المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غزوة أحد وكانت قريش بعد واقعة بدر قد توامروا [1] وطلبوا - تاريخ ابن خلدون - جـ ٢

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌الكتاب الثاني ويشتمل: أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة الى هذا العهد

- ‌المقدّمة الاولى في أمم العالم واختلاف أجيالهم والكلام على الجملة في أنسابهم

- ‌المقدّمة الثانية في كيفية وضع الأنساب في كتابنا لأهل الدول وغيرهم

- ‌القول في أجيال العرب وأوّليتها واختلاف طبقاتهم وتعاقبها وأنساب كل طبقة منها

- ‌برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها

- ‌الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة

- ‌الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من العرب وهم العرب المستعربة وذكر أنسابهم وأيامهم وملوكهم والإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم

- ‌الخبر عن ملوك التبابعة من حمير وأوليتهم باليمن ومصاير أمورهم

- ‌ملك الحبشة اليمن

- ‌غزو الحبشة الكعبة

- ‌قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن

- ‌الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة

- ‌الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

- ‌الخبر عن بني إسرائيل وما كان لهم من النبوة والملك وتغلبهم على الأرض المقدّسة بالشام وكيف تجدّدت دولتهم بعد الانقراض وما اكتنف ذلك من الأحوال

- ‌الخبر عن حكام بني إسرائيل بعد يوشع الى أن صار أمرهم إلى الملك وملك عليهم طالوت

- ‌الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها

- ‌الخبر عن افتراق بنى إسرائيل منهم ببيت المقدس على سبط يهوذا وبنيامين الى انقراضه

- ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأوّل وما كان لبني إسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي وبني هيردوس إلى حين الخراب الثاني والجلوة الكبرى

- ‌ابتداء أمر انظفتر [1] أبو هيردوس

- ‌انقراض ملك بني حشمناي وابتداء ملك هيردوس وبنيه

- ‌الخبر عن شأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه في ولادته وبعثته ورفعه من الأرض والإلمام بشأن الحواريين بعده وكتبهم الأناجيل الأربعة وديانة النصارى بملته واجتماع الاقسة على تدوين شريعته

- ‌الخبر عن الفرس وذكر أيامهم ودولهم وتسمية ملوكهم وكيف كان مصير أمرهم الى تمامه وانقراضه

- ‌الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من الفرس وهم الكينية وذكر ملوكهم وأيامهم إلى حين انقراضهم

- ‌الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها

- ‌الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانية والخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

- ‌الخبر عن دولة يونان والروم وأنسابهم ومصايرهم

- ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن اللطينيين وهم الكيتم المعرفون بالروم من أمم يونان وأشياعهم وشعوبهم وما كان لهم من الملك والغلب وذكر الدولة التي فيهم للقياصرة وأولية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطاجنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من الكيتم وهم اللطينيون ومبدإ أمورهم ومصاير أحوالهم

- ‌الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفعال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعد إلى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم

- ‌الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها

- ‌الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم

- ‌الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها

- ‌الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الّذي كان فيها

- ‌الخبر عن بطون كهلان من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها

- ‌الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذر من هذه الطبقة وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم وكيف صار إلى طيِّئ من بعدهم

- ‌ملوك كندة الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدإ أمرهم وتصاريف أحوالهم

- ‌الخبر عن أبناء جفنة ملوك غسان بالشام من هذه الطبقة وأوليتهم ودولهم وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم

- ‌الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك اليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

- ‌أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب

- ‌المولد الكريم وبدء الوحي

- ‌بدء الوحي

- ‌هجرة الحبشة

- ‌ العقبة الثانية

- ‌الهجرة

- ‌الغزوات

- ‌الأبواء:

- ‌بواط:

- ‌البعوث:

- ‌غزوة بدر الثانية:

- ‌غزوة الكدر:

- ‌غزوة السويق:

- ‌ذي أمرّ:

- ‌نجران:

- ‌قتل كعب بن الأشرف:

- ‌غزوة بني قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى قردة:

- ‌قتل ابن أبي الحقيق:

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد:

- ‌بعث الرجيع:

- ‌غزوة بئر معونة:

- ‌غزوة بني النضير:

- ‌غزوة ذات الرقاع:

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد:

- ‌غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة الخندق

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌غزوة الغابة وذي قرد

- ‌غزاة بني المصطلق:

- ‌عمرة الحديبيّة

- ‌إرسال الرسل الى الملوك

- ‌غزوة خيبر

- ‌فتح فدك ووادي القرى

- ‌عمرة القضاء

- ‌غزوة جيش الأمراء

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌حصار الطائف وغزوة تبوك

- ‌إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف وهدم اللات

- ‌الوفود

- ‌ حجة الوداع

- ‌العمال على النواحي

- ‌خبر العنسيّ

- ‌بعث أسامة:

- ‌أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:

- ‌مرضه صلى الله وسلم عليه:

- ‌خبر السقيفة

- ‌الخلافة الإسلامية

- ‌الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

- ‌بعث الجيوش للمرتدين

- ‌خبر طليحة

- ‌خبر هوازن وسليم وبني عامر

- ‌خبر بني تميم وسجاح

- ‌البطاح ومالك بن نويرة

- ‌خبر مسيلمة واليمامة

- ‌ردّه الحطم وأهل البحرين

- ‌ردة أهل عمان ومهرة واليمن [2]

- ‌بعوث العراق وصلح الحيرة

- ‌فتح الحيرة

- ‌فتح ما وراء الحيرة

- ‌فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

- ‌الوقائع بالعراق

- ‌بعوث الشام

- ‌بعوث الشام

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌فتح دمشق

- ‌خبر المثنى بالعراق بعد مسير خالد الى الشام

- ‌ولاية أبي عبيد بن مسعود على العراق ومقتله

- ‌أخبار القادسية

- ‌فتح المدائن وجلولاء بعدها

- ‌ولاية عتبة بن غزوان على البصرة

- ‌وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها

- ‌وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس

- ‌مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية

- ‌غزو فارس من البحرين وعزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة وولاية أبي موسى

- ‌بناء البصرة والكوفة

- ‌فتح الأهواز والسوس بعدهما

- ‌مسير المسلمين الى الجهات للفتح

- ‌مجاعة عام الرمادة وطاعون عمواس

- ‌فتح مصر

- ‌وقعة نهاوند وما كان بعدها من الفتوحات

- ‌فتح همذان

- ‌فتح الريّ

- ‌فتح أذربيجان

- ‌فتح الباب

- ‌فتح موقان وجبال ارمينية

- ‌غزو الترك

- ‌فتح خراسان

- ‌فتوح فارس

- ‌إصطخر:

- ‌بسا ودرابجرد:

- ‌كرمان:

- ‌سجستان:

- ‌مكران:

- ‌خبر الأكراد

- ‌مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه

- ‌نقض أهل الاسكندرية وفتحها

- ‌ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وأذربيجان

- ‌ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر وفتح افريقية

- ‌فتح قبرص

- ‌ولاية ابن عامر على البصرة وفتوح فارس وخراسان

- ‌ولاية سعيد بن العاص الكوفة

- ‌غزو طبرستان

- ‌غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف

- ‌مقتل يزدجرد

- ‌ظهور الترك بالثغور

- ‌بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه

- ‌حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأتابه ورفع درجته

- ‌بيعة علي رضي الله عنه

- ‌أمر الجمل

- ‌انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر ومقتله

- ‌ولاية قيس بن سعد على مصر

- ‌مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

- ‌أمر صفين

- ‌ أمر الحكمين

- ‌أمر الخوارج وقتالهم

- ‌ولاية عمرو بن العاص مصر

- ‌دعاء ابن الحضرميّ بالبصرة لمعاوية ومقتله

- ‌ولاية زياد على فارس

- ‌فراق ابن عبّاس لعلي رضي الله عنهم

- ‌مقتل علي

- ‌بيعة الحسن وتسليمه الأمر لمعاوية

الفصل: ‌ ‌غزوة أحد وكانت قريش بعد واقعة بدر قد توامروا [1] وطلبوا

‌غزوة أحد

وكانت قريش بعد واقعة بدر قد توامروا [1] وطلبوا من أصحاب العير أن يعينوهم بالمال ليتجهزوا به لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعانوهم، وخرجت قريش بأحابيشها وحلفائها وذلك في شوّال من سنة ثلاث، واحتملوا الظعن التماسا للحفيظة وأن لا يفرّوا، وأقبلوا حتى نزلوا ذا الحليفة قرب أحد ببطن السبخة مقابل المدينة على شفير واد هنالك، وذلك في رابع شوّال. وكانوا في ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ومائتا فرس وقائدهم أبو سفيان ومعهم خمس عشرة امرأة بالدفوف يبكين قتلى بدر.

وأشار صلى الله عليه وسلم على أصحابه بأن يتحصنوا بالمدينة ولا يخرجوا وإن جاءوا قاتلوهم على أفواه الأزقة، وأقر [2] ذلك على رأي عبد الله بن أبي بن سلول، وألحّ قوم من فضلاء المسلمين ممن أكرمه الله بالشهادة فلبس لامته وخرج، وقدم أولئك الذين ألحّوا عليه وقالوا: يا رسول الله إن شئت فاقعد. فقال: ما ينبغي لبني إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل. وخرج في ألف من أصحابه، واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بقية المسلمين بالمدينة. فلما سار بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله بن أبي في ثلث الناس مغاضبا لمخالفة رأيه في المقام، وسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّة بني حارثة ومرّ بين الحوائط وأبو خيثمة من بني حارثة يدل به حتى نزل الشعب من أحد مستندا إلى الجبل، وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع المسلمين وتهيأ للقتال في سبعمائة فيهم خمسون فارسا وخمسون راميا، وأمّر على الرماة عبد الله بن جبير من بني عمرو بن عوف والأوس أخو خوّات، ورتبهم خلف الجيش ينضحون بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من خلفهم، ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير من بني عبد الدار، وأجاز يومئذ سمرة بن جندب الفزاري ورافع بن خديج من بني حارثة في الرماة وسنهما خمسة عشر عاما، وردّ أسامة بن زيد وعبد الله بن عمر بن الخطّاب ومن بني مالك بن النجار زيد بن ثابت وعمرو بن حرام ومن بني حارثة البراء بن عازب وأسيد بن ظهير، ورد عرابة بن أوس وزيد بن أرقم وأبا سعيد الخدريّ سن جميعهم يومئذ أربعة عشر عاما. وجعلت قريش على ميمنة الخيل خالد بن الوليد،

[1] ربما قصد المؤرخ تآمروا.

[2]

وفي نسخة اخرى: وافقا.

ص: 434

وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل. وأعطى عليه السلام سيفه بحقه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة من بني ساعدة وكان شجاعا بطلا يختال عند الحرب. وكان مع قريش ذلك اليوم والد حنظلة غسيل الملائكة أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك ابن النعمان في طليعة [1] وكان في الجاهلية قد ترهّب وتنسّك، فلما جاء الإسلام غلب عليه الشقاء وفرّ إلى مكة في رجال من الأوس وشهد أحد مع الكفّار، وكان يعد قريش في انحراف الأوس إليه لما أنه سيدهم، فلم يصدق ظنه، ولما ناداهم وعرفوه، قالوا: لا أنعم الله لك علينا يا فاسق. فقاتل المسلمين قتالا شديدا.

وأبلى يومئذ حمزة وطلحة وشيبة وأبو دجانة والنضر بن أنس [2] بلاء شديدا، وأصيب جماعة من الأنصار مقبلين غير مدبرين واشتدّ القتال وانهزم قريش أوّلا، فخلت الرماة عن مراكزهم، وكرّ المشركون كرّة وقد فقدوا متابعة الرماة فانكشف المسلمون واستشهد منهم من أكرمه الله، ووصل العدوّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتل مصعب بن عمير صاحب اللواء دونه حتى قتل، وجرح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته اليمنى السفلى بحجر، وهشمت البيضة في رأسه، يقال إن الّذي تولى ذلك عتبة بن أبي وقاص وعمرو بن قميئة الليثي. وشدّ حنظلة الغسيل على أبي سفيان ليقتله فاعترضه شدّاد بن الأسود الليثي من شعوب فقتله وكان جنبا، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة غسلته.

وأكبت الحجارة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سقط من بعض حفر هناك، فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة حتى قام، ومصّ الدم من جرحه مالك بن سنان الخدريّ والد أبي سعيد، ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه صلى الله عليه وسلم فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح فندرت ثنيتاه فصار اهتم [3] . ولحق المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكرّ دونه نفر من المسلمين فقتلوا كلهم، وكان آخرهم عمّار بن يزيد بن السكن. ثم قاتل طلحة حتى أجهض [4] المشركون وأبو دجانة يلي النبيّ صلى الله عليه وسلم بظهره وتقع فيه النبل فلا يتحرك [5] ، وأصيبت عين قتادة

[1] وفي نسخة ثانية: من ضبيعة.

[2]

وفي النسخة الباريسية: النضر بن شميل.

[3]

ويقال: اثرم بدل اهتم أهـ.

[4]

اجهض: بمعنى أبعد المشركين.

[5]

وفي نسخة ثانية: فلا يترك.

ص: 435

ابن النعمان من بني ظفر فرجع وهي على وجنته، فردها عليه السلام بيده فصحت وكانت أحسن عينيه.

وانتهى النضر بن أنس إلى جماعة من الصحابة وقد دهشوا وقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فما تصنعون في الحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه. ثم استقبل الناس وقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربة. وجرح يومئذ عبد الرحمن بن عوف عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها. وقتل حمزة عمّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قتله وحشي مولى جبير بن مطعم بن عديّ، وكان قد جاعله على ذلك بعتقه فرآه يبارز سبّاع بن عبد العزى فرماه بحربته من حيث لا يشعر فقتله.

ونادي الشيطان ألا أنّ محمدا قد قتل، لأنّ عمرو بن قميئة كان قد قتل مصعب بن عمير يظن أنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وضربته أم عمّارة نسيبة بنت كعب بن أبي [1] مازن ضربات فتوفي [2] منها بدرعيه وخشي المسلمون لما أصابه ووهنوز لصريخ الشيطان. ثم إنّ كعب بن مالك الشاعر من بنى سلمة عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى بأعلى صوته يبشّر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له:

أنصت، فاجتمع عليه المسلمون ونهضوا معه نحو الشعب، فيهم أبو بكر وعمر وعليّ والزبير والحرث بن الصمة [3] الأنصاري وغيرهم، وأدركه أبي بن خلف في الشعب، فتناول صلى الله عليه وسلم الحربة من الحرث بن الصمة وطعنه بها في عنقه فكرّ أبي منهزما، وقال له المشركون ما بك من بأس، فقال: والله لو بصق عليّ لقتلني وكان صلى الله عليه وسلم قد توعّده بالقتل فمات عدوّ الله بسرف [4] مرجعهم الى مكة. ثم جاء عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماء فغسل وجه ونهض فاستوى على صخرة من الجبل وحانت الصلاة فصلى بهم قعودا. وغفر الله للمنهزمين من المسلمين ونزل:

إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ 3: 155 (الآية) وكان منهم عثمان بن عفان وعثمان بن أبي عقبة الأنصاري.

[1] وفي نسخة ثانية: من بني مازن.

[2]

وفي نسخة ثانية: توفي.

[3]

وفي النسخة الثانية: الصامت.

[4]

سرف القوم جاوزهم (القاموس) وسرف مكان بين مكة والمدينة. والمرجّح انه سقطت كلمة أثناء في الجملة.

ص: 436