الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليشهد عليهم رسوله ويشهدوا هم على النّاس، فيكون مشهودا لهم بشهادة الرّسول، شاهدين على الأمم بقيام حجّة اللَّه عليهم [ (1) ] .
وقال تعالى: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى [ (2) ] .
قال ابن عبّاس: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم اللَّه لنبيه عليه السلام [ (3) ] .
تلك آيات عظيمة نزلت من عند المولى عز وجل تشهد بفضل وعدالة جميع أصحاب النّبي صلى الله عليه وسلم الّذين كانوا معه في المواقف الحاسمة في تاريخ الدّعوة الإسلامية ابتداء من دار الأرقم بن أبي الأرقم، وانتهاء بفتح المدائن.
فمن الأمور القطعيّة الثبوت والدّلالة أن عدالة أصحاب سيدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاءت من فوق سبعة أرقعة، فلا يتصور لإنسان مهما أوتي من علم ومعرفة أن يطعن في صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد شهادة اللَّه عز وجل لهم!! وهذا سنفرد له كلمة عن الحديث عن سيدنا «أبي هريرة» رضي اللَّه تعالى عنه.
يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ [ (4) ] .
وأمّا السّنّة:
وفي نصوص السّنّة النبويّة المشرّفة الشّاهدة بذلك كثرة منها:
عن أبي سعيد عن النّبي- عليه السلام قال: «لا تسبّوا أصحابي، فو الّذي نفسي بيده لو أنّ أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» [ (5) ] .
[ (1) ] أعلام الموقعين 4/ 102.
[ (2) ] النحل: 59.
[ (3) ] شرح السنن بتحقيقنا 7/ 71 والدّليل عليه قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فاطر: 32 وحقيقة الاصطفاء: افتعال من التّصفية فيكون قد صفّاهم من الأكدار والخطأ من الأكدار فيكونون مصفّين منه، ولا ينتقض هذا بما إذا اختلفوا، لأن الحق لم يعدهم، فلا يكون قول بعضهم كدرا، لأن مخالفته أكدر، وبيانه يزيل كونه كدرا بخلاف ما إذا قال بعضهم قولا ولا يخالف فيه فلو كان قولا باطلا ولم يرده راد لكان حقيقة الكدر، وهذا لأن خلاف بعضهم لبعض بمنزلة متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أموره، فإنّها لا تخرجه عن حقيقة الاصطفاء: أعلام الموقعين 4/ 100.
[ (4) ] التوبة: 32.
[ (5) ] أخرجه البخاريّ 7/ 12 كتاب «فضائل الصّحابة» باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم «لو كنت متّخذا خليلا»
(3673)
ومسلم 4/ 1967- 1968 كتاب «فضائل الصّحابة» : باب تحريم سبّ الصحابة (222- 2541) وأبو
وهذا خطاب منه لخالد بن الوليد ولأقرانه من مسلمة الحديبيّة والفتح، فإذا كان مدّ أحد أصحابه أو نصيفه أفضل عند اللَّه من مثل أحد ذهبا من مثل خالد وأضرابه من أصحابه، فكيف يجوز أن يحرمهم اللَّه الصّواب في الفتاوى ويظفر به من بعدهم؟ هذا من أبين المحال [ (1) ]
وعن عبد اللَّه بن مغفّل المزنيّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّه اللَّه في أصحابي، اللَّه اللَّه في أصحابي لا تتّخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبّهم فبحبّي أحبّهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللَّه، ومن آذى اللَّه فيوشك أن يأخذه [ (2) ] .
وعن أبي موسى قال: صلّينا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم قلنا: لو انتظرنا حتى نصلّي معه العشاء، فانتظرناه فخرج علينا، فقال:«ما زلتم ها هنا» ، قال: قلنا: نعم يا رسول اللَّه، قلنا: نصلّي معك العشاء، قال:«أحسنتم وأصبتم» ، ثم رفع رأسه إلى السّماء، وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السّماء، قال:«النّجوم أمنة لأهل السّماء، فإذا ذهبت النّجوم أتى أهل السّماء ما يوعدون وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمّتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمّتي ما يوعدون» [ (3) ] .
ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، وكنسبة النّجوم إلى السماء، ومن المعلوم أنّ هذا التّشبيه يعطي من وجوب اهتداء الأمة بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيّهم صلى الله عليه وسلم ونظير اهتداء أهل الأرض بالنّجوم، وأيضا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم، وحرزا من الشّرّ وأسبابه [ (4) ] .
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «خير أمّتي القرن الّذي بعثت فيهم، ثمّ الَّذين يلونهم، ثمّ الّذين يلونهم» [ (5) ] .
[ () ] داود 4/ 214 كتاب السنن: باب النّهي عن سب أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4658) والترمذي 5/ 653 كتاب «المناقب» : باب فضل من بايع تحت الشجرة (3861) .
[ (1) ] أعلام الموقعين لابن القيم 4/ 105.
[ (2) ] أخرجه التّرمذيّ 5/ 653 في المصدر السابق (3962) وصححه ابن حبان ذكره الهيثمي في «موارد الظّمآن» (569) باب فضل أصحاب رسول اللَّه (2284) وأحمد في المسند 4/ 87.
[ (3) ] أخرجه مسلم 4/ 1961 كتاب «فضائل الصّحابة» : باب بيان أن بقاء النّبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه (207- 2531) وأحمد في المسند 4/ 399.
[ (4) ] أعلام الموقعين 4/ 104، 105.
[ (5) ] أخرجه مسلم في المصدر السابق 2151- 2535) والترمذي 4/ 434 كتاب الفتن: باب ما جاء في القرن الثالث (2222) وأبو داود 4/ 214 كتاب السنة: باب في فضل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم (4657) وأحمد في المسند 2/ 2228 والبيهقي في السنة 10/ 160 والطبراني في الكبير 18/ 213.