الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
في قدوم وفد بني سعد بن بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
قال ابن إسحاق
(1)
: حدثني محمد بن الوليد عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: بعثت بنو سعد بن بكرٍ ضِمامَ بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد فعقله، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد جالس في أصحابه فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ابن عبد المطلب» ، فقال: محمد؟ فقال: «نعم» ، فقال: يا ابن عبد المطلب، إني سائلك ومُغْلِظ عليك في المسألة، فلا تجدَنَّ في نفسك، فقال:«لا أجد في نفسي، فسل عما بدا لك» ، فقال: أنشدك بالله إلهك
(2)
وإله مَن كان قبلك وإله من هو كائن بعدك: آللهُ بعثك إلينا رسولًا؟ فقال: «اللهم نعم» . قال: فأنشدك اللهَ إلهكَ وإلهَ من كان قبلك وإلهَ من هو كائن بعدك: آلله أمرك أن تعبده
(3)
لا تشرك به شيئًا وأن تخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم نعم» ، ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضةً فريضةً: الصلاةَ والزكاةَ والصيامَ والحجَّ وفرائضَ الإسلام كلَّها، يَنشده عند كل فريضة كما نشده في التي قبلها، حتى
(1)
كما عند أحمد (2380) وأبي داود (487) والدارمي (678) وابن هشام (2/ 573) والحاكم (3/ 54) والبيهقي في «الدلائل» (5/ 374) وهو مصدر المؤلف. قال الحافظ: إسناده جيد لتصريح ابن إسحاق بسماعه له. «تغليق التعليق» (2/ 71).
(2)
زِيد بعده في النسخ المطبوعة: «وإله أهلك» ، وليس في شيء من الأصول ولا في شيء من مصادر التخريج!
(3)
كذا ضبط الفعل في ف، ب، د، س. وفي «الدلائل»: «أن نعبده
…
». وعند أحمد: «أن تأمرنا أن نعبده
…
».
إذا فرغ قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه لا أزيد ولا أنقص.
ثم انصرف راجعًا إلى بعيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولَّى: «إن يَصدُقْ ذو العقيصتين يَدخُلِ الجنة» ، وكان ضمام رجلًا جَلدًا أشقر
(1)
ذا غديرتين. ثم أتى بعيره فأطلق عِقالَه ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، وكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى! فقالوا: مَهْ يا ضِمام، اتق البرص والجنون والجذام! فقال: ويلكم إنهما ما يضرَّان ولا ينفعان، إن الله قد بعث رسولًا وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه؛ فوالله ما أمسى في ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا. قال ابن عباس
(2)
: فما سمعنا بوافد قومٍ أفضلَ مِن ضمام بن ثعلبة.
والقصة في «الصحيحين»
(3)
من حديث أنس بنحو هذه.
وذِكرُ الحج في هذه القصة يدل على أن قدوم ضمام كان بعد فرض الحج. وهذا بعيد، فالظاهر أن هذه اللفظة مدرجة من كلام بعض الرواة، فالله أعلم
(4)
.
(1)
كذا في الأصول. وكذا في مخطوطة «الدلائل» (نسخة كوبريلي) إلا أن عليه علامة «حـ» فوق النقطتين، ولعلها للاستشكال أو للدلالة على حذف النقطتين فيصير:«أشعر» كما هو في سائر مصادر التخريج.
(2)
طبعة الرسالة: «ابن إسحاق» خلافًا للأصول والطبعة الهندية ومصدر النقل.
(3)
البخاري (63) ومسلم (12).
(4)
لم يرد ذكر الحج في رواية البخاري. وجه استبعاد المؤلف له ــ والله أعلم ــ هو ما ذكره شيخه ابن تيمية أن سعد بن بكر مِن هوازن، وهوازن كانت معهم وقعةُ حنين بعد الفتح فأسلموا كلهم إثرها، فلا يمكن أن يكون بعثوا ضمامًا للنظر في أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا قبل الفتح، ولم يكن الحج فرض يومئذ. انظر:«مجموع الفتاوى» (7/ 601). ويؤيد ذلك أن الواقدي قال: إن وفادته كانت في رجب سنة خمسٍ، كما في «الطبقات» لكاتبه (5/ 184).