الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والطبريّ: أنهما أرادا الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقدروا عليه في قصة ذكرها أهل الصحيح، ثم رجعوا إلى بلادهم فأخذه الطاعون في عنقه فمات في طريقه في أحياء بني سلول وأصابت أخاه أربد صاعقة بعد ذلك. ثم قدم علقمة بن علاثة بن عوف وعوف [1] بن خالد بن ربيعة وابنه فأسلموا.
وفيها قدم وفد طيِّئ في خمسة عشرة نفرا يقدمهم سيدهم زيد الخيل وقبيصة بن الأسود من بني نبهان فأسلموا، وسمّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير وأقطع له بئرا وأرضين معها وكتب له بذلك ومات في مرجعه.
وفي هذه السنة ادعى مسيلمة النبوّة وأنه أشرك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر، وكتب إليه:«من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك فإنّي قد أشركت في الأمر معك وأن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ولكن قريش قوم لا يعدلون، وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب سلام على من اتّبع الهدى أما بعد فإن الأرض للَّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين» . قال الطبريّ: وقد قيل إنّ ذلك كان بعد منصرف النبيّ صلى الله عليه وسلم من
حجة الوداع
كما نذكر.
حجة الوداع
ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع في خمس ليال بقين من ذي العقدة ومعه من أشراف الناس ومائة من الإبل عريا [2] ، ودخل مكة يوم الأحد لأربع خلون من ذي الحجة، ولقيه عليّ بن أبي طالب بصدقات نجران فحجّ معه، وعلم صلى الله عليه وسلم الناس بمناسكهم واسترحمهم وخطب الناس بعرفة خطبته التي بين فيها ما بين، حمد الله واثنى عليه ثم قال: «أيها الناس اسمعوا قولي فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا! أيها الناس إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلّغت فمن كان عنده أمانة فليؤدّها إلى
[1] وفي النسخة الباريسية: وهودة.
[2]
وفي نسخة ثانية: هدايا.
من ائتمنه عليها وإن كان ربا فهو موضوع ولكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا إن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم في الجاهلية موضوع كلّه وأن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب وكان مسترضعا في بني ليث، فقتله بنو هذيل فهو أول ما أبدأ من دم الجاهلية. أيها الناس إنّ الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك ممّا تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم. إنما النسيء زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرّمونه إلى فيحلوا ما حرّم الله إلا وإنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب الفرد الّذي بين جمادى وشعبان أمّا بعد أيها الناس فإنّ لكم على نسائكم حقا ولهنّ عليكم حقا لكم عليهنّ أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهنّ أن لا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهنّ ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهنّ رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف. واستوصوا بالنساء خيرا فإنّهنّ عندكم عوان [1] لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم إنما أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاعقلوا أيها الناس واسمعوا قولي فإنّي قد بلغت قولي وتركت فيكم ما إن استعصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه أيها الناس اسمعوا قولي واعلموا إن كل مسلم أخو المسلم وإن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه إياه عن طيب نفس فلا تظلموا أنفسكم ألا هل بلغت [2] .
فذكر أنهم قالوا: اللَّهمّ نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهمّ اشهد. وكانت هذه الحجّة تسمى حجّة البلاغ وحجة الوداع لأنه لم يحج بعدها وكان قد حج قبل ذلك حجتين واعتمر مع حجة الوداع عمرة فتلك ثلاث ثم انصرف إلى المدينة في بقية ذي الحجة من العاشرة [3] .
[1] وفي نسخة أخرى: عوار.
[2]
وفي نسخة أخرى: اللَّهمّ.
[3]
لم يذكر هنا حديث الغدير وقد أجمع المؤرخون وأرباب التفسير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من حجة الوداع الى المدينة نزل عليه الأميل جبرائيل بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من رَبِّكَ 5: 67. وان الآية الكريمة أمرت النبي صلى الله عليه وسلم ان ينصب عليّا أميرا وخليفة للمسلمين من بعده فأمر الرسول من كان معه من المسلمين ان يحطوا رحلهم بغدير خم قرب الجحفة على طريق المدينة وان يرد من تقدم منهم الى