الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن غزوان بن مازن بن منصور وسعد بن أبي وقاص وعامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي وواقد بن عبد الله بن زيد مناة بن تميم وخالد بن البكير بن سعد بن ليث وسهيل بن بيضا [1] بن فهر بن مالك، وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ولا يكره أحدا من أصحابه، فلما قرأ الكتاب بعد يومين وجد فيه أن تمضي حتى تنزل نخلة بين مكّة والطائف وترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم، فأخبر أصحابه وقال: حتى ننزل النخلة بين مكة والطائف ومن أحب الشهادة فلينهض ولا أستكره أحدا. فمضوا كلهم وضل لسعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوان في بعض الطريق بعير لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه ونفر الباقون إلى نخلة، فمرّت بهم عير لقريش تحمل تجارة فيها عمرو بن الحضرميّ وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولاهم وذلك آخر يوم من رجب، فتشاور المسلمون وتحرج بعضهم الشهر الحرام ثم اتفقوا واغتنموا الفرصة فيهم، فرمى واقد بن عبد الله [2] عمرو بن الحضرميّ فقتله وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت نوفل، وقدموا بالعير والأسيرين وقد أخرجوا الخمس فعزلوه. فأنكر النبيّ صلى الله عليه وسلم فعلهم ذلك في الشهر الحرام، فسقط في أيديهم ثم أنزل الله تعالى «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ 2: 217» الآية إلى قوله «حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا 2: 217» .
فسرّى عنهم وقبض النبيّ صلى الله عليه وسلم الخمس وقسم الغنيمة وقبل الفداء في الأسيرين، وأسلم الحكم بن كيسان منهما، ورجع سعد وعتبة سالمين إلى المدينة.
وهذه أوّل غنيمة غنمت في الإسلام وأوّل غنيمة خمست في الإسلام وقتل عمرو بن الحضرميّ هو الّذي هيج [3] وقعة بدر الثانية.
صرف القبلة: ثم صرفت القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة على رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدينة، خطب بذلك على المنبر وسمعه بعض الأنصار فقام فصلّى ركعتين إلى الكعبة، قاله ابن حزم. وقيل على رأس ثمانية عشر شهرا، وقيل ستة عشر، ولم يقل غير ذلك.
غزوة بدر الثانية:
فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى رمضان من السنة
[1] وفي نسخة ثانية: بن مضاض.
[2]
وفي النسخة الباريسية: عبد الله بن واقد.
[3]
وفي نسخة ثانية: هاج.
الثانية، ثم بلغه أنّ عيرا لقريش فيها أموال عظيمة مقبلة من الشام إلى مكّة معها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش عميدهم أبو سفيان ومعه عمرو بن العاصي ومخرمة بن نوفل، فندب عليه السلام المسلمين إلى هذه العير وأمر من كان ظهره حاضرا بالخروج، ولم يحتفل في الحشد لأنه لم يظن قتالا، واتصل خروجه بأبي سفيان، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاريّ وبعثه إلى أهل مكة يستنفرهم لعيرهم فنفروا وأرعبوا إلّا يسيرا منهم أبو لهب. وخرج صلى الله عليه وسلم لثمان خلون من رمضان واستخلف على الصلاة عمرو بن أمّ مكتوم وردّ أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة، ودفع اللواء إلى إلى مصعب بن عمير، ودفع إلى عليّ راية، وإلى رجل من الأنصار أخرى يقال كانتا سوداوين. وكان مع أصحابه صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعون بعيرا يعتقبونها فقط. وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة من بني النجّار، وراية الأنصار يومئذ مع سعد بن معاذ فسلكوا نقب المدينة إلى ذي الحليفة ثم انتهوا إلى صخيرات يمام [1] ثم إلي بئر الروحاء، ثم رجعوا ذات اليمين عن الطريق إلى الصفراء.
وبعث عليه السلام قبلها بسبس بن عمرو الجهنيّ حليف بني ساعدة وعديّ بن أبي الزغباء [2] الجهنيّ حليف بني النجّار إلى بدر يتجسّسون أخبار أبي سفيان وغيره. ثم تنكّب عن الصفراء يمينا وخرج على وادي دقران، فبلغه خروج قريش ونفيرهم، فاستشار أصحابه، فتكلّم المهاجرون وأحسنوا، وهو يريد ما يقوله الأنصار وفهموا ذلك. فتكلّم سعد بن معاذ وكان فيما قال:«لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك فسر بنا يا رسول الله على بركة الله» فسرّ بذلك، وقال:«سيروا وأبشروا فإنّ الله قد وعدني إحدى الطائفتين» . ثم ارتحلوا من دقران إلى قريب من بدر وبعث عليّا والزبير وسعدا في نفر يلتمسون الخبر فأصابوا غلامين لقريش، فأتوا بهما وهو عليه السلام قائم يصليّ، وقالوا:
نحن سقاة قريش فكذّبوهما كراهية في الخبر ورجاء أن يكونا من العير للغنيمة وقلّة المؤنة، فجعلوا يضربونهما فيقولان نحن من العير. فسلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم، وقال للغلامين: أخبر اني أين قريش. فأخبراه أنّهم وراء الكثيب [3]
[1] وفي نسخة اخرى: تمام.
[2]
وفي النسخة الباريسية: الدغماء.
[3]
الكثيف: التل من الرمل وفي النسخة الباريسية الكثيف وهو الصفيح من الحديد (قاموس) .
وأنّهم ينحرون يوما عشرا من الإبل ويوما تسعا. فقال عليه السلام: القوم بين التسعمائة والألف. وقد كان بسبس وعديّ الجهنيّان مضيا يتجسّسان ولا خبر حتى نزلا وأناخا قرب الماء واستقيا في شنّ لهما ومجدي بن عمرو بن جهينة بقربهما، فسمع عديّ جارية من جواري الحي تقول لصاحبتها العير تأتي غدا أو بعد غد وأعمل لهم وأقضيك الّذي لك وجاءت إلى مجدي بن عمرو فصدقها، فرجع بسبب وعديّ بالخبر. وجاء أبو سفيان بعدهما يتجسّس الخبر فقال لمجدي هل أحسست أحدا فقال راكبين أناخا يميلان لهذا التل فاستقيا الماء، ونهضا فأتى أبو سفيان مناخهما وفتت من أبعار رواحلهما، فقال هذه والله علائف يثرب فرجع سريعا وقد حذر وتنكب بالعير إلى طريق الساحل فنجا وأوصى إلى قريش بأنّا قد نجونا بالعير فارجعوا. فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد ماء بدر ونقيم به ثلاثا وتهابنا العرب أبدا، ورجع الأخنس بن شريق بجميع بني زهرة وكان حليفهم ومطاعا فيهم، وقال: إنّما خرجتم تمنعون أموالكم وقد نجت فارجعوا. وكان بنو عديّ لم ينفروا مع القوم، فلم يشهد بدرا من قريش عدويّ ولا زهريّ.
وسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا إلى ماء بدر وثبطهم عنه مطر نزل وبله مما يليهم وأصاب مما يلي المسلمين دهس [1] الوادي، وأعانهم على السير، فنزل عليه السلام على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة، فقال له الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح: «آللَّه أنزلك بهذا المنزل فلا نتحوّل عنه أم قصدت الحرب والمكيدة؟ فقال عليه السلام: لا بل هو الرأي والحرب. فقال يا رسول الله ليس هذا بمنزل، وإنّما نأتي أدنى ماء من القوم فنزله ونبني عليه حوضا فنملؤه ونغوّر القلب كلها فنكون قد منعناهم الماء. فاستحسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بنوا له عريشا يكون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتيه [2] من ربه النصر، ومشى يريهم مصارع القوم واحدا واحدا، ولما نزل قريش مما يليهم بعثوا عمير بن وهب الجمحيّ يحزر [3] له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيهم فارسان الزبير والمقداد، فحزرهم وانصرف وخبّرهم الخبر، ورام حكيم بن حزام
[1] الدهس: المكان السهل ليس برمل ولا تراب (قاموس) .
[2]
وفي النسخة الباريسية: يكون فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واثقا من ربه النصر.
[3]
وفي نسخة اخرى: يحذر.
وعتبة بن ربيعة أن يرجعا بقريش ولا يكون الحرب، فأبى أبو جهل وساعده المشركون، وتواقفت الفئتان.
وعدّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف بيده ورجع إلى العريش ومعه أبو بكر وحده، وطفق يدعو ويلح وأبو بكر يقاوله ويقول في دعائه اللَّهمّ أن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض اللَّهمّ أنجز لي ما وعدتني، وسعد بن معاذ وقوم معه من الأنصار على باب العريش يحمونه وأخفق [1] رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر فقد أتى نصر الله. ثم خرج يحرّض الناس، ورمى في وجوه القوم بحفنة من حصى وهو يقول: شاهت الوجوه. ثم تزاحفوا فخرج عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد يطلبون البراز فخرج إليهم عبيدة بن الحرث وحمزة بن عبد المطّلب وعلي بن أبي طالب فقتل حمزة وعلي شيبة والوليد وضرب عتبة عبيدة فقطع رجله فمات وجاء حمزة وعليّ إلى عتبة فقتلاه. وقد كان برز إليهم عوف ومعوذ ابنا عفراء وعبد الله بن رواحة من الأنصار فأبوا إلّا قومهم، وجال القوم جولة فهزم المشركون وقتل منهم يومئذ سبعون رجلا فمن مشاهيرهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة وحنظلة بن أبي سفيان بن حرب وابنا سعيد بن العاص عبيدة والعاص، والحرث بن عامر بن نوفل وابن عمه طعيمة بن عديّ وزمعة بن الأسود وابنه الحرث وأخوه عقيل بن الأسود وابن عمه أبو البختري بن هشام ونوفل بن خويلد بن أسد وأبو جهل بن هشام، اشترك فيه معاذ ومعوذ ابنا عفراء ووجده عبد الله بن مسعود وبه رمق فحزّ رأسه، وأخوه العاص بن هشام وابن عمهما مسعود بن أمية وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة وابن عمه أبو قيس بن الفاكه، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، والعاصي بن منبه وأميه بن خلف وابنه عليّ وعمير بن عثمان عمّ طلحة.
وأسر العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب والسائب بن عبد يزيد من بني المطلب وعمرو بن أبي سفيان بن حرب وأبو العاص بن الربيع وخالد بن أسيد بن أبي العيص وعديّ بن الخيار من بني نوفل وعثمان بن عبد شمس ابن عمّ عتبة بن غزوان وأبو عزيز أخو مصعب بن عمير وخالد بن هشام ابن المغيرة وابن عمه رفاعة [2] بن أبي رفاعة وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة والوليد
[1] وفي النسخة الباريسية: وطفق.
[2]
وفي النسخة الباريسية: وابن عمه حمير.