الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفراض إلى ذي القعدة، ثم أذن للناس بالرجوع إلى الحيرة، وجعل شجرة بن الأغر على الساقة. وخرج من الفراض حاجا مكتتما بحجة وذهب يتعسف في البلاد حتى أتى مكة فحج ورجع فوافى الحيرة مع جنده، وشجرة بن الأغر. معهم ولم يعلم بحجه إلا من أعلمه به، وعتب به أبو بكر في ذلك لما سمعه وكانت عقوبته إياه أن صرفه من غزو العراق إلى الشام. ثم شن خالد بن الوليد الغارات على نواحي السواد فأغار هو على سوق [1] بغداد، وعلى قطربُّل، وعقرقوما [2] ، ومسكن، وبادروبا.
وحج أبو بكر في هذه السنة واستخلف على المدينة عثمان بن عفان.
بعوث الشام
وكان من أوّل عمل أبي بكر بعد عوده من الحج أن بعث خالد بن سعيد بن العاص في الجنود إلى الشام أول سنة ثلاث عشرة، وقيل إنما بعثه الى الشام لما بعث خالد بن الوليد إلى العراق أول السنة التي قبلها، ثم عزله قبل أن يسير لأنه كان لما قدم من اليمن عند الوفاة تخلف عن بيعة أبي بكر أياما وغدا على عليّ وعثمان فعزلهما على الاستكانة لتيم وهما رءوس بني عبد مناف فنهاه عليّ وبلغت الشيخين، فلما ولاه أبو بكر عقد له عمر فعزله وأمره أن يقيم بتيماء ويدعو من حوله من العرب إلى الجهاد حتى يأتيه أمره، فاجتمعت إليه جموع كثيرة، وبلغ الروم خبره فضربوا البعث على العرب الضاحية بالشام من بهرا وسليح وكلب وغسان ولخم وجذام، وسار إليهم خالد فغلبهم على منازلهم وافترقوا. وكتب له أبو بكر بالإقدام فسار متقدما ولقيه البطريق ماهان من بطارقة الروم فهزمه خالد واستلحم الكثير من جنوده، وكتب إلى أبي بكر يستمده، ووافق كتابه المستنفرين وفيهم ذو الكلاع ومعه حمير وعكرمة بن أبي جهل ومن معه من تهامة والشحر [3] وعمان والبحرين فبعثهم إليه. وحينئذ اهتم ابو بكر بالشام وكان عمرو بن العاص لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما إلى عمان وعده أن يعيده إلى عمله عند فراغه من أمر عمان، فلما جاء بعد الوفاة أعاده إليها أبو بكر إنجازا لوعده صلى الله عليه وسلم تسليما وهي صدقات سعد هذيم وبني عذرة،
[1] وفي نسخة أخرى: شرق.
[2]
وفي نسخة أخرى: عقرقوف.
[3]
وفي نسخة أخرى: والسّرو.
فبعث إليه الآن يأمره باللحاق بخالد بن سعيد لجهاد الروم وأن يقصد فلسطين، وبعث أيضا إلى الوليد بن عقبة وكان على صدقات قضاعة وولاه الأردن، وأمر يزيد ابن أبي سفيان على جمهور من انتدب إليه فيهم سهيل بن عمرو وأشباهه، وأمر أبا عبيدة بن الجراح على جميعهم وعين له حمص، وأوصى كل واحد منهم.
ولما وصل المدد إلى خالد بن سعيد وبلغه توجه المراء تعجل للقاء الروم قبلهم فاستطرد له ماهان ودخل دمشق، واقتحم خالد الشام ومعه ذو الكلاع وعكرمة والوليد حتى نزل مرج الصفر [1] عند دمشق فانطوت مسالح ماهان عليه وسدوا الطريق دونه وزحف إليه ماهان، ولقي ابنه سعيدا في طريقه فقتلوه وبلغ الخبر أباه خالدا فهرب فيمن معه وانتهى إلى ذي المروة قرب المدينة. وأقام عكرمة ردءا من خلفهم فردّ عنهم الروم فأقام قريبا من الشام.
وجاء شرحبيل بن حسنة إلى أبي بكر وافدا من العراق من عند خالد فندب معه الناس وبعثه مكان الوليد إلى أردن، ومرّ بخالد ففصل ببعض أصحابه. ثم بعث أبو بكر معاوية وأمره باللحاق بأخيه يزيد، وأذن لخالد بن سعيد بدخول المدينة.
وزحف الأمراء في العساكر نحو الشام، فعبّى هرقل عساكر الروم ونزل حمص بعد أن أشار على الروم بعدم قتال العرب ومصالحتهم على ما يريدون، فأبوا ولجّوا، ثم فرّقهم على أمراء المسلمين، فبعث شقيقه تدارق [2] في تسعين ألفا نحو عمرو بن العاص بفلسطين، وبعث جرجة بن توذر نحو يزيد بن أبي سفيان، وبعث الدراقص نحو شرحبيل بن حسنة بالأردن، وبعث القيقلان [3] بن نسطورس في ستين ألفا نحو أبي عبيدة بالجابية. فهابهم المسلمون ثم رأوا أنّ الاجتماع أليق بهم، وبلغ كتاب أبي بكر بذلك فاجتمعوا باليرموك أحدا وعشرين ألفا [4] . وأمر هرقل أيضا باجتماع جنوده ووعدهم بوصول ملحان إليهم ردءا [5] ، فاجتمعوا بحيال المسلمين والوادي خندق بينهم، فأقاموا بإزائه ثلاثة أشهر، واستمدوا أبا بكر فكتب
[1] بوزن سكر. مشدد.
[2]
هوفره دريك.
[3]
وفي نسخة أخرى: القيقار.
[4]
وفي نسخة أخرى: بضعة وعشرين الفا.
[5]
وفي النسخة الباريسية: مددا.