الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأهمَّني شأنهما، فأوحي إليَّ في المنام أن: انفُخْهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذَّابيَن يخرجان من بعدي، فهذان هما: أحدهما العَنْسي صاحب صنعاء، والآخر مسيلمة صاحب اليمامة». وهذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم.
وفي «الصحيحين»
(1)
من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينا أنا نائم إذ أتيتُ بخزائن الأرض، فوُضِع في يديَّ سِواران من ذهب، فكَبُرا عليَّ وأهماني، فأوحِيَ إليَّ أن: انفخهما، فنفختُهما فذهبا، فأوَّلتُهما الكذابين اللَّذَين أنا بينهما: صاحب صنعاء وصاحب اليمامة» .
فصل
في فقه هذه القصة
فيها: جواز مكاتبة الإمام لأهل الردة إذا كان لهم شوكة، ويَكتب لهم ولإخوانهم من الكفار: سلام على من اتبع الهدى.
ومنها: أن الرسول لا يُقتَل ولو كان مرتدًّا، هذه السنة.
ومنها: أن للإمام أن يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار.
ومنها: أن الإمام ينبغي له أن يستعين برجلٍ من أهل العلم يجيب عنه أهلَ الاعتراض والعناد.
ومنها: توكيل العالم لبعض أصحابه أن يتكلَّم عنه ويجيب عنه.
ومنها: أن هذا الحديث من أكبر فضائل الصديق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نفخ السوارين برُوحه
(2)
فطارا، وكان الصديق هو ذلك الرُّوح الذي نفخ مسيلمة
(1)
البخاري (4374) ومسلم (2274).
(2)
أي: بنفخه.
وأطاره
(1)
. قال الشاعر:
فقلتُ لها انفُخها برُوحك
…
البيت
(2)
.
فصل
ومن هاهنا دلَّ لباس الحُليِّ للرجل على نكدٍ يلحقه وهمٍّ يناله. وأنبأني أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن
(3)
بن عبد المنعم بن نعمة
(4)
بن سرور المقدسي المعروف بالشهاب العابر
(5)
، قال
(6)
: قال لي رجل: رأيت في
(1)
وذلك أن الأسود العنسي قُتل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما مسيلمة فكان القائمُ عليه حتى قتله أبا بكر الصديق، فقام مقام النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. انظر:«الفتح» (8/ 90).
(2)
البيت لذي الرُّمَّة، ونصّه:
فقلتُ له ارْفَعْها إليك وأَحْيِها
…
برُوحِك واقتَتْه لها قِيتةً قَدْرا
وهو في «ديوانه» (3/ 1429). والشاهد فيه قوله: «أحيها برُوحك» أي: أحيِ النار بنفخك. وقوله: «واقتته
…
» أي: تَرَفَّقْ في نفخك واجعله شيئاً مقدَّرًا.
(3)
في الأصول عدا ز والطبعة الهندية: «عبد الرحيم» ، بل حتى في هامش ز كتب:«لعله عبد الرحيم» ، وهو خطأ كما يتبيّن من مصادر ترجمته.
(4)
بعده في ز، هامش س:«بن سلطان» ، وهو في نسبه كذلك.
(5)
هو الشيخ شهاب الدين عابر الرؤى، ولد سنة 628 بنابلس، سمع الحديث ورحل له وروى الكثير، وتفقّه في المذهب الحنبلي، وكان إليه المنتهى في تفسير المنامات وتعبير الأحلام، صنّف في ذلك مقدمة سمّاها «البدر المنير في علم التعبير» ، قرأها عليه البرزالي وسمع منه الذهبي أجزاء، وكذا ابن القيم كما سينصُّ عليه في آخر النقل، توفي بدمشق سنة 697 وكانت جنازته حافلة. انظر:«تاريخ الإسلام» (15/ 850) و «الوافي بالوفيات» (7/ 48) و «ذيل طبقات الحنابلة» (4/ 289).
(6)
«البدر المنير» (ص 377). وكل ما سيأتي من النقل عن الشهاب العابر فمن كتابه هذا (ص 375 - 379).
رجلي خلخال
(1)
فقلت له: تتخلخل رجلك بألم، وكان كذلك.
وقال لي آخر: رأيت كأنَّ في أنفي حلقةَ ذهبٍ وفيها حبٌّ مليح أحمر، فقلت له: يقع بك رُعاف شديد، فجرى ذلك.
وقال آخر: رأيت كُلابَنْدًا
(2)
معلَّقًا
(3)
في شفتي، قلت له: يقع بك أَلَم يحتاج إلى الفصد في شفتك؛ فجرى ذلك.
وقال لي آخر: رأيت في يدي سوارًا والناس يبصرونه، فقلت له: سوء يبصره الناس في يدك؛ فعن قليل طلع في يده طَلُوع
(4)
. ورأى ذلك آخر لم يكن يبصره الناس، فقلت له: تتزوج امرأةً حسنةً وتكون رقيقةً. قلت: عبَّر له السوار بالمرأة لما أخفاه وستره عن الناس، ووصفها بالحسن لحسن منظر الذهب وبهجته، وبالرقة لشكل السِّوار.
والحلية للرجل تتصرَّف على وجوه، فربما دلت على تزويج العُزَّاب لكونها من آلات التزويج، وربما دلت على الإماء والسراري، وعلى الغَناء،
(1)
كذا في جميع الأصول.
(2)
الظاهر أنه مركَّب من كلمتين معرَّبتين، فـ «الكُلا» هي القلنسوة، و «بند» شريط أو خيط يحيط بالشيء، فيكون الكلابند شريطًا يحيط بالقلنسوة، ولعله هو الشريط العريض من القطن المسبوغ الذي كان يحيط بقلانس الأمراء في العصر المملوكي، الذي كان يقال له «التضريب» . وكان في هذا الشريط إبزيم أو كُلَّاب من حديد يربط طرفيه، ولعله به تعلَّق الكلابند في شفة الرائي. انظر:«المعجم العربي لأسماء الملابس» لرجب عبد الجواد (ص 78، 293، 429، 431).
(3)
في الأصول عدا ث، س:«معلَّق» .
(4)
الطَّلُوع: بثرة عظيمة، وهو لفظ مولَّد. انظر:«تكملة المعاجم العربية» (7/ 68).
وعلى البنات، وعلى الخَدَم، وعلى الجهاز
(1)
، وذلك بحسب حال الرائي وما يليق به.
قال أبو العباس العابر: وقال لي رجل: رأيت كأن في يدي سوارًا منفوخًا لا يراه الناس، فقلت له: عندك امرأة بها مرض الاستسقاء. فتأمل كيف عبَّر له السوار بالمرأة ثم حكم عليها بالمرض لصُفرة السوار، وأنه مرض الاستسقاء الذي ينتفخ معه البطن.
قال: وقال لي آخر: رأيت في يدي خلخالًا وقد أمسكه آخر وأنا ممسك له وأصيح عليه وأقول: اترك خلخالي، فتركه، فقلت له: فكان الخلخال في يدك أملس؟ فقال: بل كان خشنًا تألَّمتُ منه مرةً بعد مرة وفيه شراريف، فقلت له: أمك وخالك شريفان، ولست أنت بشريف واسمك عبد القاهر، وخالك لسانه لسان نجس
(2)
رديء يتكلم في عِرضك ويأخذ مما في يدك، قال: نعم، قلت: ثم إنه يقع في يد ظالمٍ متعدٍّ ويحتمي بك، فتشدُّ منه وتقول: خلِّ خالي؛ فجرى ذلك عن قليل.
قلت: تأمل أخذه الخال من لفظ الخلخال، ثم أغار على
(3)
اللفظ بتمامه حتى أخذ منه: «خلِّ خالي» ، وأخذ شَرَفه من شراريف الخلخال ودلَّ على شرف أمه إذ هي شقيقة خاله، وحكم عليه بأنه ليس بشريفٍ إذ شُرُفات الخال
(4)
الدالَّةُ على الشَّرَف اشتقاقًا هي في أمر خارج عن ذاته. واستدل على
(1)
أي: جهاز العروس.
(2)
يحتمل أن يكون: «نحس» بالحاء، كما في مطبوعة «البدر المنير» (ص 378).
(3)
ن: «أعاد على» . النسخ المطبوعة: «عاد إلى» .
(4)
كذا في جميع الأصول والمطبوعات، ولعلّه سبق قلم، إذ السياق يقتضي:«الخلخال» .