الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإسلامهما جميع بني عبد الأشهل في يوم واحد الرجال والنساء. ولم تبق دار من دور الأنصار إلّا وفيها المسلمون رجال ونساء حاشا بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف، بطون من الأوس وكانوا في عوالي المدينة، فأسلم منهم قوم سيدهم أبو قيس صيفي بن الأسلت الشاعر فوقف بهم عن الإسلام حتى كان الخندق فأسلموا كلهم
.
العقبة الثانية
ثم رجع مصعب المذكور ابن عمير إلى مكة وخرج معه إلى الموسم جماعة ممن أسلم من الأنصار للقاء النبي صلى الله عليه وسلم في جملة قوم منهم لم يسلموا بعد، فوافوا مكة وواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، ووافوا ليلة ميعادهم إلى العقبة متسللين عن رحالهم سرّا ممن حضر من كفّار قومهم، وحضر معهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر وأسلم تلك الليلة، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه ما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأزرهم وأن يرحل إليهم هو وأصحابه. وحضر العبّاس بن عبد المطّلب، وكان على دين قومه بعد، وإنما توثق للنبيّ صلى الله عليه وسلم وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في الإخلاص والتوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أوّل من بايع. وكانت عدّة الذين بايعوا تلك الليلة ثلاثا وسبعين رجلا وامرأتين، واختار منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وقال لهم: أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريّين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي. فمن الخزرج من أهل العقبة الأولى: أسعد بن زرارة، ورافع بن مالك، وعبادة ابن الصامت. ومن غيرهم سعد بن الربيع بن عمر بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس، ومالك بن مالك، وثعلبة بن كعب بن الخزرج، وعبد الله بن رواحة بن امرئ القيس، والبراء بن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عديّ بن غنم بن كعب بن سلمة، وعبد الله بن عمرو بن حرام [1] أبو جابر، وسعد بن عبادة بن دليم [2] بن حارثة بن لودان بن عبد، ودّ بن يزيد بن ثعلبة بن الخزرج بن
[1] وفي نسخة ثانية: حزام.
[2]
وفي نسخة ثانية: ديلم.
ساعدة. وثلاثة من الأوس وهم: أسيد بن حضر بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، وسعد بن خيثمة بن الحارث [1] بن مالك بن الأوس، ورفاعة بن عبد المنذر بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. وقد قدّم أبو الهيثم بن التيهان مكان رفاعة هذا والله أعلم.
ولما تمت هذه البيعة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى رحالهم فرجعوا، ونمي الخبر إلى قريش فغدت الجلة [2] منهم على الأنصار في رحالهم فعاتبوهم، فأنكروا ذلك وحلفوا لهم، وقال لهم عبد الله بن أبي بن سلول ما كان قومي ليتفقوا على مثل هذا وأنا لا أعلمه، فانصرفوا عنه وتفرّق الناس من منى، وعلمت قريش صحة الخبر فخرجوا في طلبهم، فأدركوا سعد بن عبادة فجاءوا به إلى مكة يضربونه ويجرّونه بشعره حتى نادى بجبير بن مطعم والحرث بن أميه وكان يجيرهما ببلده فخلصاه مما كان فيه. وقد كانت قريش قبل ذلك سمعوا صائحا يصيح ليلا على جبل أبي قبيس:
فأن يسلم السعدان يصبح محمد
…
بمكة لا يخشى خلاف مخالف
فقال أبو سفيان السعدان سعد بكر وسعد هذيم فلما كان في الليلة القابلة سمعوه يقول:
أيا سعد: سعد الأوس كن أنت ناصرا
…
ويا سعد سعد الخزرجين [3] الغطارف
أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا
…
على الله في الفردوس منية عارف
فإنّ ثواب الله للطالب الهدى
…
جنان من الفردوس ذات فارف
فقال هما والله سعد بن عبادة وسعد بن معاذ.
ولما فشا الإسلام بالمدينة وطفق أهلها يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكّة، تعاقدت على أن يفتنوا المسلمين عن دينهم فأصابهم من ذلك جهد شديد. ثم نزل قوله تعالى:«وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ 8: 39» . فلما تمت بيعة الأنصار على ما وصفناه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ممن هو بمكّة بالهجرة إلى المدينة، فخرجوا أرسالا وأوّل من خرج أبو سلمة بن عبد الأسد ونزل في
[1] وفي النسخة الباريسية: الحرث.
[2]
وفي نسخة ثانية: الخلّة.
[3]
وفي نسخة ثانية: الخزرجيّ.
قبا، ثم هاجر عامر بن ربيعة حليف بني عدي [1] بامرأته ليلى بنت أبي خيثمة بن غانم، ثم هاجر جميع بني جحش من بني أسد بن خزيمة ونزلوا بقبا على عكاشة بن محصن وجماعة من بني أسد حلفاء بني أمية كانت فيهم زينب بنت جحش أم المؤمنين وأختاها حمنة وأم حبيبة، ثم هاجر عمر بن الخطّاب وعياش [2] بن أبي ربيعة في عشرين راكبا فنزلوا في العوالي في بني أمية بن زيد وكان يصلّي بهم سالم مولى أبي حذيفة. وجاء أبو جهل بن هشام فخادع عياش بن أبي ربيعة وردّه إلى مكة فحبسوه حتى تخلص بعد حين ورجع. وهاجر مع عمر أخوه وسعيد ابن عمه زيد وصهره على بنته حفصة أم المؤمنين خنيس [3] بن حذافة السهمي وجماعة من حلفاء بني عدي، نزلوا بقبا على رفاعة بن عبد المنذر من بني عوف بن عمرو.
ثم هاجر طلحة بن عبيد الله فنزل هو وصهيب بن سنان على حبيب بن أساف في بني الحرث بن الخزرج بالسلم، وقيل بل نزل طلحة على أسعد بن زرارة. ثم هاجر حمزة بن عبد المطّلب ومعه زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحليفه أبو مرثد كناز بن حصين الغنوي فنزلوا في بني عمر وبن عوف بقبا على كلثوم بن الهدم، ونزل جماعة من بني المطلب بن عبد مناف فيهم مسطح بن اثاثة ومعه خباب بن الأرت مولى عتبة بن غزوان في بني المسجلان بقبا، ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع في بني الحرث بن الخزرج، ونزل الزبير بن العوّام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على المنذر بن محمد بن عتبة بن أحيحة الجلاح في دار بني جحجبا، ونزل مصعب بن عمير على سعد بن معاذ في بني عبد الأشهل، ونزل أبو حذيفة بن عتبة ومولاه سالم وعتبة ابن غزوان المازني على عباد بن بشر من بني عبد الأشهل، ولم يكن سالم عتيق أبي حذيفة وإنّما أعتقته امرأة من الأوس كانت زوجا لأبي حذيفة اسمها بثينة بنت معاذ فتبناه ونسب اليه. ونزل عثمان بن عفان في بني النجّار على أوس أخي حسّان بن ثابت. ولم يبق أحد من المسلمين بمكّة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلّا أبو بكر وعلي بن أبي طالب فإنّهما أقاما بأمره وكان صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له في الهجرة.
[1] وفي النسخة الباريسية: عامر بن ربيعة بن عدي.
[2]
وفي نسخة ثانية: عبّاس.
[3]
وفي نسخة ثانية: جحش.