الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن معنى وضع شطر الصلاة حط نصفها بعد أن كان إتمامها واجبا عليه». قلت: فهذا الكلام لا ينافي ما ذكرته، ولا دليل فيه يؤيد به انحرافه
3 -
أما الأحاديث الخمسة الصريحة، فهي في الحقيقة أربعة لأن الثالث والخامس منها مدارهما على الحسن البصري مرسلا، وهي كلها ضعيفة منكرة، وقد دلس فيها على القراء ما شاء له التدليس، وأوهمهم صحة بعض أسانيدها وصراحة متونها وهو في ذلك غير صادق، وإليك البيان بإيجاز وتفصيل: أما الإيجاز: فهو أن الأحاديث الخمسة منكرة كلها، لضعف أسانيدها ومخالفتها للأحاديث الصحيحة التي لم تذكر تربيع الركعات في الظهر والعصر والعشاء، وبعضها يصرح أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر. وأما التفصيل [ثم فصل الإمام بما تراه في الأصل].
السلسلة الصحيحة (6/ 2/ 747 - 750).
المعروف من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في كل أسفاره
«كان يصلي في السفر ركعتين، قالت عائشة: كان في حرب، وكان يخاف، هل تخافون أنتم؟ ! » . باطل
[قال الإمام]: وأما بطلان متنه؛ فهو ظاهر جداً لمن عرف سيرة النبي صلى الله عليه وسلم واستمراره في قصر الصلاة في كل أسفاره، حتى في حجة الوداع؛ كما قال وهب بن حارثة رضي الله عنه:«صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم آمن ما كان بمنى ركعتين» . رواه البخاري «1083» ، وغيره. ولا أدل على ذلك من حديث يعلى بن أمية قال: قلت: لعمر بن الخطاب: «ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا» فقد أمن الناس؟ فقال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال:«صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته» . رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» «1083». بل قد صح عن عائشة نفسها ما يؤكد بطلانه؛ فقد روى البيهقي في «سننه» «3/ 143» عن جماعة من الثقات قالوا:
حدثنا وهب بن جرير: حدثنا شعبة، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تصلي في السفر أربعاً. فقلت لها: لو صليت ركعتين؟ فقالت: يا ابن أختي! إنه لا يشق علي. وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في الفتح» «2/ 571» ، وأشار في أعلى الصحيفة المذكورة إلى بطلان حديث الترجمة، وهو واضح جداً لما ذكرته آنفاً، بخلاف هذا؛ فإنه يتعلق برأي لها، والعبرة بروايتها وليس برأيها. وقد صح عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين في غير ما حديث، كما صح عنها قولها:«فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر» ، ومعناه في «الصحيحين» ، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» «1082» . وقد أنكر هذه الحقائق كلها ذاك السقاف المقلد الغماري فيما أسماه بـ «صحيح صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
…
«وكان الأحرى به أن يسميه بـ» صحيح صلاة الشافعي «بل «الشافعية» لكثرة اعتماده عليهم، ولو فعل لما صدق، ولبيان ذلك مجال آخر، والغرض هنا أنه صرح «ص 275» أن قصر الصلاة في السفر رخصة جائزة، لا واجبة ولا مستحبة! واستدل بهذا الحديث الباطل؛ بل قال:«سنده حسن» وهذا مما لا يقوله إلا جاهل لم يشم رائحة هذا العلم، أو مقلد مكابر متجاهل، كما أنه استدل بآية القصر المذكورة في حديث عمر، فلم يعرج عليه ولا دندن حوله، ولم يقبل صدقة الله المذكورة فيه، وأخشى ما أخشاه أن يكون ضعيفاً عنده لمخالفته لقوله المذكور، كما ضعف شيخه الغماري حديث «الصحيحين» عن عائشة الذي أشرت إليه آنفاً لتصريحه بفرضية القصر، وقد أشرت إلى ذلك في «تمام المنة» «319» ، ورددت عليه مفصلاً في المجلد السادس من «الصحيحة» «2814» ، وهو تحت الطبع، وسيكون بين يدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى.
السلسلة الضعيفة (9/ 157 - 159).