المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم - تاريخ ابن خلدون - جـ ٢

[ابن خلدون]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثاني]

- ‌الكتاب الثاني ويشتمل: أخبار العرب وأجيالهم ودولهم منذ مبدإ الخليقة الى هذا العهد

- ‌المقدّمة الاولى في أمم العالم واختلاف أجيالهم والكلام على الجملة في أنسابهم

- ‌المقدّمة الثانية في كيفية وضع الأنساب في كتابنا لأهل الدول وغيرهم

- ‌القول في أجيال العرب وأوّليتها واختلاف طبقاتهم وتعاقبها وأنساب كل طبقة منها

- ‌برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها

- ‌الطبقة الاولى من العرب وهم العرب العاربة وذكر نسبهم والإمام بملكهم ودولهم على الجملة

- ‌الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من العرب وهم العرب المستعربة وذكر أنسابهم وأيامهم وملوكهم والإلمام ببعض الدول التي كانت على عهدهم

- ‌الخبر عن ملوك التبابعة من حمير وأوليتهم باليمن ومصاير أمورهم

- ‌ملك الحبشة اليمن

- ‌غزو الحبشة الكعبة

- ‌قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن

- ‌الخبر عن ملوك بابل من النبط والسريانيين وملوك الموصل ونينوى من الجرامقة

- ‌الخبر عن القبط وأوّلية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم

- ‌الخبر عن بني إسرائيل وما كان لهم من النبوة والملك وتغلبهم على الأرض المقدّسة بالشام وكيف تجدّدت دولتهم بعد الانقراض وما اكتنف ذلك من الأحوال

- ‌الخبر عن حكام بني إسرائيل بعد يوشع الى أن صار أمرهم إلى الملك وملك عليهم طالوت

- ‌الخبر عن ملوك بني إسرائيل بعد الحكام ثم افتراق أمرهم والخبر عن دولة بني سليمان بن داود على السبطين يهوذا وبنيامين بالقدس الى انقراضها

- ‌الخبر عن افتراق بنى إسرائيل منهم ببيت المقدس على سبط يهوذا وبنيامين الى انقراضه

- ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن عمارة بيت المقدس بعد الخراب الأوّل وما كان لبني إسرائيل فيها من الملك في الدولتين لبني حشمناي وبني هيردوس إلى حين الخراب الثاني والجلوة الكبرى

- ‌ابتداء أمر انظفتر [1] أبو هيردوس

- ‌انقراض ملك بني حشمناي وابتداء ملك هيردوس وبنيه

- ‌الخبر عن شأن عيسى بن مريم صلوات الله عليه في ولادته وبعثته ورفعه من الأرض والإلمام بشأن الحواريين بعده وكتبهم الأناجيل الأربعة وديانة النصارى بملته واجتماع الاقسة على تدوين شريعته

- ‌الخبر عن الفرس وذكر أيامهم ودولهم وتسمية ملوكهم وكيف كان مصير أمرهم الى تمامه وانقراضه

- ‌الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم

- ‌الطبقة الثانية من الفرس وهم الكينية وذكر ملوكهم وأيامهم إلى حين انقراضهم

- ‌الطبقة الثالثة من الفرس وهم الأشكانية ملوك الطوائف وذكر دولهم ومصاير أمورهم الى نهايتها

- ‌الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانية والخبر عن ملوكهم الأكاسرة إلى حين الفتح الإسلامي

- ‌الخبر عن دولة يونان والروم وأنسابهم ومصايرهم

- ‌الخبر عن دولة يونان والإسكندر منهم وما كان لهم من الملك والسلطان الى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن اللطينيين وهم الكيتم المعرفون بالروم من أمم يونان وأشياعهم وشعوبهم وما كان لهم من الملك والغلب وذكر الدولة التي فيهم للقياصرة وأولية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن فتنة الكيتم مع أهل إفريقية وتخريب قرطاجنة ثم بناؤها على الكيتم وهم اللطينيون

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من الكيتم وهم اللطينيون ومبدإ أمورهم ومصاير أحوالهم

- ‌الخبر عن القياصرة المتنصرة من اللطينيين وهم الكيتم واستفعال ملكهم بقسطنطينية ثم بالشام بعدها إلى حين الفتح الإسلامي ثم بعد إلى انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن ملوك القياصرة من لدن هرقل والدولة الإسلامية الى حين انقراض أمرهم وتلاشي أحوالهم

- ‌الخبر عن القوط وما كان لهم من الملك بالأندلس الى حين الفتح الإسلامي وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها

- ‌الخبر عن أنساب العرب من هذه الطبقة الثالثة واحدة واحدة وذكر مواطنهم ومن كان له الملك منهم

- ‌الخبر عن حمير من القحطانية وبطونها وتفرع شعوبها

- ‌الخبر عن قضاعة وبطونها والإلمام ببعض الملك الّذي كان فيها

- ‌الخبر عن بطون كهلان من القحطانية وشعوبهم واتصال بعضها مع بعض وانقضائها

- ‌الخبر عن ملوك الحيرة من آل المنذر من هذه الطبقة وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم وكيف صار إلى طيِّئ من بعدهم

- ‌ملوك كندة الخبر عن ملوك كندة من هذه الطبقة ومبدإ أمرهم وتصاريف أحوالهم

- ‌الخبر عن أبناء جفنة ملوك غسان بالشام من هذه الطبقة وأوليتهم ودولهم وكيف انساق الملك اليهم ممن قبلهم

- ‌الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم

- ‌الخبر عن بني عدنان وأنسابهم وشعوبهم وما كان لهم من الدول والملك في الإسلام وأوّلية ذلك ومصايره

- ‌الخبر عن قريش من هذه الطبقة وملكهم بمكة وأولية أمرهم وكيف صار الملك اليهم فيها ممن قبلهم من الأمم السابقة

- ‌أمر النبوّة والهجرة في هذه الطبقة الثالثة وما كان من اجتماع العرب على الإسلام بعد الاباية والحرب

- ‌المولد الكريم وبدء الوحي

- ‌بدء الوحي

- ‌هجرة الحبشة

- ‌ العقبة الثانية

- ‌الهجرة

- ‌الغزوات

- ‌الأبواء:

- ‌بواط:

- ‌البعوث:

- ‌غزوة بدر الثانية:

- ‌غزوة الكدر:

- ‌غزوة السويق:

- ‌ذي أمرّ:

- ‌نجران:

- ‌قتل كعب بن الأشرف:

- ‌غزوة بني قينقاع:

- ‌سرية زيد بن حارثة إلى قردة:

- ‌قتل ابن أبي الحقيق:

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة حمراء الأسد:

- ‌بعث الرجيع:

- ‌غزوة بئر معونة:

- ‌غزوة بني النضير:

- ‌غزوة ذات الرقاع:

- ‌غزوة بدر الصغرى الموعد:

- ‌غزوة دومة الجندل:

- ‌غزوة الخندق

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌غزوة الغابة وذي قرد

- ‌غزاة بني المصطلق:

- ‌عمرة الحديبيّة

- ‌إرسال الرسل الى الملوك

- ‌غزوة خيبر

- ‌فتح فدك ووادي القرى

- ‌عمرة القضاء

- ‌غزوة جيش الأمراء

- ‌فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌حصار الطائف وغزوة تبوك

- ‌إسلام عروة بن مسعود ثم وفد ثقيف وهدم اللات

- ‌الوفود

- ‌ حجة الوداع

- ‌العمال على النواحي

- ‌خبر العنسيّ

- ‌بعث أسامة:

- ‌أخبار الأسود ومسيلمة وطليحة:

- ‌مرضه صلى الله وسلم عليه:

- ‌خبر السقيفة

- ‌الخلافة الإسلامية

- ‌الخبر عن الخلافة الإسلامية في هذه الطبقة وما كان فيها من الرّدة والفتوحات وما حدث بعد ذلك من الفتن والحروب في الإسلام ثم الاتفاق والجماعة

- ‌بعث الجيوش للمرتدين

- ‌خبر طليحة

- ‌خبر هوازن وسليم وبني عامر

- ‌خبر بني تميم وسجاح

- ‌البطاح ومالك بن نويرة

- ‌خبر مسيلمة واليمامة

- ‌ردّه الحطم وأهل البحرين

- ‌ردة أهل عمان ومهرة واليمن [2]

- ‌بعوث العراق وصلح الحيرة

- ‌فتح الحيرة

- ‌فتح ما وراء الحيرة

- ‌فتح الأنبار وعين التمر وتسمّى هذه الغزوة ذات العيون

- ‌الوقائع بالعراق

- ‌بعوث الشام

- ‌بعوث الشام

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌فتح دمشق

- ‌خبر المثنى بالعراق بعد مسير خالد الى الشام

- ‌ولاية أبي عبيد بن مسعود على العراق ومقتله

- ‌أخبار القادسية

- ‌فتح المدائن وجلولاء بعدها

- ‌ولاية عتبة بن غزوان على البصرة

- ‌وقعة مرج الروم وفتوح مدائن الشام بعدها

- ‌وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس

- ‌مسير هرقل إلى حمص وفتح الجزيرة وارمينية

- ‌غزو فارس من البحرين وعزل العلاء عن البصرة ثم المغيرة وولاية أبي موسى

- ‌بناء البصرة والكوفة

- ‌فتح الأهواز والسوس بعدهما

- ‌مسير المسلمين الى الجهات للفتح

- ‌مجاعة عام الرمادة وطاعون عمواس

- ‌فتح مصر

- ‌وقعة نهاوند وما كان بعدها من الفتوحات

- ‌فتح همذان

- ‌فتح الريّ

- ‌فتح أذربيجان

- ‌فتح الباب

- ‌فتح موقان وجبال ارمينية

- ‌غزو الترك

- ‌فتح خراسان

- ‌فتوح فارس

- ‌إصطخر:

- ‌بسا ودرابجرد:

- ‌كرمان:

- ‌سجستان:

- ‌مكران:

- ‌خبر الأكراد

- ‌مقتل عمر وأمر الشورى وبيعة عثمان رضي الله عنه

- ‌نقض أهل الاسكندرية وفتحها

- ‌ولاية الوليد بن عقبة الكوفة وصلح أرمينية وأذربيجان

- ‌ولاية عبد الله بن أبي سرح على مصر وفتح افريقية

- ‌فتح قبرص

- ‌ولاية ابن عامر على البصرة وفتوح فارس وخراسان

- ‌ولاية سعيد بن العاص الكوفة

- ‌غزو طبرستان

- ‌غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف

- ‌مقتل يزدجرد

- ‌ظهور الترك بالثغور

- ‌بدء الانتقاض على عثمان رضي الله عنه

- ‌حصار عثمان ومقتله رضي الله عنه وأتابه ورفع درجته

- ‌بيعة علي رضي الله عنه

- ‌أمر الجمل

- ‌انتقاض محمد بن أبي حذيفة بمصر ومقتله

- ‌ولاية قيس بن سعد على مصر

- ‌مبايعة عمرو بن العاص لمعاوية

- ‌أمر صفين

- ‌ أمر الحكمين

- ‌أمر الخوارج وقتالهم

- ‌ولاية عمرو بن العاص مصر

- ‌دعاء ابن الحضرميّ بالبصرة لمعاوية ومقتله

- ‌ولاية زياد على فارس

- ‌فراق ابن عبّاس لعلي رضي الله عنهم

- ‌مقتل علي

- ‌بيعة الحسن وتسليمه الأمر لمعاوية

الفصل: ‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

‌الخبر عن دولة الأسباط العشرة وملوكهم الى حين انقراض أمرهم

قد تقدّم لنا في دولة سليمان عليه السلام انّ يربعام بن نباط من سبط افرائيم كان واليا لسليمان على جميع نواحي يورشليم [1] وهي بيت المقدس، وقيل إنّما كان واليا على عمل بني يوسف بنابلس وما إليها، وكان جبارا وان سليمان عوتب على ولايته من الله وانتقض ولحق بمصر، فلما قبض سليمان وولي ابنه رحبعم واختلف عليه بنو إسرائيل بما بلوا من سوء ملكته والزيادة في الضرائب عليهم، واجتمع الأسباط العشرة ما عدا يهوذا وبنيامين فاستقدموا يربعام بن نباط من مصر فبايعوا له وولوه الملك عليهم وحاربوا رحبعم ومن في طاعته وهم سبط يهوذا وبنيامين، فامتنعوا عليهم بمدينة يروشليم، ثم انحازوا إلى جهة فلسطين في عمل بني يوسف. ونزل يربعم مدينة نابلس بملك الأسباط العشرة ومنعهم من الدخول إلى بيت المقدس والقربان فيه، وكان عاصيا مسخوط السيرة.

ولم يزل الحرب بينه وبين رحبعم بن سليمان وابنه أبيا من بعده واثنين من ملك أسا بن أبيا، وكان أبيّا ظاهرا عليه في حروبه، ثم هلك يربعام بن نباط لسنتين من ملك أبيّا ولثلاث وعشرين من ملكه، فولي مكانه على الأسباط يوناذاب وكان على مثل سيرة أبيه من الجور وعبادة الأصنام، فسلط الله عليه بعشا بن أحيا فقتله وجميع أهل بيته لسنتين من ملكه. وقام بملك الأسباط فلم يزل يحارب أسا بن أبيّا وأهل القدس سائر أيامه. وكان أسا يستمدّ عليه بملك دمشق من الأرمن. وسار معه إليه مرّة، وكان أعشا بن أحيا نبي يثرب، فأجفل أمامهم وترك الآلات فأخذها أسا وبنى بها الحصون وهلك أعشا بن أحيا لأربع وعشرين سنة من ملكه ودفن في برصا مدينة ملكهم بعد أن أنذره بالهلاك نبيهم فاهو. ولما هلك ولي بعده ابنه إيليا، ويقال إيلهوا في السادسة والعشرين من ملك أسا فأقام سنين ثم بعث عساكر بني إسرائيل إلى محاصرة بعض المدن بفلسطين، فوثب عليه سبط من الأسباط من عقب كان يعرف زمري صاحب المراكب، ويقال ابن اليافا، فقتله وجميع أهل بيته وقام

[1] هي أورشليم.

ص: 128

بالملك ومكث أياما يسيرة خلال ما بلغ الخبر لبني إسرائيل بمكانهم من حصار فلسطين، فلم يرضوه وملكوا عليهم صيّ بن كسّات من سبطه ورجعوا الى زمري المتوثب على الملك فحاصروه، فلما أحيط به دخل مجلس الملك وأوقد نارا لتحرقه فاحترق فيه لسبعة أيام من فورتهم.

وكان عمري بن ناداب من سبط أفراييم ويلقب صاحب الحربة يرادف صيّ في الملك فقتله واستبدّ، وذلك في الحادية والثلاثين من ملك أسا. ثم اختلف عليه بنو إسرائيل ونصف بعضهم بنيامين فنال من سبط يساخر، وحاربهم عمري فغلبهم. وكان ينزل مدينة برصا، ولست سنين من ملكه اختط مدينة السامرية ابتاع لها جبل شمران [1] من رجل اسمه سامر بقنطار فضة، وبنى فيه قصوره وسميت سبسطية، ثم غلبت عليها النسبة إلى البائع. ويقال إنّ الاسم كان شومرون فعرب سامرة وأهملت شينها المثلثة، وكانت هذه المدينة مدينة ملكهم الى انقراض أمرهم.

ثم هلك عمري لاثنتي عشرة سنة من ولايته ودفن في نابلس، وقام بملك الأسباط من بعده ابنه أحاب [2] ، وكان على مذهبه ومذهب سلفه منهم من الكفر والعصيان، وتزوّج بنت ملك صيدا، وبنى هيكلا بسامرة وجعل فيه صنما يسجد له وأفحش في قتل الأنبياء، وبنى قرية أريحاء ودعا عليه إيليا النبيّ فقحطوا ثلاث سنين خرج فيها إيليا الى البرية فسكنها، ثم رجع فدعا وأنزل الله المطر وذبح الذين حملوا أحاب على عبادة الأصنام هكذا قال ابن العميد.

والّذي قاله الطبري إنّ هذا النبي الّذي دعا عليهم هو الياس بن سين، وقيل ابن ياسين من نسل فنحاص بن العازار. وكان بعث الى أهل بعلبكّ والى أحاب وقومه.

وقال الطبريّ: فكذبوه فأصابهم القحط ثلاثا، ففزعوا إليه في الدعاء وبأهلهم في أصنامهم فلم تغن شيئا، فدعا لهم فمطروا، ثم انهم أقاموا على ما كانوا عليه من الكفر والعصيان. وكان أحاب شديدا عليه ودعا عليه الياس ثم طلب من الله أن يتوفاه بعد أن أنذر الناس بهلاكه وهلاك قومه بل عقبه. وتنبأ بعده اليسع بن أخطوب من سبط أفرائيم، وقيل ابن عم الياس. وقال ابن عساكر: اسمه أسباط بن عدي بن شوليم

[1] وفي التوراة «واشترى جبل السامرة من شامر بوزنتين من الفضة.

[2]

وفي التوراة: اخآب.

ص: 129

بن افرائيم. قال الطبريّ: كان مستخفيا مع الياس بجبل قاسيون من ملك بعلبكّ، ثم خلفه في قريته انتهى كلام الطبري.

وقال ابن العميد: في أيام أحاب أوحى الله إلى إيليا أن يبارك على إلياس بن بغسا ففعل ذلك، وان يبارك على أدوم بدمشق، وعلى يا هو ملكا على بني إسرائيل ففعل ذلك. وهو أيضا على عهد أحاب فجاء سنداب ملك سورية فحاصر أحاب بن عمري والأسباط العشرة في السامرة، وخرجوا إليه فهزموه واستلحموا عامة عسكره، ثم رجع إليهم من العام القابل فخرجوا إليه وهزموه ثانيا وقتلوا من عسكره نحوا من مائة ألف، ومروا في اتباعهم، وامتنع سنداب في بعض حصونه وأحاطوا به فخرج إليهم ملقيا بنفسه على ملكهم أحاب، فعفا عنه ورده الى ملكه، وسخط ذلك النبيّ من فعله وأنذره بعذاب يصيب ولده عقوبة من الله تعالى على إبقائه عليهم. ثم خرج أحاب من ملك الأسباط مع يهوشافاظ ملك يهوذا المقدس لمحاربة ملك سورية، فأصابه سهم هلك فيه ودفن بسامرة لاثنتين وعشرين سنة من ملكه.

قال ابن العميد: وقيل لثمان عشرة. وقال إنّما خرج لحرب كلعاد ملك أدوم فانهزم وقتل.

ولما هلك ملك من بعده ابنه أحزيّا ويقال أمشيا وكان عاصيا سيء السيرة قتل عاموص النبيّ وعبد بعلا الصنم وهلك لسنتين، فملك أخوه يوآم وقيل انه لتسع عشرة من ملك يهوشافاظ ملك الفرس، فملك يوآم على الأسباط اثنتي عشرة سنة زحف فيها أوّلا إلى مؤاب لما منعوه الجزية التي كانت عليهم للأسباط مائتين من الغنم في كلّ سنة، واستنجد ملك يهوذا لحربهم فحاصرهم سبعة أيام وفقدوا الماء، فاستسقى لهم اليسع وجرى الوادي وخرج أهل مؤاب يظنونه دما، فقتلهم بنو إسرائيل. وجمع هدّاد ملك أدوم لحصار سامرة ونازلها ثلاث سنين، ثم دعا عليهم اليسع فاجفلوا ورجعوا إلى بلادهم. وفي الثانية عشر من ملك يؤام ملك الأسباط ثار عليه يهوشافاظ بن يشا من سبط منشا بن يوسف، وذلك عند منصرفه من محاربة ملوك الجزيرة وأروم مع أحزيّا بن يهورام ملك القدس، وكان جريحا فعاده أحزيا وكان هذا الفتى يا هو يترصد قتل يؤام فأمكنته الفرصة فيه تلك الساعة فقتله وقتل معه أحزيا ملك القدس وبني يهوذا وملك على الأسباط.

ص: 130

وقال ابن العميد: خرج يؤام بن أحاب ملك الأسباط لحرب أدوم ومعه أحزيّا ملك القدس فقتلا جميعا في تلك الحرب. وقيل إنّ ياهو بن منشا رمى بسهم فأصاب يؤام بن أحاب فمات.

ولما ملك يا هو على الأسباط قتل بني أحاب كلهم كما أمره اليسع، وهلك لخمس وثلاثين من ملكه وولي ابنه يوآص، وقيل يهوذا، ولثمان وعشرين من دولة يوآص بن أحزيّا ملك يهوذا القدس وكان قبيح السيرة عبّادا للأصنام وعمل مذبحا بسامرة وهلك لسبع عشرة من ملكه، وولي بعده ابنه يوآش لسبع وثلاثين من دولة يوآص بالقدس وزحف إلى القدس فملكها من يد أمصيّا ملك يهوذا، وهدم من سورها أربعمائة ذراع، وسبى أهل المقدس وسبى بني عزريّا الكوهن، وأخذ جميع ما في المسجد ورجع إلى سامرة. ومرض اليسع فعاده يوآش فوعده بأنه يهلك أدوم ويظفر بهم.

ثلاث مرات، فكان كذلك، وهلك لثلاث عشرة سنة من ملكه. وولي من بعده ابنه يربعام وكان سيّئ السيرة وزحف إلى أمصيا ملك يهوذا، وقيل إنّ الّذي زحف إلى أمصيّا إنّما هو يؤاش أبوه، فهزمه وأخذه أسيرا وسار به إلى القدس فاقتحمها عنوة وغنم جميع ما في خزانتها وسبى بني عزريّا الكوهن، ورجع إلى السامرة فأطلق أمصيّا. ثم لإحدى وأربعين سنة من ملكه، ولسبع وعشرين من ملك عزيّا هو بن أمصيّا ملك القدس.

قال ابن العميد: وبقي بنو إسرائيل بالسامرة فوضى أحدى عشرة سنة، ثم ملكوا ابنه زكريّا في الثامنة والثامنة والثلاثين من ملك عزيّا هو فملك ستة أشهر، وقال ابن العميد شهرا، ثم وثب به مناخيم بن كاد من سبط زبلون من أهل برصا فقتله، وملك مكانه اثنتي عشرة سنة. وقال ابن العميد عشر سنين. قال وفي التاسعة والثلاثين من ملك عزيّا هو خرج إلى مدينة برصا ففتحها عنوة واستباحها، وزحف إليه فول ملك الموصل فصانعه بألف قنطار من الفضّة ورجع عنه، وكانت سيرته رديئة، ولما هلك مناخيم ملك ابنه بقحيّا لأربعين من دولة عزيّا ملك القدس فأقام فيهم اثنتي عشرة سنة، وقال ابن العميد سنتين، ثم ثار عليه من عماله باقح بن رصليّا [1] وكان على طريقة من تقدّمه في الضلال فأقام ملكا على الأسباط بالسامرة عشر سنين، وهلك لدولته عزيّا بن أمصيّا ملك يهوذا بالقدس، وأقام باقح بن رصليّا على سوء السيرة

[1] وفي نسخة اخرى: رسليا.

ص: 131

وعبادة الأصنام إلى أن قتله هويشيع بن إيليا من سبط كاد في الثالثة من ملك يؤاب ملك القدس وبقي الأسباط بعده فوضى عشر سنين، ثم ملكوا قاتله هويشيع بن إيليا المذكور، فأقام مملكا عليهم سبع سنين وفي أيامه زحف إليه ملك أثور [1] والموصل فصير الأسباط في دولته وأدّوا إليه الخراج، ثم ان هويشيع راسل ملك مصر في الاستعانة به والرجوع إلى طاعته، فلما بلغ ذلك إلى ملك الموصل زحف إليه وحاصره في مدينة السامرة ثلاث سنين واقتحمها في الرابعة. وتقبّض على هويشيع لتسع سنين من ملكه ونقله مع الأسباط كلهم إلى الموصل، ثم بعثهم إلى قرى أصبهان وأنزلهم بها، وقطع ملك بني إسرائيل من السامرة وبقي ملك يهوذا وبنيامين بالقدس، وكان ذلك لعهد احزيّا بن آخاز من ملوكهم لسنة من دولته.

وتعاقبت ملوكهم بعد ذلك بالقدس إلى أن انقرضوا. وجمع ملك الموصل من كورة غارا وحماة وصفرارام، ويقال ومركتا وأسكنهم بالسامرة. وقال ابن العميد وتفسيرها حفيظة ويوآطر. قالوا وسلّط الله عليهم السباع يفترسونهم فبعثوا إلى ملك الموصل أن يعرفهم بصاحب قسمة السامريّة من الكواكب ليتوجهوا إليه بما يناسبه على طريقة الصابئة، فقيل إنّ العشرية التي رسخت فيها وهي دين اليهودية تمنع من ذلك ومن ظهور أثره. فبعث إليهم كوهنين من عامّة اليهود يعلمانهم اليهودية فتلقوها عنهما، فهذا أصل السامرة في فرق اليهود وليسوا منهم عند أهل ملّتهم لا في نسبهم ولا في دينهم، والله مالك الأمور لا رب غيره ولا معبود سواه سبحانه وتعالى.

[1] وفي التوراة: اشور.

ص: 132