المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الجمع بعذر البرد وضابطه - جامع تراث العلامة الألباني في الفقه - جـ ٦

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجمعة

- ‌حكم صلاة الجمعة

- ‌حكم صلاة الجمعة

- ‌معنى حديث: «الجمعة على من آواه الليل إلى أهله»

- ‌غسل الجمعة

- ‌‌‌غسل الجمعة واجبوتساهل الناس فيه

- ‌غسل الجمعة واجب

- ‌حكم غسل الجمعة

- ‌بعد أن يغتسل الإنسان للجمعة هل يجب عليه الوضوء قبل الصلاة

- ‌حكم غُسل الجمعة

- ‌سنة الجمعة

- ‌جواز الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة

- ‌ضعف التفصيل القائل بأن سنة الجمعة في المسجد أربعًا وفي البيت اثنتين

- ‌السنة القبلية للجمعة والأذان الأول

- ‌هل للجمعة سنة قبلية؟ والكلام على سنة الجمعة البعدية، وعلى غسل الجمعة

- ‌حكم سنة الجمعة القبلية

- ‌حكم سنة الجمعة القبلية

- ‌السنة القَبلِيّة للجمعة

- ‌سنة الجمعة المزعومة

- ‌سنة الجمعة القبلية المزعومة

- ‌لا سنة قبلية للجمعة

- ‌السنة البعدية يوم الجمعة كم ركعة وأين تكون

- ‌السنة بعد صلاة الجمعة

- ‌وقت الجمعة

- ‌صلاة الجمعة تارة قبل الزوال وتارة بعده

- ‌أذان الجمعة والأذان العثماني

- ‌هل يقتدى بأذان عثمان رضي الله عنه مطلقاً

- ‌تحقيق موضع الأذان النبوي والعثماني، وفيه الكلام على هل كانت المنارة في زمنه صلى الله عليه وسلم

- ‌وقت أذان الجمعة وهل للجمعة سنة قبلية

- ‌تلخيص لبعض أحكام أذان الجمعة

- ‌أذان الجمعة الذي يحرم العمل

- ‌لماذا لم يختر عثمان رضي الله عنه صيغة أخرى غير الأذان الأول لتنبيه الناس في يوم الجمعة

- ‌شروط إقامة الجمعة

- ‌تنعقد صلاة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات

- ‌العدد الذي تنعقد به الجمعة

- ‌العدد في الجمعة

- ‌هل يشترط الإمام الأعظم للجمعة

- ‌حكم إقامة صلاة الجمعة في الخلاء، لمجموعة من الرجال عددهم خمسة أو عشرة أو أكثر

- ‌هل في عدد إقامة الجمعة حديث يثبت

- ‌إقامة الجمعة في القرى

- ‌الشروط المطلوبة لإقامة خطبة وصلاة الجمعة ومن يلزمه شهود الجمعة

- ‌الشروط المعتبرة في صلاة الجمعة

- ‌إذا كانوا جمعًا في الحضر بعيدين عن المسجد هل إقامة الجمعة عليهم على الوجوب

- ‌قول الشافعية أن من صلى الجمعة فالأحوط عليه أن يصلي الظهر هل عليه دليل

- ‌هل تصح إقامة الجمعة في عقار مستأجَر، وكلمة حول شروط الجمعة

- ‌صلاة الجمعة خارج المسجد

- ‌من يرخص له في ترك الجمعة

- ‌هل يُرخَّص لمن خرج نزهة يوم الجمعة في ترك صلاة الجمعة

- ‌هل يجب على المرأة صلاة الجمعة في المسجد

- ‌حكم صلاة الجمعة للمرأة

- ‌إذا لم توجد جماعة يوم الجمعة ولم يوجد من يخطب هل يصلون ظهرًا

- ‌تخلف المرء عن الجمعة والجماعة بحجة كونه ذو عيال أو يخاف الطرد من الجامعة

- ‌إذا كانت الجمعة رخصة للمسافر فما حكم من صلاها في السفر، هل يقال أن هذا بدعة

- ‌اجتماع العيد والجمعة

- ‌صلاة الجمعة لمن خرجوا رحلة إلى البادية مثلاً

- ‌حكم السفر أو الخروج في رحلة قبل أذان الجمعة، وحكم الاغتسال في هذه الحال

- ‌أحكام الخطبة

- ‌حكم خطبة الجمعة

- ‌صفة الخطبة

- ‌قصر الخطبة وإطالة الصلاة

- ‌أحكام متفرقة للخطبة

- ‌نص خطبة الحاجة

- ‌تخريج خطبة الحاجة

- ‌هذه الخطبة تفتح بها جميع الخطب وليست خاصة بالنكاح

- ‌أهمية نشر خطبة الحاجة وبيان سنية البدء بها في الخطب

- ‌إنما يقول الشيخ بمشروعية خطبة الحاجة لا وجوبها والرد على من أنكر مشروعيتها مطلقا في جميع الخطب

- ‌خطبة الحاجة

- ‌كلمة حول خطبة الحاجة

- ‌إذا اشترك في الندوة أكثر من متحدث هل يبدؤون جميعا بخطبة الحاجة

- ‌زيادة (ونستهديه) في خطبة الحاجة لا أصل لها

- ‌وجوب الخطبة يوم الجمعة

- ‌الخطبة الجذماء

- ‌حكم جعل الخطبة الثانية في الجمعة للدعاء

- ‌الدعاء على المنبر يوم الجمعة

- ‌حكم الدعاء في خطبة الجمعة والكلام على بدعية الدعاء للملوك على المنابر

- ‌بماذا تُخْتم الخطبة الأولى يوم الجمعة

- ‌حكم التزام الدعاء في خطبة الجمعة وحكم رفع اليدين في الدعاء يوم الجمعة مع التأمين

- ‌حكم الدعاء يوم الجمعة من الخطيب في نهاية الخطبة وبدعية الدعاء للملوك في آخر الخطبة

- ‌هل يشرع الدعاء في خطبة الجمعة الثانية

- ‌ما رأيكم فيما انتشر بين الخطباء في آخر الخطبة من قولهم: إن الله يأمر بالعدل والإحسان

- ‌أصل قول الخطباء: وأستغفر الله لي ولكم

- ‌الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر خطبة الجمعة

- ‌قراءة سورة (ق) في خطبة الجمعة

- ‌من أحكام خطيب الجمعة

- ‌حكم كون خطيب الجمعة من مدينة الأخرى

- ‌الخطيب إذا دخل المسجد هل يصلي تحية المسجد

- ‌إذا غاب الخطيب في مسجد، فهل يصلي المسلمون دون خطبة، أم يَصْعَد من لا يستطيع ذلك وربما وقع في الحرج الشديد

- ‌دور خطيب الجمعة الاجتماعي والسياسي

- ‌تسليم الخطيب على الحضور يكون من على المنبر

- ‌حكم تقديم الخطيب لغيره ليؤم الناس في صلاة الجمعة

- ‌حكم ما يفعله بعض خطباء الجمعة من إمامة الناس بسورة أو آيات تتحدث عن موضوع الخطبة

- ‌من أحكام من حضر الجمعة (المستمعين)

- ‌النهي عن الكلام أثناء الخطبة هل هو خاص بمن في المسجد أم عام

- ‌وجوب الاستماع والإنصات للخطبة وعدم الانشغال عنها

- ‌سنة الجمعة القبلية ليس لها أصل

- ‌استقبال الناس للخطيب بوجوههم حال الخطبة من السنن المتروكة

- ‌من السنن المتروكة: استقبال المصلين للخطيب في الجمعة بوجوههم

- ‌كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام يوم الجمعة لا مجرد صعوده على المنبر وخروج الإمام عليه لا يمنع تحية المسجد

- ‌المقصود بـ (من لغا فلا جمعة له)

- ‌حكم تشميت العاطس ورد السلام حال الخطبة

- ‌تحريم تشميت العاطس ورد السلام في صلاة الجمعة

- ‌حكم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ذكره الخطيب

- ‌حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب له صلى الله عليه وسلم

- ‌تحية المسجد أثناء الخطبة

- ‌من دخل وقت أذان الجمعة هل ينتظر انتهاء الأذان ثم يصلي تحية المسجد حتى لا يشوش عليه الأذان

- ‌المرور وتَخَطِّي الرقاب يوم الجمعة

- ‌المقصود بالساعة في حديث: «من جاء الجمعة في الساعة الأولى

- ‌حكم تأمين الناس على دعاء الخطيب يوم الجمعة مع رفع أيدي الإمام والمأمومين

- ‌أدرك التشهد في صلاة الجمعة، فهل يقضي أربعا أم اثنتين

- ‌متى تكون الساعة الأولى بالنسبة لدخول المسجد يوم الجمعة

- ‌الاستدلال على عدم وجوب تحية المسجد بعدم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لها قبل خطبة الجمعة

- ‌حكم رفع الأيدي في الخطبة للدعاء

- ‌متفرقات في الجمعة وأحكامها

- ‌أول من جمَّع بالمدينة

- ‌لم يجمع النبي صلى الله عليه وأصحابه إلا جمعة واحدة

- ‌فضل صلاة الصبح جماعة يوم الجمعة

- ‌تعدد الجمعة في البلد الواحد

- ‌من فاتته الجمعة ماذا يصلي

- ‌بماذا تدرك الجمعة

- ‌حكم الجمعة في يوم العيد

- ‌خطأ القول بأن من أتى الجمعة والإمام يخطب فإنما تحسب له ظهرًا

- ‌هل يسن قص الأظفار يوم الجمعة

- ‌أكثر الأحاديث في ساعة الإجابة يوم الجمعة أنها في آخر ساعة بعد صلاة العصر

- ‌الراجع في ساعة استجابة الدعوة يوم الجمعة

- ‌معنى اللغو في صلاة الجمعة

- ‌ليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة

- ‌هل تحبس الجمعة عن السفر

- ‌حكم إقامة الدرس قبل صعود الخطيب المنبر

- ‌حكم إلقاء درس أو موعظة قبل خطبة الجمعة

- ‌إقامة حلقة فتاوى وأسئلة بعد الجمعة

- ‌الموعظة قبل الجمعة

- ‌باب منه

- ‌حكم التحلُّق يوم الجمعة

- ‌تقسيم سورة السجدة يوم الجمعة على ركعتي الفجر خلاف السنة

- ‌قراءة سورة السجدة في ركعتين في فجر الجمعة

- ‌الموت يوم الجمعة هل له فضل خاص

- ‌تخصيص النساء بالموعظة

- ‌لا ينبغي أن يكون يوم الجمعة هو يوم العطلة في الدولة المسلمة

- ‌حكم تخصيص ليلة الجمعة بالقيام أو مع غيرها من ليالي الأسبوع

- ‌انقلاب الجمعة ظهرا لمن لغا فيها

- ‌بدع الجمعة

- ‌بدع الجمعة

- ‌كتاب صلاة العيدين

- ‌مصلى العيد

- ‌مواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة العيد في المصلى والأحاديث في ذلك

- ‌دلالة الأحاديث على أن السنة الصلاة في المصلى

- ‌رد تعليل الصلاة في المصلى بعلة ضيق المسجد

- ‌حكمة الصلاة في المصلى

- ‌شبهة وجوابها

- ‌شروط مصلى العيد

- ‌السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى

- ‌وجوب خروج النساء إلى مصلى العيد

- ‌هل يصلى تحية لمصلى العيد

- ‌لا صلاة قبل صلاة العيد ولا بعدها في المصلى

- ‌صلاة العيد

- ‌وجوب صلاة العيد على الرجال والنساء

- ‌ وجوب صلاة العيدين

- ‌لا يُسن رفع اليدين في تكبيرات العيد

- ‌حكم صلاة العيدين

- ‌الجهر بالقراءة في صلاة العيد

- ‌التكبير أربعًا في العيدين

- ‌الذكر بين التكبيرات

- ‌حكم رفع الأيدي مع تكبيرات العيد

- ‌من فاتته صلاة العيد هل يقضي ركعتين أم أربعًا

- ‌وجوب الأضحية بعد الصلاة وعدم الإجزاء قبلها وبيان أن الجذع من المعز لا يجوز في الأضحية

- ‌خطبة العيد

- ‌الرد على من جوز القعود في الخطبة

- ‌خطبة العيد لا تكون على منبر وبيان ضعف الأحاديث التي تخالف ذلك

- ‌خطبة العيد لا تكون على منبر وبيان ضعف الأحاديث التي تخالف ذلك

- ‌هل يُسن التكبير في افتتاح خطبة العيد

- ‌خطبة العيد هل هي خطبة أم خطبتان

- ‌التكبير في العيد

- ‌مشروعية الجهر بالتكبير في الطريق حتى يأتي المصلى في العيد

- ‌الجهر بالتكبير في العيد لا يشرع فيه الاجتماع عليه بالصوت

- ‌السنة في التكبير في العيد

- ‌حكم التزام التكبير في عيد الأضحى بعد الصلوات فقط

- ‌حكم التكبير المُقَيَّد بعد الصلوات، وهل يُقَدمه الإنسان على الأذكار المشروعة أم يبدأ بالأذكار أولاً

- ‌هل يقيد التكبير بأيام التشريق بما بعد الصلوات

- ‌متفرقات من أحكام العيد

- ‌زيارة القبور يوم العيد

- ‌الاحتفال بالعيد

- ‌حول ما ورد في الآثار من قولهم: تقبل الله منا ومنك في العيد

- ‌حكم التهنئة بالعيد بقولهم: كل عام وأنتم بخير

- ‌كتاب الجمع بين الصلاتين

- ‌الجمع بين الصلاتين حقيقي لا صوري

- ‌أدلة الجمع الحقيقي بين الصلاتين

- ‌الرد على من يقول بالجمع الصوري دون الحقيقي

- ‌جواز الجمع الحقيقي بين الصلاتين لرفع الحرج

- ‌هل يشرع الجمع في الحضر بدون عذر

- ‌الاستدلال على جواز جمع الصلوات بدون عذر بأن أوقات الصلاة في الأصل ثلاثة

- ‌حكم الجمع في الحضر دون عذر

- ‌الأعذار المبيحة للجمع في الحضر

- ‌ما هو الحرج الذي يبيح الجمع بين الصلوات

- ‌الجمع حال الإقامة، وضابط الحرج الذي يبيح الجمع

- ‌مشروعية جمع المقيم بين الصلاتين للحاجة

- ‌الجمع في الإقامة إنما يكون للحرج

- ‌مشروعية الجمع حال الإقامة للحاجة

- ‌حكم الجمع بعذر البرد

- ‌الجمع بعذر البرد وضابطه

- ‌لا تشترط شدة المطر لرخصة الجمع

- ‌هل يجوز جمع صلاتي الظهر والعصر في يوم المطر

- ‌ما هو حد المطر الذي يجوِّز الجمع

- ‌الدليل على جواز الجمع في المطر

- ‌هل يجوز الجمع بين الصلاتين للمنفرد لعذر خاص

- ‌الجمع بين الصلوات للحامل

- ‌من يجمع بين الصلوات بحجة العمل

- ‌الجمع لصاحب الحاجة

- ‌الجمع بين الصلاتين بعذر منع التجول

- ‌هل هذه الصورة تبيح الجمع بين الصلاتين

- ‌الجمع في السفر

- ‌الجمع بين الصلاتين للمسافر أثناء نزوله بموضع

- ‌ما الدليل على جواز الجمع في السفر والمسافر نازلاً لا سائرًا

- ‌صلاة الوتر والنوافل والدعاء بعد الإقامة في حالة الجمع

- ‌إذا صلى المسافر المغرب والعشاء جمع تقديم في وقت المغرب فمتى يكون الوتر

- ‌حكم النوافل بين الصلاتين المجموعتين، وإذا تم الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم فهل تصح صلاة الوتر بعد الجمع مباشرة أم ينتظر دخول وقت العشاء

- ‌صلاة المسافر ومسائل القصر والجمع

- ‌الدعاء بعد الإقامة الثانية للصلاتين المجموعتين والأمر بتسوية الصفوف

- ‌هل الجمع في الحضر كالجمع في السفر من حيث أنه لا يفصل بين الفريضتين بذكر ولا سنة

- ‌المواضع التي يباح فيها الجمع

- ‌حكم الجمع بين الصلاتين في مصلى أو مسجد لا تقام فيهما الصلوات كلها

- ‌حكم الجمع في المصليات الموجودة في المدارس والجامعات والمؤسسات

- ‌اختلاف الإمام مع أهل المسجد في الجمع من عدمه

- ‌إذا رأى الإمام الجمع ورأى بعض المصلين عدم الجمع

- ‌الدليل على مشروعية جمع التقديم

- ‌إذا اختلف أهل المسجد في جمع الصلاة من عدمه

- ‌صور متفرقة في مسألة الجمع بين الصلاتين

- ‌رجل تأخر عن صلاة الجمع بين المغرب والعشاء حال الإقامة فلم يدرك إلا ركعتين من صلاة العشاء فهل يتم المغرب ثم يصلي العشاء منفردًا؟ والتنبيه على أنه ولو صلى الناس جمع تقديم إلا أنه يجب أن تقام الجماعة في وقت الصلاة الثانية لمن لم يدرك الجمع

- ‌من جمع بين المغرب والعشاء ثم حضر صلاة العشاء في وقتها هل تحسب له قيام ليل

- ‌الجمع بين العشاءين في البيت بحجة البرد

- ‌رجل تأخر عن صلاة الجمع بين المغرب والعشاء فلم يُدرك إلا ثلاث ركعات من العشاء صلاها بنية المغرب، فهل له أن يجمع إليها العشاء منفرداً

- ‌كيفية الجمع في هذه الصورة

- ‌ضابط السفر المبيح للرخص

- ‌السفر ليس له حد في اللغة والشرع فالمرجع فيه إلى العرف

- ‌حد السفر المبيح للقصر

- ‌معنى السفر

- ‌تحديد مدة القصر في السفر بأربعة أيام ليس عليه دليل وبيان أن ضابط القصر في السفر هو ألا يُجمع المسافر على الإقامة فإن أجمع على الإقامة أتم، وبيان أن المسافر إذا أجمع الإقامة في بلد ولكنه يشعر بحرج من الصلاة في الوقت فإن له الترخص بالجمع دون القصر

- ‌السفر المبيح للرخصة

- ‌إذا صلى المسافر خلف إمام يظن أنه مقيم فعقد نية الإتمام ثم تبين له أن الإمام مسافر فهل يتم أو يقصر في هذه الصورة

- ‌مدة القصر للمسافر

- ‌معنى إجماع الإقامة الذي يبيح القصر في السفر

- ‌ما هي المدة التي يبقى المسافر يقصر فيها

- ‌الحد المبيح للقصر في السفر

- ‌الحد المبيح للجمع والقصر في السفر

- ‌المسافة التي يترخص فيها المسافر

- ‌الرد على القول بأن الجمع المرخَّص به في السنة إنما هو جمع صوري لا حقيقي

- ‌مدة الجمع والقصر بالنسبة للمسافر

- ‌لم يحدد الشارع المسافة التي تتيح الترخص برخص السفر

- ‌هل أقل مدة القصر أربعة أيام

- ‌هل أقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة 19 يوما يقصر أم 17 يوماً

- ‌هل للقصر في السفر مدة محددة وما هي ضوابط الإقامة

- ‌المُدَّة التي تسمح للمسافر بالقصر والجمع

- ‌هل يبدأ المسافر بالترخُّص برخص السفر من المطار

- ‌متى يرخص في قصر وجمع الصلاة؟ وحكم صلاة السنن في السفر

- ‌تحديد مسافة القصر في السفر

- ‌ هل القصر في السفر عزيمة أم رخصة

- ‌ما هو ضابط السفر المبيح للرخص

- ‌ضابط المقيم الذي يقصر وعكسه

- ‌هل تنطبق أحكام الشرب على الأكل من ناحية القيام وغيره

- ‌هل يباح الترخص برخص السفر في هذه الصور

- ‌البدو الرحل الذين اعتادوا التنقل من مكان لآخر مع كامل أسرتهم وأموالهم هل لهم أن يقصرو الصلاة

- ‌رجل يسافر من مدينة إلى مدينة أخرى بشكل دائم للعمل فهل يترخص برخص السفر في المدينة الأخرى

- ‌هل للسائق المعتاد على السفر الدائم أن يأخذ برخص السفر

- ‌من سافر إلى بيته الآخر لقضاء فترة فيه هل يقصر الصلاة

- ‌المسافر وصلاة السنن الراتبة

- ‌من سافر للدراسة هل يقصر الصلاة حال بقائه هناك

- ‌صلاة من لم يصل المغرب وراء من يصلي العشاء

- ‌حكم أخذ البوصلة في الرحلة لتحديد القبلة

- ‌هل للطلاب الذين يقيمون بعيدًا عن بلادهم لمدة طويلة بغرض الدراسة أن يقصروا الصلاة

- ‌من يتردد على مدينة أخرى بشكل منتظم للدراسة هل يترخص برخص السفر

- ‌متفرقات في أحكام صلاة المسافر

- ‌بعض أحكام المسافرين

- ‌صلاة السفر أصل في نفسها

- ‌المعروف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في كل أسفاره

- ‌ضعف القول بأن رخصة الجمع والقصر للمسافر إنما تكون للسائر دون النازل

- ‌هل يشرع صلاة ركعتين عند السفر، وقراءة (لإيلاف قريش)

- ‌هل يكره اقتداء المسافر بالمقيم

- ‌صلاة ركعتين في المسجد لمن قدم من سفر

- ‌المسافر إذا اقتدى بالمقيم انقلبت صلاته إلى صلاة مقيم

- ‌صلاة مسافر لم يصل المغرب مع إمام يصلي العشاء

- ‌ماذا يفعل من لم يصل المغرب إذا اقتدى بمن يصلي العشاء

- ‌صلاة المسافر المسبوق خلف الإمام المقيم

- ‌حكم الترخص برخص السفر في سفر المعصية

- ‌الصلاة في الطائرة

- ‌هل مقولة: الإتمام في السفر كالقصر في الحضر صحيحة

- ‌صلى إمام مقيم الرباعية وصلى خلفه مسافر ركعتين بنية الظهر ثم سلم ثم صلى ركعتين بنية العصر

- ‌إذا صلى المسافر بالمقيمين إماماً هل له أن يتم منعًا لمفسدة الإنكار عليه

- ‌صلاة القيام للمسافر

- ‌إذا ائتم المقيم بالمسافر ونسي وسلم معه

- ‌صلاة المقيم خلف المسافر

- ‌صلاة الجماعة مع سماع النداء للمسافر

- ‌من أحكام السفر

- ‌النهي عن سفر المسلم وحده

- ‌النهي عن الوحدة في السفر

- ‌وجوب التأمير في السفر

- ‌حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل وحده ويسافر وحده، إذا كان مجموع طلبة في سكن جامعي كل شخص في غرفة يدخل ضمن النهي أم لا يدخل

- ‌الإمارة في السفر

- ‌هل يشرع الجمع لعذر المطر في الظهر والعصر

- ‌حكم صلاة السنن بين الفريضتين في حالة الجمع

- ‌هل يجوز السفر بالمصحف إلى بلاد الكفر

الفصل: ‌الجمع بعذر البرد وضابطه

صريحة في ذلك كما تقدم.

[إرواء الغليل تحت حديث رقم (579)]

‌حكم الجمع بعذر البرد

مداخلة: يا فضيلة الشيخ هنا الجو كما تعلم بارد، فبعض الأئمة يقول: يجمع، فهل الجمع في هذا الحال جائز؟

الشيخ: إذا كان البرد شديداً ويجد الناس في الحضور للمسجد في الصلاة التالية حرجاً يجوز لرفع الحرج عن الأمة.

مداخلة: نعم، لكن عندنا إمام المسجد يخالف المصلين كلهم ولا يجمع حتى في يعني: سنوات سابقة في مطر غزير جداً يكون ولا يجمع، والمصلين يتركون المسجد ويذهب كل إنسان إلى بيته، وإنسان إلى مسجد آخر، ولكن الإمام لا يأخذ بأقوال أي إنسان كان.

الشيخ: طيب، فإذا كان واحد يريد أن يجمع يصلي في مسجد آخر.

مداخلة: يعني: نترك هذا الإمام.

الشيخ: نعم.

(الهدى والنور / 259/ 45: 17: 00)

‌الجمع بعذر البرد وضابطه

الشيخ: كنا نتكلم عن الجمع من أجل البرد، فأقول: الجمع من أجل البرد ليس عليه نص في الشرع، يلزم به المسلم وإنما قال به بعض العلماء استنباطاً واجتهاداً واعتماداً على بعض الأعذار التي جاء النص بها، وبأنها تسوِّغ الجمع بين الصلاتين.

معلوم لدى الجميع الجمع في السفر، ولكن بحثنا الآن الجمع في الحضر، لم يأت

ص: 306

نص في جواز الجمع في الحضر، إلا من أجل المطر أو الخوف.

وهذا كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: «جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، بغير سفر ولا مطر، قالوا: ماذا أراد بذلك؟ قال: «أراد أن لا يحرج أمته» .

هنا الحديث يفيدنا في جمعين: أحدهما: يتعلق بالجمع الجماعي، أي في المساجد، والآخر: يتعلق بالأفراد، ونادراً ما يتعلق بالجماعة.

أما الجمع الأول الذي يستفاد من الحديث جوازه فهو الجمع للمطر؛ لأنه قال: «جمع الرسول بغير مطر وغير السفر» ، يشعرنا بأن هذين العذرين معروف لدى المسلمين عامة لأنهما يسوغان الجمع، لكن يريد أن يفيدنا شيئاً جديداً فيقول: جمع لغير هذين العذرين، سألوه ما هو؟ قال:«أراد أن لا يحرج أمته» ، هذا النص «أراد أن لا يحرج أمته» ، يمكن أن يدخل فيه أسباب أخرى غير منصوص عليها، ومنها ما كنا آنفاً في صدده وهو البرد، وكما قلت آنفاً، البرد قضية نسبية يختلف بين شخصين متساويين في العمر لكنهما ليسا متساويين في التربية وفي النشأة فأحدهما نشأ يتعاطى أعمالاً أو مهنة يتعرض بسببها للحر والقر للتعب والنصب والآخر إنما هو نُشِّئ في الحلية، رُبِّي تربية الولد المدلل الناعم، فلا يستويان مثلاً أبداً، وهما كما قلنا في سن واحد، مع ذلك الشعور بالبرد يختلف من هذا إلى ذاك، فإذا ما ضربنا مثالاً متبايناً كل التباين بين شاب وبين شيخ عجوز أيضاً سيختلف الشعور بالبرد الكثير أو الخفيف، فهنا تبقى القضية قضية نسبية فيما إذا أراد الإنسان أن يجمع لنفسه، فإذا كان متقياً لربه وكان متفقهاً في دينه ويعرف أنه يجد حرجاً في أن لا يجمع فله أن يجمع بهذه الشروط التي ذكرناها.

الدقة الآن في الإمام الذي يريد أن يَؤُمَّ الناس وفي الناس المتفاوتون في الإحساس بالبرد، فالإمام .. وهنا بيت القصيد من هذا الكلام هو الذي ينبغي أن يقدر ويضع، ولا أرى حرجاً أبداً إذا نظر إلى جماعته الذين يريدون أن يصلوا معه في مسجده، فوجد فيهم شيوخاً لا أرى حرجاً بالنسبة إليه أن يجمع من أجلهم لا من

ص: 307

أجله، لكن هذا يحتاج إلى فقه وإلى تقوى ولذلك فأنا أرى أنه ما دام ثبت هذا النص من ابن عباس «أراد أن لا يحرج أمته» فإذا كان الإمام فقيهاً وكان تقياً لا يداري الناس بالباطل وإنما هو يسايسهم سياسة شرعية فوجد من مصلحة الجماعة أن يجمع بهم للبرد فله ذلك ما دام أنه اتقى الله عز وجل وأخذ بتلك الرخصة التي جاءت في حديث ابن عباس السابق ذِكْرُه.

أقول: إذا كان الإمام فقيهاً وتقياً، وإلا عليه أن يتقي الله عز وجل سلباً أو إيجاباً تَرَخُّصاً أو تمسكاً بالعزيمة، فلا يجمع حيث لا رخصة ولا يتشدد حيث الرخصة قائمة، كما وقع منذ يومين في مسجد هناك، لم يحضر الإمام الراتب فقدموا أحد المواطنين على صلاة الجماعة، وأنا لا أعلم مقدار ما عنده من علم ولو كان من العلم التقليدي المذهبي، لكن الذي وقع أن المؤذن بعد أن صلى الإمام صلاة الظهر فوراً أقام الصلاة، فشعرت بأنه جعل الإمام وبعض الحاضرين تحت الأمر الواقع، وأشعر بأن هذا الإمام من مراقبتي لصلاته أنه حنفي المذهب، والأحناف لا يجيزون الجمع في الحضر مطلقاً بل ولا في السفر إلا في عرفات وفي مزدلفة، فلما أقيمت الصلاة سمعنا شوشرة وضوضاء وغوغاء أنا شخصياً ما فهمت شيئاً لكني تأسفت كثيراً من قلة أدب الناس في بيوت الله تبارك وتعالى، صار في المسجد ضوضاء لو وقعت هذه الضوضاء في قهوة لكان عاراً على أصحاب الضوضاء فكيف لهم في بيت من بيوت الله تبارك وتعالى، ولأمر ما ما فهمت ما الذي حرك هذه الأصوات، ما أدري إذا كان ثامر أنت فهمت على ما كان الكلام؟

مداخلة: نعم، أحد الشباب وقف وقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام جمع بين الصلاتين في المطر، فالرجل صار يتكلم أنه لا تعرف الرسول عليه الصلاة والسلام كيف كانت ..

الشيخ: المهم، شعرت أن الإمام صار تحت الأمر الواقع، وهو في اعتقادي كان يجب أن يستنكر إذا أراد أن يتقي الله عز وجل حيث لا يعتقد جواز الجمع للمطر، أن يقول: أنا مذهبي لا يسمح لي بالجواز فليتقدم أحد منكم، لكن هو خضع للأمر

ص: 308

الواقع وصلى، لكن الشوشرة التالية بعد الصلاة أفهمتني أي الحقيقة التي أنا شعرت بها من قبل، سمعت أحدهم يقول لي: يا شيخ! الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه» ، ولم أسمع متن الحديث لكن فهمت أن هذا المتكلم يقول: أن الجمع في مثل هذه الحالة مشروع، ما رأيت غير هذا الإمام ثار ثورةً كأنه يقاتل رجلاً كافراً، ومن صوته قام فذهب، ويقول له: أنت رأيت الرسول، أنت رأيت الرسول، الله أكبر، وقامت الشوشرة بين الناس وما فهمت عليهم.

أنا كنت بدأت بالأذكار والأوراد، حتى انتهت وانسللت انسلالاً، الهروب نصف الشجاعة، سبحان الله! هؤلاء الناس ما كان عندهم وعي، ولا عندهم ثقافة، ولا عندهم أدب، يتكلموا على جهل.

هذا الإمام يقول: أنت رأيت الرسول، مسكين، وهو يصلي هل رأى الرسول؟ لم يَرَ الرسول، الكلام الذي يوجهه لغيره يرجع له، فلو قيل له: يا ترى ماذا يفعل، سوف يقول: هكذا العلماء، هكذا العلماء عَلَّمونا، سيقول بعض الناس: إلى أين يا ترى مذهبه، أنه علماؤه قالوا: لا يوجد جمع للمطر، لكن فيه أناس آخرون يقولوا: علماؤنا قالوا: فيه جمع للمطر شافوا الرسول؟ شافوا الرسول؟ لم يروا الرسول.

إذاً: القضية قضية رواية، لماذا تنكر هذه القضية التي عليها الفقه الإسلامي كله من بعد الصحابة الأولين كل الفقهاء يقولون قائم على الرواية التي معناها، أن هؤلاء الرواة ما شافوا الرسول، جهل عميق يعني شديد جداً، يخجل الإنسان أن يحكيه عن مسلم ويتقدم ليؤم الناس.

صحيح نحن ما رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن الرسول من تمام رأفته ورحمته بأمته أنه خاطبهم بمناسبات شتى، بالنسبة للصلاة التي تتكرر كل يوم خمس مرات، قال:«صلوا كما رأيتموني أُصَلِّي» ، وقال:«فليبلغ الشاهد الغائب» ، فهو يعلم أن الذين سيأتون من بعده عليه الصلاة والسلام ما سمعوا صوته ولا شاهدوا عبادته وصلاته، لكنه يعلم أيضاً بأن أصحابه الذين شاهدوه ورأوا عباداته سينقلونها إلى من يأتون من بعده، فَحَضَّهم على ذلك، وقال: «فليبلغ

ص: 309

الشاهد الغائب»، حتى قال عليه الصلاة والسلام:«بلِّغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» .

«بلغوا عني ولو آية» ، هذه اللفظة ينبغي أن لا تُفْهم بمعنى الآية الاصطلاحي، أي: آية من آيات القرآن الكريم، ليس هذا هو المقصود، المقصود هنا جملة «بلغوا عني ولو جملة» ، هذا المعنى عربي أولاً، وفقهي ثانياً؛ لأنه يشمل الجملة من القرآن ومن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام.

فليس المقصود بهذا الحديث الحض على تبليغ آية من القرآن فقط بل ولو جملة من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا توجيه عملي للرسول عليه الصلاة والسلام إلى الفكرة والعقيدة التي قدمها إلى أمته في أحاديث عديدة التي منها قوله عليه الصلاة والسلام:«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وسنتي» .

فكما ينبغي للمسلم أن يبلغ الناس كتاب الله فكذلك ينبغي للمسلم أن يبلغ الناس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلًّا منهما من الكتاب والحديث متمم للآخر، وهذا ما أشار إليه ربنا عز وجل في قوله:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44].

فالشاهد أن العالم الإسلامي منذ عهد الصحابة الذين أدركهم التابعون، وهؤلاء التابعون الذين لم يدركوا الرسول يعيشون على أساس هذا المنهج، وهو «صلوا كما رأيتموني أصلي» إن كنتم أصحاباً رأيتموني فكما شاهدتموني وإن كنتم أتباعاً من بعدهم فكما نقل إليكم من شاهدني؛ ولذلك أكد هذا عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع حينما قال:«خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا» ماذا؟

مداخلة: «لا ألقاكم» .

الشيخ: «لا ألقاكم بعد عامي هذا أبداً» ، فإذاً هو حض أصحابه على أن يتلقوا العلم مباشرة منه من جهة ومن جهة أخرى أمرهم أن يبلغوا ما أخذوا عنه إلى

ص: 310

الناس وبخاصة أنه قال عليه السلام: «رُب مبلِّغ أوعى له من سامع» ، ولذلك كان من فضل الله عز وجل على عباده المؤمنين الذين جاؤوا بعد أصحاب النبي الكريم أن وُجِدَ فيهم من صَدَقَ عليه هذا الشطر من الحديث الذي أشرت إليه:«رب مبلغ أوعى له من سامع» .

وأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام يعدون بالألوف المؤلفة لكن العلماء منهم يعني ما استطاع أهل العلم بعد البحث والفحص أن يرفعوا عددهم إلى ثلاثمائة، العلماء منهم، فنفهم من هذا أن عامة الصحابة ما كانوا من أهل العلم الذين يجوز لهم أن ينتصبوا أو يُنَصِّبوا أنفسهم لإفتاء الناس بما يقع لهم بل عامة الصحابة كانوا من الشطر الثاني الذي أخبر عنه ربنا عز وجل في الآية المعروفة:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] أكثر الصحابة الذين كانوا يُعَدُّون بالألوف المؤلفة هم كانوا من القسم الذين لا يعلمون، وتشملهم الآية هذه التي تأمرهم أن يسألوا أهل العلم منهم وأهل العلم منهم ما بلغوا ثلاثمائة عالم، لكن ما شاء الله، العلماء الذين جاؤوا في التابعين فمن بعدهم بلغوا الألوف المؤلفة، تأكيداً ومصداقاً لقوله عليه الصلاة والسلام:«فرب مبلغ أوعى له من سامع» ، ولقوله الآخر:«أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره» ، هذا الحديث وذاك من البشائر التي خلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته وفي أحاديثه حتى يستمر دولاب العلم دائراً ومنطلقاً إلى يوم يرسل الله عز وجل تلك الريح الطيبة فتقبض روح كل مؤمن ولا يبقى على الأرض إلا شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة.

فإذاً: من الجهل بل وجهالة المكان أن يخاطب من يتقدم ليؤم الناس فيقول: هل أنت رأيت الرسول؟ وبالاستفهام الاستنكاري وبحالة شديدة من الغضب جداً، لأن هذا يدل على جهل عميق.

كل من جاء بعد الصحابة كما قلنا آنفاً ما رأوا الرسول.

إذاً: هم لا يعرفون كيف يصلون، لا يعرفون كيف يتعبدون كل العبادات، يعرَّفون والحمد لله بالطريق الذي ألهم الله به طائفة من علماء المسلمين ألا وهم

ص: 311

علماء الحديث الذين سخرهم الله تبارك وتعالى لخدمة هذا الإسلام بعنايتهم أولاً بجمع أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام على مر القرون الأولى على الأقل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية، جمعوا أحاديث الرسول من مختلف البلاد والصدور؛ لأن حَمَلَة هذه الأحاديث النبوية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، لم يكونوا مستقرين في بلدة واحدة حتى يتمكن العالم الحريص على جمع العلم أن يتلقى السنة من ذاك المكان الواحد، وإنما تفرقوا في البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، فكان أحدهم يتفرغ للسياحة في البلاد؛ لتلقي العلم من مختلف العلماء في كل تلك البلاد.

هذا تسخير من الله تبارك وتعالى لهؤلاء العلماء حتى جمعوا لنا أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام التي تفرقت في البلاد بتفرق حملتها.

فأنتم تتصورون معي بسهولة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قضى في مكة عشر سنوات، وبقية الدعوة ثلاثة عشر سنة في المدينة المنورة، في المدينة كانوا يأتون إلى الرسول في مكة وفي المدينة هم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وهم حملة الأحاديث التي سمعوها، وتفقهون معي جيداً أيضاً بأن هؤلاء الصحابة في قلب حياته عليه الصلاة والسلام فضلاً عما بعد وفاته تفرقوا في البلاد، فقد كان يأتيه المكي إلى المدينة ليبايعه على الإسلام، من جدة من نجران من .. من مختلف البلاد ثم يعود إلى بلده وقد حمل منه عليه الصلاة والسلام بعض العلم، كما جاء في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه جاء مع بعض أصحابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمكث عنده نحو عشرين يوماً فيما أذكر، قال: ثم اشتقنا إلى أهالينا فاستأذنا الرسول عليه الصلاة والسلام في أن ننصرف فقال لهما: «إذا صليتما فليؤذن أحدكما وليؤمُّكما أكبركما سناً» ، وقال لمالك «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، فانطلق إلى قبيلته، فإذاً هذا الرجل من الذي يتمكن من رواية مثل هذا الحديث وذاك، هو الذي يذهب إليه، فإذاً ينبغي أن يذهب إلى هذه القبيلة ومن هذه القبيلة إلى هذه البلدة إلى هذه القرية وهكذا.

ص: 312

لذلك كان من فضل الله عز وجل أن سخر علماء الحديث ليرحلوا إلى مختلف البلاد ليجتمعوا بمن يعلمون أنه عنده ولو حديث واحد، ليسمعوه مباشرة منه، حتى لقد كان في هؤلاء بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، أحدهم اسمه عقبة بن عامر بلغه أن جابراً بن عبد الله الأنصاري المشهور عنده حديث وكان في مصر، فسافر من بلده أظنه يومئذ كان في المدينة إلى مصر، لماذا؟ ليسمع ذاك الحديث الذي قيل لهم إنه سمعه جابر من الرسول عليه الصلاة والسلام.

فخرج إليه جابر وتلقاه، واحتضن أحدهما الآخر، قال: أنا ما أريد منك شيء، إلا أنه بلغني أنك سمعت حديثاً عن الرسول عليه الصلاة والسلام ونَصُّ الحديث فيما أذكر منه الآن «أن الله عز وجل ينادي يوم القيامة بِصَوت يسمعه من قرب كما يسمعه من بَعُد» ، وهذا الحديث من الأحاديث التي يتمسك بها أهل السنة حقاً وأعني بهم أهل الحديث الذين لا يتعصبون لمذهب في العقيدة كالماتريدية أو الأشعرية أو المعتزلة أو الجبرية، كما أنهم لا يتعصبون لمذهب في الأحكام الشرعية، المذهب الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي فضلاً عن مذاهب أخرى تبتعد كل البعد عن المذاهب الأولى أهل الحديث لا يتعصبون إلا للحديث، ولذلك نُسِبوا إليه وانتموا إليه، كما قال قائلهم:

أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

وهذا جواب هذا الجاهل الذي قال: أنت أدركت الرسول، ما أدركوا الرسول، لكن الذين يشتغلون بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام كأنما هم يعيشون معه.

أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

ولذلك أصبح معروفاً عند العلماء كافة لا نُحاشي ولا نستثني فقهاء ومفسرين كلهم قالوا: مما دل عليه حديث الرسول عليه الصلاة والسلام القائل: «نَضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها، فرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورُبَّ مُبلغ أوعى له من سامع» .

يقول العلماء كافة: ولذلك نرى النُّضْرة في أهل الحديث؛ لأنهم يشتغلون بكلام

ص: 313

الرسول عليه الصلاة والسلام ليلاً نهاراً، فصدق فيهم قول ذلك الشاعر العالم:

أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

هذا الحديث حديث جابر لعقبة بن عامر يتمسك [به أهل السنة في رد] ما يقول الأشاعرة والماتريدية إن كلام الله ومنه القرآن الكريم هو كلام نفسي، يعنون بأنه ليس بالكلام اللفظي يَعْنُون بأنه ليس بالكلام المسموع، هذا الحديث يبطل دعواهم ويؤكد قول الله عز وجل لموسى:{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 13]{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].

{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 13] معناها: أن ربنا عز وجل حينما كلم موسى كما قال في القرآن الكريم، {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] كان موسى يسمع كلام الله عز وجل.

أما تأويل الكلام الإلهي بأنه كلام نفسي فهو تعطيل للقرآن الكريم ولأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام ومنها هذا الحديث الذي شد من أجله الرحلة أحد الصحابة إلى راويه الصحابي الذي سمعه من الرسول عليه الصلاة والسلام.

إذاً: لا ينبغي للمسلم أن يتشكك في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام فضلاً عن أنه لا يجوز له أن يُشَكِّك أهل الحديث ولو كانوا من العامة بقوله: أنت رأيت الرسول! لم نَرَ الرسول ولكننا بلغنا كلام الرسول عليه الصلاة والسلام بواسطة الثقات من العلماء، وفي القرآن الكريم قال تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] أُنْذركم أنتم معشر السامعين تلاوتي للقرآن مباشرة ومن بلغه القرآن أيضاً، فالنذارة قائمة سواء على من سمع القرآن منه عليه الصلاة والسلام مباشرة أو من سمعه ممن سمعه من الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا دواليك.

ولذلك: قال عليه الصلاة والسلام: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» ، لا يقول: لقيني وسمع مني لا، «سمع بي» ، أي: سمع بدعوته عليه الصلاة والسلام دعوة الحق دعوة الإسلام، «إن

ص: 314