الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غزوة الغابة وذي قرد
وبعد قفوله والمسلمين إلى المدينة بليال أغار عيينة بن حصن الفزاري في بني عبد الله من غطفان فاستلحموا [1] القاح النبيّ صلى الله عليه وسلم بالغابة، وكان فيها رجل من بني غفار وامرأته فقتلوا الرجل وحملوا المرأة، ونذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي وكان ناهضا، فعلا ثنية الوداع وصاح بأعلى صوته نذيرا بهم، ثم اتبعهم واستنقذ ما كان بأيديهم، ولما وقعت الصيحة بالمدينة ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرهم، ولحق به المقداد بن الأسود وعباد [2] بن بشر وسعد بن زيد من بني عبد الأشهل. وعكاشة بن محصن ومحرز بن نضلة الأسديّ وأبو قتادة من بني سلمة في جماعة من المهاجرين والأنصار، وأمرّ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد وانطلقوا في اتباعهم حتى أدركوهم، فكانت بينهم جولة قتل فيها محرز بن نضلة قتله عبد الرحمن بن عيينة وكان أوّل من لحق بهم. ثم ولّى المشركون منهزمين وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء يقال له ذو قرد، فأقام عليه ليلة ويومها [3] ونحر ناقة من لقاحه المسترجعة ثم قفل إلى المدينة.
غزاة بني المصطلق:
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شعبان من هذه السنة السادسة، ثم غزا بني المصطلق من خزاعة لما بلغه أنهم مجتمعون له وقائدهم الحرث بن أبي ضرار أبو جويرية [4] أمّ المؤمنين، فخرج إليهم واستخلف أبا ذرّ الغفاريّ، وقيل نميلة بن عبد الله الليثي ولقيهم بالمريسيع [5] من مياههم ما بين قديد والساحل فتزاحفوا وهزمهم الله وقتل من قتل منهم وسبي النساء والذرية وكانت منهم جويرية بنت الحرث سيدهم، ووقعت في سهم ثابت بن قيس، فكاتبها، وأدّى عليه السلام عنها وأعتقها وتزوّجها. وأصيب في هذه الغزاة هشام بن صبابة الليثي من بني ليث بن بكر قتله رجل من رهط عبادة بن الصامت غلطا يظنه من العدوّ، وفي مرجع النبيّ صلى الله عليه وسلم من هذه الغزاة، وفيها قال عبد الله بن أبي بن سلول لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل لمشاجرة وقعت بين جهجاه بن
[1] وفي النسخة الباريسية: فاكتسحوا.
[2]
وفي النسخة الباريسية: عباس.
[3]
وفي نسخة ثانية: ويومين.
[4]
وفي النسخة الباريسية: جويرة.
[5]
وفي نسخة ثانية: بالمريسع.
مسعود الغفّاريّ أجير عمر بن الخطاب وبين سنان ابن واقد [1] الجهنيّ حليف بني عوف بن الخزرج، فتثاوروا [2] وتباهوا، فقال ما قال: وسمع زيد بن أرقم مقالته، وبلغها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونزلت سورة المنافقين وتبرأ منه ابنه عبد الله، وقال: يا رسول الله أنت والله الأعز وهو الأذل وإن شئت والله أخرجته. ثم اعترض أباه عند المدينة، وقال: والله لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن له، وحينئذ دخل، وقال يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي وإني أخشى أن تأمر غيري فلا تدعني نفسي أن أقاتله، وإن قتلته قتلت مؤمنا بكافر، ولكن مرني بذلك فأنا والله أحمل إليك رأسه. فجزاه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا وأخبره أنه لا يصل إلى أبيه سوء.
وفيها قال أهل الافك ما قالوا في شأن عائشة مما لا حاجة بنا إلى ذكره وهو معروف في كتب السير، وقد أنزل الله القرآن الحكيم ببراءتها وتشريفها. وقد وقع في الصحيح أنّ مراجعته وقعت في ذلك بين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ وهو وهم ينبغي التنبيه عليه، لأن سعد بن معاذ مات بعد فتح بني قريظة بلا شك داخل السنة الرابعة وغزوة بني المصطلق في شعبان من السنة السادسة بعد عشرين شهرا من موت سعد، والملاحاة بين الرجلين كانت بعد غزوة بني المصطلق بأزيد من خمسين ليلة. والّذي ذكر ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله وغيره أنّ المقاول لسعد بن عبادة إنما هو أسيد بن الحضير [3] والله أعلم.
ولما علم المسلمون أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم تزوّج جويرية، أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق أصهار [4] رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلق بسببها مائة من أهل بيتها، ثم أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بعامين الوليد بن عقبة بن أبي معيط لقبض صدقاتهم، فخرجوا يتلقونه، فخافهم على نفسه ورجع، وأخبر أنهم هموا بقتله. فتشاور المسلمون في غدرهم ثم جاء وفدهم منكرين ما كان من رجوع الوليد قبل لقيهم، وأنهم إنما خرجوا تلقية
[1] وفي النسخة الباريسية: بن وفد.
[2]
وفي النسخة الباريسية: فتشاوروا.
[3]
وفي نسخة ثانية: ابن الحضي.
[4]
وفي النسخة الباريسية: لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم .