الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأوقع بهم وأثخن فيهم، ولحق به على أنطاكية مالك بن الأشتر النخعي مددا، فرجعوا جميعا إلى أبي عبيدة. وبعث أبو عبيدة جيشا آخر إلى مرعش مع خالد بن الوليد ففتحها على إجلاء أهلها بالأمان وخرّبها، وبعث جيشا آخر مع حبيب بن مسلمة إلى حصن الحرث كذلك. وفي خلل ذلك فتحت قيسارية، بعث إليها يزيد بن أبي سفيان أخاه معاوية بأمر عمر فسار إليها وحاصرهم بعد أن هزمهم، وبلغت قتلاهم في الهزائم ثمانين ألفا وفتحها آخرا وكان علقمة بن مجزز [1] على غزة وفيها القبفار من بطارقة الروم.
وقعة أجنادين وفتح بيسان والأردن وبيت المقدس
لما انصرف أبو عبيدة وخالد إلى حمص بعد واقعة مرج الروم نزل عمرو وشرحبيل على أهل بيسان فافتتحها وصالح أهل الأردن، واجتمع عسكر الروم بأجنادين وغزة وبيسان وعليهم أرطبون من بطارقة الروم، فسار عمرو وشرحبيل إليهم واستخلف على الأردن أبا الأعور السلمي. وكان الأرطبون قد أنزل بالرملة جندا عظيما من الروم وبيت المقدس كذلك، وبعث عمر وعلقمة بن حكيم الفراسي ومسرور [2] بن العكي لقتال أهل بيت المقدس، وبعث أبا أيوب المالكي إلى قتال أهل الرملة، وكان معاوية محاصرا لأهل قيسارية فشغل جميعهم عنه، ثم زحف عمرو إلى الأرطبون واقتتلوا كيوم اليرموك وأشدّ، وانهزم أرطبون إلى بيت المقدس وأفرج له المسلمون الذين كانوا يحاصرونها حتى دخل.
ورجعوا إلى عمرو وقد نزل أجنادين. وقد تقدم لنا ذكر هذه الوقعة قبل اليرموك على قول من جعلها قبلها وهذا على قول من جعلها بعدها. ولما دخل أرطبون بيت المقدس فتح عمرو غزة، وقيل كان فتحها في خلافة أبي بكر، ثم فتح سبسطية وفيها قبر يحيى بن زكريا، وفتح نابلس على الجزية، ثم فتح مدينة لدّ، ثم عمواس وبيت حبرين ويافا ورفح وسائر مدائن الأردن. وبعث إلى الأرطبون فطلب أن يصالح كأهل الشام ويتولى العقد عمر وكتبوا إليه بذلك، فسار عن المدينة واستخلف عليّ بن أبي طالب بعد أن عذله في مسيره فأبى، وقد كان واعد أمراء الأجناد هنالك فلقيه
[1] مجزز: بجيم مفتوحة وزايين الاولى مشردة مكسورة كما في الكامل أهـ.
[2]
وفي نسخة ثانية: مسروق.
يزيد ثم أبو عبيدة ثم خالد على الخيول عليهم الديباج والحرير فنزل ورماهم بالحجارة، وقال: أتستقبلوني [1] في هذا الزي؟ وإنما شبعتم منذ سنتين والله لو كان على رأس الماءين لاستبدلت بكم فقالوا: إنها بلاد ثمن. وإن علينا السلاح، فسكت ودخل الجابية. وجاءه أهل بيت المقدس وقد هرب أرطبون عنهم إلى مصر، فصالحوه على الجزية وفتحوها له وكذلك أهل الرملة. وولى علقمة بن حكيم على نصف فلسطين وأسكنه الرملة، وعلقمة بن مجزز على النصف الآخر وأسكنه بيت المقدس، وضم عمرا وشرحبيل إليه فلقياه بالجابية. وركب عمر إلى بيت المقدس فدخلها وكشف عن الصخرة وأمر ببناء المسجد عليها وذلك سنة خمس عشرة وقيل سنة ست عشرة. ولحق أرطبون بمصر مع من أبى الصلح من الروم حتى هلك في فتح مصر، وقيل إنما لحق بالروم وهلك في بعض الصوائف. ثم فرّق عمر العطاء ودون الدواوين سنة خمس عشرة ورتب ذلك على السابقة.
ولما أعطى صفوان بن أمية والحرث بن هشام وسهيل بن عمرو أقل من غيرهم قالوا:
لا والله لا يكون أحد أكرم منا. فقال: إنما أعطيت على سابقة الإسلام لا على الأحساب. قالوا فنعم إذا. وخرجوا إلى الشام فلم يزالوا مجاهدين وحتى أصيبوا.
ولما وضع عمر الدواوين قال له عليّ وعبد الرحمن ابدأ بنفسك، قال لا بل بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب، ورتب ذلك على مراتب ففرض خمسة آلاف ثم أربعة ثم ثلاثة ثم ألفين وخمسمائة ثم ألفين ثم ألفا واحدا ثم خمسمائة ثم ثلاثمائة ثم مائتين وخمسين ثم مائتين، وأعطى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف لكل واحدة وفضل عائشة بألفين، وجعل النساء على ما رتب فلأهل بدر خمسمائة ثم أربعمائة ثم ثلاثمائة ثم مائتين، والصبيان مائة مائة والمساكين جريبين [2] في الشهر، ولم يترك في بيت المال شيئا. وسئل في ذلك فأبى وقال: هي فتنة لمن بعدي. وسأل الصحابة في قوته من بيت المال، فأذنوا له وسألوه في الزيادة على لسان حفصة ابنته متكتمين عنه، فغضب وامتنع، وسألها عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيشه وملبسه وفراشه فأخبرته بالكفاف من ذلك، فقال والله لأضعن الفضول مواضعها ولأتبلغن بالترجية وإنما مثلي ومثل صاحبي كثلاثة سلكوا طريقا
[1] الأصح ان يقول: تستقبلوني.
[2]
وفي نسخة ثانية: جرايتين.