الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرنسيس البلاد التي في شرقي الخليج. ثم تغلّب عليها بطريق من بطارقة الروم اسمه لشكري ودفع عنها الإفرنج وبقيت بيده واستولى بعدها على القسطنطينية، وكان اسمه ميخاييل، وفي كتاب المؤيد صاحب حماة أنه أقام ببعض الحصون. ثم بنيت القسطنطينية وملكها وفّر الافرنج في مراكبهم وملك الروم وقتل الّذي كان ملكا قبله، وتوفي سنة إحدى وثمانين وستمائة وعقد معه الصلح المنصور قلاون صاحب مصر والشام لذلك العهد.
قال: وملك بعده ابنه ماند ويلقّب الدوقس وشهرتهم جميعا اللشكري [1] ثم انقرضت دولة بني قليج أرسلان، وملك أعمالهم التتر كما نذكر في أخبارهم، وبقي بني اللشكري ملوكا على القسطنطينية إلى هذا العهد، وملك شرقي الخليج بعد انقضاء دولة التتر من بلاد الروم ابن عثمان جقّ أمير التركمان، وهو الآن متحكّم على صاحب القسطنطينية ومتغلب على نواحيه من سائر جهاته. هذا ما بلغنا من أخبار الروم من أوّل دولتهم منذ يونان والقياصرة لهذا العهد. والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره
هذه الأمة من أمم أهل الدولة العظيمة المعاصرة لدول الطبقة الثانية من العرب وقد ذكرناهم عقب اللطينيين لأنّ الملك صار إليهم من بينهم كما ذكرناه، وسياقة الخبر عنهم أنهم كانوا يعرفون في الزمن القديم بالسيسيين [2] نسبة إلى الأرض التي كانوا يعمّرونها بالمشرق فيما بين الفرس واليونان، وهم في نسبهم إخوة الصين من ولد ماغوغ بن يافث، وكانت لهم مع الملوك السريانيّين حروب موصوفة زحف إليهم فيها مومن مالي ملك سريان فدافعوه لعهد إبراهيم الخليل عليه السلام، ثم كانت لهم حروب مع الفرس عند تخريب بيت المقدس وبناء رومة، ثم غلبهم الإسكندر وصاروا في ملكته واندرجوا في قبائل الروم ويونان. ثم لما ضعف أمر الروم بعد الإسكندر وتغلبوا على بلاد الغريقيّين ومقدونية ونبطة أيام غلبنوش بن بارايان من ملوك القياصرة وكانت
[1] وفي نسخة ثانية: السلكري.
[2]
وهم السكيثيون.
بينه [1] وبينه حروب سجال، ثم غلبهم القياصرة من بعده وظفروا بهم، حتى إذا انتقل القياصرة إلى القسطنطينية وفشل أمرهم برومة زحف إليها هؤلاء القوط واقتحموها عنوة فاستباحوها. ثم خرجوا عنها أيام طودوشيش بن أركاديش [2] بعد حروب كثيرة، وكان أميرهم لذلك العهد أنطرك كما ذكرناه، ومات لعهد طودوشيش وأراد أن يجعل اسمه سمة الملوك برومة منهم مكان سمة قيصر، فاختلف عليه أصحابه في ذلك فرجع عنه، ثم صالح الرومانيين على أن يكون له ما يفتح من بلاد الأندلس لما كان امر الرومانيين قد ضعف عن الأندلس ولحق بها ثلاث طوائف من الغريقيّين فاقتسموا ملكها وهم الأبيون والشوانيّون والقندلش وباسم قندلس سميت الأندلس.
وكان بالأندلس من قبلهم الأرباريّون من ولد طوال بن يافث وهم إخوة الأنطاليس، سكنوها من بعد الطوفان وصاروا إلى طاعة أهل رومة، حتى دخل إليهم هؤلاء الطوالع من الغريقيين عند ما اقتحم القوط مدينة رومة وغلبوا الأمم الذين كانوا بها من ولد طوال. وقد يقال: إنّ هؤلاء الطوالع كلهم من ولد طوال بن يافث وليسوا من الغريقيّين، واقتسم هؤلاء الطوالع ملكها وكانت جليقية لقندلش ولشبونة وماردة وطليطلة ومرسية لشوانش وكانوا أشرافهم. وكانت إشبيليّة وقرطبة وجيان وطالعة للأبيق وأميرهم عندريقش أخو لشيقش أربعين سنة حين زحف إليهم القوط من رومة، وكان قد ولي عليهم بعد أطفانش ملك آخر منهم اسمه طشريك وقتله الرومانيون، وولي مكانه منهم ماستة ثلاث سنين وزوّج أخته من طودوشيش ملك الرومانيين وصالحه على أن يكون له ما يفتحه من الأندلس. ثم مات وولي مكانه لزريق ثلاث عشرة سنة وهو الّذي زحف إلى الأندلس وقتل ملوكها وطرد الطوائف الذين كانوا بها فأجازوا إلى طنجة وتغلبوا على بلاد البربر وصرفوا البربر الذين كانوا بالعدوة عن طاعة القسطنطين إلى طاعتهم، فلم يزالوا على ذلك إلى دولة يشتيانش [3] نحوا من ثمانين سنة، ثم هلك طورديق [4] ملك القوط بالأندلس وولي مكانه [5]
[1] مقتضى السياق: كانت بينهم وبينه.
[2]
وفي نسخة اخرى: طودوسيوس بن أركاديوس.
[3]
وهو يوستنيانوس.
[4]
وفي نسخة اخرى: طوريق.
[5]
بياض بالأصل وهو أدولف.
سبع عشرة سنة، وانتقض عليه البسكتس إحدى طوائف القوط فزحف إليهم وردّهم إلى طاعته ثم هلك.
وولي بعده الديك ثلاثا وعشرين سنة، وكانت الافرنج لعهده قد طمعوا في ملك الأندلس وأن يغلبوا عليها القوط، فجمعوا لهم وملكوا على أنفسهم منهم، فزحف إليهم الديك في أمم القوط إلى أن توغل في بلاد الافرنج فغلبوه وقتلوه وعامة أصحابه.
وكانت القوط قبل دخولهم إلى الأندلس فرقتين كما ذكرنا في دولة بلنسيان بن قسطنطين من القياصرة المتنصّرة، وكانت إحدى الفرقتين قد أقامت بمكانها من نواحي رومة فلما بلغهم خبر الديك صاحب الأندلس منهم امتعضوا لذلك، وكان أميرهم طورديك منهم، فزحف إلى الافرنج وغلبهم على ما كانوا لملكونه من الأندلس، ودخل القوط الذين كانوا بالأندلس في طاعته فولّى عليهم ابنه أشتريك ورجع إلى مكانه من نواحي رومة، فزحف الافرنج إلى محاربة أشتريك حتى غلبوه على طلوسة من ناحيتهم.
وهلك أشتريك بعد خمس سنين من ملكه وولي عليهم بعده بشليقش أربع سنين، ثم بعده طودريق إحدى وستين سنة وقتله بعض أصحابه بأشبيليّة، وولي بعده أبرليق خمس سنين، وبعده طودس ثلاث عشرة سنة، وبعده طودشكل سنتين، وبعده أيلة خمس سنين وانتقض عليه أهل قرطبة فحاربهم وتغلب عليهم. وبعده طنجاد خمس عشرة سنة، وبعده ليولة سنة واحدة، وبعده لوبليدة ثماني عشرة سنة وانتقضت عليه الأطراف فحاربهم وسكنهم ونكر عليه النصارى تثليث أريش وراودوه على الأخذ بتوحيدهم الذين [1] يزعمونه فأبى وحاربهم فقتل. وولي ابنه زدريق ست عشرة سنة ورجع إلى توحيد النصارى بزعمهم وهو الّذي بنى البلاد المنسوبة إليه بقرطبة. ولما هلك ولي بعده على القوط ليوبة سنتين، وبعده تبديقا عندمار سنتين، وبعده شيشوط ثماني سنين وعلى عهده كان هرقل ملك قسطنطينية والشام، ولعهده كانت الهجرة.
وهلك شيشوط ملك القوط وولي بعده زدريق آخر منهم ثلاثة أشهر، وبعده شتلة ثلاث سنين، وبعده سنشادش خمس سنين، وبعده خنشوند سبع سنين، وبعده وجنشوند ثلاثا وعشرين سنة، ولهذه العصور ابتدأ ضعف الأحكام للقوط. وبعده
[1] مقتضى السياق: الّذي.