الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فدعوهم إلى الإسلام فأَبَوا، فقاتَلوهم فهزموهم، فلحق الأصيدُ أباه سلمة وسلمةُ على فرس له في غدير بالزَّخِّ، فدعا أباه إلى الإسلام وأعطاه الأمان، فسبَّه وسب دينه، فضرب الأصيدُ عرقوبَي فرسِ أبيه، فلما وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمةُ على الرمح في الماء ثم استمسك، حتى جاءه أحدُهم فقتله ولم يقتله ابنُه.
فصل
ذِكر سرية علقمة بن مُجَزِّزٍ المُدْلِجي إلى الحبشة
في شهر ربيع الآخر سنةَ تسعٍ
قالوا
(1)
: فلما بلغ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن ناسًا من الحبشة تراياهم أهل جُدَّةَ
(2)
بعث إليهم علقمة بن مُجَزِّزٍ في ثلاثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر وقد خاض إليهم البحر فهربوا منه.
(1)
«عيون الأثر» (2/ 207) نقلًا عن «طبقات ابن سعد» (2/ 149). وأخرجه الواقدي (3/ 983) ــ ومن طريقه ابن سعد (5/ 135) ــ من مرسل محمد بن إبراهيم التيمي وإبراهيم بن عبد الرحمن القرشي المخزومي. وروي ذكر البعث دون تحديد سببه ووِجهته من حديث أبي سعيد الخدري، وسيأتي تخريجه في الفقرة الآتية.
(2)
عند الواقدي وابن سعد من طريقه: «أهل شُعيبة ــ ساحل بناحية مكة ــ» . قلت: هو موضع على ساحل البحر ما زال معروفًا بهذا الاسم جنوب جدة على قرابة 60 كيلًا.
فلما رجع تعجَّل بعضُ القوم إلى أهليهم فأذن لهم، فتعجَّل عبدُ الله بن حُذافة السَّهمي فأمَّره على من تعجَّل، وكانت فيه دعابة، فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارًا يصطلون عليها، فقال: عزمتُ عليكم إلا تواثبتم في هذه النار، فقام بعض القوم فتحجَّزُوا
(1)
حتى ظَنَّ أنهم واثبون فيها فقال: اجلسوا إنما كنت أضحك معكم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«مَن أمركم بمعصيةٍ فلا تطيعوه»
(2)
.
قلت: في «الصحيحين»
(3)
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً واستعمل عليهم رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه فقال: اجمعوا لي حطبًا، فجمعوا، ثم قال: أوقدوا نارًا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا
(4)
؟ قالوا: بلى، قال: فادْخُلُوها، فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:«لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا» ، وقال:«لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف» . فهذا فيه أن الأمير كان من الأنصار
(5)
، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أمَّره، وأن الغضب حمله على ذلك.
(1)
أي اجتمعوا للوثوب. في المطبوع: «فتجهزوا» خلافًا للأصول ولمصادر الخبر.
(2)
أخرجه أحمد (11639) وابن ماجه (2863) وابن حبان (4558) من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد حسن.
(3)
البخاري (4340، 7145) ومسلم (1840) واللفظ به أشبه.
(4)
في مسلم: «أن تسمعوا لي وتطيعوا» . ولفظ البخاري: «أن تطيعوني» .
(5)
أي: بخلاف عبد الله بن حذافة السهمي، فإنه قرشي مُهاجري.