأوثان، وكان هو أخذ الحكمة عن فيثاغورس منهم، ويقال: إنّ فيثاغورس أخذ عن تاليس حكيم ملطية، وأخذ تاليس عن لقمان. ومن حكماء اليونانيين دميقراطيس، وأنكيثاغورس كان مع حكمته مبرزا في علم الطب وبعث فيه بهمن ملك الفرس إلى يونان فامتنع من إيفاده عليه ضمانة به، وكان من تلامذته جالينوس لعهد عيسى عليه السلام ومات بصقليّة ودفن بها.

ص: 222

ولما استولى الإسكندر على بلاد فارس تخطّاها إلى بلاد السند فملكها وبنى بها مدينة سمّاها الإسكندرية، ثم زحف إلى بلاد الهند فغلب على أكثرها وحاربه فور ملك الهند فانهزم وأخذه الإسكندر أسيرا بعد حروب طويلة، وغلب على جميع طوائف الهنود وملك بلاد الصين والسند وذللت إليه الملوك وحملت إليه الهدايا والخراج من كل ناحية، وراسله ملوك الأرض من إفريقية والمغرب والافرنجة والصقالبة والسودان. ثم ملك بلاد خراسان والترك، واختط مدينة الإسكندرية عند مصب النيل في البحر الرومي، واستولى على الملوك يقال: على خمسة وثلاثين ملكا. وعاد إلى بابل فمات بها، يقال مسموما سمّه عامله على مقدونية لأنّ أمّه شكته إلى الإسكندر فتوعده فأهدى له سمّا وتناوله فمات لاثنتين وأربعين سنة من عمره، بعد أن ملك اثنتي عشرة سنة، سبعا منها قبل مقتل دارا وخمسا بعده.

قال الطبري: ولما مات عرض الملك على ابنه إسكندروس فاختار الرهبانية، فملّك يونان عليهم لوغوس من بيت الملك ولقبه بطليموس. قال المسعودي: ثم سارت هذه التسمية لكل من يملك منهم ومدينتهم مقدونية وينزلون الاسكندرية، وملك منهم أربعة عشر ملكا في ثلاثمائة سنة.

وقال ابن العميد: كان قسّم الملك في حياته بين أربعة من أمرائه بطليموس فليادا [1] كان على الاسكندرية ومصر والمغرب، وفيلفوس بمقدونية وما إليها من ممالك الروم وهو الّذي سمّ الإسكندر، ودمطرس بالشام، وسلقنوس [2] بفارس والمشرق. فلما مات استبدّ كلّ واحد بناحيته.

وكتب أرسطو شرح كتاب هرمس وترجمه من اللسان المصري إلى اليوناني، وشرح ما فيه من العلوم والحكمة والطلسمات. وكتاب الأسطماخيس يحتوي على عبادة الأول، وذكر فيه أنّ أهل الأقاليم السبعة كانوا يعبدون الكواكب السيّارة. كل إقليم لكوكب، ويسجدون له ويبخّرون ويقرّبون ويذبحون، وروحانية ذلك الكوكب تدبرهم بزعمهم. وكتاب الأستماطس يحتوي على فتح المدن والحصون بالطلسمات والحكم، ومنها طلسمات لا نزال المطر وجلب المياه. وكتب الأشطرطاش في الاختيارات على سرى القمر في المنازل والاتصالات، وكتب أخرى في منافع

[1] وفي نسخة اخرى: بطليموس فلدلغوس.

[2]

وفي نسخة اخرى سلقوس.

ص: 223

وخواص الأعضاء الحيوانيات والأحجار والأشجار والحشائش.

وقال هروشيوش: إنّ الّذي ملك بعد الإسكندر صاحب عسكره بطليموس بن لاوي، فقام بأمرهم ونزل الاسكندرية واتخذها دارا لملكهم. ونهض كلمش بن الإسكندر وأمّه بنت دارا ولينبادة أمّ الإسكندر وساروا إلى صاحب أنطاكية واسمه فمشاندر فقتلهم. واختلف الغريقيون على بطليموس وافترق أمره وحارب كل واحد منهم ناحيته، إلى أن غلبهم جميعا واستقام أمره، ثم زحف إلى فلسطين وتغلب على اليهود وأثخن فيهم بالقتل والسبي والأسر، ونقل رؤساءهم إلى مصر، ثم هلك لأربعين سنة من ملكه. وولي بعده ابنه فلديغيش، وأطلق أسرى اليهود من مصر، وردّ الأواني إلى البيت وحباهم بآنية من الذهب وأمرهم بتعليقها في مسجد القدس، وجمع سبعين من أحبار اليهود ترجموا له التوراة من اللسان العبراني الى اللسان الرومي واللطيني، ثم هلك فلديغيش لثمان وثلاثين سنة من ملكه.

وولي بعده ابنه أنطريس ويلقب أيضا بطليموس لقبهم المخصوص بهم الى آخر دولتهم، فانعقدت السلم بينه وبين أهل إفريقية على مدعيون ملك قرطاجنّة، ووفد عليه وعقد معه الصلح عن قومه، وزحف قوّاد رومة إلى الغريقيين ونالوا منهم. ثم هلك أنطريس لست وعشرين سنة من ملكه، وولي بعده أخوه فلوباذي فزحف إليه قواد رومة فهزمهم وجال في ممالكهم، ثم كانت حروبه معهم بعدها سجالا.

وزحف إلى اليهود فملك الشام عليهم وولّى الولاة من قبله فيهم وأثخن بالقتل والسبي فيهم، يقال: إنه قتل منهم نحوا من ستين ألفا، وهلك لسبع عشرة سنة من ملكه.

ووليّ بعده ابنه إيفانش وعلى عهده كانت فتنة أهل رومة وأهل افريقية التي اتصلت نحوا من عشرين سنة، وافتتح أهل رومة صقلّيّة وأجاز قوّادهم إلى إفريقية وافتتحوا قرطاجنّة، كما نذكر في أخبارهم، وهلك إيفانش لأربع وعشرين سنة من دولته.

وولي بعده بالإسكندرية ابنه فلو ماطر فزحف الغريقيون إلى رومة، وكان فيهم صاحب مقدونية وأهل أرمينيّة والعراق وظاهرهم ملك النوبة واجتمعوا لذلك، فغلبهم الرومانيون وأسروا صاحب مقدونية، وهلك فلو ماطر لخمس وثلاثين سنة من ملكه. وولي بعده ابنه إيرياطش وعلى عهده استفحل ملك أهل رومة واستولوا على الأندلس وأجازوا البحر إلى قرطاجنة بإفريقية فملكوها وقتلوا ملكها أشدريال وخرّبوا مدينتها بعد أن عمرت تسعمائة سنة من بنائها كما نذكر في أخبارها. وزحف أيضا أهل

ص: 224

رومة إلى الغريقيين فغلبوهم وملكوا عليهم مدينتهم قرنطة من أعظم مدنهم، يقال:

إنها كانت ثانية قرطاجنة.

ثم هلك إيرياطش لسبع وعشرين سنة من مدته وولي بعده ابنه شوطار سبع عشرة سنة وعلى عهده استفحل ملك أهل رومة ومهدوا الأندلس، وملك بعده أخوه الإسكندر عشر سنين، ثم ابنه ديونشيس مائة وثلاثين سنة وعلى عهده استولى الرومانيون على بيت المقدس ووضعوا الجزيرة على اليهود، وزحف قيصر يولش [1] من قوادهم إلى الافرنجة ولمياش أيضا من قوادهم إلى الفرس فغلبوهم جميعا وما حولهم إلى أنطاكية واستولوا على ما كان لهم من ذلك. وخرج الترك من بلادهم فأغاروا على مقدونية فردّهم هامس قائد الرومانيين بالمشرق على أعقابهم.

وهلك ديونشيس فوليت بعده ابنته كلابطرة سنتين فيما قال هروشيوش لخمسة آلاف ونيف من مبدإ الخليقة ولسبعمائة سنة من بناء رومة، وعلى عهدها استبد قيصر يولش بملك رومة وغلب عليها القواد أجمع ومحا دولتهم منها وذلك بعد مرجعه من حرب الافرنج، ثم سار الى المشرق فملك إلى أرمينية ونازعه مبانش هنالك فهزمه قيصر، وفرّ مبانش الى مصر مستنجدا ملكتها وهي يومئذ كلابطره، فبعثت برأسه الى قيصر خوفا منه، فلم يغنها ذلك وزحف قيصر إليها فملك مصر والإسكندرية من كلابطره هذه وانقرض ملك اليونانيين، وولّى قيصر على مصر والاسكندرية وبيت المقدس من قبله وذلك لسبعمائة أو نحوها من بناء رومة ولخمسة آلاف من مبدإ الخليقة.

وذكر البيهقي: إن كلابطره زحفت إلى أرض اللطينيين وقهرتهم، وأرادت العبور إلى الأندلس فحال دونها الجبل الحاجز بين الأندلس والإفرنج فاستعملت في فتحه الحيل [2] والنار حتى نفذت إلى الأندلس، وإنّ مهلكها كان على يد أوغسطس يولش [3] ثاني القياصرة. وكذا ذكر المسعودي وأن ملكت لاثنتين وعشرين سنة، وكان زوجها أنطونيوس مشاركا لها في ملك مقدونية ومصر، وأن قيصر أوغسطس زحف إليهم فهلك زوجها انطونيوس في حروبه، ثم أراد التحكّم في كلابطره ليستولي

[1] وفي نسخة اخرى: قيصر يوليوس.

[2]

(ورد في تاج العروس: الحول والحيل والحول، كعنب هو الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف) .

[3]

وفي نسخة أخرى: اوغسطوس يوليوس.

ص: 225

على حكمتها إذ كانت بقية الحكماء من آل يونان، فخطبها وتحيّلت في إهلاكه وإهلاك نفسها بعد أن اتخذت بعض الحيّات القاتلة التي بين الشام والحجاز وأطلقتها بمجلسها بين رياحين نصبتها هنالك، ولمست الحيّات فهلكت لحينها وأقامت بمكانها كأنها جالسة، ودخل أوغسطس لا يشعر بذلك حتى تناول من تلك الرياحين ليشمها فأصابته الحيّة وهلك لحينه وتمت حيلتها عليه. وانقرض ملك اليونانيين بهلاكها، وذهبت علومهم إلّا ما بقي بأيدي حكمائهم في كتب خزائنهم حتى بحث عنها المأمون وأمر باستخراجها فترجمت له من هروشيوش.

وأمّا ابن العميد فعدّ ملوك مصر والإسكندرية بعد الإسكندر أربعة عشر آخرهم كلابطره كلهم يسمّون بطليموس، كما قال المسعودي. ولم يذكر ملوك المشرق منهم بعد الإسكندر ولا ملوك الشام ولا ملوك مقدونية الذين قسم الملك فيهم كما ذكرناه إلا بذكر ملك أنطاكية من اليونانيين ويسمّيه أنطيوخس كما ذكرناه الآن، وذكر في أسماء ملوك مصر هؤلاء وفي عددهم خلافا كثيرا إلّا أنه سمّى كل واحد منهم بطليموس، فقال في بطليموس الأوّل: إنّه أخو الإسكندر أو مولاه اسمه فلافاذافسد أو أرنداوس أو لوغس أو فيليبس ملك سبعا وقيل أربعين، قال: وفي عصره بنى سلقيوس وأظنه ملك المشرق منهم قمامة وحلب وقنّسرين وسلوقية والاذقية، قال:

ومنها كان الكوهن الأعظم بالقدس سمعان بن خونيّا [1] وبعده أخوه ألعازر، قال:

وفي التاسعة من ملك لوغش جاء أنطيوخس المعظّم إلى بلد اليهود واستعبدهم، وفي الحادية عشر حارب الروم فغلبوه وأسروه وأخذوا منه ابنه أقفاقس رهينة، وفي الثالثة عشر تزوج أنطيوخس كلابطره بنت لوغش زوّجها له أبوها وأخذ سورية بلاد المقدس في مهرها، وفي التاسعة عشر وثب أهل فارس والمشرق على ملكهم فخلعوه وولّوا ابنه ثم هلك لوغش.

قال ابن العميد: بعد مائة وإحدى وثلاثين سنة لليونان ملك بطليموس بن الإسكندروس ويلقّب غالب أثور، وملك مصر والإسكندرية والبلاد الغربية إحدى وعشرين سنة وقيل ثمانيا وثلاثين سنة ويسمّى أيضا فيلادلفوس أي محب أخيه، وهو الّذي استدعى أحبار اليهود وعلماءهم الاثنين وسبعين يترجموا [2] له التوراة وكتب

[1] وفي الإنجيل: سمعان بن يونا.

[2]

الأصح ان يقول ليترجموا.

ص: 226

الأنبياء من العبرانية إلى اليونانية وقابلوها بنسخهم فصحت، وكان من هؤلاء الأحبار سمعان المذكور أوّلا وعاش الى أن حمل على ذراعيه في الهيكل ومات ابن ثلاثمائة وخمسين، وكان منهم ألعازر الّذي قتله أنطيوخس على امتناعه عن السجود لصنمه وقتله ابن سبعين سنة. ويظهر من هذا أنّ بطليموس هو تلماي وإنّه من ملوك مقدونية وملك مصر لأنّ ابن كريّون قال: وفي ذلك الزمان كان تلماي من أهل مقدونية ملك مصر وكان يحبّ العلوم، فاستدعى من اليهود سبعين من أحبارهم وترجموا له التوراة وكتب الأنبياء، وكان في عصره صادوق الكوهن انتهى. وملك خمسا وأربعين سنة.

وملك بعده بطليموس الأرنبا وقيل اسمه رغادي وقيل راكب الأنبر ملك أربعا وعشرين، وقيل سبعا وعشرين، وهو الّذي بنى ملعب الخيل بإسكندرية الّذي أحرق في عصر زينون قيصر. وملك بعده بطليموس محب أخيه ويقال: أوغسطس ويقال فيلادلفس ملك ست عشرة، وكان في عصره أخميم الكوهن. وملك بعده بطليموس الصائغ، ويقال: أخيه [1] ملك خمس سنين وقيل خمسا وعشرين، وعلى عهده كان اليهود الكوهن وكان ضالّا غشوما وقتله بعض خدمه خنقا. وملك بعده بطليموس محب أبيه، وقيل اسمه كلا فاطر [2] ملك سبع عشرة سنة وأخذ الجزية من اليهود. وملك بعده بطليموس المظفّر وقيل الغالب وقيل محب أمّه ملك عشرين وقيل أربعا وعشرين، وفي التاسعة عشرة من ملكه خرج متيتيّا بن يوحنّا بن شمعون الكوهن الأعظم ويعرف بحشمناي من بني يوناداب من نسل هارون، بعث أنطيخوس ملك انطاكية ابنه ألغايش بالعساكر إلى القدس فاعمل الحيلة في ملكها وقتل العازر والكوهن وحمل بني إسرائيل على السجود لآلهته، فهرب متيتيا في جماعة من اليهود الى الجبال، حتى إذا خرجت عساكر يونان رجع إلى القدس ومرّ بالمذبح فوجد يهوديا يذبح خنزيرا عليه، وثار باليونانيين فقتل قائدهم وأخرجهم واستبدّ بملك القدس كما ذكرناه في أخباره.

ثم ملك بطليموس كلاباطر أي محب أبيه خمسا وعشرين سنة وقيل عشرين، وكان في أيامه بالقدس يهود ابن متيتيّا وبعده أخوه يوناداب وبعده أخوه شمعون وبعده

[1] الأصح ان يقول اخوه.

[2]

وفي نسخة اخرى: فيلوباطر.

ص: 227

أخوه هرقانوس واسمه يوحنّان وهو أوّل من تسمّى بالملك من بن حشمناي، وبعث ابنه يوحنّا بالعساكر لقتال قيدونوس قائد أنطيخوس فغلبه، وارتفع عن اليهود الخراج الّذي كانوا يعطونه لملوك سورية من أيام فيلفوس [1] ملك المشرق. وملك بعده بطليموس أرغادي أي الفاضل وقيل بطليموس الصايغ وقيل سانيطر ملك عشرين وقيل ثلاثا وعشرين وقيل ثلاثة عشر، ولعهده جدّد أنطيخوس بناء أنطاكية وسمّاها باسمه، ولعهده كان ملك هرقانوس على القدس وبنيه الثلاثة وخرّب مدينة السامرة سبسطية، ولعهده أيضا زحف أنطيخوس [2] إلى القدس وحاصرها، فصانعه هرقانوس بثلاثمائة كرة من الذهب استخرجها من قبر داود عليه السلام.

ثم ملك على مصر والاسكندرية بطليموس المخلص وقيل مقروطون وقيل شعري ملك ثماني عشرة وقيل عشرين وقيل سبعا وعشرين، ولعهده كان الإسكندروس تلماي بن هرقانوس سابع بني حشمناي بالقدس، وكانت فرقة اليهود عندهم ثلاثة: الربّانيون ثم القرّاءون وهم في الإنجيل زنادقة [3] وهم في الإنجيل الكتبة. ثم [4] على مصر بطليموس محب أمّه وقيل الإسكندروس وقيل قيقتس وقيل الإسكندر وقيل ابن المخلص ملك عشر سنين لا غير، ولعهده كانت الإسكندرة ملكة على بيت المقدس، ولعهده بطلت مملكة سورية لمائتين وسبع عشرة سنة من ملك يونان، وقتل بطليموس هذا قتله أهل إهراقية وأحرقوه. ثم ملك على مصر بطليموس فيناس وقيل إيزيس وقيل المنفي، لأنّ كلابطرة الملكة نفته عن الملك وملك ثمان سنين وقيل ثلاثا وعشرين يوما وقيل ثمانية عشر يوما، وبعضهم أسقطه من البطالسة ولم يذكره. ثم ملك على مصر بطليموس يوناشيش إحدى وعشرين سنة وقيل إحدى وثلاثين وقيل ثلاثين، ولعهده كان أرستبلوس وأخوه هرقانوس على القدس.

ثم ملك على مصر كلابطره بنت ديوناشيش ومعنى هذا الاسم الساكنة على الصخرة ملكت ثلاثين وقيل اثنتين وعشرين وكانت حاذقة، وفي الثالثة من ملكها حفرت خليج الإسكندرية وجرى فيه الماء وبنت باسكندرية هيكل زحل والعاروص وبنت

[1] وفي نسخة اخرى: فيلبوس.

[2]

وفي نسخة اخرى: انطيوخوس.

[3]

بياض بالأصل ومكان البياض (ثم الحيسيد) كما في مكان آخر من الكتاب.

[4]

الواضح انه سقطت كلمة أثناء النسخ فتصبح الجملة. «ثم ملك على مصر» .

ص: 228

مقياسا بأخميم وآخر بمدينة أنصنا، وفي الرابعة من ملكها ملك برومة أغانيوس أوّل القياصرة ملك أربعا ثم يوليوس بعده ثلاثا، ثم أغسطس بن مونوجس فاستولى على الممالك والنواحي وبلغ خبره إليها فحصّنت بلادها وبنت حائطا من الفرماء إلى النوبة شرقي النيل وحائطا آخر من إسكندرية إلى النوبة غربيّ النيل وهو حائط العجوز لهذا العهد. وبعض أوغسطس العساكر إلى مصر مع قائده أنطريوس ومعه مترداب [1] ملك الأرمن، فخادعت كلابطره أنطريوس وأوعدته بتزويجها فقتل رفيقه مترداب وتزوّجها وعصى أوغسطس، فسار أوغسطس إليها وملك مصر وقتل كلا بطرة وولديها وقائده بطريوس [2] الّذي تزوجها. يقال: إنّها وضعت له سمّا في مجلسها وأن أوغسطس تناوله ومات، والله أعلم. وانقرضت مملكة يونان من مصر والاسكندرية والمغرب بملكها وصارت هذه الممالك للروم إلى حين الفتح الإسلامي، انتهى كلام ابن العميد.

والخلاف الّذي ينقله عن جماعة مؤرخيهم يذكر منهم سعيد بن بطريق ويوحنّا فم الذهب والمنجّبي وابن الراهب وابو فانيوس. والظاهر أنهم من مؤرخي النصارى والبقاء للَّه الواحد القهّار سبحانه لا إله غيره ولا معبود سواه.

[1] وفي نسخة اخرى: متردات

[2]

هذا الاسم ورد: أنطريوس وبطريوس في الصفحة ذاتها.

ص: 229