الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالغاً، وبين إجازة تدريس الخطيب قبل خطبته، كيف يمكن هذا، ثم كيف يمكن تتصور درس يُقْرَأ قبل الخطبة ثم يليه تطلع المنبر، والرسول عليه الصلاة والسلام طيلة حياته المباركة ما ورد عنه هذا الشيء.
لو لم يكن نهى عن التَحَلُّق يوم الجمعة، لكفانا أنه لم يكن من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام أولاً، ثم فيه إخلال بالنظام الذي وضعه للداخلين في المسجد يوم الجمعة من التبكير والانشغال بالذكر، والصلاة ما بدا له كما جاء في الحديث، كيف يمكن هذا التوفيق جواز التَحَلُّق يوم الجمعة، أي التدريس يوم الجمعة مع التشويش على هؤلاء، علماً أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع يوماً رفع أصوات في المسجد وليس يوم جمعة، فأزاح الستار وقال:«أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين» وأي أذى أشد من إيذاء جماهير المصلين يوم الجمعة بالدرس الذي يُشَوِّش على الحاضرين فيه.
(الهدى والنور/ 6/ 42: 45: .. )
حكم إلقاء درس أو موعظة قبل خطبة الجمعة
السؤال: ما حكم إلقاء درس أو موعظة قبل خطبة الجمعة علما أن الناس عندنا في الجزائر لا يتمكنون من الحضور لهذه الموعظة إلا يوم الجمعة؟
الشيخ: ليس ذلك مشروعا لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَحَلُّق يوم الجمعة» ، هذا أولاً.
وثانياً: هذا الدرس الذي يُلقى يُفْسِد على أهل المسجد عباداتهم؛ لأن الثابت في السنة أن من أتى المسجد يوم الجمعة فعليه أن يشغل نفسه بعبادة من العبادات المشروعة من ذلك مثلاً: أن يصلي ما بَدا له أو ما كُتِب له، يصلي على الأقل ركعتين تحية المسجد، فإن زاد زاد الله له {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: 184] ثم جلس إن كان حافظا لسورة الكهف قرأها، لأن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة
كان له من النور ما بينه وبين الجمعة التي تَلِيها، أو ما بينه وبين البيت العتيق، وإن كان لا يحفظ سورة الكهف غيباً وكان يُحْسن القراءة من المصحف حضوراً، يأخذ المصحف ويقرأ سورة الكهف، وإن كان لا يحسن القراءة بأن كان أمياً فليذكر الله كما يحفظ ولو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وقد قال عليه الصلاة والسلام «من تأنّى نال ما تمنى» ، قال عليه السلام «أفضل الكلام بعد القرآن أربع كلمات لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» ، مهما كان الإنسان ذهنه كليل وعَيَّان وتَعْبَان فما أسهل عليه من أن يحفظ هذه الجُمَل الأربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وعليه أن يُكْثِر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهذه فرصة تُسْنَح له في المسجد لقوله عليه السلام: «أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة؛ فإن صلاتكم تبلغني - وفي لفظ - تُعْرَض عليّ» قالوا: كيف ذاك وقد أرمت؟ يعني فنيت وبليت وصرت تراباً كما هو شأن كل الناس، فقال عليه الصلاة والسلام:«إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» ، هذه خصوصية للأنبياء جميعاً وفي مقدمتهم نبينا صلوات الله وسلامه عليه.
إذاً: من يأتي المسجد يوم الجمعة فهو ما بين مصلٍ أو تالٍ أو ذاكرٍ أو مصلياً على النبي صلى الله عليه وسلم وفي هذه الحالة حينما يكون المدرس يُدَرِّس يُؤْذِي هؤلاء الناس ويُشَوِّش عليهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح «يا أيها الناس كلكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة فتؤذوا المؤمنين» لذلك للحديث المذكور آنفا «نهى عن التَحَلُّق يوم الجمعة» .
ولهذه المجموعة من الأدلة لا يجوز المدرس يُدَرِّس على الناس قبل صلاة الجمعة، إن كان ولا بد من التدريس فليكن ذلك بعد الصلاة.
وأنا أعلم أن كثيرا من الناس يحتجون أننا إذا لم نُدَرِّس قبل الصلاة انْفَضَّ الناس بعد الصلاة وما بقي معنا أحد، فنقول لهم: إذًا أنتم تُريدون أن تفرضوا على الناس أن يسمعوا دَرْسَكم غصباً عنهم، وهذا لا يجوز، وهذا يُذَكِّرني ببدعة أموية.