الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلا: معها: إنك ميت وإنهم ميتون الآية.
وبينما هم كذلك إذا جاء رجل يسعى بخبر الأنصار أنهم اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة يبايعون سعد بن عبادة ويقولون منا أمير ومن قريش أمير، فانطلق أبو بكر وعمر وجماعة المهاجرين إليهم، وأقام عليّ والعبّاس وابناه الفضل وقثم وأسامة بن زيد يتولون تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسله عليّ مسندة إلى ظهره والعباس وابناه يقلبونه معه وأسامة وشقران يصبان الماء وعلي يدلك من وراء القميص [1] لا يفضي إلى بشرته بعد أن كانوا اختلفوا في تجهيزه ثم أصابتهم سنة فخفقوا وسمعوا من وراء البيت أن اغسلوه وعليه ثيابه ففعلوا، ثم كفنوه في ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيهن إدراجا، استدعوا حفارين أحدهما يلحد والآخر يشق، ثم بعث إليهما العبّاس رجلين وقال اللَّهمّ خر [2] لرسولك فجاء الّذي يلحد وهو أبو طلحة زيد بن سهل كان يحفر لأهل المدينة فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولما فرغوا من جهازه يوم الثلاثاء وضع على سرير بيته واختلفوا أيدفن في مسجده أو بيته فقال أبو بكر سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلّا يدفن حيث قبض، فرفع فراشه الّذي قبض عليه وحفر له تحته، ودخل الناس يصلون عليه أفواجا الرجال ثم، النساء ثم الصبيان ثم العبيد لا يؤم أحدهم أحدا، ثم دفن من وسط الليل ليلة الأربعاء وعن عائشة لاثنتي عشرة ليلة من ربيع الأول فكملت سنو الهجرة عشر سنين كوامل، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة وقيل خمس وستين سنة وقيل ستين.
خبر السقيفة
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتاع الحاضرون لفقده حتى ظن أنه لم يمت، واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة يبايعون سعد بن عبادة وهم يرون أن الأمر لهم بما آووا ونصروا، وبلغ الخبر إلى أبي بكر وعمر فجاءوا إليهم ومعهم أبو عبيدة ولقيهم عاصم بن عدي وعويم بن ساعدة فأرادوهم على الرجوع وخفضوا عليهم
[1] وفي النسخة الباريسية: يصبان الماء على يديه من وراء القميص.
[2]
وفي نسخة ثانية: اغفر.
الشأن، فأبوا الّا أن يأتوهم فأتوهم في مكانهم ذلك فأعجلوهم عن شأنهم وغلبوهم عليه جماعا وموعظة. وقال أبو بكر: نحن أولياء النبي وعشيرته وأحق الناس بأمره ولا ننازع في ذلك، وأنتم لكم حق السابقة والنصرة، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. وقال الحباب بن المنذر [1] بن الجموع: منا أمير ومنكم أمير وإن أبو فاجلوهم يا معشر الأنصار عن البلاد فبأسيافكم دان الناس لهذا الدين وإن شئتم أعددناها جذعة [2] أنا جذيلهما المحكك [3] وعذيقها المرجب [4] . وقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا لكم كما تعلمون ولو كنتم الأمراء لأوصاكم بنا، ثم وقعت ملاحاة بين عمر وابن المنذر [5]، وأبو عبيدة يحفضهما ويقول: اتقوا الله يا معشر الأنصار أنتم أوّل من نصر وآزر فلا تكونوا أول من بدّل وغير.
فقام بشير بن سعد بن النعمان [6] بن كعب بن الخزرج فقال: ألا إن محمدا من قريش وقومه أحق وأولى، ونحن وإن كنا أولى فضل في الجهاد وسابقة في الدين، فما أردنا بذلك إلا رضي الله وطاعة نبيه فلا نبتغي به من الدنيا عوضا، ولا نستطيل به على الناس. فقال الحباب بن المنذر: نفست والله عن ابن عمك يا بشير. فقال:
لا والله ولكن كرهت أن أنازع قوما حقهم. فأشار أبو بكر إلى عمر وأبي عبيدة فامتنعا وبايعا أبا بكر وسبقهما إليه بشير بن سعد، ثم تناجي الأوس فيما بينهم وكان فيهم أسيد بن حضير أحد النقباء وكرهوا إمارة الخزرج عليهم وذهبوا إلى بيعة أبي بكر فبايعوه، وأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة، فقال ناس من أصحابه اتقوا سعدا لا تقتلوه. فقال عمر: اقتلوه قتله الله. وتماسكا فقال أبو بكر: مهلا يا عمر الرّفق هنا أبلغ. فأعرض عمر ثم طلب سعد في البيعة فأبى وأشار بشير بن سعد بتركه، وفقال: إنما هو رجل واحد، فأقام سعد لا يجتمع معهم في الصلاة ولا يفيض معهم في الحديث [7] حتى هلك أبو بكر. ونقل الطبري
[1] وفي النسخة الباريسية: فقال المنذر بن الحباب.
[2]
اي جديدا كما بدأ والأصح ان يقول جذعا بدل جذعة.
[3]
الّذي يستجار به ويستغني برأيه.
[4]
أي الذكي اللبق والمرجّب المهان (قاموس)
[5]
وفي نسخة أخرى: المنذر بن الحباب.
[6]
وفي النسخة الباريسية: بشير بن سعد والد النعمان من بني كعب بن الخزرج.
[7]
وفي النسخة الباريسية: في الحج.