الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره
قد تقدّم لنا أن نسب عدنان إلى إسماعيل عليه السلام باتفاق من النسّابين، وأنّ الآباء بينه وبين إسماعيل غير معروفة، وتنقلب في غالب الأمر مخلطة مختلفة بالقلّة والكثرة في العدد حسبما ذكرناه، فأمّا نسبته إليه فصحيحة في الغالب ونسب النبيّ صلى الله عليه وسلم منها إلى عدنان صحيح باتفاق من النسّابين. وأمّا بين عدنان وإسماعيل فبين الناس فيه اختلاف كثير، فقيل من ولد نابت بن إسماعيل وهو عدنان بن أدد المقدّم ابن ناحور بن تنوخ بن يعرب بن يشجب بن نابت قاله البيهقي، وقيل من ولد قيذار ابن إسماعيل وهو عدنان بن أدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل ابن قيذار قاله الجرجاني علي بن عبد العزيز النسّابة، وقيل عدنان بن أدد بن يشجب ابن أيوب بن قيذار، ويقال إنّ قصيّ بن كلاب كان يومي شعره بالانتساب إلى قيذار.
ونقل القرطبيّ عن هشام بن محمد فيما بين عدنان وقيذار نحوا من أربعين أبا، وقال سمعت رجلا من أهل تدمر من مسلمة يهود وممن قرأ كتبهم يذكر نسب معدّ بن عدنان إلى إسماعيل من كتاب إرمياء النبي عليه السلام وهو يقرب من هذا النسب في العدد والأسماء إلّا قليلا، ولعل الخلاف إنما جاء من قبل اللغة لأنّ الأسماء ترجمت من العبرانية. ونقل القرطبي عن الزبير بن بكار بسنده إلى ابن شهاب فيما بين عدنان وقيذار قريبا من ذلك العدد، ونقل عن بعض النسّابين أنه حفظ لمعدّ بن عدنان أربعين أبا إلى إسماعيل، وأنه قابل ذلك بما عند أهل الكتاب في نفسه فوجده موافقا وإنما خالف في بعض الأسماء، قال: واستمليته فأملاه عليّ ونقله الطبريّ الى آخره.
ومن النسّابين من يعدّ بين عدنان وإسماعيل عشرين أو خمسة عشر ونحو ذلك. وفي الصحيح عن أم سلمة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: معدّ بن عدنان بن أدد بن زيد بن برا بن أعراق الثراء. قالت أم سلمة: وزيد هو الهميسع وبرا هو نبت أو نابت وأعراق الثرى هو إسماعيل، وقد تقدّم هذا أوّل الكتاب، وأنّ السهيليّ ردّ تفسير أم سلمة وقال: ليس المراد بالحديث عدّ الآباء بين معدّ وإسماعيل وإنما معناه معنى
قوله في الحديث الآخر: أنتم بنو آدم وآدم من التراب، وعضد ذلك باتفاق النسّابين على بعد المدّة بين عدنان وإسماعيل بحيث يستحيل في العادة أن يكون بينهما أربعة آباء أو خمسة أو عشرة إذ المدة أطول من هذا كله بكثير. وكان لعدنان من الولد على ما قال الطبري ستة: الربب وهو عكّ وعرق وبه سميت عرق اليمن وأدّ وأبيّ والضحّاك وعبق وأمهم مهدد، قال هشام بن محمد هي من جديس وقيل من طسم وقيل من الطواسيم من نسل لفشان بن إبراهيم.
قال الطبري: ولما قتل أهل حضورا شعيب بن مهدم نبيهم أوحى الله إلى إرميا وأبرخيا من أنبياء بني إسرائيل بأن يأمر بخت نصّر يغزو العرب ويعلماه أنّ الله سلّطه عليهم، وأن يحتملا معدّ بن عدنان إلى أرضهم ويستنقذاه من الهلكة لما أراده من شأن النبوة المحمديّة في عقبه، كما مرّ ذلك من قبل، فحملاه على البراق ابن اثنتي عشرة سنة وخلصا به إلى حرّان فأقام عندهما وعلّماه علم كتابهما، وسار بخت نصّر إلى العرب فلقيه عدنان فيمن اجتمع إليه من حضورا وغيرهم بذات عرق فهزمهم بخت نصّر وقتلهم أجمعين، ورجع إلى بابل بالغنائم والسبي وألقاها بالأنبار. ومات عدنان عقب ذلك وبقيت بلاد العرب خرابا حقبا من الدهر حتى إذا هلك بخت نصّر خرج معدّ في أنبياء بني إسرائيل إلى مكّة، فحجوا وحج معهم ووجد أخويه وعمومته من بني عدنان قد لحقوا بطوائف اليمن وتزوّجوا فيهم، وتعطّف عليهم أهل اليمن بولادة جرهم فرجّعهم إلى بلادهم، وسأل عمن بقي من أولاد الحرث بن مضاض الجرهميّ فقيل له بقي جرهم بن جلهة فتزوّج ابنته معانة وولدت له نزار بن معدّ.
وأمّا مواطن بني عدنان هؤلاء فهي مختصة بنجد، وكلها بادية رحّالة إلا قريشا بمكّة، ونجد هو المرتفع من جانبي الحجاز وطوله مسيرة شهر من أوّل السروات التي تلي اليمن إلى آخرها المطلة على أرض الشام مع طول تهامة، وأوّله في أرض الحجاز من جهة العراق العذيب مما يلي الكوفة وهو ماء لبني تميم، وإذا دخلت في أرض الحجاز فقد أنجدت، وأوّله من جهة تهامة الحجاز حضن ولذلك يقال أنجد من رأى حضنا. قال السهيليّ: وهو جبل متصل بجبل الطائف الّذي هو أعلى نجد تبيض فيه النسور، قال: وسكانه بنو جشم بن بكر وهو أوّل حدود نجد، وأرض تهامة من الحجاز في قرب نجد مما يلي بحر القلزم في سمت مكّة والمدينة وتيماء وأيلة وفي شرقها بينها وبين جبل نجد غير بعيد، منها العوالي وهي ما ارتفع عن هذه الأرض، ثم تعلوا
عن السروات ثم ترتفع إلى نجد وهي أعلاها. والعوالي والسروات بلاد تفصل بين تهامة ونجد متصلة من اليمن إلى هشام كسروات الخيل تخرج من نجد منفصلة من تهامة داخلة في بلاد أهل الوبر. وفي شرقي هذا الجبل برّيّة نجد ما بينه وبين العراق متصلة باليمامة وعمان والبحرين إلى البصرة، وفي هذه البريّة ومشاتي للعرب تشتو بها منهم خلق أحياء لا يحصيهم إلّا خالقهم.
قال السهيليّ: واختص بنجد من العرب بنو عدنان لم تزاحمهم فيه قحطان إلّا طيِّئ من كهلان فيما بين الجبلين سلمى وأجأ، وافترق أيضا من عدنان في تهامة والحجاز، ثم في العراق والجزيرة، ثم افترقوا بعد الإسلام على الأوطان. وأمّا شعوبهم فمن عدنان عكّ ومعدّ فمواطن عكّ في نواحي زبيد، وقال عكّ بن الديث بالدال غير منقوطة والثاء مثلثة ابن عدنان، ويقال أن عكّا هذا هو ابن عدثان بالثاء المثلثة ابن عبد الله من بطون الأزد ومن عكّ بن عدثان بنو عائق بن الشاهد بن علقمة بن عكّ بطن متسع كان منهم في الإسلام رؤساء وأمراء.
وأمّا معدّ فهو البطن العظيم ومنه تناسل عقب عدنان كلهم، وهو الّذي تقدّم الخبر عنه بأنّ إرمياء النبي من بني إسرائيل أوحى الله إليه أن يأمر بخت نصّر بالانتقام من العرب وأن يحمل معدّا على البراق أن تصيبه النقمة لأنه مستخرج من صلبه نبيا كريما خاتما للرسل فكان كذلك، ومن ولده إياد ونزار ويقال وقنص وأنمار، فأمّا قنص فكانت له الإمارة بعد أبيه على العرب وأراد إخراج أخيه نزار من الحرم، فأخرجوه [1] أهل مكّة وقدموا عليه نزارا. ولما احتضر قسّم ماله بين ولديه فجعل لربيعة الفرس، ولمضر القبّة الحمراء، ولأنمار الحمار، ولاياد عند من جعله من ولده الحلمة والعصا. ثم تحاكموا في هذا الميراث إلى أفعى نجران في قصة معروفة ليست من غرض الكتاب.
وأمّا إياد فتشعّبوا بطونا كثيرة وتكاثر بنو إسماعيل وانفرد بنو مضر بن نزار برياسة الحرام وخرج بنو إياد إلى العراق، ومضى أنمار إلى السروات بعدّ بنيه في اليمانية وهم: خثعم وبجيلة، ونزلوا بأريافه وكان لهم في بلاد الأكاسرة آثار مشهورة إلى أن تابع لهم الأكاسرة الغزو وأبادوهم، وأعظم ما باد [2] منهم سابور ذو الأكتاف هو الّذي
[1] الصحيح ان يقول: أخرجه.
[2]
الصحيح أعظم ما أباد منهم حسب مقتضى السياق.
استلحمهم وأفناهم.
وأمّا نزار فمنه البطنان: العظيمان ربيعة ومضر، ويقال: إنّ إيادا يرجعون إلى نزار وكذلك أنمار، فأمّا ربيعة فديارهم ما بين الجزيرة والعراق وهم ضبيعة وأسد ابنا ربيعة، ومن أسد عنزة وجديلة ابنا أسد فعنزة بلادهم في عين التمر في برية العراق على ثلاثة مراحل من الأنبار ثم انتقلوا عنها إلى جهات خيبر فهم هنالك، وورثت بلادهم غزيّة من طيِّئ الذين لهم الكثرة والإمارة بالعراق لهذا العهد، ومن عنزة هؤلاء بإفريقية حي قليل مع رياح من بني هلال بن عامر، ومنهم أحياء مع طيِّئ ينتجعون ويشتون في برية نجد.
وأمّا جديلة فمنهم عبد القيس وهنب ابنا أفصى بن دعمي بن جدلة، فأمّا عبد القيس وكانت مواطنهم بتهامة ثم خرجوا إلى البحرين وهي بلاد واسعة على بحر فارس من غريبه، وتتصل باليمامة من شرقيها، وبالبصرة من شماليها، وبعمان من جنوبها، وتعرف ببلاد هجر ومنها القطيف وهجر والعسير وجزيرة أوال والأحساء، وهجر هي باب اليمن من العراق وكانت أيام الأكاسرة من أعمال الفرس وممالكهم وكان بها بشر كثير من بكر بن وائل وتميم في باديتها، فلما نزل معهم بنو عبد القيس زاحموهم في ديارهم تلك وقاسموهم في الموطن ووفدوا على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأسلموا، ووفد منهم المنذر بن عائذ بن المنذر بن الحارث بن النعمان بن زياد بن نصر ابن عمرو بن عوف بن جذيمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن بكر، وذكروا أنه سيدهم وقائدهم إلى الإسلام فكانت له صحبة ومكانة من النبي صلى الله عليه وسلم. ووفد أيضا الجارود بن عمرو بن حنش بن المعلّى بن زيد بن حارثة بن معاوية بن ثعلبة بن جذيمة، وثعلبة أخو عوف بن جذيمة وفد في عبد القيس سنة تسع مع المنذر بن ساوي من بني تميم وسيأتي ذكره، وكان نصرانيّا فأسلم وكانت له أيضا صحبة ومكانة. وكان عبد القيس هؤلاء من أهل الردّة بعد الوفاة، وأمّروا عليهم المنذر بن النعمان الّذي قتل كسرى أباه، فبعث إليهم أبو بكر بن العلا بن الحضرميّ في فتح البحرين وقتل المنذر. ولم تزل رياسة عبد القيس في بني الجارود أولا ثم في ابنه المنذر وولّاه عمر على البحرين ثم ولّاه على إصطخر، ثم عبد الله بن زياد ولّاه على الهند ثم ابنه حكيم بن المنذر وتردد على ولاية البحرين قبل ولاية العراق.
وأمّا هنب بن أفصى فمنهم النمر ووائل ابنا قاسط بن هنب. فأمّا بنو النمر بن قاسط فبلادهم رأس العين، ومنه صهيب بن سنان بن مالك بن عبد عمرو بن عقيل بن عامر بن جندلة بن جذيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس مناة بن النمر بن قاسط صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهور، وينسب إلى الروم، وكان سنان أبوه استعمله كسرى على الأبلّة، وكان لبني النمر بن قاسط شأن في الردّة مذكور، ومنهم ابن القرية المشهور بالفصاحة أيام الحجّاج، ومنصور بن النمر الشاعر مادح الرشيد.
وأمّا بنو وائل فبطن عظيم متسع أشهرهم بنو تغلب وبنو بكر بن وائل وهما اللذان كانت بينهما الحروب المشهورة التي طالت فيما يقال أربعين سنة، فلبني تغلب شهرة وكثرة وكانت بلادهم بالجزيرة الفراتيّة بجهات سنجار ونصيبين وتعرف بديار ربيعة، وكانت النصرانية غالبة عليهم لمجاورة الروم. ومن بني تغلب عمرو بن كلثوم الشاعر، وهو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غانم بن تغلب وأمّه هند بنت مهلهل، ومن ولده مالك بن طوق بن مالك بن عتاب بن زافر بن شريح بن عبد الله بن عمرو بن كلثوم وإليه تنسب رحبة مالك بن طوق على الفرات، وعاصم بن النعمان عم عمرو بن كلثوم هو الّذي قتل شرحبيل بن الحرث الملك آكل المرار يوم الكلاب. ومن بني تغلب كليب ومهلهل ابنا ربيعة بن الحرث بن زهير بن جشم، وكان كليب سيد بني تغلب وهو الّذي قتله جسّاس بن مرّة بن ذهل بن شيبان وكان متزوّجا بأخته فرعت ناقة البسوس في حمى كليب فرماها بسهم فأثبتها، وقتله جسّاس لأنّ البسوس كانت جارته، فقام أخو كليب وهو مهلهل بن الحرث كمن برياسة تغلب وطالب بكر بن وائل بثأر كليب فاتصلت الحرب بينهم أربعين سنة، وأخبارها معروفة، وطال عمر مهلهل وتغرّب إلى اليمن فقتله عبدان له في طريقه، وبنو شعبة الذين بالطائف لهذا العهد من ولد شعبة بن مهلهل. ومن تغلب الوليد بن طريف بن عامر الخارجيّ وهو من بني صيفي بن حيّ بن عمرو بن بكر بن حبيب وهو الّذي رثته أخته ليلى بقولها:
أيا شجر الخابور مالك مورقا
…
كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يريد العزّ إلّا من التقى
…
ولا المال إلّا من قنا وسيوف
خفيف على ظهر الجواد إلى الوغي
…
وليس على أعدائه بخفيف
فلو كان هذا الموت يقبل فدية
…
فديناه من ساداتنا بألوف
ومنهم بنو حمدان ملوك الموصل والجزيرة أيام المتّقي، ومن بعده من خلفاء العباسيّين وسيأتي ذكرهم في أخبار بني العبّاس وهم بنو حمدان من بني عديّ بن أسامة بن غانم بن تغلب، كان منهم سيف الدولة الملك المشهور.
وأمّا بكر بن وائل ففيهم الشهرة والعدد فمنهم يشكر بن بكر بن وائل وبنو عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر بن وائل ومنهم بنو حنيفة وبنو عجل ابني لجيم بن صعب.
في بني حنيفة بطون متعدّدة أكثرهم بنو الدول بن حنيفة، فيهم البيت والعدد ومواطنهم باليمامة وهي من أوطان الحجاز كما هي نجران من اليمن، والشرقي منها يوالي البحرين وبني تميم والغرب يوالي أطراف اليمن والحجاز، والجنوب نجران والشمالي أرض نجد وطول اليمامة عشرون مرحلة، وهي على أربعة أيام من مكّة بلاد نخل وزلع وقاعدتها حجر بالفتح، وبها بلد اسمه اليمامة، ويسمّى أيضا جوّ باسم الزرقاء، وكانت مقرا للملوك قبل بني حنيفة، واتخذ بنو حنيفة بعدها بلد حجر وبقي كذلك في الإسلام. وكانت مواطن اليمامة لبني همدان بن يعفر بن السكسك بن واثل بن حمير غلبوا على من كان بها من طسم وجديس كان آخر ملوكهم بها فيما ذكره الطبريّ قرط ابن يعفر، ثم هلك فغلب عليها بعده طسم وجديس وكانت منهم الزرقاء أخت رياح بن مرّة ابن طسم كما تقدّم في أخبارهم. ثم استولى على اليمامة آخرا بنو حنيفة وغلبوا عليها طسما وجديسا وكان ملكها منهم هوذة بن علي بن ثمامة بن عمرو بن عبد العزّى بن شحيم بن مرّة بن الدول بن حنيفة، وتوّجه كسرى وابن عمه عمرو بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن عبد العزّى، قاتل المنذر بن ماء السماء يوم عين أباغ.
وكان منهم ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة ملك اليمامة عند المبعث وثبت عند الردّة. ومنهم الخارجي نافع بن الأزرق بن قيس بن صبرة بن ذهل بن الدول بن حنيفة وإليه تنسب الأزارقة، ومنهم محلم بن سبيع بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة صاحب مسيلمة الكذّاب، وهو من بني عديّ بن حنيفة، وهو مسيلمة بن ثمامة بن كثير بن حبيب بن الحرث بن عبد الحرث بن عدي، وأخبار مسيلمة في الردّة معروفة وسيأتي الخبر عنها.
وأمّا بنو عجل بن لجيم بن صعب وهم الذين هزموا الفرس بمؤتة يوم ذي قار كما مرّ، فمنازلهم من اليمامة إلى البصرة وقد دثروا، وخلفهم في اليوم في تلك البلاد بنو عامر المنتفق بن عقيل بن عامر، وكان منهم بنو أبي دلف العجليّ، كانت لهم دولة
بعراق العجم يأتي ذكرها.
وأمّا عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل فمنه تيم الله وقيس ابنا ثعلبة بن عكابة وشيبان بن ذهل بن ثعلبة، بطون ثلاثة عظيمة، وأوسعها وأكثرها شعوبا بنو شيبان، وكانت لهم كثرة في صدر الإسلام شرقي دجلة في جهات الموصل، وأكثر أئمة الخوارج في ربيعة منهم، وسيّدهم في الجاهلية مرّة بن ذهل بن شيبان كان له أولاد عشرة نسلوا عشرة قبائل أشهرهم: همّام وجسّاس، وسادهما بعد أبيه. وقال ابن حزم: تفرّع من همّام ثمانية وعشرون بطنا. وأمّا جسّاس فقتل كليبا زوج أخته وهو سيّد تغلب حين قتل ناقة البسوس جارته، وأقام ابن كليب عند بني شيبان إلى أن كبر وعقل أن جساسا خاله هو الّذي قتل أباه فقتله ورجع إلى تغلب، فمن ولد جسّاس بنو الشيخ كانت لهم رياسة بآمد وانقطعت على يد المعتضد. ومن بني شيبان هانئ بن مسعود الّذي منع حلقة النعمان من أبرويز لما كانت وديعة عنده، وكان سبب ذلك يوم ذي قار وهو هانئ بن مسعود بن عامر بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان، ومنهم الضحّاك بن قيس الخارجيّ الّذي بويع أيام مروان بن محمد على مذهب الصفريّة وملك الكوفة وغيرها، وبايعه بالخلافة جماعة من بني أمية منهم سليمان بن هشام بن عبد الملك، وعبد الله بن عمر بن عبد العزيز، وقتله آخرا مروان بن محمد. وهو الضحّاك بن قيس بن الحصين بن عبد الله بن ثعلبة بن زيد مناة بن أبي عمرو بن عوف بن ربيعة بن محلم بن ذهل بن شيبان، وسيأتي الإلمام بخبره. ومنهم المثنّى بن حارثة الّذي فتح سواد العراق أيام أبي بكر وعمر وأخوه المعنّى بن حارثة. ومنهم عمران بن حطّان من أعلام الخوارج. وهذا انقضاء الكلام في ربيعة بن نزار والله المعين.
وأمّا مضر بن نزار وكانوا أهل الكثرة والغلب بالحجاز من سائر بني عدنان وكانت لهم رياسة بمكّة فيجمعهم فخذان عظيمان وهما خندف وقيس، لأنه كان له من الولد اثنان: إلياس وقيس عيلان عبد حضنه قيس فنسب إليه، وقيل هو فرس، وقد قيل إنّ عيلان هو ابن مضر واسمه إلياس وإنّ له ابنين قيس ودهم، وليس ذلك بصحيح، وكان لإلياس ثلاثة من الولد مدركة وطابخة وقمعة لامرأة من قضاعة تسمّى خندف فانتسب بنو إلياس كلهم إليها، وانقسمت مضر إلى خندف وقيس عيلان. فأمّا قيس فتشعّبت إلى ثلاث بطون من كعب وعمرو وسعد بنيه الثلاثة، فمن عمرو بنو فهم وبنو عدوان ابني عمرو بن قيس، وعدوان بطن متّسع وكانت منازلهم الطائف من أرض نجد نزلها بعد أيام العمالقة ثم غلبتهم عليها ثقيف فخرجوا إلى تهامة، وكان منهم عامر بن الظرب بن عمرو بن عبّاد بن يشكر بن عدوان حكم العرب في الجاهلية، وكان منهم أيضا أبو سيارة الّذي يدفع بالناس في الموسم، وعميلة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحرث بن رائش بن زيد بن عدوان، وبإفريقية لهذا العهد منهم أحياء بادية بالقفر يظعنون مع بني سليم تارة ومع رياح بن هلال بن عامر أخرى.
ومن بني فهم بن عمرو فيما ذكر البيهقي بنو طرود بن فهم بطن متسع كانوا بأرض نجد، وكان منهم الأعشى، وليس منهم الآن بها أحد، وبإفريقية لهذا العهد حي يظعنون مع سليم ورياح، وانقضى الكلام في بني عمرو بن قيس.
وأمّا سعد بن قيس فمنهم غنيّ وباهلة وغطفان ومرّة، فأمّا غنيّ فهم بنو عمرو بن أعصر بن سعد، وأما باهلة فمنهم بنو مالك بن أعصر بن سعد صاحب خراسان المشهور، ومنهم أيضا الأصمعيّ رواية العرب المشهور وهو عبد الملك بن علي بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مطر بن رياح بن عمرو بن عبد شمس بن أعيا بن سعيد بن عبد غانم بن قتيبة بن معن بن مالك.
وأمّا بنو غطفان بن سعد: فبطن عظيم متسع كثير الشعوب والبطون ومنازلهم بنجد ما يلي وادي القرى وجبلي طيِّئ، ثم افترقوا في الفتوحات الإسلامية واستولت عليها قبائل طيِّئ وليس منهم اليوم عمودة رجالة في قطر من الأقطار إلّا ما كان لفزارة ورواحة في جوار هيب ببلاد برقة. وبنو غطفان بطون ثلاثة: منهم أشجع بن ريث ابن غطفان، وعبس بن بغيض بن ريث بن غطفان، وذبيان. فأمّا أشجع فكانوا
عرب المدينة يثرب وكان سيّدهم معقل بن سنان من الصحابة، وكان منهم نعيم بن مسعود بن أنيف بن ثعلبة بن قند بن خلاوة بن سبيع بن أشجع الّذي شتت جموع الأحزاب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، إلى آخرين مذكورين منهم، وليس لهذا العهد منهم بنجد أحد إلّا بقايا حوالي المدينة النبويّة، وبالمغرب الأقصى منهم حي عظيم الآن يظعنون مع عرب المعقل بجهات سجلماسة ووادي ملويّة ولهم عدد وذكر.
وأمّا بنو عبس فبيتهم في بني عدّة بن قطيعة كان منهم الربيع بن زياد وزير النعمان، ثم إخوتهم بنو الحرث بن قطيعة كان منهم زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن آزر بن الحرث سيّدهم، وكانت له السيادة على غطفان أجمع، وله بنون أربعة منهم:
قيس ساد بعده على عبس، وابنه زهير هو صاحب حرب داحس والغبرا فرسين كانت إحداهما وهي داحس لقيس والأخرى وهي الغبرا لحذيفة بن بدر سيد فزارة فأجرياهما وتشامّا في الحكم بالسبق فتشاجرا وتحاربا وقتل قيس حذيفة ودامت الحرب بين عبس وفزارة وإخوة قيس بن زهير الحرث وشاس ومالك وقتل مالك في تلك الحرب، وكان منهم الصحابيّ المشهور حذيفة بن اليماني بن حسل بن جابر بن ربيعة بن جروة بن الحرث بن قطيعة ومن عبس بن جابر بنو غالب بن قطيعة، ثم عنترة بن معاوية بن شدّاد بن مراد بن مخزوم بن مالك بن غالب الفارس المشهور وأحد الشعراء الستة في الجاهلية، وكان بعده من أهل نسبه وقرابته الحطيئة الشاعر المشهور واسمه جرول بن أوس بن جؤبة بن مخزوم، وليس بنجد لهذا العهد أحد من بني عبس، وفي أحياء زغبة من بني هلال لهذا العهد أحياء ينتسبون إلى عبس، فما أدري من عبس هؤلاء أم هو عبس آخر من زغبة نسبوا إليه.
وأما ذبيان بن بغيض: فلهم بطون ثلاثة: مرّة وثعلبة وفزارة، فأمّا فزارة فهم خمسة شعوب: عديّ وسعد وشمخ ومازن وظالم. وفي بدر بن عديّ كانت رياستهم في الجاهلية، وكانوا يرأسون جميع غطفان، ومن قيس وإخوتهم بنو ثعلبة بن عديّ كان منهم حذيفة بن بدر بن جؤية بن لوذان بن ثعلبة بن عديّ بن فزارة الّذي راهن قيس بن زهير العبسيّ على جري داحس والغبرا وكانت بسبب ذلك الحرب المعروفة، ومن ولده عيينة بن حصن بن حذيفة الّذي قاد الأحزاب إلى المدينة وأغار على المدينة لأوّل بيعة أبي بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمّيه الأحمق المطاع، ومنهم أيضا الصحابيّ المشهور سمرة بن جندب بن هلال بن خديج بن
مرّة بن خرق بن عمرو بن جابر بن خشين ذي الرأسين بن لاي بن عصيم بن شمخ بن فزارة، ومن بني سعد بن فزارة يزيد بن عمرو بن هبيرة بن معية بن سكين بن خديج بن بغيض بن مالك بن سعد بن عديّ بن فزارة ولي العراقين هو وأبوه أيام يزيد بن عبد الملك ومروان بن محمد، وهو الّذي قتله المنصور بعد أن عاهده، ومن بني مازن بن فزارة هرم بن قطبة أدرك الإسلام وأسلم، إلى آخرين يطول ذكرهم ولم يبق بنجد منهم أحد. وقال ابن سعيد: إنّ أبرق الحنّان وأبانا من وادي القرى من معالم بلادهم، وانّ جيرانهم من طيِّئ مولدها لهذا العهد، وإنّ بأرض برقة منهم إلى طرابلس قبائل رواحة وهيب وفزّان. قلت: وبإفريقية والمغرب لهذا العهد أحياء كثيرة اختلطوا مع أهله، فمنهم مع المعقل بالمغرب الأقصى أحياء كثيرة لهم عدد وذكر بالمعقل إلى الاستظهار بهم حاجة، ومنهم مع بني سليم بن منصور بإفريقية طائفة أخرى أحلاف لأولاد أبي الليل من شعوب بني سليم يستظهرون بهم في مواقف حروبهم ويولّونهم على ما يتولونه للسلطان من أمور باديتهم نيابة عنهم شأن الوزراء في الدول، وكان من أشهرهم معن بن معاطن وزير حمزة بن عمر بن أبي الليل أمير الكعوب بعده حسبما نذكره في أخبارهم، وربما يزعم بنو مرين أمراء الزاب لهذا العهد أنّهم منهم، وينتسبون إلى مازن بن فزارة، وليس ذلك بصحيح، وهو نسب مصون يتقرّب به إليهم بعض البدو من فزارة هؤلاء طمعا فيما بأيديهم لمكانهم من ولاية الزاب والانفراد بجبايته ومصانعة الناس بوفرها، فيلهجونهم بذلك ترفعا على أهل نسبهم بالحقيقة من الأثابج، كما يذكر لكونه تحت أيديهم ومن رعاياهم.
وأمّا بنو مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان فمنهم هرم بن سنان بن غيظ بن مرّة وهو سيدهم في الجاهلية الّذي مدحه زهير بن أبي سلمى، ومنهم أيضا الفاتك وهو الحرث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع بن غيظ فتك بخالد بن جعفر بن كلاب وشرحبيل بن الأسود بن المنذر، وحصل ابن الحرث في يد النعمان بن المنذر فقتله، وشاعره في الجاهلية النابغة زياد بن عمرو الذبيانيّ أحد الشعراء الستة. ومنهم أيضا مسلم بن عقبة بن رياح بن أسعد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن يربوع قائد يزيد بن معاوية صاحب يوم الحرّة على أهل المدينة إلى آخرين يطول ذكرهم. وهذا آخر الكلام في بني غطفان وبلادهم بنجد مما يلي وادي القرى، وبها من المعالم أبنى والحاجر والهباءة وأبرق الحنّان، وتفرّقوا على بلاد الإسلام في الفتوحات ولم يبق لهم
في تلك البلاد ذكر، ونزلت بها قبائل طيِّئ وبانقضاء ذكرهم انقضى بنو سعد بن قيس.
وأمّا خصفة بن قيس: فتفرّع منهم بطنان عظيمان وهما بنو سليم بن منصور وهوازن بن منصور، ولهوازن بطون كثيرة يأتي ذكرها، ويلحق بهذين البطنين بنو مازن بن منصور وعددهم قليل، وكان منهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نشيب بن وهب بن زيد بن مالك بن عبد عوف بن الحرث بن مازن الصحابي المشهور الّذي بني البصرة لعمر بن الخطّاب، وإليه ينسب العتبيّون الذين سادوا بخراسان، ويلحق أيضا بنو محارب بن خصفة. فأمّا بنو سليم فشعوبهم كثيرة منهم بنو ذكوان بن رفاعة بن الحرث بن رجا بن الحارث بن بهثة بن سليم، وإخوتهم بنو عبس بن رفاعة الذين منهم عبّاس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد عبس الصحابي المشهور الّذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين في المؤلّفة قلوبهم، ثم زاده حين غضب استقلالا لعطائه وأنشد الأبيات المعروفة في السير، وكان أبوه مرداس تزوّج الخنساء وولدت منه.
ومن بني سليم أيضا بنو ثعلبة بن بهثة بن سليم، كان منهم عبيد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الأعور والي إفريقية، وجده أبو الأعور من قوّاد معاوية واسمه عمرو بن سفيان بن عبد شمس بن سعد بن قائف بن الأوقص بن مرّة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة، والرود بن خالد بن حذيفة بن عمرو بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة وكان على بني سليم يوم الفتح، وعمرو بن عتبة بن منقذ بن عامر بن خالد كان صديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وأسلم ثلاث أبو بكر وبلال فكان يقول كنت يومئذ ربع الإسلام [1] . ومن بني سليم أيضا بنو علي بن مالك بن امرئ القيس بن بهثة وبنو عصيّة بن خفاف بن امرئ القيس، وهما اللذان لعنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم [2] أهل بئر معونة وقتلهم إيّاهم. ومن
[1] اما الطبري فيقول في ج 2 ص 214: «قال حدثني عمرو بن عبسة، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بعكاظ، قلت: يا رسول الله من تبعك على هذا الأمر؟ قال: اتبعني عليه رجلان حرّ وعبد، ابو بكر وبلال، قال فأسلمت عند ذلك قال فلقد رأيتني إذ ذاك ربع الإسلام.
وكذلك أورد ابن الأثير القصة عن عمرو بن عبسة. إلى أن قال:
…
فلقد رأيتني رابع الإسلام، وهكذا يستدل لنا أن اسم هذا الرجل هو عمرو بن عبسه وليس عمرو بن عتبة.
[2]
المعنى غير منسجم وربما تكون سقطت بعض الكلمات أثناء النسخ وهذه القصة مذكورة عند الطبري في ج 3 ص 33 وفي غيره من كتب التاريخ والسير ومقتضى السياق: «لعنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وافاه الخبر عن أهل بئر معونة وقتلهم إياهم.
شعوب عصيّة الشريد واسمه عمرو بن يقظة بن عصيّة. وقال ابن سعيد: الشريد بن رياح بن ثعلبة بن عصية الذين كانت منهم الخنساء وأخواها صخر ومعاوية ابنا عمرو بن الحرث بن الشريد والشريد بيت سليم في الجاهلية، قال ابن سعيد كان عمرو بن الشريد يمسك بيده ابنيه صخرا ومعاوية في الموسم فيقول: أنا أبو خيري مضر ومن أنكر فليعتبر فلا ينكر أحد وابنته الخنساء الشاعرة وقد تقدّم ذكرها، وحضرت بأولادها حروب القادسيّة. وبنو الشريد لهذا العصر في جملة بني سليم في إفريقية ولهم شوكة وصولة، ومنهم إخوة عصيّة بن خفّاف الذين كان منهم الخفّاف كبير أهل الردّة الّذي أحرقه أبو بكر بالنار واسمه إياس بن عبد الله بن أليل بن سلمة بن عميرة.
ومن بني سلم أيضا بنو بهز بن امرئ القيس بن بهثة كان منهم الحجّاج بن علا بن خالد بن نديرة [1] بن حبتر بن هلال بن عبد ظفر بن سعد بن عمرو بن تميم بن بهز الصحابي المشهور، وابنه نصر بن حجّاج الّذي نفاه عمر عن المدينة، إلى آخرين من سليم يطون ذكرهم. قال ابن سعيد: ومن بني سليم بنو زغبة بن مالك بن بهثة كانوا بين الحرمين ثم انتقلوا الى المغرب فسكنوا بإفريقية في جوار إخوتهم بني ذياب بن مالك ثم صاروا في جوار بني كعب. ومن بني سليم بنو ذياب بن مالك ومنازلهم ما بين قابس وبرقة، يجاورون مواطن يعهب، وبجهة المدينة خلق منهم يؤذون الحاج ويقطعون الطريق. وبنو سليمان بن ذياب في جهة فزّان وودّان ورؤساء ذياب لهذا العهد الجواري ما بين طرابلس وقابس، وبيتهم بنو صابر والمحامد بنواحي فاس وبيتهم في بني رحاب بن محمود وسيأتي ذكرهم.
ومن بني سليم بنو عوف بن بهثة: ما بين قابس وبلد العنّاب من إفريقية وجرما، هم مرداس وعلاق فأمّا مرداس فرياستهم في بني جامع لهذا العهد، وأمّا علاق فكان رئيسهم الأوّل في دخولهم إفريقية رافع بن حمّاد، ومن أعقابه بنو كعب رؤساء سليم لهذا العهد بإفريقية، ومن بني سليم بنو يعهب بن بهثة إخوة بني عوف بن بهثة وهم ما بين السدرة من برقة إلى العدوة الكبيرة ثم الصغيرة من حدود الإسكندرية، فأوّل ما يلي الغرب منهم بنو أحمد لهم أجدابية وجهاتها وهم عدد يرهبهم الحاج ويرجعون إلى شماخ، وقبائل شماخ لها عدد وأسماء متمايزة ولها العز في بيت لكونها جازت المحصب من بلاد برقة مثل المرج وطلميثا ودرنا، وفي المشرق عن بني أحمد إلى
[1] وهو الحجاج بن علاط بن خالد بن نويرة.
العقبة الكبيرة، وأمّا الصغيرة فسال ومحارب والرئاسة في هذين القبيلتين لبني عزاز وهبيب بخلاف سائر سليم لأنها استولت على إقليم طويل خربت مدنه ولم يبق فيه مملكة ولا ولاية إلّا لأشياخها وتحت أيديهم خلق من البرابرة واليهود زراعا وتجارا.
وأمّا رواحة وفزارة اللذين في بلاد هبيب فهم من غطفان وهذا آخر الكلام في بني سليم بن منصور وكانت بلادهم في عالية نجد بالغرب وخيبر ومنها حرّة بني سليم، وحرّة النار بين وادي القرى وتيماء، وليس لهم الآن عدد ولا بقيّة في بلادهم، وبإفريقية منهم خلق عظيم كما يأتي ذكره في أخبارهم عند ذكر الطبقة الرابعة من العرب.
وأمّا هوازن بن منصور ففيهم بطون كثيرة يجمعهم ثلاثة أجرام كلهم لبكر بن هوازن وهم بنو سعد بن بكر وبنو معاوية بن بكر وبنو منبّه بن بكر.
فأمّا بنو سعد بن بكر، وهم أظآر النبيّ صلى الله عليه وسلم أرضعته منهم حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبد الله بن سحنة بن ناصرة بن عصيّة بن نصر بن أسعد، وبنوها عبد الله وأنيسة والشيما بنو الحرث بن عبد العزّى بن رفاعة بن ملاذ بن ناصرة، وحصلت الشيما في سبي هوازن فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّها إلى قومها وكان فيها أثر عضّة عضّها إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تحمله.
فأمّا بنو منبّه بن بكر فمنهم ثقيف، وهم بنو قسيّ بن منبّه بطن عظيم متسع، منهم بنو جهم بن ثقيف كان منهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن حبيب بن الحرث بن مالك بن حطيط صاحب لوائهم يوم حنين وقتل يومئذ كافرا وكان من ولده أمير الأندلس لسليمان بن عبد الملك وهو الحرّ بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان، ومنهم بنو عوف بن ثقيف ويعرفون بالأحلاف، فمنهم بنو سعد بن عوف كان منهم عتبان بن مالك بن كعب بن عمرون بن سعد بن عوف الّذي وضعته ثقيف رهينة عند أبي مكسورة وأخوه معتب، كان من بنيه عروة بن مسعود بن معتب الّذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومه داعيا إلى الإسلام فقتلوه، وهو أحد عظيمي القريتين، ومن بنيه أيضا الحجّاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب صاحب العراقين لعبد الملك وابنه الوليد، ومنهم يوسف بن عمر بن محمد بن عبد الحكم والي العراقين لهشام بن عبد الملك والوليد بن يزيد وكثير من قومه كانوا ولاة بالعراق والشام واليمن ومكّة. ومن بني معتب أيضا غيلان بن مسلمة بن معتب
كانت له وفادة على كسرى، ومنهم بنو غبرة بن عوف الذين منهم الأخنس بن شريق ابن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العرّي بن غيرة بن عوف بن ثقيف، والحرث بن كلدة بن عمرو بن علاج طبيب العرب، وأبو عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن غيرة الصحابي المقتول يوم الجسر من أيام القادسيّة، وبانه المختار بن أبي عبيد الّذي ادعى النبوّة بالكوفة وكان عاملا عليها لعبد الله بن الزبير فانتقض عليه ودعا لمحمد بن الحنفيّة ثم ادعى النبوة، ومنهم أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير في آخرين يطول ذكرهم. ومواطن ثقيف كانت بالطائف وهي مدينة من أرض نجد قريبا من مكّة ثم جلس في شرقها وشمالها وهي على قبّة الجبل كانت تسمى واج وبوج، وكانت في الجاهلية للعمالقة ثم نزلتها ثمود قبل وادي القرى، ومن ثم يقال: إنّ ثقيفا كانت من بقايا ثمود، يقال: إنّ الّذي سكنها بعد العمالقة عدوان وغلبهم عليها ثقيف وهي الآن دارهم كذا ذكره السهيليّ. ويقال:
إنهم موال لهوازن ويقال إنهم من إياد. ومن أعمال الطائف سوق عكاظ والعرج، وعكاظ حجر بين اليمن والحجاز، وكانت سوقها في الجاهلية يوما في السنة يقصدها العرب من الأقطار فكانت لهم موسما [1] وأمّا بنو معاوية بن بكر بن هوازن ففيهم بطون كثيرة منهم بنو نصر بن معاوية الذين منهم مالك بن سعد بن عوف بن سعد بن ربيعة بن يربوع بن واثلة بن دهمان بن نصر قائد المشركين يوم حنين وأسلم وحسن إسلامه. ومنهم بنو جشم بن معاوية، ومن جشم غزيّة رهط دريد بن الصمّة [2] ومواطنهم بالسروات وهي بلاد تفصل بين تهامة ونجد متصلة من اليمن إلى الشام كسروات الجبل وسروات جشم متصلة بسروات هذيل، وانتقل معظمهم إلى الغرب وهم الآن به كما يأتي ذكره في الطبقة الرابعة من العرب، ولم يبق بالسروات منهم إلّا من ليس له صولة، ومنهم بنو سلول ومنهم بنو مرّة بن صعصعة بن معاوية وإنّما عرفوا بأمهم سلول، وكانوا في الغرب كثيرا وفي
[1] سوق للعرب بين نخلة والطائف، كانت تقوم هلال ذي القعدة، وتستمر عشرين يوما أو شهرا، تجتمع فيها قبائل العرب فيتناشدون ويتفاخرون. يؤنث، يذكر فالتأنيث لغة الحجاز والتذكير لغة تميم. قد تابع المؤلف لغة الحجاز.
[2]
وفي نسخة ثانية: غزيّة رهط بن دريد الصمّة. وهو القائل:
وهل انا الا من غزيّة ان نموت
…
غويت وان ترشد غزيّة أرشد
الغرب منهم كثير لهذا العهد. ومنهم فيما يزعم العرب بنو يزيد أهل وطن حمزة غربي بجاية وبعض أحياء بجيل عياض. كما نذكر منهم بنو عامر بن صعصعة بن معاوية جرم كبير من أجرام العرب لهم بطون أربعة. نمير وربيعة وهلال وسوأة، فأمّا نمير بن عامر فهم إحدى جمرات العرب وكانت لهم كثرة وعزّة في الجاهلية والإسلام ودخلوا إلى الجزيرة الفراتية وملكوا حرار وغيرها، واستلحمهم بنو العبّاس أيام المعتز فهلكوا ودثروا. وأمّا سوأة بن عامر فشعوبهم في رباب من سمرة، بن سوأة، فمنهم جابر بن سمرة بن جنادة بن جندب بن رباب الصحابي المشهور، ومن بطن رباب هؤلاء حيّ بإفريقية ينجعون مع رياح بن هلال ويعرفون بهذا النسب كما يأتي في أخبار هلال من الطبقة الرابعة. وأمّا هلال بن عامر فبطون كثيرة كانوا في الجاهلية بنجد ثم ساروا إلى الديار المصرية في حروب القرامطة، ثم ساروا إلى إفريقية أجازهم الوزير البارزيّ في خلافة المستنصر العبيديّ لحرب المعزّ بن باديس، فملك عليه ضواحي إفريقية، ثم زاحمهم بنو سليم فساروا إلى الغرب ما بين بونة وقسنطينة، إلى البحر المحيط، وكان لهلال خمسة من الولد: شعبة وناشرة ونهيك وعبد مناف وعبد الله، وبطونهم كلها ترجع إلى هؤلاء الخمسة، فكان من بني عبد مناف زينب أمّ المؤمنين بنت خزيمة بن الحرث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف، وكان من بني عبد الله ميمونة أمّ المؤمنين بنت الحرث بن حزن بن بحير بن هرم بن رويبة بن عبد الله.
قال ابن حزم: ومن بطون بني هلال بنو قرّة وبنو نعجة الذين بين مصر وافريقية، وبنو حرب الذين بالحجاز، وبنو رياح الذين أفسدوا إفريقية.
وقال ابن سعيد: وجيل بني هلال مشهور بالشام وقد صار عربه حرائر وفيه قلعة صرخد مشهورة قال: وقبائلهم في العرب ترجع لهذا العهد إلى أثبج ورياح وزغبة وقارع. فأمّا الأثبج فمنهم سراح بجهة برقة، وعياض بجبل القلعة المسمّى لهم ولغيرهم. وأمّا رياح فبلادهم بنواحي قسنطينة والسلم والزاب، ومنهم عتبة بنواحي بجاية، ومنهم بالمغرب الأقصى خلق كثير كما يأتي في أخبارهم. وأمّا زغبة فإنّهم في بلاد زنانة خلق كثير. وأمّا قارع فإنّهم في المغرب الأقصى مع المعقل وقرّة وجشم.
وبنو قرّة كانت منازلهم ببرقة وكانت رياستهم أيام الحاكم العبيديّ لما مضى ابن مقرب، ولما بايعوا لأبي ركوة من بني أميّة بالأندلس وقتله الحاكم سلّط عليهم العرب والجيوش فأفنوهم، وانتقل جلّهم إلى المغرب الأقصى، فهم مع جشم
هنالك كما يأتي ذكره ويأتي الكلام في نسب هلال وشعوبهم ومواطنهم بالمغرب الأوسط وإفريقية عند الكلام عليهم في الطبقة الرابعة.
وأمّا بنو ربيعة بن عامر فبطون كثيرة وعامّتها ترجع إلى ثلاثة من بنيه وهم عامر وكلاب وكعب، وبلادهم بأرض نجد الموالية لتهامة بالمدينة وأرض الشام، ثم دخلوا إلى الشام وافترق منهم على ممالك الإسلام فلم يبق منهم بنجد أحد. فمن عامر بن ربيعة بنو التكما وهو ربيعة بن عامر بن ربيعة الّذي اشترك ابنه حندج مع خالد بن جعفر بن كلاب في قتل زهير بن جذيمة العبسيّ، وبنو ذي السهمين معاوية بن عامر بن ربيعة وهو ذو الحجر عوف بن عامر بن ربيعة، وبنو فارس الضحيا عمرو بن عارم بن ربيعة منهم خدّاش بن زهيرة بن عمرو من فرسان الجاهلية وشعرائها.
وأمّا بنو كلاب بن ربيعة فمنهم بنو الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب وبنو ربيعة المجنون ابن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب وبنو عمرو بن كلاب. قال ابن خزم:
يقال: إنّ منهم بني صالح بن مرداس أمراء حلب، ومن بني كلاب بنو رواس واسمه الحرب بن كلاب، وبنو الضباب واسمه معاوية بن كلاب الذين منهم شهر بن ذي الجوش [1] بن الأعور بن معاوية قاتل الحسين بن عليّ، ومن عقبة كان الصهيل ابن حاتم بن شمر وزير عبد الرحمن بن يوسف الفهري بالأندلس، وبنو جعفر بن كلاب الذين منهم عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر وعمّه أبو عامر بن مالك ملاعب الأسنة وربيعة بن مالك وتبّع المعتبرين وأبوه لبيد بن ربيعة شاعر معروف مشهور. وكانت بلاد بني كلاب حمى ضرية والرَّبَذَة في جهات المدينة وفدك والعوالي، وحمى ضرية هي حمى كليب وائل نباته النضر تسمن عليه الخيل والإبل، وحمى الرَّبَذَة هو الّذي أخرج عليه عثمان أبا ذر رضي الله عنهما. ثم انتقل بنو كلاب إلى الشام فكان لهم في الجزيرة الفراتية صيت وملك وملكوا حلب وكثيرا من مدن الشام، تولّى ذلك منهم بنو صالح بن مرداس، ثم ضعفوا فهم الآن تحت خفارة العرب المشهورين بالشام وهنالك بالإمارة من طيِّئ. قال ابن سعيد وكان لهم في الإسلام دولة باليمامة.
ومن بني كعب بن ربيعة بطون كثيرة منهم: الحريش بن كعب بطن كان منهم مطرف بن عبد الله بن الشخير بن عوف بن وقدان بن الحريش الصحابي المشهور،
[1] وهو: شمر بن ذي الجوشن.
ويقال: إنّ منهم ليلى التي شبّب بها قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة الشاعر، مادح النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الحشرج بن الأشهب بن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة الّذي غلب على ناب فارس أيام الزبير وعم أمه زياد بن الأشهب الّذي وفد على عليّ ليصلح بينه وبين معاوية، ومالك بن عبد الله بن جعدة الّذي أجار قيس بن زهير العبسيّ. وبنو قشير بن كعب منهم مرّة بن هبيرة بن عامر بن مسلمة الخير بن قشير وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فولّاه صدقات قومه، وكلثوم بن عياض بن رصوح بن الأعور بن قشير الّذي ولي إفريقية، وابن أخيه بلخ بن بشر. ومن بني قشير بخراسان أعيان منهم أبو القاسم القشيريّ صاحب الرسالة، ومنهم عريسة الأندلس بنو رشيق ملكها منهم عبد الرحمن بن رشيق وأخرج منها ابن عمارة، ومنهم الصمّة بن عبد الله من شعراء الحماسة. وبنو العجلان بن عبد الله بن كعب وشاعرهم تميم بن مقبل. وبنو عقيل بن كعب وهم بطون كثيرة منهم: بنو المنتفق بن عامر بن عقيل. ومن أعقاب بني المنتفق هؤلاء العرب المعروفون في المغرب بالخلط. قال عليّ بن عبد العزيز الجرجاني: الخلط بنو عوف وبنو معاوية ابنا المنتفق بن عامر بن عقيل انتهى.
قال ابن سعيد: ومنازل المنتفق [1] الآجام التي بين البصرة والكوفة والإمارة منهم في بني معروف. قلت والخلط لهذا العهد في أعداد جشم بالمغرب، ومن بني عقيل بن كعب بنو عبادة بن عقيل، منهم الأخيل واسمه كعب بن الرحّال بن معاوية بن عبادة، ومن عقبه ليل الأخيلية [2] بنت حذيفة بن سداد بن الأخيل.
وذكر ابن قتيبة: أن قيس بن الملوّح المجنون منهم. وبنو عبادة هؤلاء لهذا العهد فيما قال ابن سعيد بالجزيرة الفراتيّة فيما يلي العراق، ولهم عدد وذكر، وغلب منهم على الموصل وحلب في أواسط الخامسة قريش بن بدران بن مقلد فملكها هو وابنه مسلم بن قريش من بعده، ويسمى شرف الدولة، وتوالى الملك في عقب مسلم بن قريش منهم إلى أن انقرضوا. قال ابن سعيد: ومنهم لهذا العهد بقية بين الحازر والزاب يقال لهم عرب شرف الدولة، ولهم إحسان من صاحب الموصل وهم في تجمل وعزّ إلّا أنّ عددهم قليل نحو مائة فارس. ومن بني عقيل بن كعب خفاجة بن عمرو بن عقيل
[1] تسمى الآن في العراق (المنتفك) ويطلقونها خاصة على لواء الناصرية.
[2]
وفي نسخة ثانية: ليلى الأخيلة.
وانتقلوا في قرب من هذه العصور إلى العراق والجزيرة ولهم ببادية العراق دولة، ومن بني عامر بن عقيل بنو عامر بن عوف بن مالك بن عوف، وهم إخوة بني المنتفق وهم ساكنون بجهات البصرة وقد ملكوا البحرين بعد بني أبي الحسن ملكوها من تغلب. قال ابن سعيد: وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب، وكان ملكهم لعهد الخمسين من المائة السابعة عصفور وبنوه وقد انقضى الكلام في بطون قيس عيلان.
والله المعين لا ربّ غيره ولا خير إلّا خيره وهو نعم المولى، ونعم النصير، وهو حسبي ونعم الوكيل. وأسأله الستر الجميل آمين.
وأمّا بطون خندف بن الياس بن مضر ولد إلياس مدركة وطابخة وقمعة وأمّهم امرأة من قضاعة اسمها خندف فانتسب ولد إلياس كلّهم إليها، فمن بطون قمعة أسلم وخزاعة، فأسلم بنو أفصى بن عامر بن قمعة، وخزاعة بن عمرو بن عامر بن لحيّ وهو ربيعة ابن عامر بن قمعة واسمه حارثة. وعمرو بن حليّ هو أوّل من غيّر دين إسماعيل وعبد الأوثان وأمر العرب بعبادتها، وفيه قال صلى الله عليه وسلم:«رأيت عمرو بن لحيّ يجر قصبه في النار» يعني أحشائه. ومواطنهم بأنحاء مكة في مرّ الظهران وما يليه وكانوا حلفاء لقريش. ودخلوا عام الحديبيّة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا مما [1] صالح قريشا عليه ثم نقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، فغزا قريشا وغلبهم على أمرهم وافتتح مكّة وكان عام الفتح. وقد يقال: إنّ خزاعة هؤلاء من غسّان وأنهم بنو حارثة بن عمرو مزيقياء، وأنهم أقاموا بمرّ الظهران حين سارت غسّان إلى الشام وتخزعوا عنهم فسموا خزاعة، وليس ذلك بصحيح كما ذكر. وكان لخزاعة ولاية البيت قبل قريش في بني كعب بن عمرو بن لحيّ، وانتهت إلى حليل بن حبشيّة بن سلول وهو الّذي أوصى بها لقصي بن كلاب حين زوّجه ابنته حبي بنت حليل. ويقال: إنّ أبا غبشان بن حليل واسمه المحترش باع الكعبة من قصي بزق وخمر وفيه جرى المثل المعروف. يقال: أخسر صفقة من أبي غبشان. ومن ولد حليل بن حبشيّة كان كرز بن علقمة بن علال بن حريبة بن عبد فهم بن حليل، الّذي قفا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى الغار، ورأى عليه نسج العنكبوت وعش اليمامية ببيضها فرخوا عنه.
ولخزاعة هؤلاء بطون كثيرة منهم بنو المصطلق بن سعد بن عمرو بن لحيّ، وبنو كعب بن عمرو. ومنهم عمران بن الحصين صحابي، وسليمان بن صرد أمير التوّابين القائمين بثأر الحسين، ومالك بن الهيثم من نقباء بني العبّاس وبنو عديّ بن عمرو، ومنهم جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، وبنو مليح بن عمرو، ومنهم طلحة الطلحات، وكثير الشاعر صاحب عزّة وهو ابن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد بن سبيع بن خثعمة بن سعد بن مليح. وبنو عوف بن عمرو ومنهم العبّاد أهل الحيرة وهم بنو جهينة بن عوف. ومن إخوة خزاعة بنو أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة وبنو مالك بن أفصى، وماثان بن أفصى. فمن أسلم سلمة بن الأكوع
[1] الأصح ان يقول: ممن.
الصحابي ودعبل وبنو الشيص الشاعران ومحمد بن الأشعث قائد بني العباس، ومن ذلك مالك بن سليمان بن كثّير من دعاة بني العبّاس قتله أبو مسلم.
وأمّا طابخة فلهم بطون كثيرة أشهرها ضبّة والرباب ومزينة وتميم، وبطون صغار إخوة لتميم، ومنهم صوفة ومحارب.
فأمّا بنو تميم بن مرّ فهم: بنو تميم بن مرّ بن أدّ بن طابخة، وكانت منازلهم بأرض نجد دائرة من هنالك على البصرة واليمامة وانتشرت إلى العذيب من أرض الكوفة، وقد تفرّقوا لهذا العهد في الحواضر ولم تبق منهم باقية، وورث منازلهم الحيّان العظيمان بالمشرق لهذا العهد غزيّة من طيِّئ وخفاجة من بني عقيل بن كعب. ولتميم بطون كثيرة منهم الحارث بن تميم وفيهم ينسب المسيّب بن شريك الفقيه وهم قليل، وبنو العنبر الّذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقات، وزفر الفقيه ابن ذهيل ابن قيس بن مسلم بن قيس بن مكمل بن ذهل بن ذؤيب بن جذيمة بن عمرو بن جيجور بن جندب بن العنبر صاحب أبي حنيفة، والناسك الفاضل عامر بن عبد قيس بن ثابت بن بشامة بن حذيفة بن معاوية بن الجون بن كعب بن جندب وربيعة ابن رفيع بن سلمة بن محلم بن صلاة بن عبدة بن عديّ بن جندب، وبنو الهجيج بن عمرو بن تميم وبنو أسيد بن عمير. وكان منهم أبو هالة هند بن زرارة بن النبّاش بن عديّ بن نمير بن أسيد الصحابي المشهور، وحنظلة بن الربيع بن صيفي بن رياح ابن الحرث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحليم [1] المشهور أكثم بن صيفي بن رياح، ويحيى بن أكثم قاضي المأمون من ولد صيفي بن رياح. وبنو مالك بن عمرو بن تميم منهم النضر بن شميل ابن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عبدة بن زهير بن عروة بن جميل بن حجر بن خزاعيّ بن مازن بن مالك النحويّ المحدّث، وسلم بن أخوز بن أربد بن محزر بن لاي بن مهل بن ضباب بن حجبة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك صاحب الشرطة لنصر بن سيّار وقاتل يحيى بن زيد بن زين العابدين، وأخوه هلال بن أخوز قاتل آل المهلّب، وقطريّ بن الفجاءة، واسم الفجاءة جعونة بن يزيد بن زياد بن جنز بن كابية بن حرقوص الخارجي الأزرقيّ سلم عليه بالخلافة عشرين سنة، ومالك بن الريب بن جوط بن قرط بن حسيل بن ربيعة بن كنانة بن حرقوص
[1] الصحيح: الحكيم لا الحليم حسب شهرة أكثم بن صيفي.
صاحب القصيدة المشهورة نعى بها نفسه وبعث بها إلى قومه وهو في خراسان في بعث عثمان بن عفّان وأوّلها:
دعاني الهوى من أهل ودّي ورفقتي
…
بذي الشيّطين [1] فالتفت ورائيا
يقولون لا تبعد [2] وهم يدفنونني
…
وأين مكان البعد إلّا مكانيا
وبنو عمرو بن العلاء بن عمّار بن عدنان بن عبيد الله بن الحصي بن الحرث بن جلهّم ابن خزاعيّ بن مازن بن مالك، وبنو الحرث بن عمرو بن تميم وهم الحبطات منهم عبّاد بن الحصين بن يزيد بن أوس بن سيف بن عدم بن جبلذة بن قيار بن سعد بن الحرث وهو الملقّب بالحبط لعظم بطنه، وبنو امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم وكان منهم زيد بن عديّ بن زيد بن أيوب بن مخوّف بن عامر بن عطيّة بن امرئ القيس صاحب النعمان بن المنذر بالحيرة الّذي سعى به إلى كسرى حتى قتله ومقاتل بن حسّان بن ثعلبة بن أوس بن إبراهيم بن أيوب بن مخوف صاحب قصر بني مقاتل بن منصور بالحيرة ولاهز بن قريط بن سريّ بن الكاهن بن زيد بن عصيّة من دعاة بني العباس الّذي قتله أبو مسلم لنذارته لنصر بن سيّار. وبنو سعد بن زيد مناة بن تميم منهم الأبناء كان منهم رؤبة بن العجّاج بن رؤبة بن لبيد بن صخر بن كنيف بن عمير ابن حيّ بن ربيعة بن سعد بن مالك بن سعد، وعبدة بن الطيب الشاعر. وبنو منقر ابن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة، كان منهم قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر ولّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقات قومه، وكان من ولده ميّة صاحبة ذي الرمّة بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم. ومن بني منقر عمرو بن الأهتم صحابي وبنو مرّة بن عبيد بن مقاعس، منهم الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين بن حفص بن عبّادة بن النزّال بن مرّة وأبو بكر الأبهريّ المالكيّ، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح بن عمرو بن حفص بن عمرو بن مصعب بن الزبير بن سعد بن كعب بن عبادة بن النزّال. وبنو صريم بن مقاعس، منهم عبد الله بن أباض رئيس الإباضيّة من الخوارج، وعبد الله بن صفّار رئيس الصفريّة، والبرك بن عبد الله الّذي اشترط بقتل معاوية وضربه فجرحه. وبنو عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة منهم، ثم من بني بهدلة
[1] الشيطين: مثنى شيّط بتشديد الياء أهـ.
[2]
تبعد: من بعد بمعنى هلك ومات.
ابن عوف الزبرقان واسمه الحصين بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة وأويس ابن أخيه حنظلة الّذي أسر هوذة بن علي الحنفي. ومن بني عطارد بن عوف كرب بن صفوان بن شخمة بن عطارد الّذي كان يجيز بأهل الموسم في الجاهلية.
ومن بني قريع بن عوف بن كعب جعفر الملقب أنف الناقة وكان ولده يغضبون منها إلى أن مدحهم الحطيئة بقوله:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
…
ومن يسوّي بأنف الناقة الذنبا
[1]
وبنو الحرث الأعرج بن كعب بن سعد بن زيد مناة، كان منهم زهرة بن جؤيّة بن عبد الله بن قتادة بن مرثد بن معاوية بن قطن بن مالك بن أرتم بن جشم بن الحرث الّذي أبلى في القادسيّة وقتل الجالنوس أمير الفرس، وقتله هو بعد ذلك أصحاب شبيب الخارجي مع عتاب بن ورقا وبنو مالك بن سعد بن زيد مناة، كان منهم الأغلب بن سالم بن عقال بن خفافة بن عبّاد بن عبد الله بن محرث بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك أبو الولاة بإفريقية لبني العبّاس، وبنو ربيعة بن مالك بن زيد مناة كان منهم عروة بن جرير بن عامر بن عبد بن كعب بن ربيعة أول خارجي قال: لا حكم إلّا للَّه يوم صفّين. ويعرف بأنّ أباه نسبه إلى أمّه. ومن بني حنظلة بن مالك البراجم وهم بنو عمرو. والظلم وغالب وكلبة وقيس كلهم بنو حنظلة كان منهم ضابىء بن الحرث بن أرطاة بن شهاب بن عبيد بن جنادل [2] بن قيس وابن عمير بن ضابىء الّذي قتله الحجاج. وبنو ثعلبة بن يربوع بن حنظلة كان منهم بمراثيه المشهورة، وبنو الحرث بن يربوع منهم الزبير بن الماحور أمير الخوارج وأخوه عثمان وعلي وهم بنو بشير بن يزيد الملقّب بالماحور بن الحارث بن ساحق بن الحرث بن سليط بن يربوع وكلهم أمراء الأزارقة، وبنو كليب بن يربوع كان منهم جرير الشاعر ابن عطية بن الخطفي وهو حذيفة بن بدر بن سلم بن عوف بن كليب. وبنو العنبر بن يربوع منهم كانت سجاح المتنبئة بنت أويس بن جوين بن سامة بن عنبر. وبنو رياح كان منهم شبث بن ربعي بن حصين بن عميم بن ربيعة بن زيد بن رياح كان منهم رياح أسلم ثم سار مع الخوارج ثم رجع عنهم تائبا، ومعقل بن قيس أوفده عمّار بن ياسر على عمر بفتح تستر، وعتاب بن ورقاء بن الحارث بن عمرو بن همام بن رياح
[1] فأصبحوا بعد مدحه يفتخرون به.
[2]
وفي نسخة أخرى: جندال.
أمير أصبهان وقتله شبيب الخارجي. وبنو طهيّة بن مالك وهم بنو أبي سود وعوف ابني مالك. وبنو دارم بن مالك بن حنظلة كان منهم ثم من بني نهشل بن دارم بن حازم بن خزيمة بن عبد الله بن حنظلة نضلة بن حدثان بن مطلق بن أصحر بن نهشل صاحب الشرطة لبني العبّاس. ومن بني مجاشع بن دارم الأقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع، والفرزدق بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال والحتات بن يزيد بن علقمة الّذي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان. ومن بني عبد الله بن دارم المنذر بن ساوى بن عبد الله بن زيد بن عبد مناة بن دارم صاحب هجر ومن بني غرس بن زيد بن عبد الله بن دارم حاجب بن زرارة بن غرس وابنه عطارد وبنوهم، كان فيهم رؤساء وأمراء وانقضى الكلام في تميم.
وأمّا بنو مزينة: وهم بنو مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس واسم ولده عثمان وأوس وأمّهما مزينة فسمّي جمع ولديهما بها، فكان منهم زهير بن أبي سلمى وهو ربيعة بن أبي رباح بن قرة بن الحرث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هرمة بن لاظم بن عثمان أحد الشعراء الستة، وأبناء بجير وكعب الّذي مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنعمان بن مقرّن بن عامر بن صبح بن هجيم بن نصر بن حبشيّة بن كعب بن عفراء بن ثور بن هرمة، وأخوه سويد الّذي قتل يوم نهاوند، ومعقل بن يسّار بن عبد الله بن معير بن حراق بن لابي بن كعب بن عيد ثور الصحابي المشهور.
وأمّا الرباب: وهم بنو عبد مناة بن أدّ بن طابخة فمن بنيه تميم وعديّ وعوف وثور، وسمّوا الرباب لأنهم غمسوا في الربّ أيديهم في حلف على بني ضبّة، وبلادهم جوار بني تميم بالدهناء، وفي أشعارهم ذكر حزوى وعالج من معالمهما.
وتفرّقوا لهذا العهد ولم يبق منهم أحد هنالك. وكان من بني تميم بن عبد مناة المستورد بن علقمة بن الفريس بن صباري بن نشبة بن ربيع بن عمرو بن عبد الله بن لؤيّ بن عمرو بن الحرث بن تميم الخارجي قتله معقل بن قيس الرياحيّ في إمارة المغيرة بن شعبة، وابن باخمة ورد بن مجالد بن علقمة حضر مع عبد الرحمن بن ملجم في قتل عليّ وقتل، وقطام بنت بجنة بن عديّ بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تميم التي تزوّجها عبد الرحمن بن ملجم ومهرها قتل عليّ فيما قيل حيث يقول:
ثلاثة آلاف وعبد وقينة
…
وضرب عليّ بالحسام المصمّم
[1]
وكانت خارجية وقتل أبوها شحمة وعمها الأخضر يوم النهروان. ومن بني عديّ بن عبد مناة ذي الرمّة الشاعر، وهو غيلان بن عقبة بن بهس بن مسعود بن حارثة بن عمرو بن ربيعة بن ساعدة بن كعب بن عوف بن ثعلبة بن ربيعة بن ملكان بن عديّ. ومن بني ثور بن عبد مناة ويسمى أطمل سفيان الثوريّ، وهو سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبد الله بن منقر بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ملكان بن ثور وأخواه عمرو والمبارك والربيع بن خثيم الفقيه.
وأمّا ضبّة: فهم بنو ضبّة بن أدّ وكانت ديارهم جوار بني تميم إخوتهم بالناحية الشمالية التهاميّة من نجد، ثم انتقلوا في الإسلام إلى العراق بجهة النعمانيّة وبها قتلوا المثنّى الشاعر. فمنهم ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن أسعد بن ضبّة سيد بني ضبّة في الجاهلية، وبقيت سيادتهم في بنيه، وكان له ثمانية عشر ولدا ذكرا شهدوا معه يوم القريتين، وابنه حصين كان مع عائشة يوم الجمل، ومن ولده القاضي أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسّان بن المنذر بن ضرار بن عنبسة بن إسحاق بن شمر بن عبس بن عنبسة بن شعبة ابن المختبر بن عامر بن العباب بن حسل بن بجالة المذكور في قوّاد بني العبّاس ولي مصر أيام المتوكل. ويقال: إنّ الديلم من بني باسل بن ضبّة بن أدّ والله أعلم.
وأمّا صوفة: فهم بنو الغوث بن مرّ بن أدّ كانوا يجيزون بالحاج في الموسم لا يجوز أحد حتى يجوزوا ثم انقرضوا عن آخرهم في الجاهلية، وورث ذلك آل صفوان بن شحمة من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وقد مرّ ذكر ذلك وانقضى بنو طابخة بن إلياس.
وأمّا مدركة بن إلياس فهم بطون كثيرة أعظمها هذيل والقارة وأسد وكنانة وقريش.
فأمّا هذيل: فهم بنو هذيل بن مدركة، وديارهم بالسروات، وسراتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف، ولهم أماكن ومياه في أسفلها من جهات نجد وتهامة وبين
[1] وفي كتاب ligionoftheShiah:لمؤلفه دوايت. م دونالدسن.
ثلاثة الاف وعبد وقينة
…
وضرب علي بالحسام المسمم
فلا مهر أعلى من عليّ وإن علا
…
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
وربما تكون هذه الرواية أصح لان الحسام الّذي قتل به الامام كان مسموما.
مكّة والمدينة، ومنها الرجيع وبئر معونة. وهم بطنان سعد بن هذيل ولحيان بن هذيل: فمن بني سعد بن هذيل أبو بكر الشاعر، والحطيئة فيما يقال، وعبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن الحارث بن تميم بن سعد الصحابي المشهور. وأخواه عتبة وعميس، وبنوه عبد الرحمن وعتبة، والمسعودي المؤرخ ابن عتبة وهو عليّ بن الحسين بن عليّ بن عبد الله بن زيد بن عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ومن عتبة أخيه عتبة بن عبيد الله بن زيد بن عتبة فقيه المدينة. وقد افترقوا في الإسلام على الممالك ولم يبق لهم حي يطرف. وبإفريقية منهم قبيلة بنواحي باجة يعسكرون مع جند السلطان ويؤدّون المغرم.
وأمّا بنو أسد: فمنهم بنو أسد بن خزيمة بن مدركة، بطن كبير متسع ذو بطون، وبلادهم فيما يلي الكرخ من أرض نجد وفي مجاورة طيِّئ، ويقال: إنّ بلاد طيِّئ كانت لبني أسد، فلما خرجوا من اليمن غلبوهم على أجا وسلمى وجاءوا واصطلحوا وتجاوروا لبني أسد والتغلبيّة وواقصة وغاضرة. ولهم من المنازل المسمّاة في الأشعار غاضرة والنعف، وقد تفرّقوا من بلاد الحجاز على الأقطار ولم يبق لهم حيّ وبلادهم الآن فيما ذكر ابن سعيد لطيّئ وبني عقيل الأمراء، كانوا بأرض العراق والجزيرة وكانوا في الدولة السلجوقيّة قد عظم أمرهم وملكوا الحلّة وجهاتها، وكان بها منهم الملوك بنو مرين الذين ألّف الهباريّ أرجوزته المعروفة به في السياسة. ثم اضمحلّ ملكهم بعد ذلك وورث بلادهم بالعراق خفاجة. وكانت بنو أسد بطونا كثيرة، كان منها بنو كاهل قاتل حجر بن عمرو الملك والد امرئ القيس، وبنو غنم بن دودان بن أسد منهم: عبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرّة بن كثّير بن غنم الّذي أسلم ثم تنصّر ومات نصرانيا، وأخته زينب أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وعكاشة بن محصن بن حدثان بن قيس بن مرّة بن كثّير الصحابي المشهور. وبنو ثعلبة بن دودان بن أسد منهم: الكميت الشاعر ابن زيد بن الأخنس بن ربيعة بن امرئ القيس بن الحرث بن عمرو بن مالك بن سعد بن ثعلبة، وضرار بن الأزور وهو مالك بن أويس بن خزيمة بن ربيعة بن مالك بن ثعلبة الصحابي، قاتل مالك بن نويرة، والحضرميّ بن عامر بن مجمع بن موالة بن همّام بن صحب بن القيس بن مالك وافدهم على النبيّ صلى الله عليه وسلم. وبنو عمرو بن قعيد بن
الحارث بن ثعلبة بن دودان منهم: الطمّاح بن قيس بن طريف بن عمرو بن قعيد الّذي سعى عند قيصر في هلاك امرئ القيس، وطليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن حجوان بن فقعس بن طريف بن عمر والّذي كان كاهنا وادعى النبوّة ثم أسلم.
وفي بني أسد بطون يطون ذكرها.
وأمّا القارة وعكل: فهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس إخوة بني أسد وكانوا حلفاء لبني زهرة بن قريش.
وأمّا كنانة فهم كنانة بن خزيمة بن مدركة إخوة بني أسد، وديارهم بجهات مكّة، وفيهم بطون كثيرة وأشرفها قريش، وهم بنو النضر بن كنانة وسيأتي ذكرهم. ثم بنو عبد مناة بن كنانة وبنو مالك بن كنانة. فمن بني عبد مناة: بنو بكر وبنو مرّة وبنو الحرث وبنو عامر، فمن بني بكر بنو ليث بن بكر منهم بنو الملوّح بن يعمر وهو الشدّاخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث. ومنهم الصعب بن جثامة بن قيس بن الشدّاخ الصحابي المشهور، والشاعر عروة بن أدينة بن يحيى بن مالك بن الحرث بن عبد الله ابن الشدّاخ، ومنهم بنو شجع بن عامر بن ليث بن بكر ومنهم أبو واقد الليثي الصحابي وهو الحرث بن عوف بن أسيد بن جابر بن عديدة بن عبد مناة بن شجع، وبنو سعد بن ليث بن بكر منهم أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جابر بن خميس بن عديّ بن سعد آخر من بقي ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم مات سنة سبع ومائة وواثلة بن الأسقع بن عبد العزّى بن عبد ياليل بن ناشب بن عبدة بن سعد الصحابي المشهور، وبنو جذع بن بكر بن ليث بن بكر:
منهم أمير خراسان نصر بن سيّار بن رافع بن عديّ بن ربيعة بن عامر بن عوف بن جندع ورافع بن الليث بن نصر القائم بسمرقند أيام الرشيد بدعوة بني أميّة ثم استأمن إلى المأمون. ومن بني عبد مناف بنو عريج بن بكر بن عبد مناف وبنو الديل بن بكر:
منهم الأسود بن رزق بن يعمر بن نافثة بن عديّ بن الدّيل الّذي كان بسببه فتح مكة. وسارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن محميّة بن عبد بن عديّ بن الديل الّذي ناداه عمر فيما اشتهر من المدينة وهو بالعراق يقاتل وأبو الأسود واضع النحو وهو ظالم بن عمرو بن سفيان بن عمرو بن جندب بن يعمر بن حليس بن نافثة بن عديّ. وبنو ضمرة بن بكر: منهم عامرة بن مخشى بن خويلد عبد بن نهم بن يعمر
بن عوف بن جري بن ضمرة الّذي وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعمرو بن أميّة بن خويلد بن عبد الله بن إياس بن عبيد بن ناشرة بن كعب بن جري الصحابي، والبرّاض بن قيس بن رافع بن قيس بن جري الفاتك قاتل عروة الرحّال ابن عتبة بن جعفر بن كلاب وكان بسببها حرب الفجّار. ومن ضمرة غفّار بن مليل بن ضمرة بطن كان منهم أبو ذرّ الغفاريّ الصحابي وهو جندب بن جنادة بن سفيان بن عبيد بن حرام بن غفّار، وصاحبه كثّير الشاعر الّذي تشبّب بعزّة بنت جميل بن حفص بن إياس بن عبد العزّى بن حاجب غافر بن غفّار ومنهم كلثوم بن الحصين بن خالد بن معيسير بن بدر بن خميس بن غفّار واستخلفه النبيّ صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزوة الفتح. وبنو مدلج بن مرة بن عبد مناة: منهم سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك بن عمرو بن مالك بن تيم بن مدلج الّذي اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجعالة قريش ليردّه فظهرت فيه الآية وصرفه الله تعالى عنه ومجزز المدلجيّ الّذي سرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقيافته في أسامة وزيد وهو مجزز بن الأعور بن جعد بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج. وبنو عامر بن عبد مناة منهم بنو مساحق بن الأفرم بن جذيمة بن عامر الذين قتلهم خالد بن الوليد بالغميصاء ووداهم النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر فعل خالد. وبنو الحارث بن عبد مناة منهم الحليس بن علقمة بن عمرو بن الأوقح بن عامر بن جذيمة بن عوف بن الحارث الّذي عقد حلف الأحابيش مع قريش وأخوه تيم الّذي عقد حلف القارة معهم. وبنو فراس بن مالك بن كنانة: منهم فارس العرب ربيعة بن المكدّم بن عامر بن خويلد بن جذيمة بن علقمة بن جذل الطعّان بن فارس. وبنو عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة: منهم نسأة الشهور في الجاهلية قام الإسلام فيهم على جنادة بن أميّة بن عوف بن قلع بن جذيمة بن فقيم بن علي بن عامر وكل من صارت إليه هذه المرتبة كان يسمى القلمس وأوّل من نسأ الشهور: سمير بن ثعلبة بن الحارث وكان منهم الرماحس بن عبد العزيز بن الرماحس بن الرسارس بن واقد بن وهب بن هاجر بن عزّ بن وائلة بن الفاكه بن عمرو بن الحرث ولّاه عبد الرحمن الداخل حين جاء إلى الأندلس على الجزيرة وشذونة وامتنع بها ثم زحف إليه ففرّ إلى العدوة وبها مات. وكان له بالأندلس عقب ولهم في الدولة الأمويّة ذكر وولايات كان منها على الأساطيل فكان لهم فيها غناء وكانوا يغزون سواحل العبيديّين بإفريقية فتعظم نكايتهم
فيها. وهو وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لا ربّ غيره ولا خير إلّا خيره، ولا يرجى إلا إيّاه ولا معبود سواه، وهم نعم المولى، ونعم النصير، وأسأله الستر الجميل، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. والحمد للَّه رب العالمين، حمدا دائما كثيرا، والله ولي التوفيق.
وأمّا قريش وهم ولد النضر بن كنانة بن فهر بن مالك بن النضر، والنضر هو الّذي يسمّى قريشا، قيل للتفرش وهو التجارة، وقيل تصغير قرش وهو الحوت الكبير المفترس دواب البحر. وإنما انتسبوا إلى فهر لأنّ عقب النضر منحصر فيه لم يعقب من بني النضر غيره، فهذا وجه القول بأن قريشا من بني فهر بن مالك أعني انحصار نسبهم فيه، وأمّا الّذي اسمه قريش فهو النضر. فولد فهر غالب والحارث ومحارب فبنو محارب بن فهر من قريش الظواهر منهم الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن محارب صاحب مرج راهط، قاتل فيه مروان بن الحكم حين بويع له بالخلافة وقتل. وضرار بن الخطّاب بن مرداس بن كثّير بن عمرو آكل السقف [1] ابن حبيب بن عمرو بن شيبان الفارس المشهور في الصحابة، وأبوه الخطّاب بن مرداس سيد الظواهر في الجاهلية، وكان يأخذ المرباع منهم وحضر حروب الفجّار، وابنه من فرسان الإسلام وشعرائه. وعبد الملك بن قطيّ بن نهشل بن عمرو بن عبد الله بن وهب بن سعد بن عمرو آكل السقف شهد يوم الحرّة وعاش حتى ولي الأندلس وصلبه أصحاب بلخ بن بشر القشيري، وكرز بن جابر بن حسل ابن لاحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان قتل يوم الفتح وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسار بنو الحرث بن فهر من الظواهر، منهم أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجرّاح بن هلال بن وهب بن ضبّة بن الحرث من العشيرة وأمير المسلمين بالشام عند الفتح، وعقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ضرب بن الحرث فاتح إفريقية ومؤسس القيروان بها، ومن عقبه عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة والي إفريقية أبوه حبيب بن عقبة هو قاتل عبد العزيز بن موسى بن نصير، ويوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة صاحب الأندلس وعليه دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك فقتله ووليها هو وبنوه من بعده.
وأمّا غالب بن فهر وهو في عمود النسب الكريم فولد تيم الأدرم وولدين فبنو تيم الأدرم من الظواهر وهم بادية، كان منهم ابن خطل الّذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح فقتل وهو متعلّق بأستار الكعبة، وهو هلال بن عبد الله بن عبد مناة بن أسعد بن جابر بن كبير بن تيم الأدرم.
وأمّا لؤيّ بن غالب في عمود النسب الكريم فولد كعبا وعامرا وبطونا أخرى يختلف
[1] ج سقيفة: بمعنى البعير.
في نسها إلى لؤيّ خزيمة وسامة وسعد وجشم، وهو الحارث وعوف وهم من قريش الظواهر على أقل، فمنهم خزيمة بن لؤيّ وبنو سامة بن لؤيّ، ويقال ليس بنو سامة من قريش وهم بعمان. ويقال: إنّ منهم بني سامان ملوك ما وراء النهر. فأمّا بنو عامر بن لؤيّ فهم شقير حسل بن عامر ومعيص بن عامر فمن بني معيص بشر بن أرطاة وهو عويمر عمران بن الحليس بن يسار بن نزار بن معيص بن عامر وهو أحد قوّاد معاوية، ومكرز بن حفص بن الأحنف بن علقمة بن عبد الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص من سادات قريش الّذي أجار أبا جندل بن سهيل فردّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عمرو بن قيس بن زائدة بن جندب الأصم ابن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص، وهو ابن خال خديجة وأمّه أمّ كلثوم عاتكة بنت عبد الله بن عنكمثة بن عامر بن مخزوم.
ومن بني حسل عامر بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن جبيب بن خزيمة بن مالك بن حسل بن عامر أمير المسلمين في فتح إفريقية أيام عثمان وولي مصر وكان كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى مكة ثم جاء تائبا وحسنت حاله وقصته معروفة، وحويطب بن عبد العزّى بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل له صحبة، وعبد عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك صاحب الحديبيّة وأخوه السكران، وابنه أبو جندل سهيل واسمه العاصي وهو الّذي جاء في قيوده يوم صلح الحديبيّة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فردّه وقصته معروفة.
وزمعة بن قيس بن عبد شمس، وابنه عبد بن زمعة، وبنته سودة بنت زمعة أم المؤمنين وكانت زوجة السكران ابن عمها، ثم تزوّجها بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأمّا كعب بن لؤيّ وهو في عمود النسب الكريم فولده مرّة وهصيص وعديّ وهم قريش البطاح أي بطائح مكّة، فمن ابن كعب هصيص بن كعب بن لؤيّ بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب منهم العاصي بن وائل بن هشام بن سعيد بن سهم، وابناه عمرو وهشام ابنا العاصي، وعبد الرحمن بن معيص بن أبي وداعة وهو الحارث بن سعيد بن سعد بن سهم قارئ أهل مكّة، وإسماعيل بن جامع بن عبد المطّلب بن أبي وادعة مفتي مكّة ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم قتلا يوم بدر كافرين وألقيا في القليب، وقتل يومئذ العاصي بن منبّه، وكان له ذو
الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعبد الله بن الزبعري بن قيس بن عديّ بن سعد بن سهم كان يؤذي بشعره ثم أسلم وحسن إسلامه، وحذافة بن قيس أبو الأخنس وخنيس، وكان خنيس على حفصة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن حذافة من مهاجرة الحبشة وهو الّذي مضى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى. وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، كان منهم أميّة بن خلف بن وهب بن حذافة قتل يوم بدر وأخوه أبيّ قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بيده وابنه صفوان بن أميّة أسلم يوم الفتح وابنه عبد الله بن صفوان قتل مع الزبير وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة وإخوته قدامة والسائب وعبد الله مهاجرون بدريّون وإخوتهم زينب بنت مظعون أم حفصة.
وبنو عديّ بن كعب: منهم زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن زراح بن عديّ [1] . رفض الأوثان في الجاهلية والتزم الحنيفيّة ملّة إبراهيم إلى أن قتل بقرية من قرى البلقاء قتله لخم أو جذام، وابنه سعيد بن زيد أحد العشرة المشهود لهم بالجنّة. وعمر بن الخطّاب أمير المؤمنين، وابنه عبد الله وعاصم وعبيد الله وغيرهم، وخارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبيد الله بن عويج بن عديّ بن كعب الّذي قتله الحروري بمصر يظنّه عمرو بن العاص [2] وقال:
أردت عمرا وأراد الله خارجة فصارت مثلا. وأبو الجهم بن حذيفة بن غانم صاحب النفل يوم حنين ومطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج صحابي، وابنه عبد الله بن مطيع كان على المهاجرين يوم الحرّة قتل مع ابن الزبير بمكة.
وأمّا مرّة بن كعب وهو من عمود النسب الكريم فكان له من الولد كلاب وتيم ويقظة.
فأمّا تيم بن مرّة فمنهم: عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم سيد قريش في الجاهلية وتنسب إليه الدار المشهورة يومئذ بمكّة. ومنهم أبو بكر الصدّيق واسمه عبد الله بن أبي قحافة وهو عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب وابناه عبد
[1] وفي نسخة أخرى: رزاح بن عديّ.
[2]
وبهذه المناسبة قال الشاعر:
وليتها إذ فدت عمر الخارجة
…
فدت عليّا بمن شاءت من البشر
الرحمن ومحمد وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب قتل يوم الجمل وابنه محمد السجّاد وأعقابهم كثيرة.
وبنو يقظة بن مرّة منهم: بنو مخزوم بن يقظة بن مرّة فمنهم صيفي بن أبي رفاعة وهو أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، قتل هو أخوه ببدر كافرا، والأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف بن أبي جندب، واسمه أسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم صاحبي بدريّ كان يجتمع بداره النبيّ صلى الله عليه وسلم والمسلمون سرّا قبل أن يفشوا الإسلام، وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم من قدماء المهاجرين كان زوج أمّ سلمة قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم، والفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم واسمه أبو قيس قتل يوم بدر كافرا، وأبو جهل بن هشام بن المغيرة واسمه عمر وقتل يومئذ كافرا وابنه عكرمة صحابي، والحارث بن هشام بن المغيرة أسلم وحسن إسلامه وله عقب كثير مشهورون، وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتل يوم بدر كافرا وبنته أمّ سلمة أمّ المؤمنين وهشام بن أبي حذيفة من مهاجرة الحبشة، وعبد الله بن أبي ربيعة وهو عمرو بن المغيرة من الصحابة من ولده الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المعروف بالقبّاع، والوليد بن المغيرة مات بمكّة كافرا وابنه خالد بن الوليد سيف الله صاحب الفتوحات الإسلامية، وسعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم تابعي، وأبوه المسيّب من أهل بيعة الرضوان.
وأمّا كلاب بن مرّة من عمود النسب الكريم فولد له قصيّ وزهرة فبنو زهرة بن كلاب منهم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أم النبي صلى الله عليه وسلم وابن أخيها عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب، وسعد بن أبي وقّاص واسمه مالك بن وهب بن عبد مناف أمير المسلمين في فتح العراق، وهاشم ابن أخيه عتبة من الأمراء يومئذ، وابنه عمرو بن سعيد الّذي بعثه عبد الله بن زياد لقتال الحسين وقتله المختار بن أبي عبيد، وأخوه محمد بن سعد قتله الحجّاج بن أبي الأشعث، والمسوّر ابن مخرمة بن نوفل بن وهب صحابي وأبوه من المؤلّفة قلوبهم، وعبد الله بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحرث بن زهرة وابنه سلمة وله عقب كثير.
وأمّا قصيّ بن كلاب من عمود النسب الكريم، وهو الّذي جمع أمر قريش وأثل مجدهم، فولد له عبد مناف وعبد الدار وعبد العزّى.
فبنو عبد الدار كان منهم النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار، أسر يوم بدر مع المشركين، ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومرّ بالصفراء أمر به فضرب عنقه هنالك. ومصعب بن عمرو بن هاشم بن عبد مناف صحابي بدري استشهد يوم أحد وكان صاحب اللواء، ومن عقبه كان عامر بن وهب القائم بسرقسطة من الأندلس بدعوة أبي جعفر المنصور، وقتله يوسف بن عبد الرحمن الفهريّ أمير الأندلس قبل عبد الرحمن الداخل. ومنهم أبو السنابل بن بعكك بن السبّاق بن عبد الدار صحابي مشهور، ومنهم عثمان بن طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار الّذي دفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مفتاح الكعبة، وقيل إنّما دفعه إلى أخيه شيبة وصارت حجابة البيت إلى بني شيبة بن طلحة من يومئذ.
وبنو عبد العزّى بن قصيّ منهم أبو البختري العاصي بن هاشم بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى، أراد التملّك على قريش من قبل قيصر فمنعوه فرجع عنهم الى الشام، وسجن من وجد بها من قريش، وكان في جملتهم أبو أحيحة سعيد بن العاص فدست قريش إلى عمرو بن جفنة الغسّانيّ، فسمّ عثمان بن الحويرث ومات بالشام.
وهبّار بن الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزّى، كان من عقبه عمر بن عبد العزيز بن المنذر بن الزبير بن عبد الرحمن بن هبّار صاحب السند وليها في ابتداء الفتنة إثر قتل المتوكّل، وتداول أولاده ملكها إلى أن انقطع أمرهم على يد محمود بن سبكتكين صاحب غزنة وما دون النهر من خراسان، وكانت قاعدتهم المنصورة، وكان جدّه المنذر بن الربيع قد قام بقرقيسياء أيام السفّاح فأسر وصلب. وإسماعيل بن هبّار قتله مصعب بن عبد الرحمن غفيلة، وهبّار كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ابنه عوف أسلم فمدحه وحسن إسلامه. وعبد الله بن زمعة بن الأسود له صحبة وتزوّج زينب بنت أبي سلمة من أم سلمة أم المؤمنين. وخديجة أمّ المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى، والزبير بن العوّام بن خويلد أحد العشرة، وابناه عبد الله ومصعب. وحكيم بن حزام بن خويلد عاش ستين سنة في الإسلام وباع داره والندوة من معاوية بمائة ألف، وابنه هشام بن حكيم.
وأمّا عبد مناف وهو صاحب الشوكة في قريش وسنام الشرف وهو في عمود النسب الكريم، فولد له عبد شمس وهاشم والمطّلب ونوفل. وكان بنو هاشم وبنو عبد
شمس متقاسمين رياسة بني عبد مناف والبقية أحلاف لهم فبنو المطّلب أحلاف لبني هاشم وبنو نوفل أحلاف لبني عبد شمس.
فأمّا بنو عبد شمس فمنهم العبلات وهم بنو أميّة الأصغر وبنته الثريا صاحبة عمرو بن أبي ربيعة وهي سيدة القريض المغنّي وبنو ربيعة بن عبد شمس: منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، ومن عتبة ابنه الوليد وقتل يوم بدر كافرا، وأبو حذيفة صحابي وهو مولى سالم قتل يوم اليمامة، وهند بنت عتبة أمّ معاوية رضي الله عنها. وبنو عبد العزّى بن عبد شمس: منهم أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزّى صهر النبيّ وكانت له منها أمامة تزوّجها علي بعد فاطمة رضي الله عنهما. وبنو أميّة الأكبر بن عبد شمس منهم سعيد بن أبي أحيحة العاصي بن أميّة مات كافرا، وابنه خالد بن عبد قتل يوم اليرموك، وسعيد بن العاص بن سعيد قديم الإسلام ولي صنعاء واستشهد في فتح الشام، وابنه سعيد قتل يوم اليرموك، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية ولي الكوفة لعثمان، وابنه عمرو الأشدق القائم على عبد الملك وقتله، وأمير المؤمنين عثمان بن عفّان بن العاص بن أمية، ومروان بن الحكم بن أبي العاص، وأعقابه الخلفاء الأوّلون في الإسلام والملوك بالأندلس معروفون يأتي ذكرهم عند أخبار دولهم. وأبو سفيان بن حرب بن أميّة وأبناؤه معاوية أمير المؤمنين ويزيد وحنظلة وعتبة وأم حبيبة أمّ المؤمنين، وعقب معاوية بين الخلفاء والإسلام بيّن معروف يذكر عند ذكرهم. وعتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية ولّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكّة إذ فتحها فلم يزل عليها إلى أن مات يوم ورود الخبر بموت أبي بكر الصدّيق. ومنهم بنو أبي الشوراب القضاة ببغداد من عهد المتوكل إلى المقتدر، وهم بنو أبي عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العاص وعقبة بن أبي معيط واسمه أبان بن عمرو بن أمية قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر صبرا، وابنه الوليد صحابي ولي الكوفة وهو الّذي حدّ على الخمر بين يدي عثمان، وابنه أبو قطيفة الشاعر، ومن عقبة بن أبي معيط المعيطي الّذي بويع بدانية من شرق الأندلس بايع له ما ملكها مجاهد زمان الفتنة بعد المائة الرابعة في آخر الدولة الأموية، وهو عبد الله بن عبيد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عثمان بن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن عقبة بن أبي معيط.
وبنو نوفل بن عبد مناف: منهم جبير بن مطعم بن عديّ بن نوفل الصحابي المشهور، وأبوه مطعم هو الّذي نوّه به النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الطائف ومات قبل بدر، وطعيمة بن عديّ قتل يوم بدر كافرا، ومولاه وحشي هو الّذي قتل يوم أحد حمزة بن عبد المطّلب.
وبنو المطّلب بن عبد مناف منهم قيس بن مخرمة بن المطّلب صحابي، وابنه عبد الله بن قيس مولى يسار جد محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي، ومسطح وهو عوف بن أثاثة بن عبّاد بن المطّلب أحد من تكلم بالإفك وهو ابن خالة أبي بكر الصدّيق، وركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطّلب كان من أشدّ الرجال، وصارعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرعه وكانت آية من آياته. والسائب بن عبد يزيد وكان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر يوم بدر ومن عقبه الشافعيّ محمد بن إدريس بن العبّاس بن عثمان بن شافع بن السائب.
وأمّا بنو هاشم بن عبد مناف فسيّدهم عبد المطلب بن هاشم، ولم يذكر من عقبه إلّا عقب عبد المطلب هذا، وكان بنوه عشرة عبد الله أبو النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو أصغرهم، وحمزة، والعبّاس وأبو طالب، والزبير، والمقوّم ويقال اسمه الغيداق، وضرار وحجل، وأبو لهب، وقثم والزبير لا عقب لهما. وعقب حمزة انقرض فيما قال ابن حزم. ومن عقب أبي لهب ابنه عتبة صحابي. وأمّا عقب العبّاس وأبي طالب فأكثر من أن يحصر، والبيت والشرف من بني العبّاس في عبد الله بن العبّاس، ومن بني أبي طالب في علي أمير المؤمنين وبعده أخوه جعفر رضي الله عنهم أجمعين، وسنذكر من مشاهيرهم عند ذكر أخبارهم ودولهم ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى.
هذا آخر الكلام وفي أنساب قريش وانقضى بتمامها الكلام في أنساب مضر وعدنان فلنرجع الآن إلى أخبار قريش وسائر مضر وما كان لهم من الدول الإسلامية. والله المستعان لا ربّ غيره، ولا خير إلّا خيره، ولا معبود سواه ولا يرجى إلّا إياه، وهو حسبي ونعم الوكيل، وأسأله الستر الجميل.