الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليمنعوا من الصلاة عليه، فأرسل إليهم عليّ وزجرهم. وقيل إنّ عليّا وطلحة حضرا جنازته وزيد بن ثابت وكعب بن مالك.
وكان عمّاله عند موته على ما نذكره: فعلى مكّة عبد الله بن الحضرميّ، وعلى الطائف القاسم بن ربيعة الثقفيّ، وعلى صنعاء يعلى بن منيّة، وعلى الجند عبد الله بن ربيعة، وعلى البصرة والبحرين عبد الله بن عامر، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان، وعلى حمص عبد الرحمن بن خالد من قبله، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة كذلك، وعلى الأردن ابو الأعور السلميّ كذلك، وعلى فلسطين علقمة بن حكيم الكندي [1] كذلك، وعلى البحرين عبد الله بن قيس الفزاري، وعلى القضاء أبو الدرداء، وعلى الكوفة أبو موسى الأشعري على الصلاة والقعقاع بن عمرو على الحرب، وعلى خراج السواد جابر المزنيّ وسمّاك الأنصاري على الخراج، وعلى قرقيسيا جرير بن عبد الله، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة [2] بن النهّاس، وعلى أصبهان السائب بن الأقرع، وعلى ماسبدان خنيس [3] ، وعلى بيت المال عقبة بن عمرو، وعلى القضاء زيد بن ثابت.
بيعة علي رضي الله عنه
لما قتل عثمان اجتمع طلحة والزبير والمهاجرون والأنصار وأتوا عليّا يبايعونه، فأبى وقال: أكون وزيرا لكم خير من أن أكون أميرا ومن اخترتم رضيته، فألحّوا عليه وقالوا: لا نعلم أحق منك ولا نختار غيرك حتى غلبوه في ذلك، فخرج إلى المسجد وبايعوه وأوّل من بايعه طلحة ثم الزبير بعد أن خيّرهما ويقال إنهما ادّعيا الإكراه بعد ذلك بأربعة أشهر وخرجا إلى مكة، ثم بايعه الناس. وجاءوا بسعد فقال لعليّ: حتى تبايعك الناس [4] فقال: اخلوه وجاءوا بابن عمر فقال: كذلك. فقال: ائتني بكفيل. قال: لا أجده فقال الأشتر: دعني أقتله فقال عليّ: دعوه أنا كفيله. وبايعت الأنصار وتأخّر منهم حسّان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد وأبو
[1] وفي النسخة الباريسية: الكناني.
[2]
وفي النسخة الباريسية: عيينة.
[3]
وفي النسخة الباريسية: عنيس.
[4]
الأصح ان يقول: حتى يبايعك الناس.
سعيد الخدريّ ومحمد بن مسلمة والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وفضالة بن عبيد وكعب بن عجرة وسلمة بن سلامة بن وقش [1] ، وتأخر من المهاجرين عبد الله بن سلّام وصهيب بن سنان وأسامة بن زيد وقدامة بن مظعون والمغيرة بن شعبة. وأمّا النعمان بن بشير فأخذ أصابع نائلة امرأة عثمان وقميصه الّذي قتل فيه ولحق بالشام صريخا.
وقيل إنّ عثمان لما قتل بقي الغافقي بن حرب أميرا على المدينة خمسة أيام، والتمس من يقوم بالأمر فلم يجبه أحد، وأتوا إلى عليّ فامتنع، وأتى الكوفيّون الزبير والبصريّون طلحة فامتنعا، ثم بعثوا إلى سعد وابن عمر فامتنعا [2] . فبقوا حيارى ورأوا أنّ رجوعهم إلى الأمصار بغير إمام يوقع في الخلاف والفساد، فجمعوا أهل المدينة وقالوا: أنتم أهل الشورى وحكمكم جائز على الأمة فاعقدوا الإمامة ونحن لكم تبع وقد أجّلناكم يومين وإن لم تفعلوا قتلنا فلانا وفلانا وغيرهما يشيرون إلى الأكابر. فجاء الناس إلى عليّ فاعتذر وامتنع، فخوّفوه الله في مراقبة الإسلام، فوعدهم إلى الغد.
ثم جاءوه من الغد وجاء حكيم بن جبلة [3] في البصريّين، فأحضر الزبير كرها، وجاء الأشتر في الكوفيين فأحضر طلحة كذلك وبايعوا لعلي، وخرج إلى المسجد وقال: هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلّا من أردتم وقد افترقنا أمس وأنا كاره فأبيتم إلا أن أكون عليكم، فقالوا: نحن على ما افترقنا عليه بالأمس، فقال لهم: اللَّهمّ اشهد! ثم جاءوا بقوم ممن تخلف قالوا نبايع على إقامة كتاب الله. ثم بايع العامة، وخطب عليّ وذكر الناس وذلك يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة ورجع إلى بيته، فجاءه طلحة والزبير وقالا: قد اشترطنا إقامة الحدود فأقمها على قتلة هذا الرجل، فقال: لا قدرة لي على شيء مما تريدون حتى يهدأ الناس وننظر الأمور فتؤخذ الحقوق، فافترقوا عنه. وأكثر بعضهم المقالة في قتلة عثمان وباستناده إلى أربعة في رأيه، وبلغه ذلك فخطبهم وذكر فضلهم وحاجته إليهم ونظره لهم، ثم هرب مروان وبنو أمية ولحقوا بالشام، فاشتدّ على عليّ منع قريش من الخروج، ثم نادى في اليوم الثالث برجوع
[1] وفي نسخة أخرى: وخشب.
[2]
وفي النسخة الباريسية: ثم بعثوا الى سعد بن عمر فامتنع.
[3]
وفي النسخة الباريسية: وجاء حكم بن عبلة.
الأعراب إلى بردهم، فأبوا وتدامرت معهم السبئية، وجاءه طلحة والزبير فقالا:
دعنا نأتي البصرة والكوفة فنستنفر الناس فأمهلهما. وجاء المغيرة فأشار عليه باستبقاء العمّال حتى يستقرّ الأمر ويستبدلوا بمن شاء فأمهله، ورجع من الغد فأشار بمعاجلة الاستبدال، وجاءه ابن عبّاس فأخبره بخبر المغيرة، فقال: نصحك أمس وغشّك اليوم.
قال: فما الرأي؟ قال: كان الرأي أن تخرج عند قتل الرجل إلى مكة وأمّا اليوم فإنّ بني أميّة يشبّهون على الناس بأن يلجموك طرفا من هذا الأمر ويطلبون ما طلب أهل المدينة في قتلة عثمان فلا يقدرون عليهم والأمر أن تقرّ معاوية. فقال علي رضي الله عنه: والله لا أعطيه إلّا السيف. فقال له ابن عبّاس: أنت رجل شجاع لست صاحب رأيي في الحرب أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحرب خدعة. قال: بلى! فقال ابن عبّاس: أمّا والله إن أطعتني لأتركنهم ينظرون في دبر الأمور ولا يعرفون ما كان وجهها من غير نقصان عليك ولا إثم لك. فقال: يا ابن عبّاس لست من هنيّاتك ولا هنيّات معاوية في شيء [1] . فقال ابن عبّاس: أطعني والحق بمالك بينبع وأغلق بابك عليك فإنّ العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك، وإن نهضت مع هؤلاء القوم يحمّلك الناس دم عثمان غدا. فأبى عليّ وقال: أشر عليّ وإذا خالفتك أطعني. قال: أيسر مالك عندي الطاعة. قال:
فسر إلى الشام فقد وليكتها. قال: إذا يقتلني معاوية بعثمان أو يحبسني فيتحكم عليّ لقرابتي منك ولكن أكتب إليه وعده فأبى. وكان المغيرة يقول نصحته فلم يقبل.
فغضب ولحق بمكة.
ثم فرّق على العمّال على الأمصار فبعث على البصرة عثمان بن حنيف، وعلى الكوفة عمارة بن شهاب بن المهاجرين، وعلى اليمن عبيد الله بن عبّاس، وعلى مصر قيس بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف. فمضى عثمان إلى البصرة واختلفوا عليه فأطاعته فرقة وقال آخرون: ما يصنع أهل المدينة فنقتدي بهم، ومضى عمارة إلى الكوفة فلما بلغ زبالة لقي طليحة بن خويلد فقال له: ارجع فإنّ اليوم لا يستبدلون بأبي موسى وإلّا ضربت عنقك، ومضى ابن عبّاس إلى اليمن فجمع يعلى بن منيّة [2] مال الجباية
[1] وفي النسخة الباريسية: لست من سنامك ولا سنامك معاوية في شيء.
- وفي الكامل لابن الأثير ج 3 ص 198: لست من هناتك ولا هنات معاوية في شيء.
- وفي الطبري ج 5 ص 161: لست من هنيئتك وهنيئات معاوية في شيء.
[2]
وفي النسخة الباريسية: بن حقبة.
وخرج به إلى مكة ودخل عبيد الله إلى اليمن، ومضى قيس بن سعد إلى مصر ولقيه بأيلة خيّالة من أهل مصر فقالوا: من أنت؟ قال: قيس بن سعد من فلّ عثمان أطلب من آوي إليه وأنتصر به. ومضى حتى دخل مصر وأظهر أمره فافترقوا عليه فرقة كانت معه وأخرى تربصوا حتى يروا فعله في قتلة عثمان. ومضى سهل بن حنيف إلى الشام حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل فقال لهم: أنا أمير على الشام، قالوا إن كان بعثك غير عثمان فارجع فرجع.
فلمّا رجع وجاءت أخبار الآخرين دعا عليّ طلحة والزبير وقال قد وقع ما كنت أحذركم. فسألوه الإذن في الخروج من المدينة وكتب عليّ إلى أبي موسى مع معبد [1] الأسلمي فكتب إليه بطاعة أهل الكوفة وببيعتهم ومن الكاره منهم والراضي حتى كأنه يشاهد. وكتب إلى معاوية مع سبرة الجهنيّ فلم يجبه إلى ثلاثة أشهر من مقتل عثمان، ثم دعا قبيصة من عبس وأعطاه كتابا مختوما عنوانه من معاوية إلى عليّ وأوصاه بما يقول وأعاده مع رسول عليّ، فقدما في ربيع الأوّل ودخل العبسيّ وقد رفع الطومار كما أمره حتى دفعه إلى علي، ففضه فلم يجد فيه كتابا فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال نعم قال تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود قال: وممن؟
قال منك وتكرت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان منصوبا على منبر دمشق.
فقال: اللَّهمّ اني أبرأ إليك من دم عثمان! قد نجا والله قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله. ثم ردّه إلى صاحبه وصاحت السبئيّة اقتلوا هذا الكلب وافد الكلاب، فنادى يا آل مضريا لقيس أحلف باللَّه ليردّنها عليكم أربعة آلاف خصيّ فانظروا كم الفحول والركاب وتقاووا عليه، فمنعته مضر ودسّ أهل المدينة على عليّ من يأتيهم برأيه في القتال وهو زياد بن حنظلة التميمي وكان منقطعا إليه فجالسه ساعة فقال له عليّ: سيروا لغو الشام. فقال لعليّ: الأناة والرّفق أمثل فتمثل يقول:
متى تجمع القلب الذكيّ وصارما
…
وأنفا حميا تجتنبك المظالم
فعلم أنّ رأيه القتال [2] ثم جاء إلى القوم الذين دسوه فأخبرهم ثم استأذنه طلحة والزبير في العمرة ولحقا بمكّة. ثم اعتزم على الخروج إلى الشام ودعا أهل المدينة إلى قتالهم.
[1] وفي النسخة الباريسية: فهد.
[2]
وفي الطبري ج 5 ص 163: «فخرج زياد على الناس والناس ينتظرونه فقالوا: ما وراءك؟ فقال: السيف يا قوم. فعرفوا ما هو فاعل» .