الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشترط الإمام الأعظم للجمعة
[قال الإمام في تلخيص المسائل المتعلقة بالجمعة من رسالة «الموعظة الحسنة بما يخطب به في شهور السنة» لصديق حسن خان]:
لا يشترط الإمام الأعظم للجمعة ولو كان مجرد إقامتها - به صلى الله عليه وسلم أو بمن هو من جهته - يستلزم اشتراط الإمام الأعظم فيها لكان الإمام الأعظم شرطا في سائر الصلوات لأنها لم تقم إلا به في عصره صلى الله عليه وسلم أو بمن يأمره بذلك واللازم باطل فالملزوم مثله.
والحاصل أنه ليس على هذا الاشتراط أثارة من علم، بل لم يصح ما يروى في ذلك عن بعض السلف فضلا عن أن يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن طَوَّل المقال في هذا المقام فلم يأت بطائل قط (1).
[الأجوبة النافعة ص 42].
حكم إقامة صلاة الجمعة في الخلاء، لمجموعة من الرجال عددهم خمسة أو عشرة أو أكثر
الشيخ علي حسن: بارك الله فيك، يقول: ما هو حكم إقامة صلاة الجمعة في
(1) قلت ومما تقدم تعرف قيمة الشرط المذكور في صلاة العيدين أيضا. [منه].
الخلاء، لمجموعة من الرجال عددهم خمسة أو عشرة أو أكثر، وما هو حكم الخطبة فيها أيضاً؟
الشيخ: إذا ما رجعنا إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله وإلى الآثار السلفية فالجواب ما جاء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9].
فهذه الآية لا تشترط أيَّ شرط من تلك الشروط التي تذكر في كتب الفقهاء، وبخاصة منها المتأخرة، وعلى ما بينها من خلاف شديد، إنما تذكر شرطاً واحداً وهو الجماعة، «فاسعوا إلى ذكر الله» أولاً، «وذروا البيع» .
وبناءً على هذه الآية التي لم تشترط سوى ترك المعاملات الدنيوية، والانطلاق إلى ذكر الله الخطبة والصلاة، جاء في بعض الآثار عن بعض الأئمة الكبار كالخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه كتب في خلافته إلى العرب النازلين في خيامهم في البوادي أن يقيموا صلاة الجمعة.
وعلى هذا نحن: لا نُفَرِّق بين صلاة الجمعة وبين صلاة الجماعة من حيث شرعيتها، أو شرعيتها في أي مكان كان، بدون أيَّ شرط سوى شرطية الجماعة التي اتفق علماء المسلمين فيما علمنا على إثبات هذه الشرطية، بخلاف الجماعة في صلاة الجماعة، فالجمهور على أنها ليست شرطاً، وإنما الخلاف بينهم بين من يقول إنها فرض وهذا الذي نتبناه وبين من يقول إنها سنة مؤكدة.
أما الجماعة في صلاة الجمعة فهي من شروط صلاة الجمعة، فمن فاتته الجماعة صلى الجمعة ظهراً أربع ركعات، وهذا من فضل الله من الأشياء التي كنا أحييناها في كل مكان نزلناه فضلاً عن دمشق التي لبثنا بعلمنا فيها، وقد كانت هذه
…
.. المسألة من جملة المسائل التي أُخِذت عليَّ لما كنت أستاذاً للحديث في الجامعة الإسلامية، فقد كنا نخرج أحياناً مع بعض إخواننا الطلاب إلى خارج المدينة فقد نصل إلى شط البحر وغيره، ويكون ذلك يوم الجمعة، فنصلي صلاة الجمعة، ونخطب فيهم، وهناك من يشترط أنه يكون في بنيان، وإذا كان بنيان ما في سقف ما
بتصح صلاة الجمعة، أشياء عجيبة جداً جداً يلحظها المسلم ويتعجب منها، ويجد بعد البحث والتفكير والتعمق فيه أن هذه الشروط أُخذت من واقع صلاة الرسول عليه السلام للجمعة، فهو مثلاً أول ما جاء المدينة بنى المسجد هذا المسجد كان له سقف، عجيب، هذا الواقع يُجْعَل شرطاً، ما الدليل؟ في الأمس القريب لما تحدثنا جواباً عن ذلك السائل عن المسح على الجوربين، لما قرأ شروط المسح على الجوربين في الفقه على المذاهب المسائل الأربعة بَطَّل الرجل يمسح على الجوربين؛ لأنه من الصعب جداً تحقيق تلك الشروط على الجوارب، خاصة المعروفة اليوم.
فكان جوابنا هناك بشيء من التفصيل، لكن النكتة وين، قلنا لا يوجد عندنا إلا أن الرسول مسح على الجوربين، ومسح على النعلين، فهل لنا أن نتعمق ونتساءل، تُرَى الجوربين اللِّي مسح عليهما الرسول عليه السلام: ما لونهما، ما صوفهما ضأن معز بقر إبل إلى آخره؟
هذا هو التنطع في الدين، وتكلمنا في هذا طويلاً، لكن الواقع أن الرسول عليه السلام مسح على الجوربين، ولو كان هناك شرط لهذا، كان بينه:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67].
وهكذا نقول: الرسول صلى الجمعة أول ما جاء المدينة بنى المسجد، هذا إشارة أنه يجب على سُكَّان مكان ما يستوطنونه، لا بد من بناء المسجد فوراً لتجميع المسلمين فيه، لكن إذا كما يقع أحياناً خاصة في هذه البلاد لما البناء بيكون من الباطون والأسمنت وإلى آخره، لسه ما رفع السقف، شو المانع أنه يُصَلِّى في هذا المكان، بل: ما المانع أنه يصلى في العراء إذا كانوا مثل أصحاب الخيام أولئك الذين أفتوا
…
. من عمر بن عبد العزيز في الصلاة.
فهكذا كنا نحن نُطَبِّق هذا الحكم الشرعي هناك في الحجاز، وكان ذلك من جملة المسائل التي يَعْني نقمها، نقم بعض الناس علينا بسببها.
فإذاً: تصح صلاة الجمعة في أيِّ مكان، والخطبة تصح بأيّ يعني صيغة وبأي
لغة إذا كان القوم ليسوا من العرب.
ولذلك الفقه السلفي الذي نُسَمِّيه والمستنبط من الكتاب والسنة هو حَلَّال المشاكل العصرية.
قُدِّر لي أن أذهب إلى بعض البلاد الأجنبية ومنها بريطانيا في سبيل الدعوة، واتصلنا هناك مع الجاليات الكثيرة الإسلامية من عرب وعجم وأتراك وباكستانيين وهنود ونحو ذلك من المسلمين، فرأيت ظاهرة عجيبة جداً هناك، وقلت مقتبساً من قوله عليه الصلاة والسلام:«إن ربك ليعجب من أقوام يُجَرُّون إلى الجنة في السلاسل» ، فاقتبست من هذا الحديث من تلك الظاهرة، وجدت متعصبين للمذهب الحنفي من الأتراك والهنود والباكستانيين، استأجروا داراً من دور الكفر، وحَوَّلوها مصلىً يُصَلُّون فيها الجمعة، وهذه الصلاة باتفاق المذاهب لا تصح، لأنها في دار الكفر، ما في إذن مِن الإمام، وين إمام المسلمين اليوم، على رأي من آراء الفقهاء لا تصح صلاة جمعة في أي بلد إسلامي؛ لأنه ما في حاكم مسلم، لكن عافانا الله من هذه الأقوال بالسنة، فقلت: هؤلاء جُرُّوا إلى الجنة إلى الأخذ بأسبابها في السلاسل رغم أنوفهم وخالفوا مذهبهم؛ لأنه ما وجدوه معقولاً جداً أنه المسلمين يأتون إلى بلاد الكفر ويُعْرِضون عن إقامة صلاة الجمعة في الأسبوع مرة واحدة، فاضطُرُّوا إلى أن يأخذوا بما جاء في الفقه السلفي، وهكذا يفعل أكثر الدعاة الإسلاميين اليوم، يأخذون من فقهنا ما يرون فيه مصلحة، وليس لأن العلم الصحيح أدَّاهم إلى هذا الفقه. وكما قيل هنا:
فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بما فيه ينضح
فهذا الجواب عن السؤال.
(الهدى والنور /530/ 22: 20: 00)