الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من اسمه: وكيع
5199 - (ع) وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي الأعور
(1)
ذكر المزي وفاته سنة سبع وتسعين من عند جماعة، ثم قال: زاد ابن سعد: ومات بفيد منصرفًا من الحج. انتهى. أغفل من "كتاب ابن سعد" -إن كان رآه- وذكره في الطبقة السابعة: كانت وفاته في المحرم في خلافة محمد بن هارون.
وزعم أيضًا أن ابن فضيل، وأبا حسان، وأبا زرعة، وخليفة قالوا: مات سنة ست وتسعين ومائة، وأن خليفة قال: ولد سنة ثمان وعشرين ومائة. انتهى كلامه. وهو غير جيد؛ لأن الذي ذكره خليفة بن خياط في الطبقة التاسعة من "كتاب الطبقات"، وكتاب "التاريخ" الذي على السنين: مات وكيع بن الجراح سنة سبع، لم يذكر شيئًا فيهما، ولا تاريخ مولده، فينظر.
وفي قوله: عن الأثرم، عن أحمد بن حنبل: حج وكيع سنة ست وتسعين، ومات في الطريق، وكذلك قال الغلابي عن أبيه، نظر؛ إذ يفهم منه أن الغلابي قال كقول أحمد، وليس كذلك؛ إنما رواه عن أحمد بن حنبل كما رواه الأثرم، بيَّن ذلك: الكلاباذي، وغيره.
وفي رواية مسلم عن أحمد: مات في أول سنة سبع أو في آخر سنة ثمان.
وفي رواية الأثرم أيضًا: وله ست وستون سنة.
وذكر مولده من عند أبي نعيم، ولم يذكر وفاته من عنده لما عدد ذاكري وفاته، وهي ثابتة في تاريخه، ورواها أيضًا عنه الأئمة سنة ست وتسعين.
وذكر المزي من عند العجلي لفظًا، وأغفل منه: وكيع، وأبو نعيم، والأشجعي، والقطان، وابن مهدي، والحفري: أثبت في حديث سفيان من الفريابي وأصحابه.
وفي قوله: قال ابن سعد، وأبو هشام، وابن المديني، وابن نمير: مات سنة سبع
(1)
انظر: تهذيب الكمال 3/ 1463، تهذيب التهذيب 11/ 123، 211، تقريب التهذيب 2/ 331، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 128، الكاشف 3/ 237، تاريخ البخاري الكبير 8/ 179، تاريخ البخاري الصغير 2/ 281، الجرح والتعديل 9/ 168، ميزان الاعتدال 4/ 335، البداية والنهاية 10/ 240، الأنساب 6/ 180، طبقات ابن سعد 6/ 275، تاريخ الثقات 464، المعين 731، الحلية 8/ 368، تراجم الأحبار 4/ 192، الثقات 7/ 562، نسيم الرياض 2/ 285، 3/ 409، سير الأعلام 9/ 140 والحاشية، معجم المؤلفين 13/ 166، تاريخ بغداد 13/ 466، ديوان الإسلام ت 2167.
وتسعين، زاد ابن سعد: بفيد، وزاد أبو هشام: يوم عاشوراء، نظر؛ لأن أبا هشام الرفاعي نص على فيد كما ذكره ابن سعد.
قال أبو هشام -فيما ذكره أبو الوليد في كتاب "الجرح والتعديل" وغيره- وسأله أحمد بن علي: متى مات وكيع؟
قال: سنة سبع وتسعين ومائة يوم عاشوراء، ودفن بفيد، ومات ابن عيينة بعده.
وقال الهيثم بن عدي في الطبقة السادسة: توفي زمن هارون أمير المؤمنين.
وقال ابن حبان في الثقات: أمه: بنت عمارة بن شداد بن ثور الرؤاسية، وكان حافظًا متقنًا، سمعت محمد بن أحمد ابن أبي عون يقول: سمعت فياض بن زهير يقول: ما رأينا بيد وكيع كتابًا قط، كان يقرأ كتبه من حفظه.
وفي "سؤالات الآجري": سألت أبا داود: أيما أثبت: وكيع، أو ابن أبي زائدة؟
قال: وكيع أثبت، وسألته عن سماع وكيع، فقال: بعد الهزيمة، وسمعت صالحًا الخندقي.
قال: سمعت وكيعًا، قال: كنا ندخل على سعيد فنسمع، فما كان من صحيح حديثه أخذناه، وما لم يكن صحيحًا طرحناه، وسمعت أبا داود يقول: قال ابن جريج: لوكيع باكرت العلم، وكان لوكيع ثمان عشرة سنة، وسمع من ابن جريج بالكوفة.
وسئل أبو داود: أيما أحفظ: وكيع أو عبد الرحمن؟
فقال: وكيع، وعبد الرحمن أقل وهمًا، وكان أتقن.
قال أبو داود: التقى وكيع وعبد الرحمن في المسجد الحرام، فتوافقا حتى جاء أذان الصبح.
وقال علي لوكيع بعبادان: منصور عن إبراهيم في الخمرة للمضطر، فقال: اجعل مكان منصور بُردًا، ومكان إبراهيم مكحولا، لم نخرف بعد.
وقال أبو داود: ما رُئي لوكيع قط كتاب، ولا لهشيم، ولا لحماد، ولا لمعمر.
قال أبو داود: كان ابن المبارك نافر وكيعًا قبل أن يموت بعشرين سنة، فكان لا يكلمه، قلت: حدث عنه؟
قال: لا.
وقال أبو أحمد بن حنبل: ما كتبت عن أحد ما كتبت عن وكيع.
قلت لأبي داود: كان وكيع يقول في حديث بَرِيرَةَ: حجرًا، ثم قال: حجيرًا.
قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول هذا.
قال أبو داود: ما رئي لوكيع كتاب قط، وأملى عليهم حديث سفيان عن الشيوخ، ثم قال: لا عدت إلى هذا المجلس أبدًا.
وأظن حدثني الحسن بن عيسى، قال: قال لي وكيع: ما صنفت حديثًا قط.
قال أبو داود: وكان وكيع لا يحدث عن هشيم؛ لأنه كان يخالط السلطان، ولا يحدث عن إبراهيم بن سعد، وضرب على حديث ابن أبي عبلة.
قال أبو داود: قال عبد الرزاق: شكا إلي سفيان بن عيينة، وقال: ترك حديثي.
قال أبو داود: وكان أبوه على بيت المال، فكان إذا روى عنه، قال: حدثنا أبي وسفيان، أبي وإسرائيل، وما أقل ما أفرده! .
وفي "تاريخ بغداد": قال وكيع: جئت إلى الأعمش، فقال لي: ما اسمك؟
قلت: وكيع.
قال: اسم نبيل، ما أحسب إلا سيكون لك نبأ، أين تنزل من الكوفة؟ قلت: في بني رؤاس.
قال: أين من منزل الجراح بن مليح.
قال: قلت: ذاك أبي، وكان أبي على بيت المال، فقال: اذهب فجئني بعطائي، وأحدثك بخمسة أحاديث، فكان كل شهر أجيء له بعطائه ويحدثني خمسة أحاديث، وجاء رجل إلى وكيع مرة، فقال: إني أمت إليك بحرمة، فقال: وما هي؟
قال: كنت تكتب من محبرتي في مجلس الأعمش، فوثب وكيع وجاءه بصرة فيها دنانير، وقال: اعذرني فإني لا أملك غيرها.
وقال يحيى بن معين: رأيت عند مروان بن معاوية لوحًا فيه أسماء شيوخ: فلان رافضي، وفلان كذا، وفلان كذا، ووكيع رافضي.
قال يحيى: فقلت له: وكيع خير منك.
قال: مني؟
قلت: نعم.
قال: فما قال لي شيئًا. ولو قال شيئًا لوثب أصحاب الحديث عليه.
وقال يحيى بن أكثم: صحبت وكيعًا في السفر والحضر، فكان يصوم الدهر، ويختم القرآن كل ليلة.
وقال ابنه سفيان: كان أبي يصوم الدهر، فكان يبكر فيجلس لأصحاب الحديث إلى ارتفاع النهار، ثم يقيل إلى صلاة الظهر، فإذا صلى الظهر قصد طريق المشرعة التي
يصعد منها أصحاب الروايا يريحون نواضحهم، فيعلمهم من القرآن ما يؤدون به الفرض إلى حدود العصر، ثم يرجع إلى مسجده فيصلي، ثم يجلس فيدرس القرآن، ويذكر اللَّه عز وجل إلى آخر النهار، ثم يدخل منزله فيقدم له إفطاره، وكان يفطر على نحو عشرة أرطال طعام، ثم يقدم له قرابة نحو من عشرة أرطال نبيذ فيشرب منها ما طاب له على طعامه، ثم يجعلها بين يديه ويقوم فيصلي ورده من الليل، وكلما صلى ركعتين أو أكثر من شفع أو وتر شرب منها حتى ينفذها ثم ينام.
وقال نعيم بن حماد: تعشينا -أو قال: تغدينا- عند وكيع، فقال: أيش تريدون أجيئكم: نبيذ الشيوخ، أو نبيذ الفتيان؟
قال: فقلت له: أنت تتكلم بهذا؟ !
فقال: هو عندي أحل من ماء الفرات.
فقلت له: ماء الفرات لم يختلف فيه، وقد اختلف في هذا.
وقال يحيى: أخذ وكيع يقرأ كتاب "الزهد"، فلمّا بلغ حديثًا منه ترك الكتاب، ثمَّ قام فلم يحدث، فلمَّا كان الغد فعل كذلك ثلاثة أيام، قيل ليحيى: أي حديث هو؟
قال: قوله صلى الله عليه وسلم: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ
(1)
".
قال يحيى: رأيت ستة أو سبعة يحدثون ديانة، منهم وكيع، ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.
ولما ذكره ابن راهويه وحفظه، قال: كان حفظه طبيعيًا، وحفظنا تكلف.
وقال ابن المديني: جاء رجل إلى ابن مهدي فجعل يعرض بوكيع، وكان بين عبد الرحمن وبين وكيع ما يكون من الناس، فقال ابن مهدي للرجل: قم عنا، بلغ من الأمر أنك تعرض بشيخنا، وكيع شيخنا وكبيرنا ومن حملنا عنه العلم.
وذكر المزي عن أبي موسى وحده وفاته سنة ثمان، وقد قاله أيضًا أبو إسحاق الحربي، قال: أخذه البطن، فما زال به البطن إلى فيد فكان ينزل في كل منزل مرارًا، مات بفيد، ودفن في الجبل آخر القبور، سنة ثمان وتسعين ومائة في آخرها، وثم قبر عبد الرحمن بن إسحاق القاضي.
(1)
أخرجه ابن المبارك في الزهد 1/ 5، رقم 13، وأحمد 2/ 24، رقم 4764، والترمذي 4/ 567، رقم 2333، وابن ماجه 2/ 1378، رقم 4114. وأخرجه أيضًا: الطبراني 12/ 417، رقم 13537، والقضاعي 1/ 373، رقم 644، والبيهقي في شعب الإيمان 7/ 349، رقم 10543.
وفي "كتاب المزي" -بخط المهندس وضبطه-: قالوا لحماد: يا أبا إسماعيل؛ هذا راوية سفيان، وهو غير جيد، والصواب الذي ذكره الخطيب الذي نقله فيما أرى من عنده: راوية سفيان.
وفي كتاب "الكفاية" لأبي بكر الخطيب عن علي بن المديني: كان وكيع يلحن، ولو حدَّثت عنه بألفاظه لكان عجبًا، كان يقول: ثنا مسعر، عن عيشه.
وفي "ربيع الأبرار": كان وكيع يقول: ما خطوت للدنيا منذ أربعين سنة، ولا سمعت حديثًا قط فنسيته، قيل: وكيف ذلك؟
قال: لأني لم أسمع شيئًا إلا عملت به.
وفي "تاريخ المنتجيلي": كوفي ثقة، قال عبد اللَّه بن صالح: كان يحفظ نيِّفًا وعشرين ألف حديث، وكان متعبدًا، له فقه وأدب، وكان إذا اشتهى الشيء لم يقل: اشتروا لي، يقول لابنه أحمد: كيف يباع العنب اليوم؟ كيف تباع الرطب؟ فيشترونه له، وكان إذا أراد الجماع لم يدع أهله، بل يلبس ثياب الجماع فتأتيه زوجه، وكان إذا أراد الوضوء لبس ثياب الوضوء، فيضعون له وضوءه، قال يزيد بن هارون: إنما أعانه على ذلك اليسار، ولو كان مقلا وقال: اشتروا لي كذا وكذا لما فعلوا.
وعن وكيع: طلبت العلم في معدنه أربعين سنة ولي ألف رجل.
وكان أحمد بن حنبل يفضله، وكانت أخلاقه حسنة، وكان ناسكًا أديبًا صاحب سنة، وكان لا يرفع طرفه إلى السماء، وعن وكيع، قال: بعث إلي هارون بن محمد، فأرادني على تولية القضاء، قال: فقلت: إنما عيني هذه الضريرة، فأمير المؤمنين مُبصر ضررها، وأمّا هذه وأشرت بأنملتي إليها أيضًا، فواللَّه ما أبصر بها شيئًا.
وقال عبد اللَّه بن صالح: كان وكيع يستحفظ كل يوم ثلاثة أحاديث، ولما جاء نعيه إلى يحيى بن آدم، قال: ما أرى وكيعًا أخذ من الناس إلا لأمر قد قرب منهم.
وقال حسين أخو زيد: إن كنت مع وكيع حتى مات، فقال لي: أنا في السوق، ولكني أقطع بنفسي مخافة أن يغتم ابني أحمد، ثم قال: يا أحمد، بقي علينا من السنة باب لم ندخل فيه، أخضبني.
وقال ابن معين: كان وكيع لا يجلس ولا يحدث إلا ووجهه إلى القبلة، وكان يقول: من لم يدرك التكبيرة الأولى لا يرج خيره، وأجازه هارون بألف مثقال فأبى أن يقبلها، وكان له أربعة من الولد: مليح: وكان رجلا صالحًا، وأحمد: وهو أفضل ولده، وسفيان، وعبيد: رجل صالح، ولم يرو شيئًا.