الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من المسلمين يوم الخميس أربعة منهم أيمن بن أم أيمن أخو أسامة لأمه [1] ، ويزيد بن زمعة بن الأسود، وسراقة بن الحرث من بني العجلان، وأبو عامر الأشعري.
حصار الطائف وغزوة تبوك
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال فحبست بالجعرانة بنظر مسعود ابن عمرو الغفاريّ، وسار من فوره إلى الطائف فحاصر بها ثقيف خمس عشرة ليلة، وقاتلوا من وراء الحصون، وأسلم من كان حولهم من الناس وجاءت وفودهم إليه.
وقد كان مرّ في طريقه بحصن مالك بن عوف النصري [2] فأمر بهدمه، ونزل على أطم لبعض ثقيف فتمنع فيه صاحبه فأمر بهدمه فأخرب وتحصنت ثقيف. وقد كان عروة بن مسعود وغيلان بن سلمة من ساداتهم ذهبا إلى جرش يتعلمان صنعة المجانيق والدبابات للحصار لمّا أحسوا من قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم فلم يشهدا الحصار ولا حنينا قبله، وحاصرهم المسلمون بضع عشرة أو بضعا وعشرين ليلة واستشهد بعضهم بالنبل ورماهم صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق، ودخل نفر من المسلمين تحت دبابة ودنوا إلى سور الطائف فصبوا عليهم سكك الحديد المحماة ورموهم بالنبل فأصابوا منهم قوما، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعنابهم [3] ، ورغب إليه ابن الأسود بن مسعود في ماله وكان بعيدا من الطائف وكفّ عنه، ثم دخل إلى الطائف وتركهم ونزل أبو بكرة فأسلم.
واستشهد من المسلمين في حصاره: سعيد بن سعيد بن العاص، وعبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة أخو أمّ سلمة، وعبد الله بن عامر بن ربيعة العنزي حليف بني عدي في آخرين قريبا من اثني عشر فيهم أربعة من الأنصار.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة وأتاه هناك وفد هوازن مسلمين راغبين، فخيّرهم بين العيال والأبناء والأموال فاختاروا العيال والأبناء، وكلموا المسلمين في ذلك بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقال المهاجرون والأنصار ما كان لنا فهو لرسول الله
[1] وفي النسخة الباريسية: أيمن بن عبيد أخو سلمة لأمه.
[2]
النصري بالصاد المهملة، كذا في فضائل رمضان للأجهوري، قال وأسلم بعد ذلك أهـ. (قاله نصر) .
[3]
وفي نسخة اخرى: أعناقهم.
صلى الله عليه وسلم. وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن أن يراد عليهم ما وقع لهما من الفي وساعدهم قومهم [1]، وامتنع العبّاس بن مرداس كذلك. وخالف بنو سليم وقالوا: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فعوّض رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم تطب نفسه عن نصيبه. وردّ عليهم نساءهم وأبناءهم بأجمعهم.
وكان عدد سبي هوازن ستة آلاف بنى ذكر وأنثى فيهنّ الشيما أخت النبيّ صل يا لله عليه وسلم من الرضاعة وهي بنت الحرث بن عبد العزّى من بني سعد بن بكر من هوازن، وأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسن إليها وخيّرها فاختارت قومها فردّها اليهم. وقسم الأموال بين المسلمين، ثم أعطى من نصيبه من خمس الخمس قوما يستألفهم على الإسلام من قريش وغيرهم، فمنهم من أعطاه مائة مائة، ومنهم خمسين خمسين، ومنهم ما بين ذلك، ويسمّون المؤلفة وهم مذكورون في كتب السير يقاربون الأربعين، منهم أبو سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية ومالك بن عوف وغيرهم، ومنهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر والأقرع بن حابس وهما من أصحاب المائة، وأعطى عبّاس بن مرداس دونهما، فأنشده أبياته المعروفة يتسخط فيها، فقال اقطعوا عني لسانه فأتموا إليه المائة.
ولمّا أعطى المؤلفة قلوبهم وجد الأنصار في أنفسهم إذ لم يعطهم مثل ذلك وتكلّم شبانهم مع ما كانوا يظنون أنه إذا فتح الله عليه بلده يرجع إلى قومه ويتركهم، فجمعهم ووعظهم وذكّرهم وقال:«إنما أعطي قوما حديثي عهد بالإسلام أتألفهم عليه، أما ترضون أن ينصرف الناس بالشاء والبعير وتنصرفوا برسول الله إلى رحالكم، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الأنصار شعبا وسلك الناس شعبا لسلكت شعب الأنصار» فرضوا وافترقوا.
ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة الى مكة، ثم رجع الى المدينة فدخلها لست بقين من ذي القعدة من السنة الثامنة لشهرين ونصف من خروجه، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد شابا ينيف عمره على عشرين، وكان غلبه الورع والزهد فأقام الحج بالمسلمين في سنته وهو أوّل أمير أقام حجّ الإسلام المشركون على مشاعرهم. وخلف بمكة معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن،
[1] وفي نسخة اخرى:، وساعدهما قومهما.
وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندي [1] من الأزد بعمان مصدقا فأطاعوا له بذلك. واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف على من أسلم من قومه ومن سلم منهم وماله حوالي الطائف من ثقيف، وأمره بمغادرة الطائف من التضييق عليهم ففعل حتى جاءوا مسلمين كما يذكر بعد. وحسن إسلام المؤلفة قلوبهم ممن أسلم يوم الفتح أو بعده وإن كانوا متفاوتين في ذلك. ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير فأهدر دمه وضاقت به الأرض، وجاء فأسلم وأنشد النبي صلى الله عليه وسلم قصيدته المعروفة بمدحه التي أوّلها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
إلخ. وأعطاه بردة في ثواب مدحه فاشتراها معاوية من ورثته بعد موته وصار الخلفاء يتوارثونها شعارا.
ووفد في سنة تسع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بنو أسد فأسلموا وكان منهم ضرار بن الأزور، وقالوا: قدمنا يا رسول الله قبل أن يرسل إلينا فنزلت «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا 49: 17» (الآية) . ووفد فيها وفدتين في شهر ربيع الأول ونزلوا على رويفع بن ثابت البلوي. وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد منصرفه من الطائف في ذي الحجة إلى شهر رجب من السنة التاسعة.
ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم: «وكان في غزواته كثيرا ما يوري بغير الجهة التي يقصدها على طريقة الحرب إلا ما كان من هذه الغزاة لعسرها بشدّة الحرب، وبعد البلاد وفصل الفواكه وقلّة الظلال وكثرة العدو الذين يصدّون. وتجهز الناس على ما في أنفسهم من استثقال ذلك، وطفق المنافقون يثبطونهم عن الغزو، وكان نفر منهم يجتمعون في بيت بعض اليهود، فأمر طلحة بن عبيد الله أن يخرّب عليهم البيت فخرّبها [2] . واستأذن ابن قيس من بني سلمة في القعود فأذن له وأعرض عنه، وتدرّب كثير من المسلمين بالإنفاق والحملان وكان من أعظمهم في ذلك عثمان بن عفّان يقال إنه أنفق فيها ألف دينار وحمل على تسعمائة بعير ومائة فرس وجهز ركابا.
وجاء بعض المسلمين يستحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد ما يحملهم عليه فنزلوا باكين لذلك، وحمل بعضهم يامين بن عمير النضري وهما أبو ليلى بن كعب من بني مازن بن النجّار وعبد الله بن المغفل المزني. واعتذر المخلفون من الأعراب
[1] وفي نسخة اخرى: الى أهل حنين وعمرو بن الجلندي.
[2]
وفي النسخة الباريسية: ان يحرق عليهم البيت فحرقها.
فعذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم نهض وخلّف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل بل سبّاع بن عرفطة وقيل بل عليّ ابن أبي طالب، وخرج معه عبد الله بن أبي بن سلول في عدد وعدّة، فلما سار صلى الله عليه وسلم تخلّف هو فيمن تخلّف من المنافقين. ومرّ صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود فأمر أن لا يستعمل ماؤها ويعلف ما عجن منه للإبل، وأذن لهم في بئر الناقة، وأمر أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلّا باكين، ونهى أنّ يخرج أحد منفردا عن صاحبه، فخرج رجلان من بني ساعدة خنق [1] أحدهما فمسح عليه فشفي، والآخر رمته الريح في جبل طي فردّوه بعد ذلك إلي النبيّ صلى الله عليه وسلم. وضلّ صلى الله عليه وسلم ناقته في بعض الطريق، فقال أحد المنافقين محمد يدّعي علم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته، فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: والله لا أعلم إلّا ما علّمني الله وأن الناقة بموضع كذا. وكان قد أوحى إليه بها فوجدوها ثم، وكان قائل هذا القول زيد بن اللصيت من بني قينقاع وقيل إنه تاب بعد ذلك. وفضح الوحي قوما من المنافقين كانوا يخذلون الناس ويهوّلون عليهم أمر الروم، فتاب منهم مخشى بن جهير [2] ودعا أن يكفر عنه بشهادة يخفي مكانه فقتل يوم اليمامة.
ولمّا انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحينة بن رؤبة صاحب أيلة وأهل جرباء وأذرح فصالحوا على الجزية وكتب لكل كتابا. وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك [3] صاحب دومة الجندل من كندة كان ملكا عليها وكان نصرانيا وأخبر أنه يجده يصيد البقر، واتفق أن بقر الوحوش باتت تهدّ القصر بقرونها فنشط أكيدر لصيدها وخرج ليلا، فوافق وصوله خالدا، فأخذه وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنه وصالحه على الجزية وردّه.
وأقام بتبوك عشرين ليلة، ثم انصرف، وكان في طريقه ماء قليل نهى أن يسبق إليه أحد، فسبق رجلان واستنفدا ما فيه فنكر عليهما ذلك، ثم وضع يده تحت وشله فصب ما شاء الله أن يصب ونضح به الوشل [4] ودعا فجاش الماء حتى كفى العسكر.
[1] وفي نسخة اخرى: جن
[2]
وفي النسخة الباريسية: مخشى بن حمير.
[3]
وفي النسخة الباريسية: عبد الله.
[4]
وفي نسخة اخرى: ونضح بالوشل.