المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إرسال الرسل الى الملوك - تاريخ ابن خلدون - جـ ٢

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌الكتاب الثاني ويشتمل: أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة الى هذا العهد

- ‌المقدّمة الاولى في أمم العالم واختلاف أجيالهم والكلام على الجملة في أنسابهم

- ‌المقدّمة الثانية في كيفية وضع الأنساب في كتابنا لأهل الدول وغيرهم

- ‌القول في أجيال العرب وأوّليتها واختلاف طبقاتهم وتعاقبها وأنساب كل طبقة منها

- ‌برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها

- ‌الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة

- ‌الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من العرب وهم العرب المستعربة وذكر أنسابهم وأيامهم وملوكهم والإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم

- ‌الخبر عن ملوك التبابعة من حمير وأوليتهم باليمن ومصاير أمورهم

- ‌ملك الحبشة اليمن

- ‌غزو الحبشة الكعبة

- ‌قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن

- ‌الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة

- ‌الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

- ‌الخبر عن بني إسرائيل وما كان لهم من النبوة والملك وتغلبهم على الأرض المقدّسة بالشام وكيف تجدّدت دولتهم بعد الانقراض وما اكتنف ذلك من الأحوال

- ‌الخبر عن حكام بني إسرائيل بعد يوشع الى أن صار أمرهم إلى الملك وملك عليهم طالوت

- ‌الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها

- ‌الخبر عن افتراق بنى إسرائيل منهم ببيت المقدس على سبط يهوذا وبنيامين الى انقراضه

- ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأوّل وما كان لبني إسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي وبني هيردوس إلى حين الخراب الثاني والجلوة الكبرى

- ‌ابتداء أمر انظفتر [1] أبو هيردوس

- ‌انقراض ملك بني حشمناي وابتداء ملك هيردوس وبنيه

- ‌الخبر عن شأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه في ولادته وبعثته ورفعه من الأرض والإلمام بشأن الحواريين بعده وكتبهم الأناجيل الأربعة وديانة النصارى بملته واجتماع الاقسة على تدوين شريعته

- ‌الخبر عن الفرس وذكر أيامهم ودولهم وتسمية ملوكهم وكيف كان مصير أمرهم الى تمامه وانقراضه

- ‌الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من الفرس وهم الكينية وذكر ملوكهم وأيامهم إلى حين انقراضهم

- ‌الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها

- ‌الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانية والخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

- ‌الخبر عن دولة يونان والروم وأنسابهم ومصايرهم

- ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن اللطينيين وهم الكيتم المعرفون بالروم من أمم يونان وأشياعهم وشعوبهم وما كان لهم من الملك والغلب وذكر الدولة التي فيهم للقياصرة وأولية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطاجنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من الكيتم وهم اللطينيون ومبدإ أمورهم ومصاير أحوالهم

- ‌الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفعال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعد إلى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم

- ‌الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها

- ‌الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم

- ‌الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها

- ‌الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الّذي كان فيها

- ‌الخبر عن بطون كهلان من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها

- ‌الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذر من هذه الطبقة وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم وكيف صار إلى طيِّئ من بعدهم

- ‌ملوك كندة الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدإ أمرهم وتصاريف أحوالهم

- ‌الخبر عن أبناء جفنة ملوك غسان بالشام من هذه الطبقة وأوليتهم ودولهم وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم

- ‌الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك اليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

- ‌أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب

- ‌المولد الكريم وبدء الوحي

- ‌بدء الوحي

- ‌هجرة الحبشة

- ‌ العقبة الثانية

- ‌الهجرة

- ‌الغزوات

- ‌الأبواء:

- ‌بواط:

- ‌البعوث:

- ‌غزوة بدر الثانية:

- ‌غزوة الكدر:

- ‌غزوة السويق:

- ‌ذي أمرّ:

- ‌نجران:

- ‌قتل كعب بن الأشرف:

- ‌غزوة بني قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى قردة:

- ‌قتل ابن أبي الحقيق:

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد:

- ‌بعث الرجيع:

- ‌غزوة بئر معونة:

- ‌غزوة بني النضير:

- ‌غزوة ذات الرقاع:

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد:

- ‌غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة الخندق

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌غزوة الغابة وذي قرد

- ‌غزاة بني المصطلق:

- ‌عمرة الحديبيّة

- ‌إرسال الرسل الى الملوك

- ‌غزوة خيبر

- ‌فتح فدك ووادي القرى

- ‌عمرة القضاء

- ‌غزوة جيش الأمراء

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌حصار الطائف وغزوة تبوك

- ‌إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف وهدم اللات

- ‌الوفود

- ‌ حجة الوداع

- ‌العمال على النواحي

- ‌خبر العنسيّ

- ‌بعث أسامة:

- ‌أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:

- ‌مرضه صلى الله وسلم عليه:

- ‌خبر السقيفة

- ‌الخلافة الإسلامية

- ‌الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

- ‌بعث الجيوش للمرتدين

- ‌خبر طليحة

- ‌خبر هوازن وسليم وبني عامر

- ‌خبر بني تميم وسجاح

- ‌البطاح ومالك بن نويرة

- ‌خبر مسيلمة واليمامة

- ‌ردّه الحطم وأهل البحرين

- ‌ردة أهل عمان ومهرة واليمن [2]

- ‌بعوث العراق وصلح الحيرة

- ‌فتح الحيرة

- ‌فتح ما وراء الحيرة

- ‌فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

- ‌الوقائع بالعراق

- ‌بعوث الشام

- ‌بعوث الشام

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌فتح دمشق

- ‌خبر المثنى بالعراق بعد مسير خالد الى الشام

- ‌ولاية أبي عبيد بن مسعود على العراق ومقتله

- ‌أخبار القادسية

- ‌فتح المدائن وجلولاء بعدها

- ‌ولاية عتبة بن غزوان على البصرة

- ‌وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها

- ‌وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس

- ‌مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية

- ‌غزو فارس من البحرين وعزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة وولاية أبي موسى

- ‌بناء البصرة والكوفة

- ‌فتح الأهواز والسوس بعدهما

- ‌مسير المسلمين الى الجهات للفتح

- ‌مجاعة عام الرمادة وطاعون عمواس

- ‌فتح مصر

- ‌وقعة نهاوند وما كان بعدها من الفتوحات

- ‌فتح همذان

- ‌فتح الريّ

- ‌فتح أذربيجان

- ‌فتح الباب

- ‌فتح موقان وجبال ارمينية

- ‌غزو الترك

- ‌فتح خراسان

- ‌فتوح فارس

- ‌إصطخر:

- ‌بسا ودرابجرد:

- ‌كرمان:

- ‌سجستان:

- ‌مكران:

- ‌خبر الأكراد

- ‌مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه

- ‌نقض أهل الاسكندرية وفتحها

- ‌ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وأذربيجان

- ‌ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر وفتح افريقية

- ‌فتح قبرص

- ‌ولاية ابن عامر على البصرة وفتوح فارس وخراسان

- ‌ولاية سعيد بن العاص الكوفة

- ‌غزو طبرستان

- ‌غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف

- ‌مقتل يزدجرد

- ‌ظهور الترك بالثغور

- ‌بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه

- ‌حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأتابه ورفع درجته

- ‌بيعة علي رضي الله عنه

- ‌أمر الجمل

- ‌انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر ومقتله

- ‌ولاية قيس بن سعد على مصر

- ‌مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

- ‌أمر صفين

- ‌ أمر الحكمين

- ‌أمر الخوارج وقتالهم

- ‌ولاية عمرو بن العاص مصر

- ‌دعاء ابن الحضرميّ بالبصرة لمعاوية ومقتله

- ‌ولاية زياد على فارس

- ‌فراق ابن عبّاس لعلي رضي الله عنهم

- ‌مقتل علي

- ‌بيعة الحسن وتسليمه الأمر لمعاوية

الفصل: ‌إرسال الرسل الى الملوك

ولما رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه أبو بصير [1] عتبة بن أسيد بن جارية [2] هاربا وكان قد أسلم وحبسه قومه بمكة وهو ثقفي من حلفاء بني زهرة، فبعث إليه الأزهر بن عبد عوف عمّ عبد الرحمن بن عوف والأخنس بن شريق سيد بني زهرة رجلا من بني عامر بن لؤيّ مع مولى لهم، فأسلمه النبيّ صلى الله عليه وسلم فاحتملاه. فلما نزلوا بذي الحليفة أخذ أبو بصير السيف من أحد الرجلين، ثم ضرب به العامري فقتله وفرّ الآخر، وأتى أبو بصير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قد وفت ذمتك وأطلقني الله فقال عليه السلام: ويلمه [3] مسعر حرب لو كان له رجال. ففطن أبو بصير من لحن هذا القول أنه سيرده، وخرج إلى سيف البحر على طريق قريش إلى الشام، وانضاف إليه جمهور من يفرّ عن قريش ممن أراد الإسلام فآذوا قريشا وقطعوا على رفاقهم وسابلتهم، فكتبوا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يضمهم بالمدينة.

ثم هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وجاء فيها أخواها عمارة والوليد، فمنع الله من ردّ النساء وفسخ ذلك الشرط المكتتب، ثم نسخت براءة ذلك كلّه وحرم الله حينئذ على المسلمين إمساك الكوافر في عصمتهم فانفسخ نكاحهن.

‌إرسال الرسل الى الملوك

ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين الحديبيّة ووفاته رجالا من أصحابه إلى ملوك العرب والعجم دعاة إلى الله عز وجل، فبعث سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ أخا بني عامر بن لؤيّ إلى هوذة [4] بن عليّ صاحب اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرميّ إلى المنذر ابن ساوى أخي بني عبد القيس صاحب البحرين، وعمرو بن العاص إلى جيفر بن جلندي [5] بن عامر بن جلندي صاحب عمان، وبعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الاسكندرية فأدّى إليه كتاب رسول الله

[1] وفي النسخة الباريسية: أبو نصر.

[2]

وفي نسخة ثانية: ابن حارثة.

[3]

أصله: ويل أمه أهـ.

[4]

وفي النسخة الباريسية: هدوة.

[5]

وفي النسخة الباريسية: الى جبير بن خليد.

ص: 449

صلى الله عليه وسلم وأهدى المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار منهن مارية أم إبراهيم ابنه.

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبيّ إلى قيصر وهو هرقل ملك الروم، فوصل إلى بصرى وبعثه صاحب بصرى إلى هرقل، وكان يرى في ملاحمهم أنّ ملك الختان قد ظهر، فقرأ الكتاب وإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم [1] الروم السلام على من اتبع الهدى. أمّا بعد أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيّين. وفي رواية «إثم الأكّارين عليك تعيا بجمله» . فطلب من في مملكته من قوم النبي صلى الله عليه وسلم فأحضروا له من غزّة، وكان فيهم أبو سفيان فسأله كما وقع في الصحيح، فأجابه وسلم [2] أحواله وتفرّس صحة أمره، وعرض على الروم أتباعه فأبوا ونفروا فلاطفهم بالقول وأقصر. ويروى عن ابن إسحاق أنه عرض عليهم الجزية، فأبوا فعرض عليهم أن يصالحوا بأرض سورية. قالوا وهي أرض فلسطين والأردن ودمشق وحمص وما دون الدرب وما كان وراء الدرب فهو الشام فأبوا.

قال ابن إسحاق: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي أخا بني أسد بن خزيمة إلى الحرث بن شمر الغساني صاحب دمشق، وكتب معه:

«السلام على من اتبع الهدى وآمن به أدعوك إلى أن تؤمن باللَّه وحده لا شريك له يبقى لك ملكك» . فلما قرأ الكتاب قال: من ينزع ملكي أنا سائر إليه. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: باد ملكه. قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمريّ إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتابا: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشيّ الأصحم عظيم الحبشة، سلام عليك فاني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أنّ عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم الطيبة البتول الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فاني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ومعه نفر

[1] وفي النسخة الباريسية: ملك الروم.

[2]

وفي نسخة أخرى: وعلم.

ص: 450

من المسلمين فإذا جاءوك قاقرهم ودع التجري وإني أدعوك وجنودك إلى الله فلقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي والسلام على من اتبع الهدي» . فكتب إليه النجاشيّ «إلى محمد رسول الله من النجاشيّ الأصحم ابن الحرّ [1] سلام عليك يا رسول الله من الله ورحمة الله وبركاته أحمد الله الّذي لا إله إلّا هو الّذي هدانا للإسلام أمّا بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فما ذكرت من أمر عيسى فو ربّ السماء والأرض ما نزيد بالرأي على ما ذكرت أنه كما قلت وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد قرّبنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا فقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت للَّه رب العالمين وقد بعثت إليك بابني أرخا [2] الأصحم فإنّي لا أملك إلّا نفسي إن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله، فإنّي أشهد أنّ الّذي تقول حق والسلام عليك يا رسول الله» . فذكر أنه بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة فغرقت بهم.

(وقد جاء) أنه أرسل إلى النجاشي [3] ليزوّجه أم حبيبة، وبعث إليها بالخطبة جاريته فأعطتها أوضاحا وفتخا ووكلت خالد بن سعيد بن العاص فزوّجها، ودفع النجاشي إلى خالد بن سعيد أربعمائة دينار لصداقها، وجاءت إليها بها الجارية فأعطتها منها خمسين مثقالا، فردت الجارية ذلك بأمر النجاشي. وكانت الجارية صاحبة دهنه وثيابه وبعث إليها نساء النجاشي بما عندهن من عود وعنبر وأركبها في سفينتين مع بقية المهاجرين، فلقوا النّبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، وبلغ أبا سفيان تزويج أم حبيبة منه فقال: ذلك الفحل الّذي لا يقدع أنفه.

وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السنة إلى كسرى، وبعث بالكتاب عبد الله بن حذافة السهميّ وفيه:«بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن باللَّه ورسله أمّا بعد فإنّي رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيّا أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس.» فمزّق كسرى كتاب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مزّق الله ملكه. وفي رواية ابن إسحاق بعد قوله «وآمن باللَّه ورسله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإنّي أنا رسول الله إلى

[1] وفي النسخة الباريسية: ابن الجر.

[2]

وفي النسخة الباريسية: أرعاز.

[3]

وفي النسخة الباريسية: وعن الواقدي انه أرسل الى النجاشي.

ص: 451

الناس كافة لأنذر من كان حيّا ويحق القول على الكافرين فإن أبيت فإثم الأريسيين عليك:» قال فلما قرأه مزّقه، وقال يكتب إليّ هذا وهو عبدي! قال: ثم كتب كسرى إلى باذان وهو عامله على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الّذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني، به فبعث باذان قهرمانه بانويه وكان حاسبا كاتبا بكتاب فارس ومعه خرخسرة من الفرس، وكتب إليه معهما أن ينصرف إلى كسرى، وقال لقهرمانه: اختبر الرجل وعرّفني بأمره. وأوّل ما قدما الطائف سألا عنه فقيل هو بالمدينة. وفرح من سمع بذلك من قريش وكانوا بالطائف، وقالوا قطب له كسرى وقد كفيتموه. وقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فكلمه بانويه [1] وقال: إنّ شاهنشاه قد كتب إلى الملك باذان أنّ يبعث إليك من يأتيه بك وبعثني لتنطلق معي ويكتب معه فينفعك وإن أبيت فهو من علمت ويهلك قومك ويخرب بلادك. وكانا قد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقالا: أمرنا به ربّنا يعنون به كسرى. فقال لهما: لكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي لم أؤخرهما إلى غد. وجاءه الوحي بأنّ الله سلّط على كسرى ابنه شيرويه فقتله [2] ليلة كذا من شهر كذا لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع، فدعاهما وأخبرهما فقالا: هل تدري ما تقول؟ يحزنانه عاقبة هذا القول، فقال اذهبا وأخبراه بذلك عني وقولا له إنّ ديني وسلطاني يبلغ ما بلغ ملك كسرى وإن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك وملكتك على قومك من الأنباء، وأعطى خرخسرة منطقة فيها ذهب وفضة كان بعض الملوك أهداها له. فقدما على باذان وأخبراه فقال ما هذا كلام ملك ما أرى الرجل إلّا نبيا كما يقول ونحن ننتظر مقالته. فلم ينشب [3] بأذان أن قدم عليه كتاب شيرويه:«أما بعد فإنّي قد قتلت كسرى ولم أقتله إلّا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتسخيرهم في ثغورهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل الّذي كان كسرى كتب فيه إليك فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه» . فلمّا بلغ باذان الكتاب وأسلمت الأبناء معه من فارس ممن كان منهم باليمن، وكانت حمير تسمي خرخسرة ذا المفخرة للمنطقة التي

[1] وفي النسخة الباريسية: أبو بويه.

[2]

وفي نسخة ثانية: يسلّط على كسرى ابنه شيرويه فيقتله.

[3]

اي لم يلبث.

ص: 452