الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم رفع الأيدي في الخطبة للدعاء
مداخلة: هل يرفع الخطيب والمستمع أيديهما في صلاة الجمعة يعني:
…
على دعاء الخطيب، وهل الأمر كذلك في نهاية الدروس؟
الشيخ: الدعاء يوم الجمعة أو في خطبة الجمعة يقال فيه إنه خلاف السنة، كما قلنا تماماً عن القنوت في الصلوات الخمس، إنما يُشْرَع للنازلة، والقنوت في صلاة الفجر بصورة خاصة قلنا إنه لا يثبت عن الرسول عليه السلام، وأنه يجوز من باب السياسة الشرعية على التفصيل السابق.
فهذا الكلام يقال تماماً فيما يتعلق بدعاء الخطيب يوم الجمعة، أي: لا يُشْرَع للخطباء يوم الجمعة أن يلتزموا الدعاء وبخاصة الثانية، كثير من الخطباء يجعلون الخطبة الثانية للدعاء، وهذا بلا شك أمر مخالف لسنة الرسول مخالفة جذرية، بعضهم يَشُوبُها ويَخْلِطُها بشيء من الموعظة والعلم كما فعل في الخطبة الأولى، لكن يختمها بشيء أيضاً من الدعاء، هذا الختم أيضاً نقول: كختم الصلاة بالدعاء جماعةً، هذا لا أصل له وهذا لا أصل له.
لعلكم عرفتم ختم الصلاة بالدعاء، أي: الإمام بعد أن يُسَلِّم يلتفت إلى الجماعة، وقد يأمرهم بالتسبيح والتكبير والتحميد، كأنهم اليوم أسلموا وما يعلمون ماذا يفعلون بعد الفرض، فيُلَقِّنهم هذه الأشياء المعروفة شرعيتها، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويدعو، وقد يرفع صوته بالدعاء فيُؤَمِّنون عليه .. كل هذه الهيئة لا أصل لها في السنة.
كذلك ختم خطبة الجمعة الثانية، لا يُشرع هذا الختم.
الالتزام .. أنا أتكلم الآن عن الالتزام: لأن الالتزام شيء ما جَرَت به السنة مطلقاً .. هذه بدعة بلا شك، لكن قد يَرِد على فعل هذا الدعاء أحياناً ما قلناه بالنسبة للقنوت.
فأقول: إن الواجب على كل خطيب أن يتدرج ليجعل الخطبة الثانية كالخطبة الأولى تماماً، أي: لا يخلط فيها شيئاً من الدعاء، إلا في بعض الأحيان ولسياسة شرعية؛ حتى يتعلم الناس أن الخطبة الثانية هي تمام للخطبة الأولى التي قال رَبُّنا عز وجل في حقها:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فذكر الله هنا هي الخطبة، من أجل الموعظة والتذكير والنصيحة.
أما رفع اليدين سواءً من الخطيب أو من المخطوب عليهم، فهذا كله أيضاً كأصل الدعاء .. ليس له أصل مطلقاً .. هناك شيء واحد فقط يمكن أن نقول: تُشْرع رفع الأيدي والدعاء من الخطيب والتأمين ممن هم يسمعون خطبته لأمر عارض، إما عَرَض للأمة كلها فهم على علم بحاجة المسلمين إلى مثل هذا الدعاء، أو عرض الخطيب، فهو المفروض فيه أن يكون أعلم من سائر الناس؛ لأنه إمامهم، ولأنه قدوتهم كما قلت آنفاً.
حينئذٍ: ينبغي لهذا الإمام أن يكون دعاؤه يتناسب مع النازلة التي نزلت بالمسلمين والتي توجب عليه شرعاً أن يدعو.
وهذا أصله دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم للاستسقاء، فقد ثبت في صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه:«أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما كان يخطب يوم جمعة إذا برجل يدخل من باب من أبواب المسجد، فقال: يا رسول الله - ورسول الله يخطب - هلكت الأموال والعيال من قلة الأمطار، فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حتى بان إبْطَاه» .
أي: بالغ في الرفع وقال: «اللهم اسقنا .. اللهم اسقنا، فما أتمَّ دعاءه إلا وجاشت السماء بالأمطار كأفواه القِرَب، قال أنس: فظَلَّت تُمْطر سبتاً، - أي: أسبوعاً كاملاً - إلى أن جاء الجمعة الثانية ورسول الله يخطب، وإذا بذاك الرجل أو غيره -يشك أنس- يقول: يا رسول الله! هلكت الأموال والعيال من كثرة الأمطار، فادع الله لنا، فقال: «اللهم حوالينا ولا علينا .. اللهم على الآجام والآطام والضِرَاب ومنابت الشجر» قال: فانكشفت السماء - فلا تُمْطِر المدينة عليها
كالجونة، يعني: كالترس وما حولها تغذى بالأمطار.
فهذا أمر عارض يعرض للخطيب يدعو لا بأس، أما الاستمرار في الدعاء، فلا شك في بدعية في ذلك، على التفصيل المذكور آنفاً.
مداخلة: تتمة للجواب لو سمحت! يقول السائل: كذلك تتعلق بالدعاء: ما رَدُّك على الذين يقولون بمشروعية الدعاء بشكل دائم؛ لأن في هذه الأيام توجد نوازل كما ترى عليه حال الأمة اليوم.
الشيخ: انظروا الآن الجهل بالسنة كيف يقلبون السنة إلى بدعة والبدعة إلى سنة .. أريد أن أقول: الأصل في الدعاء للنوازل هو القنوت، فالقنوت الآن للنازلة أُمِيت، والقنوت في الصبح محافظة عليه كأنه سنة واجبة ..
الآن هنا السؤال يقول: ما رأيك في من يقول: إن الدعاء يوم الجمعة يجوز لهذه النوازل التي نزلت في المسلمين؟
أنا أقول: هل هذه الأدعية التي نسمعها اليوم من هؤلاء الخطباء هي تتعلق بنوعية النازلة التي تنزل بالمسلمين؟
الجواب: لا، إذاً: هذا يُرَاد منه تبرير وتسويغ ما يفعلونه بزعم أن هذا الدعاء للنازلة، هذا شيء.
والشيء الثاني: أُريد أن أُذَكِّر بالمقصود من النازلة يا إخواننا وسأبالغ في التمثيل البعيد لتفهيم المثال القريب: لو قام قائم: فاتخذ عادة له يدعو في الصلوات الخمس وليس فقط في الفجر: أن يُهْلِك رَبُّنا عز وجل النصارى الذين احتلُّوا الأندلس ويُعيد الأندلس إلى المسلمين، لاستهجن المسلمون هذا الدعاء، بزعم أن هذا دعاء أو قنوت نازلة .. يا أخي، هذه ليست نازلة .. هذه أصبحت حَلّت في ديار المسلمين وقضي على المسلمين فصارت القضية نسياً منسياً، النازلة: هل التي تعرض للمسلمين من قريب، أما إذا صارت عادة .. فأنتم ترون مع الأسف الآن النازلة الجديدة والقوية جداً جداً والمخزية للمسلمين، هي احتلال اليهود لفلسطين، هل
تجدون إماماً يقنت قنوتًا شرعيًا ويدعو لينصر الله المسلمين على اليهود في فلسطين، في قنوت الصلوات الخمس؟ لا تجدون هذا.
إذاً: إذا نزل بالمسلمين أمر عارض هذا الذي هو يشرع له القنوت في الصلوات الخمس، أما هذا الأمر العارض صار جزءًا من حياة المسلمين، فهذا لا يُعْتَبَر أنه يشرع له القنوت من أجل النوازل.
(الهدى والنور /732/ 53: 00: 00)
(الهدى والنور /732/ 58: 04: 00)
(الهدى والنور /732/ 02: 08: 00)