الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس، وكتب إلى الأمراء بالأمصار يستمدّهم لأهل المدينة، فجاء أبو عبيدة بأربعة آلاف راحلة من الطعام، وأصلح عمرو بن العاص بحر القلزم وأرسل فيه الطعام من مصر فرخص السعر، واستقى عمر بالناس فخطب الناس وصلّى. ثم قام وأخذ بيد العبّاس وتوسّل به ثم بكى وحثا على ركبتيه يدعوا إلى أن مطر الناس. وهلك بالطاعون أبو عبيدة ومعاذ ويزيد بن أبي سفيان والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو وابنه عتبة في آخرين أمثالهم. وتفانى الناس بالشام، وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يرتفع بالمسلمين من الأرض التي هو بها فدعا أبا موسى يرتاد له منزلا ومات قبل رحيله، وسار عمر بالناس إلى الشام وانتهى الى سرغ ولقيه أمراء الأجناد وأخبروه بشدّة الوباء، واختلف الناس عليه في قدومه فقبل إشارة العود ورجع، وأخبر عبد الرحمن بن عوف بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الوباء فقال:«إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه» . أخرجاه في الصحيحين.
ولما هلك يزيد ولّى عمر على دمشق مكانه أخاه معاوية بن أبي سفيان وعلى الأرض شرحبيل بن حسنة، ولمّا فحش أثر الطاعون بالشام أجمع عمر على المسير إليه ليقسّم مواريث المسلمين ويتطوّف على الثغور ففعل ذلك، ورجع واستقضى في سنة ثمان عشرة على الكوفة شريح بن الحرث الكنديّ، وعلى البصرة كعب بن سوار الأزديّ.
وحج في هذه السنة ويقال إن فتح جلولاء والمدائن والجزيرة كان في هذه السنة وقد تقدّم ذكر ذلك وكذلك فتح قيسارية على يد معاوية وقيل سنة عشرين.
فتح مصر
ولما فتح عمر بيت المقدس استأذنه عمرو بن العاص في فتح مصر فأغزاه ثم اتبعه الزبير بن العوّام فساروا سنة عشرين أو إحدى أو اثنين أو خمس فاقتحموا باب إليون ثم ساروا في قرى الريف إلى مصر ولقيهم الجاثليق أبو مريم والأسقف قد بعثه المقوقس، وجاء أبو مريم إلى عمرو فعرض الجزية والمنع وأخبره بما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأنهم، وأجلّهم ثلاثا ورجعوا إلى المقوقس وأرطبون أمير الروم فأبى من ذلك أرطبون وعزم على الحرب وبيّت المسلمين فهزموه وجنده. ونازلوا عين شمس
وهي المطريّة وبعثوا لحصار الفرما أبرهة [1] بن الصبّاح، ولحصار الإسكندرية عوف ابن مالك، وراسلهم أهل البلاد وانتظروا عين شمس فحاصرهم عمرو والزبير مدة حتى صالحوهما على الجزية، وأجروا ما أخذوا قبل ذلك عنوة، فجرى الصلح وشرطوا ردّ السبايا فأمضاه لهم عمر بن الخطّاب على أن يجيز السبايا في الإسلام وكتب العهد بينهم ونصّه:
قال فدخل في ذلك أهل مصر كلهم وقبلوا الصلح ونزل المسلمون الفسطاط، وجاء أبو مريم الجاثليق يطلب السبايا التي بعد المعركة في أيام الأجل فأبى عمرو من ردّها وقال: أغاروا وقاتلوا وقسّمتهم في الناس، وبلغ الخبر إلى عمر فقال: من يقاتل في أيام الأجل فله الأمن وبعث بهم إلى الرباق [5] فردّهم عليهم. ثم سار عمرو إلى الإسكندرية فاجتمع له من بينهما وبين الفسطاط من الروم والقبط فهزمهم وأثخن
[1] وفي نسخة ثانية: الفورفا أبرهة.
[2]
وفي النسخة الباريسية: وصلبهم.
[3]
وفي نسخة ثانية: من الجزية بعددهم.
[4]
وفي النسخة الباريسية: من عادته
[5]
وفي نسخة ثانية: الرقاق