الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الساجي: صَدوق يَهِم في الحديث، روى عنه عمرو بن دينار حديثًا يحتج به القدرية، ولم يَرْوه غيره، فأحسبه اتهم بالقدر لروايته، وقال أحمد بن حنبل: إذا حدَّث من غير كتاب أخطأ. قال أبو يحيى: سمعت محمد بن مثنى يقول: مات محمد بن مسلم سنة سبعين ومائة.
وذكره العقيلي في جملة الضعفاء، وأبو العرب زاد: قال أحمد بن حنبل: ما أضعف حديثه! وضعَّفه جِدًّا. ولما ذكر ابن قانع قول أبي موسى في وفاته: سنة سبعين، قال: أخطأ ولم يبين وجه ذلك.
وزعم المزي أنه قيل: إنه مات سنة سبع وسبعين ومائة. وكأنه غير جيد؛ لأني لم أر قائلا به. والمتوفى سنة سبع وسبعين هو محمد بن مسلم بن حَمَّاد المدني، ذكره ابن سعد والقراب وابن قانع في آخرين، لا هذا، واللَّه تعالى أعلم.
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي في "تاريخه الكبير": وإن كان سفيان بن عيينة أثبت منه؛ فهو أيضًا ثِقة لا بأس به.
وفي الرواة:
4462 - مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِي
(1)
حدَّث عن فرج بن فضالة وروى عنه عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال أبو الفرج: لم يطعن فيه. ذكرناه للتمييز.
4463 - (سي) مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذ المدني
(2)
ذكره ابن حِبَّان في "الثقات"، وقال البخاري: قال لِي عبد الرحمن بن شيبة: قتل سنة إحدى وثلاثين ومائة، كذا ذكره المزي، ولو كان مِمَّن ينظر في الأصول لوجد ابن حِبَّان قد ذكر وفاته، كما ذكر من عند البخاري، لا يغادر حرفًا من غير فصل، وزاد: روى عنه أهل العراق. وقال العجلي: مدني ثقة.
4464 - (ع) مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ شِهَاب بن عبد اللَّه بن الحارث بن زهرة، أبو بكر المدني، سكن الشام
(3)
(1)
انفرد بترجمته صاحب الإكمال.
(2)
انظر: تهذيب الكمال 26/ 417، تهذيب التهذيب 9/ 394.
(3)
انظر: تهذيب الكمال 3/ 1269، تهذيب التهذيب 9/ 445، تقريب التهذيب 2/ 207، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 457، الكاشف 3/ 96، تاريخ البخاري الكبير 1/ 220، تاريخ البخاري الصغير =
قال السهيلي: كان عبد اللَّه بن شهاب اسمه عبد الجان، فسمَّاه سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه، وفي "كتاب ابن عبد البر": ابن الحارث وهو الأكبر، وقيل: ابن عبد اللَّه بن شهاب الأصغر، وهو جد محمد لأمه.
وذكر المزي روايته المشعرة عنده بالاتصال عن أبان بن عثمان، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك، وعبد الرحمن بن أزهر، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وحصين بن محمد السالمي، وقد قال ابن أبي حاتم: قال أبي: لَمْ أختلف أنا وأبو زرعة، وجماعة من أصحابنا أن الزهري لم يسمع من أبان بن عثمان شيئًا، وكيف يسمع من أبان، وهو يقول: بلغني عن أبان؟ ! قيل له: فإن محمد بن يحيى النيسابوري كان يقول: قد سمع. فقال: محمد بن يحيى كان بابه السلامة. قال أبي: الزهري لم يسمع من أبان شيئًا لا أنه لم يدركه، قد أدركه، وأدرك مَنْ هو أكبر منه، ولكن لا يثبت له السماع منه، كما أَنَّ حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له سماع من عروة، وهو قَدْ سمع مِمَّن هو أكبر منه، غير أن أهل الحديث قد اتَّفقوا على ذلك، واتفاق أهل الحديث على شيء يكون حُجَّة.
قال عبد الرحمن: أنبا علي بن طاهر -فيما كتب إلي- ثنا أحمد بن محمد الأثرم قال: قلت لأبي عبد اللَّه -يعني: أحمد بن حنبل-: الزهري سمع من أبان بن عثمان؟ قال: ما أراه سمع منه، وما أدري -أو نحو هذا- إِلا أنه قد أُدخل بينه وبين أبان: عبد اللَّه بن أبي بكر.
وفي "تاريخ دمشق" لأبي زرعة: قال أبو زرعة: أنكر بعض أهل العلم أن يكون ابن شهاب سمع من أبان، وذكر كلام عبد الرحمن بن أبي حاتم، ذكره بالمعنى.
وعن أبي عبد اللَّه أحمد -وقيل له: الزهري سمع من عبد الرحمن بن أزهر؟ - قال: ما أراه سمع من عبد الرحمن بن أزهر، ثُمَّ قال: إِنَّما يقول الزهري: كان عبد الرحمن بن أزهر يُحَدث كذا، فيقول معمر وأبو أسامة سمعت عبد الرحمن بن أزهر، ولم يصنعا شيئًا عندي، وقد أدخل بينه وبينه: طلحة بن عبد اللَّه بن عوف. وذكر أبو عمر ابن عبد البر في "التمهيد" أنه أدركه.
= 1/ 56، 320، الجرح والتعديل 8/ 318، ميزان الاعتدال 4/ 40، تاريخ الثقات 412 تراجم الأحبار 4/ 13، الحلية 3/ 360، طبقات ابن سعد 4/ 126، سير الأعلام 5/ 326، والحاشية، معرفة الثقات رقم 1645، المعين 427، نسيم الرياض 103، 401، معجم الثقات 343، الثقات 5/ 149.
قال ابن أبي حاتم: ثَنَا علي بن الحسين قال: قال أحمد بن صالح: لم يسمع الزهري من عبد الرحمن بن كعب بن مالك لصلبه شيئًا، والذي يروي عنه هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك.
وفي "التمهيد": قال عمرو بن دينار -وذكر عنده الزهري- فقال: وأي شيء عنده؟ أنا لقيت جابرًا ولم يلقه، ولقيت ابن عمر ولم يلقه، ولقيت ابن عباس ولم يلقه.
وذكر المنذري عن أحمد بن حنبل لِمَ؟ يسمع الزهري من عبد اللَّه بن عمر. . . . وذكر أبو سعيد هاشم بن مرثد في "تاريخه": سمعت يحيى بن معين يقول: ليس للزهري عن ابن عمر رواية، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه: الزهري لا يصح سماعه من ابن عمرو ولا رآه ولم يسمع منه، ورأى عبد اللَّه بن جعفر، ولم يسمع منه، وفي كتاب "الجرح والتعديل" لعبد الرحمن عن أبيه: الزهري عن حصين بن محمد السلمي مُرسل وحدَّث عن مسعود بن الحكم ورآه، وله صُحبة -فيما ذكره- أبو نعيم الأصبهاني في كتابه "الحلية".
وفي "تاريخ نيسابور" لأبي عبد اللَّه: عن محمد بن يحيى الذهلي: لم يسمع منه. قال أبو نعيم: وحدَّث عن ابن سندر الصحابي، ورآه، ورجل من بَلِي له صُحبة، وقد قيل: إنه رأى عبد اللَّه بن الزبير، والحسن، والحسين، وسمع منهم رضي الله عنهم أجمعين.
وذكر في "الدلائل" قال ابن شهاب: حدَّثني أسقف النصارى أدركته في زمن عبد الملك بن مروان، وذكر أنه أدرك ذلك من أمر النبيِّ صلى الله عليه وسلم أيام هرقل وعقله، قال: لَمَّا قدم على هرقل كتابه صلى الله عليه وسلم مع دحية، أخذه هرقل فجعله بين فخذيه، وذكر الحديث.
وأما قول الحاكم في "الإكليل": كان مِن كِبار التابعين، فكأنه يريد في العلم لا في السن، واللَّه أعلم.
وفي كتاب "السنن" للدارقطني من حديث الوليد بن محمد الموقري: ثنا الزهري قال: حدَّثتني أم عبد اللَّه الدوسية: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الْجُمُعَة وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ كُلِّ قَرْيَةٍ
(1)
". قال أبو الحسن: لم يصح سماع الزهري من أم عبد اللَّه.
(1)
أخرجه الديلمي 2/ 117، رقم 2617. وأخرجه أيضًا: الدارقطني 2/ 9 وقال: الزهرى لا يصح سماعه من الدوسية، والحكم هذا متروك. والبيهقي 3/ 179، رقم 5406. وأورده أيضًا: ابن =
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه ابن إسحاق، قال: ذكر الزهري، عن عطاء بن أبي ميمونة فقال: الزهري لا يروي عن عطاء بن أبي ميمونة، وإِنَّما يروي هذا الحديث شُعبة، عن عطاء بن أبي ميمونة، ولو ذكر ابن إسحاق في هذا الحديث خبرًا، لترك حديث ابن إسحاق. وفي "العلل الكبير" لعلي بن المديني: حديثه عن أبي رهم عندي غير متصل.
وذكر النسائي في كتابه "شيوخ الزهري" -ومن خط الحافظ رشيد الدين الصفار وضبطه وتصحيحه أنقل- أنه روى عن: مروان بن الحكم، وتمام بن العباس بن عبد المطلب، وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، وعبيد اللَّه بن خليفة، وعبد اللَّه بن عبد اللَّه بن ثعلبة الأنصاري، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مكمل -وفي "كتاب ابن سعد": عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن يكمل- وعبد اللَّه بن عروة، وعبد اللَّه بن شراحيل بن حسنة، وعبد الرحمن بن سعد المقعد، وعبد الملك بن مروان بن الحكم، وعبد الملك بن المغيرة بن نوفل، وعثمان بن عبد اللَّه بن سراقة، وعياض بن صيري صيفي الكلبي ابن عم أسامة بن زيد وختنه، وعمرو بن الشريد، وعكرمة بن محمد الدؤلي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه، وأيوب بن بشير بن النعمان بن بشير، ورجاء بن حيوة، وزبيد بن الصلت، وهزيل بن شرحيل الأودي الأعمى، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومحمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، ومحمد بن عمرو بن عطاء، ومعاذ بن عبد الرحمن، ومعاوية بن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب، ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، ومسافع بن عبد الرحمن المحجي، ومنصور بن عبد الرحمن بن الأحوص، وصفوان بن عبد اللَّه بن صفوان، وطارق بن سعد، وكثير بن أفلح مولى أبي أيوب، وكريب مولى ابن عباس، وحرام بن مُحَيصة، والحارث بن عبد اللَّه، وخالد بن عبد اللَّه بن رباح، وخلاد وسليمان بن عبد الملك بن مروان، وسعيد بن جبير، ونافع بن مالك، ونصر الأنصاري، والخام رجل من بني مالك بن كنانة مِمَّن سمع الفقه، ويزيد بن عبد الملك، وأبي عبد اللَّه
= عدي 2/ 202 ترجمة 389 الحكم بن عبد اللَّه بن سعد الأيلي وقال: الضعف بين على حديثه. وقال الحافظ في التلخيص 2/ 57: رواه الدارقطني، وابن عدي وضعفاه وهو منقطع. وقال المناوي 3/ 359: قال الذهبي: فيه متروكان وتالف. وفال ابن حجر: هو ضعيف، ومنقطع أيضًا، وقال في موضع آخر: إسناده واه جدا.
الأغر، وأبي عبد اللَّه من بني مالك بن كنانة، وأبي عبد الرحمن عن ثابت، وأبي حسن مَوْلَى عبد اللَّه بن نوفل بن عبد المطلب وكان من قُدماء قريش، وأهل العلم منهم والصلحاء، وابن أكيمة، وابن أبي عطاء مولى بني زيد، وابن أبي طلحة.
زاد مسلم بن الحجاج في كتابه "شيوخ الزهري": عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، وعبد الرحمن بن أبان، ومحمد بن جبير مولى آل عباس بن عبد المطلب، وسلمة بن عمر بن أبي سلمة، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وسهل بن محمد بن بكر بن قيس، . . .، وسعيد بن يحيى بن كعب بن عجرة. . .، ويحيى بن عمارة بن أبي حسين، وحسين بن أبي سفيان، ومسعود بن الحكم الأنصاري، وعباد بن خليفة الخزاعي، وعمر بن أسيد بن خالد. . .، ومعاذ بن زياد، وأنس بن أبي أنس عم مالك بن أنس مولى بن تميم، وعبد اللَّه بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن أبان بن عثمان، وعبد اللَّه بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وعاصم بن عبد اللَّه. . .، وعمر بن عبد اللَّه بن عروة، وبلال بن يحيى بن طلحة بن عبد اللَّه، وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وداود بن علي بن سعد، ونبيل بن هشام بن سعيد بن زيد، وصالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن، وعمرو بن عثمان بن سعيد بن يربوع، وعمرو بن. . .، وجبير بن محمد بن جبير، وعروة بن محمد بن عطية بن عروة، ومحمد بن معن بن نضلة الغفاري، وإسماعيل بن إبراهيم بن عبد اللَّه المخزومي، وعبد الحميد بن صيفي بن محب، وإسماعيل بن إياس بن عبد المطلب بن عبد اللَّه بن قيس بن مخرمة، وزيد بن سهيل الأنصاري، ومحمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وسعيد بن عمرو بن شرحبيل، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت. وزعم المزي أنه روى عن عبادة بن الصامت مُرسلا وكأنه انقلب عليه بهذا. . . .
وعبد الحميد بن قيس بن ثابت بن شماس، وإسماعيل بن محمد بن كثير بن شماس، وكثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، ومحمد بن محمد بن عمران بن حصين، وشهر بن حكيم بن معاوية، وبحر بن مروان بن أبي بكرة، وموسى بن زياد بن خريم، وغالب بن حجير، وشعيب بن عمير بن ثابت وزرارة السهمي، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، وسعيد بن أبي بردة بن أبي موسى، وعباية بن رفاعة، وطلحة بن مصرف، وبريد بن عبد اللَّه بن أبي موسى، وعبد اللَّه بن عيسى بن أبي علي، ومخلد بن عقبة.
وقال أبو نعيم الحافظ في كتاب "مَنْ روى عن الزهري من التابعين": كان الزهري
قد رفع اللَّه تعالى شأنه في حفظ الآثار والرواية عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأمده بعونه، فدار عليه الكثير الغمم من الآثار المستفيضة في الحرمين مَكَّة والمدينة -شرَّفهما اللَّه تعالى- عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، وكانت الرواحل تشد إليه، لما أَوْلاه اللَّه تعالى من العلم، وزينه به من السخاء والكرم، وقد عني بجمع حديثه المتقدمون: محمد بن يحيى، وأحمد بن أبي عاصم، ومن بعدهما ودوَّنت الخلفاء عنه في خزائنهم: سليمان بن عبد الملك وهشام وغيرهما ما كان يحمل على البغال؛ لكثرة نقاوة فهمه، ووفور عقله، وجودة حفظه، فممن روى عنه من التابعين: محمد بن عجلان أبو عبد اللَّه مَوْلَى فاطمة، ومحمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعطاء بن السائب بن يزيد، وعمارة بن غزية، وعمرو بن أبي عمرو المدني مولى المطلب، وأبو الزناد عبد اللَّه بن ذكوان، ومحمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الظفري، وعبد الملك بن عُمير اللخمي أبو عمر، وأبو محمد الحكم بن عتيبة مولى كِندة، وسليمان بن مهران الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد -على ما قيل- وعمرو بن مرة أبو عبد اللَّه الجملي، وحبيب بن أبي ثابت، وذر بن عبد اللَّه الهمداني، وزرارة بن أعين ابن سنيسن، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الإمام، وسعيد بن المرزبان أبو سعد البقال، وإسماعيل بن سُميع، وزياد بن المنذر أبو الجارود، وأبو داود -سمع أبا الطفيل- وأشعث بن سوار صاحب التوابيت، وأبو المعتمر سليمان بن طرخان، وأبو قلابة عبد اللَّه بن زيد الجرمي، ويونس بن عبيد أبو عبد اللَّه، وداود بن أبي هند، وأبو رجاء مطر بن طهمان، ويحيى بن أبي كثير، وهارون ابن رئاب -وقيل: ابن زياد- إِنْ صَحَّ أبو بكر، فإن كان ابن رئاب قد سمع أنس بن مالك، ومنصور بن زاذان، وعبد الرحمن بن عمرو الأصم مدائني الأصل، وعبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية، ومكحول الأزدي البصري، وسعيد بن إياس الجريري، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعطاء الخراساني أبو عثمان مولى المهلب بن أبي صفرة، ومكحول الشامي مولى هذيل، وصفوان بن عمرو أبو عمرو الدمشقي، وسليمان بن حبيب الدمشقي، ويزيد بن أبي مريم سكن دمشق، وثور بن يزيد أبو خالد الرحبي، وعبد الكريم بن مالك الجزري، وخصيف بن عبد الرحمن أبو عون الجزري مولى بني أمية.
زاد النسائي في كتاب من روى عنه: روى عنه أيضًا: إسماعيل بن مسلم، وأبو بكر الهذلي سُلْمى بن عبد اللَّه، ومثنى بن الصباح، وأبو بكر ابن أبي سبرة، ويحيى بن أبي
أنيسه، وعبد الرزاق بن عمر، وعبد العزيز بن حصين، وعمر بن قيس المكي، وناسير بن معاذ، وعبد اللَّه بن محرز، ويزيد بن عياض، ويزيد بن أبي زياد الشامي، وأبو العطوف الجراح بن مِنْهَال، وروح بن غطيف، ومحمد بن سعيد الأردني، والحكم بن عبد اللَّه بن خَطَّاف الأردني، ومبشر بن عبيد، ومحمد بن عبد الملك، وبحر بن كنيز السقاء، وأبو جرير سهل، وأبو عصمة نوح بن أبي مريم، وعبد اللَّه بن العلاء بن زَبْر، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين، وعبد اللَّه بن كثير، وعبد الرحمن السراج، وعبد الواحد بن أبي عون، وعبد الأعلى بن عبد اللَّه بن أبي فروة، وعبد ربه بن سعيد، وعبد الحميد بن جعفر، وعبد الوهاب بن رفيع، وعباس بن عبد اللَّه الجريري، وعباس بن الحسن، وعثمان بن حفص بن عمر بن خلدة، وعيسى بن المطلب، وعيسى بن سبرة بن حيان مولى عمر بن عبد العزيز، وعمر بن محمد بن زيد بن عبد اللَّه بن عمر، وعون بن العباس، وعون مَوْلَى أم حكيم، وعزرة بن ثابت، وإسماعيل بن عقبة، وإسحاق بن أبي بكير، وإبراهيم بن أفلح، وإبراهيم بن بديل، والزبير، ودرست بن زياد، والوليد بن كثير، والقاسم بن مسلم، وطلحة بن يحيى بن طلحة، وصالح بن جبير، وصفوان بن عمرو، وضحاك بن فائد، وضحاك بن عثمان، ومحمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ومنصور بن دينار، ومنصور بن زاذان، ومبشر، وهوذة بن حفص، ونافع القارئ، ويعقوب بن زيد، ويحيى بن جرجة، وسليمان بن هشام، وسعيد بن عثمان، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وجعفر بن ربيعة، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة رفعه: "إِذَا اشْتَكَى الْمُؤْمِنُ
(1)
". الحديث وزعم المزي أنه روى عنه كتابة، فينظر، والحسن بن عمرو أبو المليح، وأبو المؤمل.
وفي كتاب "الثقات" لابن حِبَّان: القاسم بن عبيد اللَّه بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن الأشعث بن قيس روى عنهما الزهري، وكذا عثمان بن سليمان بن أبي حثمة. وذكر الخطيب وغيره روايته عن مالك بن أنس الأصبحي، وحنظلة بن قيس روى عنه الزهري في "كتاب النسائي".
(1)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد 1/ 175 رقم 497 وابن حبان 7/ 198 رقم 2936 والطبراني في الأوسط 4/ 254، رقم 4123، قال الهيثمي 2/ 302: رجاله ثقات إلا أنى لم أعرف شيخ الطبراني. والرامهرمزي ص 127، رقم 95. وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد ص 432، رقم 1487، والقضاعي 2/ 300، رقم 1406.
وفي "الطبقات" لابن سعد: ولاه يزيد بن عبد الملك القضاء وولى معه سليمان بن حبيب المحاربي المعروف بـ: (ابن جنة).
ولما حَجَّ هشام بن عبد الملك سنة ست صَيَّره مع ولده، يُعلمهم ويُفقِّههم ويُحَدِّثهم ويحج معهم، فلم يفارقهم؛ حَتَّى مات.
أنبا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد عن معمر قال: أول ما عرف الزهري أنه كان في مجلس عبد الملك فسألهم عبد الملك؛ فقال: مَنْ مِنْكم يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ قال: فلم يكن عند أحد منهم من ذلك عِلم، فقال الزهري: بلغني أنه لم يقلب منها يومئذ حجر إلا وجد تحته دم عَبيط، قال: فعرف يومئذٍ. وعن مالك قال: ما أدركت بالمدينة فقيهًا مُحَدِّثًا غير واحد. قيل: مَنْ هو؟ قال: ابن شهاب.
وعن عمرو بن دينار أنه قال: ما رأيت أحدًا أبصر بحديث من الزهري، وعن شيخ من بني الديل قال: أخدم الزهري خمس عشرة امرأة في ليلة كل خادم ثلاثين دينارًا ثلاثين دينارًا بعينه كل عشرة بخمسة عشر دينارًا.
وعن محمد بن المنكدر قال: رأيت بين عيني الزهري أثر السجود ليس على أنفه منه شيء، وعن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن هشام بن عبد الملك قضى دين ابن شهاب ثمانين ألف درهم.
أنبا محمد بن عمر، أنبا محمد بن عبد اللَّه ابن أخي الزهري قال: كان عمي قد اتفق هو وابن هشام بن عبد الملك إن مات هشام أن يلحقا بجبل الدخان -يعني لما كان الزهري يؤلب به في حقِّ الوليد بن يزيد ويجتهد في خلعه- فمات الزهري قبل هشام بأشهر، وكان الوليد يتلهف لو قبض عليه. قال محمد بن عمر: قدم الزهري إلى أمواله بثلية بشغب، وبدا فمرض هناك، فمات فأوصى أن يُدفن على قارعة الطريق، لليلة سبع عشرة من رمضان، سنة أربع وعشرين، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
وفي "التاريخ للواقدي": وله سبعون سنة. والمزي نقل عن الواقدي: مات وله اثنتان وسبعون سنة تقليدًا، فينظر. وفي قوله -أيضًا- عن خليفة بن خياط: ولد سنة إحدى وخمسين، ومات سنة أربع وعشرين، وقاله إبراهيم بن سعد، وابن أخي الزهري، والواقدي، وابن المديني، وأبو نعيم، وابن بكير، وأبو موسى، وعمرو بن علي، ومحمد بن سعد، وغيرهم، قال: وكذا قال محمد بن أبي عمر، عن ابن عيينة، زاد الواقدي وغيره: لسبع عشرة من رمضان، نظر في مواضع:
الأول: خليفة قد نص على اليوم الذي تُوفي فيه والشهر، فتخصيص الواقدي بالذكر غير جيد، قال خليفة في "التاريخ": مات ابن شهاب ليلة الثلاثاء، لسبع عشرة خلت من شهر رمضان.
الثاني: ابن سعد لم يذكر وفاته في كتابه، إِلا نقلا عن شيخه الواقدي، كما ذكرناه قبل فتخصيصه بالذكر -أيضًا- لا يحسن.
الثالث: ابن المديني لم يذكر وفاته، إِلا نقلا عن ابن عيينة، قال البخاري: ثنا علي، ثنا ابن عيينة قال: مات الزهري سنة أربع وعشرين ومائة.
وقال القراب: حدَّثني جدي، أنبا أبو جعفر البغدادي، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثَنَا علي بن المديني، سمعت سفيان يقول: قدم علينا ابن شهاب -يعني: الكوفة- سنة ثلاث وعشرين في ذي القعدة، فأقام ذي القعدة وذي الحجة إلى هلال المحرم، ثم خرج من عندنا، فمات في موضع، قال علي: لا أحفظ الموضع في أول سنة أربع وعشرين ومائة، قال: وسمعت الحسين بن أحمد الصفار يقول: مررت بقبر محمد، بين شغب وبدا، فرأيت على قبره مكتوبًا: هذا قبر أبي بكر محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، تُوفي سنة أربع وعشرين ومائة، وروى الذهلي عن ابن شهاب قال: وفدت على مروان بن الحكم وأنا محتلم قال: ومروان مات سنة خمس وستين. وقال أبو عمر: عن أحمد بن صالح قال: أدرك ابن شهاب الحرة وهو بالغ وعقلها. أظنه قال: وشهدها وكانت الحرة أول خِلافة يزيد سنة إحدى وستين، وقال عبد الرزاق: قلت لمعمر: ورأى ابن شهاب ابن عمر؟ قال: نعم وسمع منه حديثين فتسألني عنهما أخبرتك بهما.
الرابع: يحيى بن بكير ذكر مثل ما ذكر الواقدي: مات يوم سبعة عشر من رمضان سنة أربع وعشرين ومائة. وفي سنة أربع، ذكر وفاته: أبو حسان الزيادي، وعلي بن عبد اللَّه التميمي، وعثمان بن سعيد الدارمي، والمرزباني، وابن حبان، والبلاذري، وأبو عبيد، والزبير، وابن أبي حاتم في "التعريف بصحيح التاريخ" في آخرين، زاد الزيادي والبستي: ليلة الثلاثاء، واتفقوا مع البلاذري لسبع عشرة خلت من رمضان، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، قال أبو حسَّان: ويُقال: سنة ثلاث وعشرين. زاد ابن أبي حاتم: وله ثلاث وسبعون سنة.
الخامس: الذي في "تاريخ أبي موسى الزمن": مات الزهري سنة أربع وعشرين سلخها.
وقال المرزباني: هو القائل لعبد اللَّه بن عبد الملك بن مروان:
أقول لعبد اللَّه لما لقيته
…
يسير بأعلى الرقتين مشرقا
تبغ خبايا الأرض وارج مليكها
…
لعلك يوما أن تجاب فترزقا
لعل الذي أعطى العزيز بقدرة
…
وذا خُشب أعطى وقد كان دَوْدَقا
سيؤتيك مالا واسعًا ذا مثابة
…
إذا ما مياه الأرض غارت تدفقا
وزعم الزمخشري في "ربيع الأبرار": أن الصحيح هذا الشعر لعمر بن أبي الحديد وفي. . . قال: . . . كأن العرب كانت تتمثل بهذا: تبغ خبايا الأرض - البيت.
وقال ابن حبان في "الثقات": كان من أحفظ أهل زمانه سياقًا لمتون الأخبار، وكان فاضلا فقيهًا، روى عنه الناس.
وفي "كتاب الزبير بن بكَّار": أنشدني بهلول بن سليمان بن قرضاب البلوي، لقائد بن أقرم يمدح ابن شهاب الزهري في أبيات:
ذر ذا وأثن على الكريم محمد
…
واذكر فواضله على الأصحاب
وإذا يقال من الجواد بماله؟
…
قيل الجواد محمد بن شهاب
أهل المدائن يعرفون مكانه
…
وربيع باديه على الأعراب
وفيه يقول -أيضًا- وقد مضى في قضية مشكلة:
ومهمة أعيا القضاة قضاؤها
…
تدع الفقيه يشك شك الجاهل
يدع معنية هديت لرتقها
…
وضربت محردها لحكم فاصل
بميمون وإنك يا متحال من فتى
…
وافي الذمام عن الذمار مُصاول
أنت أدركت بني غفار بعد ما
…
رأوا بأعينهم مكان القاتل
فرجعت في حُرَّ الوجوه بياضها
…
ورددت خصمهم بأفوق فاصل
وسوالف الخصمين غيد قد حبت
…
حبو الجمال بأذرع وكلاكل
فتغشيت حقك والذين تدسموا
…
بك غير مختشع ولا متضائل
قال: وأنشدني بهلول لأبي الحنيس مغيث بن منير بن جابر البلوي:
ومغيبة عيا القضاة عياؤها
…
كما عيَّت المرء الأخيذ المراوم
دنيت لها من بئر زمزم والصفا
…
بعبراء أمر صَدْعُها متفاقم
ورثت أمورًا بالميمون وقد بدا
…
لمن راشها بالشؤم أنك عالم
وقلت لآباء القتيل وكلهم على
…
الشبه القصوى من الغيظ آدمُ
خذوا الحق ما عن سنة اللَّه معدل
…
ومن يعدها يرجع لها وهو راغم
قال الزبير: حدَّثني يعقوب قال: لما أخذ ابن شهاب عند عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة انقطع عنه؛ فقال عبيد اللَّه فيه:
إذا شئت أن تلقى خليلا مصافيا
…
وجدت وإخوان الصفا قليل
وعن حماد بن زيد قال: كان الزهري يحدث، ثم يقول: هاتوا من أشعاركم، هاتوا من أحاديثكم؛ فإن للأذن مجاجة، وإن للنفس حمضة. وعن موسى بن عبد العزيز قال: كان ابن شهاب إذا أبى أحد من أصحاب الحديث أن يأكل يعني طعامه حلف أَلا يحدثه عشرة أيام. وعن الدراوردي قال: أول مَنْ دَوَّن العلم وكتبه ابن شهاب.
وعن مالك عن الزهري قال: كنت أخدم عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه، حتى كنت أستقي له الماء المالح، وكان يقول لجاريته: من بالباب؟ فتقول: غلامك الأعمش. وفي "كتاب البلاذري"، كان الزهري سخيًّا لا يبقي شيئًا فاحتاج في بعض أيامه حاجة شديدة حَتَّى لزم بيته؛ فجمع مولى له دراهم وأتاه بها، وأشار عليه أن يشخص بها إلى الشام ويصرفها في نفقته؛ ففعل وأصاب مالا عظيمًا من الخليفة، ولوده؛ فلما قدم المدينة جعل يُفَرِّق ذلك المال في قرابته وإخوته وجيرانه فقال له مولاه: يا أبا بكر؛ اذكر ما كنت فيه، وأنه لم يكن أحد يلتفت إليك، وقد جربت حال العدم فقال: يا هذا، أمسك عني فإني لم أر كريمًا تحنكه التجارب في ماله ونحن باللَّه وله.
وعن أبي الزناد قال: كان الزهري حين جلس لا يشك في أنه لا يسأل عن شيء إلا وجد عنده منه، فسئل عن أيسر الأشياء فلم يعلمه.
وقال ابن أبي حاتم: ثنا أحمد بن سنان قال: كان يحيى بن سعيد القَطَّان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا. ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حُفَّاظ كانوا إذا سمعوا الشيء علَّقوه.
وفي "تاريخ البخاري الصغير": ثنا جنادة، ثَنَا مخلد بن حسين، عن الأوزاعي، عن سليمان بن حبيب المحاربي قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما قال الزهري مِمَّا رواه فاشدد يديك، وما أتاك عن رأيه فانبذ به. وفي "طبقات العلماء" لمحمد بن جرير الطبري: قال قتادة: ما بقي على ظهرها إلا رجلان الزهري وآخر؛ فظن أنه يريد نفسه.
وفي "تاريخ المنتجيلي": عن الليث: كان ابن شهاب من أسخى من رأيت، كان يعطي كل من سأله، حتى إذا لم يبق معه شيء تسلف من أصحابه فلا يزالون يعطونه، حتى إذا لم يبق شيء تسلف من عبيده ولا يرى بذلك بأسًا، وربما جاءه إنسان فلا يجد
ما يعطيه فيتغير لذلك وجهه، ويقول: أبشر فسوف يأتي اللَّه تعالى بخير. فقال: فيُقيض اللَّه تعالى لابن شهاب أيما رجل يهدي له أو يُقرضه أو يبيعه وينظره، قال: وكان يطعم الناس الثريد في الخصب وغيره ويسقيهم العسل. قال: وكان يَسْمُر على العسل كما يَسْمر أصحاب الشراب على شرابهم ويقول: اسقونا وحدَّثونا. فإذا رأى أحدًا من أصحابه قد نعس قال له: ما أنت من سُمار قريش الذين قال تعالى فيهم: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] قال: وسمعته يبكي العلم ويقول: يذهب العلم وقليل من يعمل به.
وقال معمر: كان محمد قصيرًا، وكان أول داخل وآخر خارج على عمر بن عبد العزيز، وكان أراد أن يستعمله على العراق فبلغه أنه يقول: إِنَّ عمرًا يتعلم مِنِّي. فقال: قد تعلمنا منه عِلْمًا كثيرًا. ثُمَّ جفاه بعد.
وقيل ليحيى بن معين: مَنْ كان أحفظ الزهري أو قتادة؟ فقال ابن معين: حكى عن الزهري أنه قال: إني لأمر بالمغنية وهي تغني فأسد سمعي. قيل له: ولِمَ؟ قال: لأنه ما وصل إلى قلبي شيء قَطُّ ثم خرج منه.
وقال أحمد بن حنبل: سألت يحيى بن سعيد مَنْ كان أحفظ الزهري أو قتادة؟ فقال: ما فيهما إلا حافظ، ثم قال يحيى: الحفظ نِحْلة مِنَ اللَّه تعالى. وكان قتادة مَنْحولا، وأما الزهري فإنه حكى عنه أنه قال: رأيت في المنام أشرب ماء زمزم؛ فإنه لما شرب له فقمت فأسبغت الوضوء، وصليت أربع ركعات، ثم شربته للحفظ فحفظت فما سمعت شيئًا فأنسيته.
وقال ابن معين: الْحُفَّاظ المعروفون بالحفظ: الزهري بالمدينة، وقتادة بالبصرة، وسليمان بن مهران بالكوفة، وكل واحد منهم إمام في نفسه ضابط لما هو فيه من الحفظ ومعرفة تصريف الأخبار. وقال معمر: ما سمعت متفوهًا بالحديث أحسن تفوهًا من الزهري.
وقيل ليحيى: مَنْ أول من أَلَّف الحديث بالمدينة؟ قال: الزهري مُحَدث بلده في عصره. قيل له: أرأيت ما حكي من طريق إيتائه السلطان؟ فقال يحيى: لسنا ننظر إلى هذا إنما ننظر إلى مخرج الحديث والصدق في القول.
وعن يعقوب بن عبد الرحمن أَنَّ عمرَ بن عبد العزيز كتب إلى ابن شهاب ليقدم عليه فأبطأ عنه؛ فلما قدم قال: يا ابن شهاب، أما لو كان غيرنا ما أبطأت عنه لقد قلبتك ظهرًا لبطن فوجدتك بني دنيا.
وعن ابن أخيه قال: إن كنت لأجد ريح المسك من سوط دابة الزهري، وقيل له: تركت المدينة ولزمت شغبًا وإدامًا وتركت العلماء بالمدينة نيامى؟ فقال: أفسدها علينا العبدان: ربيعة، وأبو الزناد.
وعن محمد بن المنكدر قال: جاء رجل إلى سعيد بن المسيب؛ فقال: يا أبا محمد؛ إني رأيت فيما يرى النائم ابن شهاب؛ فرأيته مَدْفونًا ورأيت رأسه بادية ورأيت يديه خضيض، فقال سعيد: واللَّه إن ابن شهاب لرجل صالح، ولئن صدقت رؤياك ليصيبن سلطانًا وليصيبن دنيا، فأمره عمر بن عبد العزيز على الصدقات، وكان معه رجل فاتهمه في مال كان عنده بضربه فمات. زاد غيره: فحلف لا يأتي النساء ولا يظله سقف. فقال له علي بن الحسين: يا زهري؛ لك أشد من ذنبك، فقال: اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته. وتُوفي في ماله بشغب ودفن في بأداما من ضيعته على ثماني ليالٍ من المدينة. وذكره يعقوب بن سفيان في الطبقة الثانية من أهل المديثة. وفي "جامع بيان العلم" لابن عبد البر: عن خالد بن. . . .
وفي كتاب "التعديل والتجريح" لأبي الوليد، عن معن، عن مالك قال: كنت أكتب الحديث فإذا اخلتج في قلبي منه شيء عرضته على الزهري؛ فما أمرني فيه قبلته وما أثبته فهو الثبت عندي، وكنت أومر علمه على علم غيره لتقدمه في هذا الأمر وعلمه بسنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة": ثنا موسى بن إسماعيل: شهدت وهيبًا وبشر بن كثير، وبشر بن المفضل في آخرين وذكر الزهري فقال: بِمَن تقيسونه؟ فلم يجدوا أحدًا يقيسونه به إلا الشعبي، وفي "الثقات" لأبي حفص ابن شاهين، عن يحيى بن سعيد: ما أعلم أحدًا بقي عنده من العلم ما بقي عند ابن شهاب، وعن الجمحي قال: ما رأيت أحدًا أقرب شبهًا بابن شهاب من يحيى بن سعيد، ولولا ابن شهاب لذهبت كثير من السنن، وله يقول بعضهم:
بارا من وفيهم الزهري
سيدًا عالمًا زكيًّا نقيًّا
وأخبار الزهري كثرة اقتصرنا منها على هذه النبذة، واللَّه تعالى الموفق.