الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسافة التي يترخص فيها المسافر
مداخلة: هل الشرع حدد تاريخاً برخص السفر للمسافر من ناحية الصوم وقصر الصلاة؟
الشيخ: تاريخ؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: ماذا تعني؟
مداخلة: مدة يعني.
الشيخ: لا، لا، القضية ترجع إلى العرف، أما التحديد بمراحل قديماً وكيلومترات حديثاً، فهذا ليس له أصل في الشرع إطلاقاً، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة جيدة في هذا الموضوع في مجموعة الرسائل والمسائل، رسالة خاصة في أحكام السفر ينتهي فيها إلى القول بأن كل بروز من البلد إلى بلد آخر يتهيأ هذا البارز أو هذا الخارج لمثل هذا الخروج ويُعْرف في عُرف البلد أن هذا سفر، فهو سفر طالت المسافة أو قصرت.
وهذا في الواقع مُؤَيَّد بمثل قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} [البقرة: 184] فأطلق هنا: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 185] لم يُحدِّد، ولا جاءت السنة أيضاً، كما هي شأنها في كثير من النصوص المطلقة في الكتاب أنها تقيدها، فقال:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ} [البقرة: 184].
ولا يجوز تقييد ما أطلقه الشارع سواء في القرآن أو في السنة، ولا يجوز تخصيص ما عَمَّه الله عز وجل في نص من الكتاب والسنة بمجرد الرأي والاجتهاد.
فالعام يبقى على عمومه حتى يُخَصَّص بنص من الشارع الحكيم، والمطلق يبقى على إطلاقه حتى يُقيده.
وهذه الآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 184] فالسفر
مطلق كالمرض تماماً، ولذلك فكل من كان مريضاً جاز له الإفطار في رمضان، وكل من كان مسافراً جرت عليه أحكام المسافر من عزيمة كالقصر، أو من رخصة كالجمع.
ويعجبني بهذه المناسبة ما ذكره «الإمام القرطبي» في تفسيره: «الجامع لأحكام القرآن» ، ذكر عن محمد بن سيرين التابعي الجليل أنه رُؤِي يوماً في رمضان وهو مفطر ولا يبدو عليه آثار المرض، فأشار بإصبعه .. موجوع في إصبعه لافف، فهو مريض في إصبعه.
مداخلة: شيخنا! لتمام البحث في هذه القضية إن أنهيتم؟ !
الشيخ: نعم، انتهيت.
مداخلة: هذا الكلام الذي تفضلتم فيه أستاذي حول قضية المسافة، قضية المدة التي يمكثها المسافر، وتحديدها بالإقامة وعدمها!
الشيخ: نعم.
مداخلة: هنا إشكال أشكل على بعض الإخوة، من فعل بعض إخواننا الذين هاجروا هجرتهم الجديدة من الكويت عقب الأحداث والمواقف التي مَرَّت بالأمة الإسلامية، فجاؤوا هنا واستأجروا بيتاً وأثاثاً وكل شيء، لكنهم متأملون أن يرجعوا في كل لحظة إلى الكويت إلى قبل أيام يسيرة حينما اتصل بهم بعض إخوانهم في الكويت قالوا الآن: يكاد يكون مستحيل لكم الرجوع، فكانوا طيلة هذه الفترة مدة سنة ونصف يقصرون، والآن قالوا: نحن الآن اطمأننا وأصبحنا بحكم المقيمين؛ لأنه لا مجال للرجوع.
الشيخ: أنا أرى أن هذا هو الصواب.
مداخلة: يا سلام!
الشيخ: نعم.
الشيخ: أرى أن هذا هو الصواب.
مداخلة: طبعاً، الصواب شيخَنا على حسب نيته.
الشيخ: على حسب التفصيل الذي ذكرتُه.
مداخلة: على حسب التفصيل.
الشيخ: هذا هو.
مداخلة: نعم، بارك الله فيك.
الشيخ: نعم؛ لأنه ما دام لم ينوِ الإقامة ولو طالت المدة فهو مسافر.
مداخلة: شيخنا! استئجار البيت وشراء العفش، كله داخل في الموضوع.
الشيخ: كيف؟
مداخلة: شراء العفش.
الشيخ: لا يهم .. لا يُغيِّر.
مداخلة: حسبما كنت ذكرت لنا، عندما كنت تأتي زائراً من سوريا إلى الأردن وتمكث عند بيت صهرك كنت تتم، وقلتَ: أنا مطمئن وجالس، مع أنك تجلس أسبوع .. عشرة أيام، فهل هذا يعني: غير هذا؟
الشيخ: غير هذا، طبعاً.
مداخلة: غيره.
الشيخ: أنا نويت الإقامة مطمئناً وكل شيء، ليس عازم، متردد غداً سأسافر بعد غد إلى آخره.
مداخلة: يعني: سفره.
الشيخ: القضية هنا قضية تَرَدُّد المقيم أنه سيسافر اليوم غداً بعد غد إلى آخره، كما وقع لبعض الصحابة، ومنهم: عبد الله بن عمر حينما خرجوا غُزاةً إلى بلاد أفغانستان، الآن يعني: فيها خراسان، مكثوا ستة أشهر وهم يقصرون؛ لأنه كان