المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيعة علي رضي الله عنه - تاريخ ابن خلدون - جـ ٢

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌الكتاب الثاني ويشتمل: أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة الى هذا العهد

- ‌المقدّمة الاولى في أمم العالم واختلاف أجيالهم والكلام على الجملة في أنسابهم

- ‌المقدّمة الثانية في كيفية وضع الأنساب في كتابنا لأهل الدول وغيرهم

- ‌القول في أجيال العرب وأوّليتها واختلاف طبقاتهم وتعاقبها وأنساب كل طبقة منها

- ‌برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها

- ‌الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة

- ‌الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من العرب وهم العرب المستعربة وذكر أنسابهم وأيامهم وملوكهم والإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم

- ‌الخبر عن ملوك التبابعة من حمير وأوليتهم باليمن ومصاير أمورهم

- ‌ملك الحبشة اليمن

- ‌غزو الحبشة الكعبة

- ‌قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن

- ‌الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة

- ‌الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

- ‌الخبر عن بني إسرائيل وما كان لهم من النبوة والملك وتغلبهم على الأرض المقدّسة بالشام وكيف تجدّدت دولتهم بعد الانقراض وما اكتنف ذلك من الأحوال

- ‌الخبر عن حكام بني إسرائيل بعد يوشع الى أن صار أمرهم إلى الملك وملك عليهم طالوت

- ‌الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها

- ‌الخبر عن افتراق بنى إسرائيل منهم ببيت المقدس على سبط يهوذا وبنيامين الى انقراضه

- ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأوّل وما كان لبني إسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي وبني هيردوس إلى حين الخراب الثاني والجلوة الكبرى

- ‌ابتداء أمر انظفتر [1] أبو هيردوس

- ‌انقراض ملك بني حشمناي وابتداء ملك هيردوس وبنيه

- ‌الخبر عن شأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه في ولادته وبعثته ورفعه من الأرض والإلمام بشأن الحواريين بعده وكتبهم الأناجيل الأربعة وديانة النصارى بملته واجتماع الاقسة على تدوين شريعته

- ‌الخبر عن الفرس وذكر أيامهم ودولهم وتسمية ملوكهم وكيف كان مصير أمرهم الى تمامه وانقراضه

- ‌الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من الفرس وهم الكينية وذكر ملوكهم وأيامهم إلى حين انقراضهم

- ‌الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها

- ‌الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانية والخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

- ‌الخبر عن دولة يونان والروم وأنسابهم ومصايرهم

- ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن اللطينيين وهم الكيتم المعرفون بالروم من أمم يونان وأشياعهم وشعوبهم وما كان لهم من الملك والغلب وذكر الدولة التي فيهم للقياصرة وأولية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطاجنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من الكيتم وهم اللطينيون ومبدإ أمورهم ومصاير أحوالهم

- ‌الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفعال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعد إلى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم

- ‌الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها

- ‌الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم

- ‌الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها

- ‌الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الّذي كان فيها

- ‌الخبر عن بطون كهلان من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها

- ‌الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذر من هذه الطبقة وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم وكيف صار إلى طيِّئ من بعدهم

- ‌ملوك كندة الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدإ أمرهم وتصاريف أحوالهم

- ‌الخبر عن أبناء جفنة ملوك غسان بالشام من هذه الطبقة وأوليتهم ودولهم وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم

- ‌الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك اليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

- ‌أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب

- ‌المولد الكريم وبدء الوحي

- ‌بدء الوحي

- ‌هجرة الحبشة

- ‌ العقبة الثانية

- ‌الهجرة

- ‌الغزوات

- ‌الأبواء:

- ‌بواط:

- ‌البعوث:

- ‌غزوة بدر الثانية:

- ‌غزوة الكدر:

- ‌غزوة السويق:

- ‌ذي أمرّ:

- ‌نجران:

- ‌قتل كعب بن الأشرف:

- ‌غزوة بني قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى قردة:

- ‌قتل ابن أبي الحقيق:

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد:

- ‌بعث الرجيع:

- ‌غزوة بئر معونة:

- ‌غزوة بني النضير:

- ‌غزوة ذات الرقاع:

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد:

- ‌غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة الخندق

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌غزوة الغابة وذي قرد

- ‌غزاة بني المصطلق:

- ‌عمرة الحديبيّة

- ‌إرسال الرسل الى الملوك

- ‌غزوة خيبر

- ‌فتح فدك ووادي القرى

- ‌عمرة القضاء

- ‌غزوة جيش الأمراء

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌حصار الطائف وغزوة تبوك

- ‌إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف وهدم اللات

- ‌الوفود

- ‌ حجة الوداع

- ‌العمال على النواحي

- ‌خبر العنسيّ

- ‌بعث أسامة:

- ‌أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:

- ‌مرضه صلى الله وسلم عليه:

- ‌خبر السقيفة

- ‌الخلافة الإسلامية

- ‌الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

- ‌بعث الجيوش للمرتدين

- ‌خبر طليحة

- ‌خبر هوازن وسليم وبني عامر

- ‌خبر بني تميم وسجاح

- ‌البطاح ومالك بن نويرة

- ‌خبر مسيلمة واليمامة

- ‌ردّه الحطم وأهل البحرين

- ‌ردة أهل عمان ومهرة واليمن [2]

- ‌بعوث العراق وصلح الحيرة

- ‌فتح الحيرة

- ‌فتح ما وراء الحيرة

- ‌فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

- ‌الوقائع بالعراق

- ‌بعوث الشام

- ‌بعوث الشام

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌فتح دمشق

- ‌خبر المثنى بالعراق بعد مسير خالد الى الشام

- ‌ولاية أبي عبيد بن مسعود على العراق ومقتله

- ‌أخبار القادسية

- ‌فتح المدائن وجلولاء بعدها

- ‌ولاية عتبة بن غزوان على البصرة

- ‌وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها

- ‌وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس

- ‌مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية

- ‌غزو فارس من البحرين وعزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة وولاية أبي موسى

- ‌بناء البصرة والكوفة

- ‌فتح الأهواز والسوس بعدهما

- ‌مسير المسلمين الى الجهات للفتح

- ‌مجاعة عام الرمادة وطاعون عمواس

- ‌فتح مصر

- ‌وقعة نهاوند وما كان بعدها من الفتوحات

- ‌فتح همذان

- ‌فتح الريّ

- ‌فتح أذربيجان

- ‌فتح الباب

- ‌فتح موقان وجبال ارمينية

- ‌غزو الترك

- ‌فتح خراسان

- ‌فتوح فارس

- ‌إصطخر:

- ‌بسا ودرابجرد:

- ‌كرمان:

- ‌سجستان:

- ‌مكران:

- ‌خبر الأكراد

- ‌مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه

- ‌نقض أهل الاسكندرية وفتحها

- ‌ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وأذربيجان

- ‌ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر وفتح افريقية

- ‌فتح قبرص

- ‌ولاية ابن عامر على البصرة وفتوح فارس وخراسان

- ‌ولاية سعيد بن العاص الكوفة

- ‌غزو طبرستان

- ‌غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف

- ‌مقتل يزدجرد

- ‌ظهور الترك بالثغور

- ‌بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه

- ‌حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأتابه ورفع درجته

- ‌بيعة علي رضي الله عنه

- ‌أمر الجمل

- ‌انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر ومقتله

- ‌ولاية قيس بن سعد على مصر

- ‌مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

- ‌أمر صفين

- ‌ أمر الحكمين

- ‌أمر الخوارج وقتالهم

- ‌ولاية عمرو بن العاص مصر

- ‌دعاء ابن الحضرميّ بالبصرة لمعاوية ومقتله

- ‌ولاية زياد على فارس

- ‌فراق ابن عبّاس لعلي رضي الله عنهم

- ‌مقتل علي

- ‌بيعة الحسن وتسليمه الأمر لمعاوية

الفصل: ‌بيعة علي رضي الله عنه

ليمنعوا من الصلاة عليه، فأرسل إليهم عليّ وزجرهم. وقيل إنّ عليّا وطلحة حضرا جنازته وزيد بن ثابت وكعب بن مالك.

وكان عمّاله عند موته على ما نذكره: فعلى مكّة عبد الله بن الحضرميّ، وعلى الطائف القاسم بن ربيعة الثقفيّ، وعلى صنعاء يعلى بن منيّة، وعلى الجند عبد الله بن ربيعة، وعلى البصرة والبحرين عبد الله بن عامر، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان، وعلى حمص عبد الرحمن بن خالد من قبله، وعلى قنسرين حبيب بن مسلمة كذلك، وعلى الأردن ابو الأعور السلميّ كذلك، وعلى فلسطين علقمة بن حكيم الكندي [1] كذلك، وعلى البحرين عبد الله بن قيس الفزاري، وعلى القضاء أبو الدرداء، وعلى الكوفة أبو موسى الأشعري على الصلاة والقعقاع بن عمرو على الحرب، وعلى خراج السواد جابر المزنيّ وسمّاك الأنصاري على الخراج، وعلى قرقيسيا جرير بن عبد الله، وعلى أذربيجان الأشعث بن قيس، وعلى حلوان عتيبة [2] بن النهّاس، وعلى أصبهان السائب بن الأقرع، وعلى ماسبدان خنيس [3] ، وعلى بيت المال عقبة بن عمرو، وعلى القضاء زيد بن ثابت.

‌بيعة علي رضي الله عنه

لما قتل عثمان اجتمع طلحة والزبير والمهاجرون والأنصار وأتوا عليّا يبايعونه، فأبى وقال: أكون وزيرا لكم خير من أن أكون أميرا ومن اخترتم رضيته، فألحّوا عليه وقالوا: لا نعلم أحق منك ولا نختار غيرك حتى غلبوه في ذلك، فخرج إلى المسجد وبايعوه وأوّل من بايعه طلحة ثم الزبير بعد أن خيّرهما ويقال إنهما ادّعيا الإكراه بعد ذلك بأربعة أشهر وخرجا إلى مكة، ثم بايعه الناس. وجاءوا بسعد فقال لعليّ: حتى تبايعك الناس [4] فقال: اخلوه وجاءوا بابن عمر فقال: كذلك. فقال: ائتني بكفيل. قال: لا أجده فقال الأشتر: دعني أقتله فقال عليّ: دعوه أنا كفيله. وبايعت الأنصار وتأخّر منهم حسّان بن ثابت وكعب بن مالك ومسلمة بن مخلد وأبو

[1] وفي النسخة الباريسية: الكناني.

[2]

وفي النسخة الباريسية: عيينة.

[3]

وفي النسخة الباريسية: عنيس.

[4]

الأصح ان يقول: حتى يبايعك الناس.

ص: 602

سعيد الخدريّ ومحمد بن مسلمة والنعمان بن بشير وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وفضالة بن عبيد وكعب بن عجرة وسلمة بن سلامة بن وقش [1] ، وتأخر من المهاجرين عبد الله بن سلّام وصهيب بن سنان وأسامة بن زيد وقدامة بن مظعون والمغيرة بن شعبة. وأمّا النعمان بن بشير فأخذ أصابع نائلة امرأة عثمان وقميصه الّذي قتل فيه ولحق بالشام صريخا.

وقيل إنّ عثمان لما قتل بقي الغافقي بن حرب أميرا على المدينة خمسة أيام، والتمس من يقوم بالأمر فلم يجبه أحد، وأتوا إلى عليّ فامتنع، وأتى الكوفيّون الزبير والبصريّون طلحة فامتنعا، ثم بعثوا إلى سعد وابن عمر فامتنعا [2] . فبقوا حيارى ورأوا أنّ رجوعهم إلى الأمصار بغير إمام يوقع في الخلاف والفساد، فجمعوا أهل المدينة وقالوا: أنتم أهل الشورى وحكمكم جائز على الأمة فاعقدوا الإمامة ونحن لكم تبع وقد أجّلناكم يومين وإن لم تفعلوا قتلنا فلانا وفلانا وغيرهما يشيرون إلى الأكابر. فجاء الناس إلى عليّ فاعتذر وامتنع، فخوّفوه الله في مراقبة الإسلام، فوعدهم إلى الغد.

ثم جاءوه من الغد وجاء حكيم بن جبلة [3] في البصريّين، فأحضر الزبير كرها، وجاء الأشتر في الكوفيين فأحضر طلحة كذلك وبايعوا لعلي، وخرج إلى المسجد وقال: هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلّا من أردتم وقد افترقنا أمس وأنا كاره فأبيتم إلا أن أكون عليكم، فقالوا: نحن على ما افترقنا عليه بالأمس، فقال لهم: اللَّهمّ اشهد! ثم جاءوا بقوم ممن تخلف قالوا نبايع على إقامة كتاب الله. ثم بايع العامة، وخطب عليّ وذكر الناس وذلك يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة ورجع إلى بيته، فجاءه طلحة والزبير وقالا: قد اشترطنا إقامة الحدود فأقمها على قتلة هذا الرجل، فقال: لا قدرة لي على شيء مما تريدون حتى يهدأ الناس وننظر الأمور فتؤخذ الحقوق، فافترقوا عنه. وأكثر بعضهم المقالة في قتلة عثمان وباستناده إلى أربعة في رأيه، وبلغه ذلك فخطبهم وذكر فضلهم وحاجته إليهم ونظره لهم، ثم هرب مروان وبنو أمية ولحقوا بالشام، فاشتدّ على عليّ منع قريش من الخروج، ثم نادى في اليوم الثالث برجوع

[1] وفي نسخة أخرى: وخشب.

[2]

وفي النسخة الباريسية: ثم بعثوا الى سعد بن عمر فامتنع.

[3]

وفي النسخة الباريسية: وجاء حكم بن عبلة.

ص: 603

الأعراب إلى بردهم، فأبوا وتدامرت معهم السبئية، وجاءه طلحة والزبير فقالا:

دعنا نأتي البصرة والكوفة فنستنفر الناس فأمهلهما. وجاء المغيرة فأشار عليه باستبقاء العمّال حتى يستقرّ الأمر ويستبدلوا بمن شاء فأمهله، ورجع من الغد فأشار بمعاجلة الاستبدال، وجاءه ابن عبّاس فأخبره بخبر المغيرة، فقال: نصحك أمس وغشّك اليوم.

قال: فما الرأي؟ قال: كان الرأي أن تخرج عند قتل الرجل إلى مكة وأمّا اليوم فإنّ بني أميّة يشبّهون على الناس بأن يلجموك طرفا من هذا الأمر ويطلبون ما طلب أهل المدينة في قتلة عثمان فلا يقدرون عليهم والأمر أن تقرّ معاوية. فقال علي رضي الله عنه: والله لا أعطيه إلّا السيف. فقال له ابن عبّاس: أنت رجل شجاع لست صاحب رأيي في الحرب أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحرب خدعة. قال: بلى! فقال ابن عبّاس: أمّا والله إن أطعتني لأتركنهم ينظرون في دبر الأمور ولا يعرفون ما كان وجهها من غير نقصان عليك ولا إثم لك. فقال: يا ابن عبّاس لست من هنيّاتك ولا هنيّات معاوية في شيء [1] . فقال ابن عبّاس: أطعني والحق بمالك بينبع وأغلق بابك عليك فإنّ العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك، وإن نهضت مع هؤلاء القوم يحمّلك الناس دم عثمان غدا. فأبى عليّ وقال: أشر عليّ وإذا خالفتك أطعني. قال: أيسر مالك عندي الطاعة. قال:

فسر إلى الشام فقد وليكتها. قال: إذا يقتلني معاوية بعثمان أو يحبسني فيتحكم عليّ لقرابتي منك ولكن أكتب إليه وعده فأبى. وكان المغيرة يقول نصحته فلم يقبل.

فغضب ولحق بمكة.

ثم فرّق على العمّال على الأمصار فبعث على البصرة عثمان بن حنيف، وعلى الكوفة عمارة بن شهاب بن المهاجرين، وعلى اليمن عبيد الله بن عبّاس، وعلى مصر قيس بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف. فمضى عثمان إلى البصرة واختلفوا عليه فأطاعته فرقة وقال آخرون: ما يصنع أهل المدينة فنقتدي بهم، ومضى عمارة إلى الكوفة فلما بلغ زبالة لقي طليحة بن خويلد فقال له: ارجع فإنّ اليوم لا يستبدلون بأبي موسى وإلّا ضربت عنقك، ومضى ابن عبّاس إلى اليمن فجمع يعلى بن منيّة [2] مال الجباية

[1] وفي النسخة الباريسية: لست من سنامك ولا سنامك معاوية في شيء.

- وفي الكامل لابن الأثير ج 3 ص 198: لست من هناتك ولا هنات معاوية في شيء.

- وفي الطبري ج 5 ص 161: لست من هنيئتك وهنيئات معاوية في شيء.

[2]

وفي النسخة الباريسية: بن حقبة.

ص: 604

وخرج به إلى مكة ودخل عبيد الله إلى اليمن، ومضى قيس بن سعد إلى مصر ولقيه بأيلة خيّالة من أهل مصر فقالوا: من أنت؟ قال: قيس بن سعد من فلّ عثمان أطلب من آوي إليه وأنتصر به. ومضى حتى دخل مصر وأظهر أمره فافترقوا عليه فرقة كانت معه وأخرى تربصوا حتى يروا فعله في قتلة عثمان. ومضى سهل بن حنيف إلى الشام حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل فقال لهم: أنا أمير على الشام، قالوا إن كان بعثك غير عثمان فارجع فرجع.

فلمّا رجع وجاءت أخبار الآخرين دعا عليّ طلحة والزبير وقال قد وقع ما كنت أحذركم. فسألوه الإذن في الخروج من المدينة وكتب عليّ إلى أبي موسى مع معبد [1] الأسلمي فكتب إليه بطاعة أهل الكوفة وببيعتهم ومن الكاره منهم والراضي حتى كأنه يشاهد. وكتب إلى معاوية مع سبرة الجهنيّ فلم يجبه إلى ثلاثة أشهر من مقتل عثمان، ثم دعا قبيصة من عبس وأعطاه كتابا مختوما عنوانه من معاوية إلى عليّ وأوصاه بما يقول وأعاده مع رسول عليّ، فقدما في ربيع الأوّل ودخل العبسيّ وقد رفع الطومار كما أمره حتى دفعه إلى علي، ففضه فلم يجد فيه كتابا فقال للرسول: ما وراءك؟ قال: آمن أنا؟ قال نعم قال تركت قوما لا يرضون إلّا بالقود قال: وممن؟

قال منك وتكرت ستين ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان منصوبا على منبر دمشق.

فقال: اللَّهمّ اني أبرأ إليك من دم عثمان! قد نجا والله قتلة عثمان إلّا أن يشاء الله. ثم ردّه إلى صاحبه وصاحت السبئيّة اقتلوا هذا الكلب وافد الكلاب، فنادى يا آل مضريا لقيس أحلف باللَّه ليردّنها عليكم أربعة آلاف خصيّ فانظروا كم الفحول والركاب وتقاووا عليه، فمنعته مضر ودسّ أهل المدينة على عليّ من يأتيهم برأيه في القتال وهو زياد بن حنظلة التميمي وكان منقطعا إليه فجالسه ساعة فقال له عليّ: سيروا لغو الشام. فقال لعليّ: الأناة والرّفق أمثل فتمثل يقول:

متى تجمع القلب الذكيّ وصارما

وأنفا حميا تجتنبك المظالم

فعلم أنّ رأيه القتال [2] ثم جاء إلى القوم الذين دسوه فأخبرهم ثم استأذنه طلحة والزبير في العمرة ولحقا بمكّة. ثم اعتزم على الخروج إلى الشام ودعا أهل المدينة إلى قتالهم.

ص: 605