الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي عن سفر المسلم وحده
مداخلة: عهدي بفضيلتكم أنكم من أشد الناس محاربةً لمن يصرفون الأحاديث عن ظاهرها دون دليل.
الشيخ: نعم.
مداخلة: ولكن قرأت لكم في السلسلة ما يخالف ذلك.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب» فتقول في شرح هذا الحديث: وفي هذه الأحاديث تحريم سفر المسلم وحده وكذا لو كان معه آخر لظاهر النهي في الحديث الذي قبل هذا ولقوله فيه: «شيطان» أي: عاصي، ثم ذكرت بعض أقوال أهل العلم ثم ختمت بقولك: ولعل الحديث أراد السفر في الصحاري والفَلَوَات التي قلما يرى المسافر فيها أحداً من الناس فلا يدخل فيه السفر اليوم في الطرق المعبَّدة الكثيرة المواصلات.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فدليل التفريق شيخ؟
الشيخ: نعم، أولاً: يا أخي! لعلك تَعْلَم أن الأحكام الشرعية لا تُسَاق مساقاً واحداً في فهمها، من تمامه لعلك تعلم أن بعض الأحكام الشرعية تعبدية محضة، وبعض آخر منها ليست تعبديةً محضة، وإنما يقال فيها عند أهل العلم: بأنها معقولة المعنى، أظن هذا التفريق معروف لديك.
مداخلة: نعم نعم.
الشيخ: طيب! ولا يكفي أن يكون معروفاً لديك فقط، وإنما ينبغي أن نسأل ومسلم بذلك لديك أيضاً، أكذلك؟
مداخلة: نعم يا شيخ.
الشيخ: جميل! فحينئذٍ هل هناك قاعدة أو ضابط لتمييز حكم شرعي تَعَبُّدي محض عن حكم شرعي آخر معقول المعنى، أم هو الرأي والاجتهاد والاستنباط فيما تعلم؟
مداخلة: الله أعلم، الرأي والاجتهاد.
الشيخ: حَسَنٌ فحينئذٍ: إذا رأيت مثل هذا التأويل فهذا لا يساق مساق التأويلات التي تقال فيما يتعلق بالأمور الغيبية وبخاصة ما كان منها متعلقاً بالصفات الإلهية وإنما هذا حكم يتعلق بالأعمال والأحكام الشرعية التي يبتلى الناس بالقيام بها، فإذا ما بدا لإنسان ما في حكم ما أنه عنده معقول المعنى ولم يبْدُ ذلك عند آخر فلا ينبغي أن يقال: إن هذا تأويل بمعنى التأويل غير المحمود وإنما يقال: هذا رأي واجتهاد، إن أصاب الحق فيه كان له أجران، وإلا فله أجر واحد.
فأنا حينما خرَّجتُ هذا الحديث وصححتُه تأملت في دلالته فبدا لي أنه يحتمل أن يكون من القسم المعقول المعنى وليس تعبُّدياً محضاً لا تُعرَف علتُه ولا تُعرَف الغاية منه، ولعلك تشعر بأنني ما جزمت بذلك، بل قلت لعل.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فحينئذٍ: لا أعتقد أنه يرد عليَّ شيء من المؤاخذة؛ لأنني ملت أو كدت أن أميل إلى أن هذا الحكم هو ليس تعبدياً محضاً وإنما هو روعي فيه مصلحة المسافر لوحده أو معه رجل ثانٍ بل لا بد أن يكون هناك ثالث فإذا كان عندك شيء نستفيده لإبطال لعل هذه، فجزاك الله خير.
مداخلة: أستغفر الله، لكن يا شيخ! يعني: المحظور قد يقع، الآن حقيقة الطرق معبدة لكن أحياناً قد تكون بين مدينة ومدينة مائتين أو ثلاثمائة كيلو، فقد يسير لوحدة وتتعطل الراحلة، فيعني يتعرض قد يعني للصوص أو ما أشبه ذلك، فالمحظور موجود يعني ما أعلم ما هو رأيك.