الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذبيحته بمنزلة موته، وأن الذكاة إنما تعمل في مأكول اللحم.
ومنها: أن من أخذ من الغنيمة شيئًا قبل قسمتها لم يملكه وإن كان دون حقِّه، وأنه إنما يملكه بالقسمة ولهذا قال في صاحب الشَّملة التي غلَّها:«إنها تشتعل عليه نارًا» وقال لصاحب الشِّراك الذي غله: «شِراك من نار»
(1)
.
ومنها: أن الإمام مُخيَّر في أرض العنوة بين قَسْمها وتَرْكِه
(2)
وقسمِ بعضِها وتركِ بعضها.
ومنها: جواز التفاؤل بل استحبابه بما يراه أو يسمعه مما هو من أسباب ظهور الإسلام وإعلامه، كما تفاءل النبيُّ صلى الله عليه وسلم برؤية المساحي والفؤوس والمكاتل مع أهل خيبر، فإن ذلك فأل في خرابها.
ومنها:
جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استُغني عنهم
، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«نُقرُّكم ما أقركم الله» وقال لكبيرهم: «كيف بكَ إذا رقصت
(3)
بك راحلتُك نحو الشام يومًا ثم يومًا»، وأجلاهم عمر بعد
(1)
أخرجه البخاري (670) ومسلم (115) من حديث أبي هريرة، وفيه أنهما أصابا ذلك من المغانم يوم خيبر، وسيأتي قصتهما عند ذكر انصراف النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القُرى.
(2)
أي: ترك القَسْم. في المطبوع: «قسمتها وتركها» خلافًا للأصول.
(3)
س: «وقصت» ، تحريف. وفي مطبوعتي «صحيح ابن حبان» (التقاسيم ــ الإحسان):«أَفضَتْ» ، ولعله تصحيف أيضًا. ومعنى «رقصت بك راحلتك» أي أسرعت، يقال: رقص البعير رَقَصًا ورَقَصانًا ــ بتحريك القاف فيهما ــ إذا أسرع في سيره. وبمعناه لفظ البخاري: «تعدُو بك قلوصك» .
موته صلى الله عليه وسلم
(1)
. وهذا مذهب محمد بن جرير الطبري
(2)
، وهو قول قوي يسوغ العمل به إذا رأى الإمام فيه المصلحة.
ولا يقال: أهل خيبر لم تكن لهم ذمة بل كانوا أهلَ هدنة، فهذا كلامٌ لا حاصلَ تحته، فإنهم كانوا أهل ذمة قد أَمِنوا بها على دمائهم وأموالهم أمانًا مستمرًّا.
نعم، لم تكن الجزية قد شُرِعت ونزَل فرضُها، وكانوا أهلَ ذمةٍ بغير جزية، فلما نزل فرض الجزية استؤنف ضربها على من تُعقَد له الذمة من أهل الكتاب والمجوس، فلم يكن عدمُ أخذ الجزية منهم لكونهم ليسوا أهلَ ذمة، بل لأنها لم تكن نزل فرضُها بعد.
وأما كون العقد غيرَ مؤبَّدٍ فذاك لمدة إقرارهم في أرض خيبر، لا لمدة حقن دمائهم ثم يستبيحها الإمام متى شاء، ولهذا قال:«نُقِرُّكم ما أقرَّكم الله» أو «ما شئنا» ، ولم يقل: نحقن دماءكم ما شئنا.
وهكذا كان عقد الذمة لقُرَيظة والنَّضير عقدًا مشروطًا بأن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه، ومتى فعلوا فلا ذِمَّة لهم، وكانوا أهل ذمة بلا جزية إذ لم يكن نزل فرضها إذ ذاك، واستباح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سبيَ نسائهم وذراريِّهم،
(1)
أخرجه البخاري (2730) من طريق مالك، وأخرجه ابن حبان (5199 - الإحسان، 2145 - التقاسيم) وابن المنذر في «الأوسط» (6/ 365 - 367) والبيهقي في «السنن» (9/ 137) و «الدلائل» (4/ 229 - 231) من طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر؛ كلاهما (مالك وعبيد الله) عن نافع عن ابن عمر. وهذا لفظ حديث حماد بن سلمة.
(2)
لم أجده في مؤلفاته المطبوعة، وقد ذكره عنه شيخ الإسلام في «فتاويه» (19/ 23).