الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن لسان خاله لسان رديء يتكلم في عرضه بالألم الذي حصل له بخشونة الخلخال مرةً بعد مرة، فهي خشونة لسان خاله في حقه. واستدل على أخذ خاله ما في يديه بتأذِّيه به وبأخذه من يديه في النوم بخشونته. واستدل بإمساك الأجنبي للخلخال ومجاذبة الرائي عليه
(1)
على وقوع الخال في يد ظالمٍ متعدٍّ يطلب ما ليس له. واستدل بصياحه على المجاذب له وقوله: (خَلْ خالِي)
(2)
على أنه يعين خالَه على ظالمه ويشدّ منه. واستدل على قهره لذلك المجاذب له وأن القاهر يَدُه عليه على أن اسمه عبد القاهر. وهذه كانت حالَ شيخنا هذا ورسوخَه في علم التعبير، وسمعتُ عليه عدة أجزاء، ولم يتَّفق لي قراءة هذا العلم عليه لصغر السن واخترام المنية له رحمه الله.
فصل
في قدوم وفد طيِّئٍ على النبي صلى الله عليه وسلم
-
قال ابن إسحاق
(3)
: وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيئ وفيهم زيدُ الخيلِ وهو سيدهم، فلما انتهوا إليه كلَّمهم وعرض عليهم الإسلام فأسلموا وحَسُن إسلامهم، وقال صلى الله عليه وسلم:«ما ذُكِر لي رجلٌ من العرب بفضلٍ ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل، فإنه لم يبلغ كل ما فيه» ، ثم سماه:
(1)
«عليه» سقط من المطبوع.
(2)
أي بقوله في المنام: «اترك خلخالي» .
(3)
كما في «سيرة ابن هشام» (2/ 577) و «دلائل النبوة» (5/ 337)، والمؤلف صادر عن «عيون الأثر» (2/ 236). وأسنده ابن سعد (6/ 212) عن شيخه الواقدي عن أبي بكر ابن أبي سبرة عن أبي عمير الطائي ــ وكان يتيمًا للزهري ــ معضلًا بنحوه.
«زيد الخير»
(1)
، وقطع له فَيْدَ
(2)
وأرضين معه وكتب له بذلك، فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعًا إلى قومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن يَنجُ زيدٌ من حُمَّى المدينة فإنه» ، فلما
(3)
انتهى إلى ماء من مياه نجد يقال له فَرْدَة
(4)
أصابته الحمى بها فمات. فلما أحس بالموت أنشد:
أمرتحل قومي المشارقَ غُدوةً
…
وأُترَك في بيتٍ بفَرْدةَ مُنْجِدِ
ألا رُبَّ يومٍ لو مرضتُ لعادني
…
عوائدُ من لم يُبرَ منهن يَجهَدِ
(5)
(1)
تسمية النبي صلى الله عليه وسلم إياه «زيد الخير» روي أيضًا من حديث ابن مسعود عند ابن عدي في «الكامل» (2/ 22) والطبراني في «الكبير» (10/ 249)، ولكنه حديث منكر.
(2)
كذا في الأصول. وفي المطبوع: «فيدًا» منصرف، وفاقًا لـ «سيرة ابن هشام» ، وكذا في «عيون الأثر» . وقرية فيد لا تزال معروفة بهذا الإسم، وهي تقع جنوب شرقيِّ مدينة حائل على قرابة 100 كلم.
(3)
كذا في عامّة الأصول، وظاهره أن:«فإنه» من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ث، ن، الطبعة الهندية:«لمّا» ، وهذا ظاهره أن «فإنه» ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. والأمر محتمل في المصادر لأن فيها كلامًا بين «فإنه» و «فلمّا» حذفه المؤلف اختصارًا. وعلى كلٍّ فجواب الشرط مقدَّر، قال الزرقاني في «شرح المواهب (5/ 159):«أي: فإنه لا يُصاب بسوء كما قدّره بعضهم أو لم يُصبه ضررٌ ونحو ذلك، أو أن «إنْ» نافية، أي: ما ينجو، لكن لا يساعده الرسم» .. انتهى بتصرف. ولفظه في «الإصابة» (4/ 115) نقلًا عن ابن إسحاق: «
…
فإنه غالب». والله أعلم.
(4)
قال عاتق في «معجم معالم السيرة» (ص 236): «في الجنوب الغربي من فيدٍ ماء يسمى فردة فلعله هو» .
(5)
يقول: لعاده العائدون من أنحاء بعيدة حتى يبريهم ــ أي يَهزُلهم ــ السفر، ومن لم يُبرَ منهم جَهَد وتعب لا محالة.