الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطّاب والقعقاع بن عمرو والمثنى بن حارثة وعيينة بن الشماس فكانوا في الثغور وأمرهم بالغارة، فمخروا السواد كله إلى شاطئ دجلة، وكتب إلى ملوك فارس:
«أما بعد فالحمد الله الّذي حل نظامكم ووهن كيدكم وفرّق كلمتكم ولو لم نفعل ذلك كان شرا لكم فادخلوا في أمرنا ندعكم وأرضكم ونجوزكم إلى غيركم وإلّا كان ذلك وأنتم كارهون على أيدي قوم يحبون الموت كما تحبون الحياة» . وكتب إلى المرازبة: «أما بعد فالحمد الله الّذي فض حدّتكم وفرق كلمتكم وجفل حرمكم وكسر شوكتم فأسلموا تسلموا وإلا فاعتقدوا مني الذمة وأدّوا الجزية وإلا فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون شرب الخمر» انتهى.
وكان العجم مختلفين بموت أردشير وقد أزالوا بهمن حاذويه فيمن سيره في العساكر، فجبى خالد خراج السواد في خمسين ليلة، وغلب العجم عليه، وأقام بالحيرة سنة يصعد ويصوب، والفرس حائرون فيمن يملكونه ولم يجدوا من يجتمعون عليه لأن سيرين كان قتل جميع من تناسب إلى بهرام جور. فلما وصل كتاب خالد تكلم نساء آل كسرى وولوا الفرّخزاد بن البندوان إلى أن يجدوا من يجتمعون عليه، ووصل جرير ابن عبد الله البجلي إلى خالد بعد فتح الحيرة، وكان مع خالد بن سعيد بن العاص بالشام، ثم قدم على أبي بكر فكلمه أن يجمع له قومه كما وعده النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا أوزاعا [1] متفرقين في العرب، فسخط ذلك منه أبو بكر فقال:
تكلمني [2] بما لا يعني وأنت ترى ما نحن فيه من فارس والروم. وأمره بالمسير إلى خالد فقدم عليه بعد فتح الحيرة.
فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون
ثم سار خالد على تعبيته إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس، وكان بالأنبار شيرزاد صاحب ساباط فحاصرهم ورشقوهم بالنبال حتى فقئوا منهم ألف عين. ثم نحر ضعاف الإبل وألقاها في الخندق حتى ردمه بها وجاز هو وأصحابه فوقها،
[1] الجماعات ولا واحد لها (قاموس) .
[2]
وفي النسخة الباريسية: تكلفني.
فاجتمع المسلمون والكفار في الخندق، وصالح شيرزاد على أن يلحقوه بمأمنه ويخلي لهم عن البلد وما فيها، فلحق ببهمن حاذويه. ثم استخلف خالد على الأنبار الزبرقان ابن بدر، وسار إلى عين التمر وبها بهرام [1] بن بهرام جوبين في جمع عظيم من العجم، وعقبة بن أبي عقبة في جمع عظيم من العرب، وحولهم طوائف من النمر وتغلب وإياد وغيرهم من العرب. وقال عقبة لبهرام: دعنا وخالدا فالعرب أعرف بقتال العرب. فتركه لذلك واتقى به وسار عقبة إلى خالد وحمل خالد عليه وهو يقيم صفوفه، فاحتضنه وأخذه أسرا وانهزم العسكر عن غير قتال وأسر أكثرهم. وبلغ الخبر إلى بهرام [2] فهرب وترك الحصن وتحصن به المنهزمون، واستأمنوا لخالد فأبى، فنزلوا على حكمه فقتلهم أجمعين، وعقبة معهم.
وغنم ما في الحصن وسبى عيالهم [3] وأولادهم وأخذ من البيعة وهي الكنيسة غلمانا كانوا يتعلمون الإنجيل ففرّقهم في الناس منهم: سيرين أبو محمد ونصير أبو موسى وحمران مولى عثمان، وبعث إلى أبي بكر بالفتح والخمس. وقتل من المسلمين عمير ابن رباب السهمي من مهاجرة الحبشة وبشير بن سعد والد النعمان.
ولما فرغ خالد من عين التمر وافق وصول كتاب عياض بن غنم وهو على من بإزائه من نصارى العرب بناحية دومة الجندل وهم بهرام [4] وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم، وكانت رياسة دومة لأكيدر بن عبد الملك والجودي بن ربيعة يقتسمانها، وأشار أكيدر بصلح خالد فلم يقبلوا منه فخرج عنهم، وبلغ خالد مسيره فأرسل من اعترضه فقتله وأخذ ما معه، وسار خالد فنزل دومة وعياض عليها من الجهة الأخرى، وخرج الجودي لقتال خالد وأخرج طائفة أخرى لقتال عياض، فانهزموا من الجهتين إلى الحصن فأغلق دونهم وقتل الجودي وافتتح الحصن عنوة فقتل المقاتلة وسبى الذرية.
[1] وفي نسخة ثانية: فهران بن بهرام.
[2]
وفي نسخة ثانية: مهران.
[3]
وفي نسخة ثانية: أهليهم.
[4]
وفي نسخة ثانية: بهرا.