الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجاوزت حدود عمان، بينما مطار عمان الآن الذي يُسمونه مطار عمان الدولي، فهو خارج البلد، فإذا ركب سيارته أو استأجر سيارة ما ليذهب إلى الطائرة ويركبها وخرج عن بنيان عمان، تبدأ حينذاك أحكام السفر؛ لأن المطار خارج البلد، فيختلف الأمر بين مطار وآخر.
إذا كان المطار داخل البلد فلا يبدأ القصر والجمع، وإذا كان خارج البلد فيجوز.
(الهدى والنور /835/ 25: 49: .. )
متى يرخص في قصر وجمع الصلاة؟ وحكم صلاة السنن في السفر
مداخلة: هنا يسأل سائل فيقول: -تقريبًا بالنسبة للنقطة التي سبقت- قصر وجمع الصلاة متى يكون وكيف؟
الشيخ: قصر وجمع الصلاة متى وكيف؟ أما متى فذلك إذا أصبح مسافرًا، فالمسافر هو الذي يجب عليه القصر ويجوز له الجمع، ولكن الجمع قد يجوز أحيانًا
لغير المسافر، كالمرأة المستحاضة مثلًا، فقد جاء في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم ترخص لها أن تجمع بين الصلاتين لأنها معذورة بدم الاستحاضة، كما أنه يجوز لغيرها من النساء والرجال الجمع في حالة الإقامة بشرط أن يوجد الحرج فيما إذا أراد المسلم أن يحافظ على أداء الصلاتين كل في وقتها، إذا وجد الحرج هناك يجوز الجمع ولو كان مقيمًا، وعلى هذا يحمل حديث الإمام مسلم في صحيحه من رواية ابن عباس رضي الله عنه قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء بغير خوف ولا مطر، قالوا: يا أبا العباس! - كنية عبد الله بن عباس - ماذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، فهذا معناه: حيث كان الحرج جاز الجمع بالنسبة للمقيم، وبهذا يختلف المقيم عن المسافر، فالمقيم لا يجوز له
الجمع بين الصلاتين على الوصف المذكور في حديث ابن عباس إلا إذا وجد الحرج، أما المسافر فلا عليه وجد الحرج أم لا فإنه رخصة أو رخص له أن يجمع دون أن يشترط في حقه الحرج الذي اشترط في حق المقيم.
على هذا الوجه يجب تفسير حديث ابن عباس وليس كما يفهمه البعض أن الجمع بالنسبة للمقيم هو كالجمع بالنسبة للمسافر، يعني: يجمع متى شاء، هذا لا يجوز؛ لأن الأدلة القاطعة بوجوب المحافظة على أداء الصلاة في أوقاتها وأنه لا يجوز أن يقدمها أو أن يؤخرها إلا فيما جاء الاستثناء، أيضًا هذا من باب إعمال النص العام في حدود عمومه إلا ما استثني فله حكمه.
بقي من السؤال وهو: وكيف يجمع؟ لعل السائل يعني بهذا الطرف من السؤال: كيف يجمع؟ الذي يبدو لي هل يجمع المسافر وهو مجد ومنطلق فهو يجمع في مسيره، أما إذا نزل منزلًا وأقام فيه وحضرته الصلاة الأولى والثانية وربما أكثر من ذلك فلا يجمع؛ لأنه نازل كما يذهب إلى ذلك ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الزاد، الجواب: هذا تفصيل لا دليل عليه يلزم المسلم المسافر بألا يجمع بين الصلاتين إلا إذا كان مسافرًا، أما إذا كان نازلًا فلا يجمع، هذا مما لا دليل عليه.
وحديث ابن عمر الذي يحتج به ابن قيم الجوزية أنه كان إذا جد به السير جمع، هذا لا ينفي أنه إذا كان نازلًا أن يجمع، وإنما حديث ابن عمر يتحدث عن حالة من أحوال الرسول عليه السلام التي هو اطلع عليها، وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع إذا جد به السير، لكن هذا دليل صالح لما قلنا آنفًا: أن المفهوم يحتج به إلا إذا خالفه منطوق، فالآن: لنعمل هذه القاعدة على حديث ابن عمر هذا، حديث ابن عمر منطوق صريح، مفهومه: أنه إذا كان غير جاد في السفر ومنطلق فكان لا يجمع، هذا المفهوم كان ينبغي أن يؤخذ به كما فعل ابن القيم وغيره لولا أنه قد جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الذي أخرج مالك في الموطأ وغيره في غيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلًا في سفره إلى تبوك، أو في رجوعه من تبوك - فالشك مني- فحضرت صلاة الظهر، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: من خيمته وأمر بالأذان فأذن، وبالصلاة
فأقيمت فصلى الظهر والعصر جمع تقديم ثم دخل، ثم لما صار وقت المغرب خرج أيضًا وأمر الأذان والإقامة فصلى المغرب والعشاء جمع تقديم.
فهذا الحديث صريح في الجمع وهو نازل، فيضم هذا إلى حديث ابن عمر ونخرج بنتيجة أن الجمع بالنسبة للمسافر يجوز سواء كان نازلًا أو كان سائرًا.
هذا ما يبدو لي من أن السائل يريد الجواب عليه.
مداخلة: مثلًا في عطلة الصيف نخرج إلى دول أوروبية أو البلاد الباردة، هناك مثلًا أنا محدد أنني سأجلس فيه شهرين، أيضًا طول الشهرين أستطيع أن أقصر وأجمع؟
الشيخ: هذه مسألة أخرى الجواب عليها كما يأتي: إذا كان النازل في بلد الغربة نوى الإقامة إقامة محددة بمثل ما قلت من شهرين فهذه النية فقط ليست هي التي تجعله مقيمًا وتخرجه عن كونه مسافرًا، وإنما ينبغي أن ينظر من زاوية أخرى إلى هذه النية المؤقتة، وهي هو حينما نوى الإقامة هل صارت إقامته بمجرد النية من وعثاء السفر ومن مشاكل الإقامة والعمل ونحو ذلك، إن كان الأمر كذلك فهذا مقيم ويصلي صلاة مقيم، أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك .. هو صحيح نوى الإقامة شهرين لماذا؟ لأن أعماله التجارية أو غيرها يقدر أنها لا تنتهي إلا بهذه المدة لكنه ملاحق بكثرة الأعمال فحينئذ هو لا يزال مسافرًا ولو كان نوى الإقامة هذه المحددة.
كنت ذكرت أيضًا في مناسبة مضت الرواية التي ثبتت عن بعض الصحابة الذين خرجوا مجاهدين في سبيل الله، وجاؤوا إلى نحو خراسان في بلاد باردة ولا يعرفها العرب في الحجاز وفي تلك البلاد، فحصلت الثلوج بكثرة وسدت عليهم الطريق الرجوع إلى بلادهم، لا شك أن هذه الثلوج يقدر الإنسان أنها سوف لا تزول ما بين عشية وضحاها فهم يقدرون أنهم لا بد أن يقيموا هناك مدة طويلة وطويلة جدًا، لكنهم هم مسجونين كالمحصورين، يودون أن يعودوا إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن، ولذلك فهم ظلوا يقصرون من الصلاة ستة أشهر، وهم يعلمون
بأنهم لا يستطيعون أن يعودوا ما بين شهر أو شهرين.
الخلاصة: أن المسألة فيها دقة وباختصار: لا تتعلق فقط بأن المسافر نوى الإقامة لأكثر من أربعة أيام وإنما ينبغي أن يلاحظ هو مستريح كما لو كان في بلده أم هو لا يزال يتابع أعماله التجارية ونحوها، فإن كان الأمر الأول فهو في حكم المقيم، وإن كان الأمر الآخر فهو في حكم المسافر.
وفي نهاية المطاف أقول: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14] يعني: هو الذي ينبغي أن يقدر بعد هذا التوضيح هل هو مقيم أو مسافر وإلا فلا يمكن إعطاء حكم عام بالنسبة لكل الأفراد.
ومثاله مثلًا: رجلان يخرجان من بلدة إلى أخرى فأحدهما حينما نزل في هذه البلدة الأخرى هو مسافر، والآخر لا لم؟ لأن هذا الآخر انتقل من بلدته المقيم فيها إلى البلدة الأخرى وله فيها زوجة وله فيها أولاد، فهو إذًا انتقل من بلد الإقامة إلى بلد الإقامة، ما الذي جعله مقيمًا في البلدة الأخرى؟ هو أن له هناك زوجة وأولادًا بخلاف الرجل الأول، فلا يجوز أن نسوق الرجلين مساقًا واحدًا فنقول: ما دام أنت مسافر فإذًا الذي له زوجة في البلدة الأخرى هو مسافر، فالأمر كما قال تعالى:{بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة: 14].
مداخلة: هذا يا شيخ بالنسبة لصلاة السنة للمسافر في البلدة مثلًا، احتج بعض الأئمة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم هانئ في فتح مكة صلى ثمان ركعات صلاة الضحى، فهل يدل على الجواز، يعني: الأفضل أن تصلي السنة أو أفضل لك ما تصلي السنة.
الشيخ: لا يجوز أخذ حكم ما من حديث واحد، مع وجود أحاديث أخرى تساعد على فهم الحكم فهمًا صحيحًا، إذا كان حديث أم هانئ هذا يعطي مشروعية صلاة الضحى بالنسبة للمسافر، فهذا نستفيده ونودعه في حافظتنا، لكن أين نذهب بحديث أنس بن مالك مثلًا الذي جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من المدينة في حجة الوداع فلم يزل يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إليها، فهذا يشير