الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثلاً، وهو من سكان دمشق في زمانه، بأن رجلاً خرج للصيد من دمشق إلى بعض ضواحيها أو بعض قراها، إلى قرية مثلاً تعرف هناك اسمها دومة، وتبعد عن دمشق نحو خمسة عشر كيلو متر، قال: فلم يجد الصيد الذي يبتغيه، فانطلق يمشي، وهكذا لم يزل يتنقل من قرية إلى أخرى في سبيل طلب الصيد، وما وجد نفسه إلا وقد وصل إلى حلب، وبين دمشق وحلب مراحل، بالقياس العصري اليوم أربعمائة كيلو متر، قال هذا، ولو أنه قطع مسافة هي بالاتفاق مسافة سفر، لكنه ليس مسافرًا؛ لأنه ما نوى السفر.
إذاً: سواء في حالة السفر أو حالة الإقامة، يعود الأمر إلى الحديث الذي يقول عنه بعض العلماء: إنه ثلث الإسلام، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ، ونكتفي بهذا المقدار إن شاء الله، ونرجو أن نلقاكم وأنتم بخير.
مداخلة: حفظكم الله، نفس السؤال أجبت يا شيخ أن ابن عمر رضي الله عنهما قصر، ما ذكرت جمع، لم يجمع؟
الشيخ: لا، ما ذكرت؛ لأن الرواية فيها القصر، والجمع حُكْمُه ليس كالقصر، القصر واجب، الجمع رخصة، ثم القصر خاص بالسفر، والجمع ليس خاصاً بالسفر.
(الهدى والنور /809/ 38: 33: 00)
(الهدى والنور /809/ 00: 40: 00)
المُدَّة التي تسمح للمسافر بالقصر والجمع
مداخلة: يا شيخ الآن أسئلة في أحكام السفر، يقول: ما هي المُدَّة التي تسمح للمسافر بالقصر والجمع، إذا نزل؟ هذا السؤال ربما .... ينقل عنك الآن يا شيخ أنك ترى رأيًا ثانيًا، ترى رأي الجمهور، كنا سمعنا من قبل أنك ..
الشيخ: ما عرفت من نفسي هذا التَغَيُّر في هذه المسألة .. أما أنا تَغَيَّرت طبعاً؛ لأن الإنسان لا ينبغي أن يَجْمُد على الخطأ، إذا ما تبين له.
أما في هذه المسألة ما في عند شيء جديد «لكن الناس يُكثرون القول والتقول، وكم قول يُنقل ولا أقله» فمهما كان مغرقاً في البعد عن الصواب وعن الواقع، فهو أهون بكثير من القول الذي تكرر نقله، بأن القائل مات ودُفن وصُوّر قبره ضخمًا وعاليًا وهو يحارب ذلك في قيد حياته.
المهم: أنا ليس عندي رأي جديد في الموضوع، وأحكام السفر سواءً من حيث تحديد المسافة التي إذا قطعها يصبح مسافراً أو لا، أو هذا المسافر الذي طَب أو حَل في بلد ثم أقام فيها أياماً معدودات، فما هي الأيام التي يصبح بها مقيماً، كل هذا وذاك أنا ليس عندي رأي في تحديد الأمرين، سواء إذا خرج فهل هو بمجرد خروجه وقَطْعِه لمسافة مُعَيَّنة يُصْبح مسافراً أم لا، أو إذا أقام في بلد السفر متى يصبح مقيماً ..
مداخلة: يعود هذا إلى ..
الشيخ: إلى العرف ..
وهذه المسألة لم أجد من تكلم فيها بشيء مطمئنًا كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة خاصة له في أحكام السفر، وهي مطبوعة في مجلد تحت عنوان:«مجموعة الرسائل والمسائل» قديماً هي كانت عندي ومن طبعة السيد رشيد رضا رحمه الله.
المهم: هذا رأيي قديماً إلى اليوم ولا جديد عندي، ولعل الجواب مفهوم لديكم.
مداخلة: لكن يا شيخ العرف .. عرف البلد ..
الشيخ: التي هو فيها ..
مداخلة: الذي هو فيها .. كيف يعرف العرف ..
الشيخ: هذا أولاً، ومن إقامته في البلد الجديد يعود إلى نيته وقصده.
مداخلة: طيب يا شيخ! سؤال توضيحي: أحد الإخوة أمه مثلاً من بلد عربي، وهو يسافر مع أهله إلى بلد أمه، وأمه قد استقرت في هذا البلد الذي هو فيه، فيذهب إلى بلد أمه، أخواله يكون لهم بيت هناك لأمه فيقول: إذا وصل يستنكر أهل البلد كيف أنا أقصر الصلاة فيقول: أنا نيتي السفر؛ لأني أعتبر نفسي مسافرًا فيقولون: والدتك عندها بيت، فما رأيك يا شيخ؟
الشيخ: لا، هذا .. نحن نقول في كثير من الأشرطة، وهي في ظني موجودة عند الأخ أبو ليلى، أضرب مثلاً لرجلين خرجا من بلد واحد ونزلا في بلد آخر، وكلاهما مسافر من كل الاعتبارات، لكن أحد اللذين نزلا في البلد الآخر له زوجة هناك، هذا ليس مسافراً، وكذلك نزل ببيت أبيه أو في بيت أمه ..
مداخلة: من حين الوصول يعتبر مقيمًا يا شيخ.
الشيخ: نعم، من حين وصوله إلى بلد أبيه أو بلد أمه أو ..
مداخلة: أو أخواته ..
الشيخ: لا، العطف مني ليس منك، من حين وصوله إلى بلده، ونزوله في بيت أبيه أو أمه أو زوجته الأخرى فهو مقيم، أما إذا نزل في بيت أخ له فليس الأمر كذلك؛ لأنه يُلاحظ في هذا التفصيل فقه، وهذا هو الفقه الذي أشار إليه الرسول عليه السلام في الحديث المعروف الصحيح:«من يُرِد الله به خيراً يفقه في الدين» يُلاحظ في حكمة تشريع القصر والجمع في السفر، هو أن هذا المسافر يكون في الغالب ملهوجاً ملاحقاً بأعماله، بقضاء حاجاته ونحو ذلك، لكن هذا الذي ينزل في بيت زوجته أو في بيت أبيه أو في بيت أمه هذا لا فرق بين بيته الذي خرج منه وبيته الذي نزل فيه في البلد الآخر، لكن ليس كذلك فيما إذا نزل في بيت أخيه، فزوجته ليست مَحْرَماً له ..
مداخلة: أحسن الله إليك شيخ، عثمان ..
الشيخ: نعم؟