الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عاش ألف سنة، وضبطه بكاف أوّل الاسم قبل الياء المثناة من أسفل، والسهيليّ ضبطه، بجيم مكان الكاف والظاهر أنّ الحرف بين الجيم والكاف كما قدّمناه.
الطبقة الاولى من الفرس وذكر ملوكهم وما صار اليه في الخليقة أحوالهم
الفرس كلهم متفقون على أنّ كيومرت هو آدم الّذي هو أوّل الخليقة، وكان له ابن اسمه منشا ولمنشا سيامك ولسيامك أفروال ومعه أربعة بنين وأربع بنات، ومن أفروال كان نسل كيومرت، والباقون انقرضوا فلا يعرف لهم عقب. قالوا: وولد لأفروال أوشهنك بيشداد، فاللفظة الأولى حرفها الأخير بين الكاف والقاف والجيم واللفظة الأخرى معناها بلغتهم النور، قاله السهيليّ.
وقال الطبري: أوّل حاكم بالعدل، وكان أفروال وارث ملك كيومرت وملك الأقاليم السبعة. قال الطبري عن ابن الكلبي: إنه أوشهنك بن عابر بن شالخ، قال: والفرس تدعيه وتزعم أنه بعد آدم بمائتي سنة، قال وإنما كان نوح بعد آدم بمائتي سنة فصيره بعد آدم. وأنكره الطبري لأنّ شهرة اوشهنك تمنع من مثل هذا الغلط فيه، ويزعم بعض الفرس أنّ أوشهنك بيشداد هو مهلايل وأنّ أباه أفروال هو قينن وأنّ سيامك هو أنوش وأنّ منشا هو شيث وأنّ كيومرت هو آدم. قال وزعمت الفرس أنّ ملك أوشهنك كان أربعين سنة فلا يبعد أن يكون بعد آدم بمائتي سنة.
وقال بعض علماء الفرس: أنّ كيومرت هو كومر بن يافث بن نوح، وأنه كان معمرا ونزل جبل دنباوند من جبال طبرستان وملكها، ثم ملك فارس وعظم أمره وأمر بنيه حتى ملكوا بابل. وأنّ كيومرت هو الّذي بنى المدن والحصون واتخذ الخيل وتسمى بآدم وحمل الناس على دعائه بذلك، وأنّ الفرس من عقب ولده ماداي، ولم يزل الملك في عقبهم في الكينية والكسرويّة إلى آخر أيامهم.
وتقول الفرس أنّ أوشهنك وهو مهلايل ملك الهند، قالوا وملك بعد أوشهنك طهمورث بن أنوجهان بن أنكهد بن أسكهد بن أوشهنك. وقيل مكان أسكهد فيشداد، وكلّها أسماء أعجمية لا عهدة علينا في نقلها لعجمتها وانقطاع الرواية في الأصول التي نقلت منها:
قال ابن الكلبي: إنّ طهمورث أوّل ملوك بابل وأنه ملك الأقاليم كلها وكان محمودا في ملكه وفي أوّل سنة من ملكه ظهر بيوراسب ودعا إلى ملة الصابئة. وقال علماء الفرس: ملك بعد طهمورث جمشيد ومعناه الشعاع لجمالة وهو جمّ بن نوجهان أخو طهمورث، وملك الأرض واستقام أمره، ثم بطر النعمة وساءت أحواله فخرج عليه قبل موته بسنة بيوراسب وظفر به فنشره بمنشار وأكله وشرط أمعاءه. وقيل إنه ادّعى الربوبية فخرج عليه أوّلا أخوه أستوير فاختفى. ثم خرج بيوراسب فانتزع الأمر من يده وملك سبعمائة سنة. وقال ابن الكلبي مثل ذلك.
قال الطبري: بيوراسب هو الازدهاك والعرب تسميه الضحاك، وهو بصاد بين السين والزاي وجاء قريب من الهاء وكاف قريبة من القاف وهو الّذي عني أبو نواس بقوله:
وكان منّا الضحاك تعبده
…
الجامل [1] والجن في محاربها
لأنّ اليمن تدعيه. قال: وتقول العجم إنّ جمشيد زوّج أخته من بعض أهل بيته وملك على اليمن فولدت الضحاك. وتقول أهل اليمن في نسبه الضحاك بن علوان بن عبيدة بن عويج، وأنه بعث على مصر أخاه سنان بن علوان ملكا وهو فرعون إبراهيم، قاله ابن الكلبيّ.
وأما الفرس فينسبونه هكذا: بيوراسب بن رتيكان بن ويدوشتك بن فارس بن أفروال، ومنهم من خالف في هذا. ويزعمون أنه ملك الأقاليم كلّها، وكان ساحرا كافرا وقتل أباه، وكان أكثر إقامة ببابل.
وقال هشام: ملك الضحاك وهو نمرود الخليل بعد جمشيد وأنّه التاسع منهم، وكان مولده بدنباوند، وأنّ الضحاك سار إلى الهند فخالفه أفريدون إلى بلاده فملكها، ورجع الضحاك فظفر به أفريدون وحبسه بجبال دنباوند، واتخذ يوم ظفر به عيدا.
وعند الفرس أنّ الملك إنّما كان للبيت الّذي وطنه أوشهنك وجمشيد وأن الضحاك هو بيوراسب خرج عليهم وبنى بابل، وجعل النبط جنده، وغلب أهل الأرض بسحره، وخرج عليه رجل من عامّة أصبهان اسمه عالي، وبيده عصا علّق فيها جرابا واتخذها راية، ودعا الناس إلى حربه، فأجابوا وغلبه فلم يدع الملك وأشار بتولية بني جمشيد لأنّه من عقب أوشهنك ملكهم الأوّل ابن أفروال، فاستخرجوا أفريدون من مكان اختفائه فملكوه واتبع الضحاك فقتله، وقيل أسره بدنباوند. ويقال كان على
[1] الجامل: قطيع الإبل مع رعاته وأربابه.
عهد نوح وإليه بعث. ولهذا يقال إنّ أفريدون هو نوح، والتحقيق عند نسابة الفرس على ما نقل هشام بن الكلبيّ أنّ أفريدون من ولد جمشيد بينهما تسعة آباء. وملك مائتي سنة وردّ غصوب الضحاك ومظالمه. وكان له ثلاثة بنين الأكبر سرم والثاني طوج والثالث إيرج، وأنه قسّم الأرض بينهم، فكانت الروم وناحية المغرب لسرم، والترك والصين والعراق لإيرج وآثره بالتاج والسرير، ولما مات قتله أخواه واقتسما الأرض بينهما ثلاثمائة سنة.
ويزعمون أنّ أفريدون وآباءه العشرة يلقّبون كلهم أشكيان، وقيل في قسمته الأرض بين ولده غير هذا، وأنّ بابل كانت لإيرج الأصغر وكان يسمّى خيارث ويقال كان لإيرج ابنان: وندان وأسطوبة وبنت اسمها خورك، وقتل الابنان مع أبيهما بعد مهلك أفريدون، وأنّ أفريدون ملك خمسمائة سنة وأنّه الّذي محا آثار ثمود من النبط بالسواد، وأنه أوّل من تسمّى بكي، فقيل كي أفريدون ومعناه التنزيه أي مخلص متصل بالروحانيات. وقيل معناه البهاء لأنه يغشاه نور من يوم قتل الضحاك، وقيل معناه مدرك الثأر. وكان منوشهر الملك ابن منشحر بن إيرج من نسل أفريدون، وكانت أمّه من ولد إسحاق عليه السلام فكفلته حتى كبر، فملك وثأر بأبيه إيرج من عمه بعد حروب كانت له معهما، ثم استبدّ ونزل بابل وحمل الفرس على دين إبراهيم عليه السلام، وثار عليه فراسياب [1] ملك الترك فغلبه على بابل وملكها. ثم اتبعه إلى غياض طبرستان فجهّز العساكر لحصاره وسار إلى العراق فملكه. ويقال فراسياب هذا من عقب طوج بن أفريدون، ولحق ببلاد الترك عند ما قتل منوشهر جدّ طوج فنشأ عندهم وظهر من بلادهم فلهذا نسب إليهم.
وقال الطبري: لما هلك منوشهر بن منشحور، غلب أفراسياب بن أشك بن رستم بن ترك على خيارات، وهي بابل، وأفسد مملكة فارس وحيّرها، فثار عليه زومر بن طهمارست، ويقال راسب بن طهمارست. وينسب إلى منوشهر في تسعة آباء، وأن منوشهر غضب على طهمارست وكانوا يحاربون أفراسياب فهمّ بقتله وشفع فيه أهل الدولة فنفاه إلى بلاد الترك، وتزوّج منهم ثم عاد إلى أبيه وأعمل الحيلة في إخراج امرأته من بلاد الترك وكانت ابنة وامن ملك الترك، فولدت له زومر ابنه.
وقام بالملك بعد منوشهر وطرد أفراسياب عن مملكة فارس وقتل جدّه وامن في حروبه
[1] وفي نسخة اخرى: أفراسياب.
مع الترك، ولحق أفراسياب بتركستان واتخذ يوم ذلك الغلب عيدا ومهر جانا وكان ثالث أعيادهم. وكان غلبه على بلاد فارس لاثنتي عشرة سنة من وفاة منوشهر جدّه، وكان زومر بن طهمارست هذا محمودا في سيرته وأصلح ما أفسد أفراسياب بن خيارت من مملكة بابل، وهو الّذي حفر نهر الزاب بالسواد، وبنى على حافته المدينة العتيقة وسمّاها الزواهي، وعمل فيها البساتين وحمل إليها بزور الأشجار والرياحين. وكان معه في الملك كرشاسب من ولد طوج بن أفريدون وقيل من ولد منوشهر، ويقال إنما كان رديفا له وكان عظيم الشأن في أهل فارس، ولم يملك وإنما كان الملك لزومر بن طهمارست، وهلك لثلاث سنين من دولته. وفي أيامه خرج بنو إسرائيل من التيه وفتح يوشع مدينة أريحاء ودال الملك من بعده للكينية حسبما يذكر وأولهم كيقباذ.
ويقال إنّ مدّة الملك لهذه الطبقة كانت ألفين وأربعمائة وسبعين سنة فيما قال البيهقي والأصبهاني، ولم يذكر من ملوكهم إلّا هؤلاء التسعة الذين ذكرهم الطبري والله وارث الأرض ومن عليها.