الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان من وسائل إيضاحه صلى الله عليه وسلم تمثيله بالعمل
يصلّي ويقول: «صلّوا كما رأيتموني أصلّي»
[ (1) ]
ويحج ويقول: «خذوا عنّي مناسككم»
[ (2) ]
ويشير بإصبعيه السّبابة والوسطى ويقول: «بعثت أنا والسّاعة كهاتين» .
العامل الحادي عشر
التّرغيب والتَّرهيب اللّذان يفيض بهما بحر الكتاب والسّنّة، ولا ريب أن غريزة حب الإنسان لنفسه كدفعه إلى أن يحقق لها كلّ خير، وأن يحميها من كل شرّ، سواء ما كان فيهما من عاجل أو آجل، ومن هنا تحرص النّفوس الموفقة على وعي هداية القرآن وهدي الرّسول، وتعمل جاهدة على أن تحفظ منها ما وسعها الإمكان.
ولسنا بحاجة أن نلتمس شواهد التّرغيب والتّرهيب من الكتاب والسّنّة، فمددها فياض بأوفى ما عرف العلم من ضروب التّرغيب والتّرهيب، وفنون الوعد والوعيد، وأساليب التّبشير والإنذار، على وجوه مختلفة، واعتبارات متنوّعة في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق على سواء.
وهذا نموذج من ترغيبات القرآن وترهيباته على سبيل التذكرة، والذكرى تنفع المؤمنين.
يقول اللَّه تعالى: وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ. قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ. وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ
[ () ] حديث رقم (5063) ، ومسلم في الصحيح 2/ 1020 كتاب النكاح (16) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة (1) حديث رقم (5/ 1401) ، وعند عبد الرزاق أن الرهط الثلاثة هم علي ابن أبي طالب وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون والرهط في اللغة من ثلاثة إلى عشرة والبيهقي في السنن 7/ 77- وذكره القرطبي في التفسير 6/ 261، 9/ 328- والتبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم 145.
[ (1) ] أخرجه البخاري في الصحيح 1/ 258 كتاب الأذان للمسافرين
…
حديث رقم 631، 8/ 16 كتاب الأدب باب رحمة الناس والبهائم حديث رقم 6008 والدار الدّارقطنيّ في السنن 1/ 273، 346 والبيهقي في السنن 2/ 345- وذكره ابن عبد البر في التمهيد 5/ 117، 9/ 213- والقرطبي في التفسير 1/ 39، 171، 173، 9/ 112- وابن حجر في تلخيص الحبير 2/ 122- والتبريزي في مشكاة المصابيح حديث رقم 683- والزبيدي في الإتحاف 3/ 71، 203، 396.
[ (2) ] أخرجه البيهقي في السنن 5/ 125 وذكره ابن عبد البر في التمهيد 2/ 69، 91، 98، 4/ 333، 5/ 117، 7/ 272 وابن حجر في فتح الباري 1/ 217، 499 والزيلعي في نصب الراية 3/ 55 وابن كثير في البداية والنهاية 5/ 184، 215 والقرطبي في التفسير 1/ 39، 2/ 183، 410، 3/ 5، 5/ 85 والزبيدي في الإتحاف 4/ 437.
ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ. وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ. فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ.
أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ [ (1) ] .
فانظر بعين البصيرة في هذه الأساليب، والقرآن مليء كلّه من هذه الأنوار على هذا الغرار.
ولا تحسبنّ السّنّة النّبوية إلّا بحرا متلاطم الأمواج في هذا الباب، وهاك نموذجا بل نماذج منها.
ها هو صلى الله عليه وسلم يبشر واصل رحمه بسعة الرزق والبركة في العمر فيقول: «من سرّه أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه» [ (2) ] .
وها هو صلى الله عليه وسلم يتحدث بالوعد لمن جعل الآخرة همّه، وبالوعيد لمن جعل الدنيا همّه فيقول:«من كانت الآخرة همّه. جعل اللَّه غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدّنيا وهي راغمة، ومن كانت الدّنيا همّه جعل اللَّه الفقر بين عينيه، وفرّق اللَّه عليه شمله، ولم يأته من الدّنيا إلّا ما قدّر له» [ (3) ] .
[ (1) ] السجدة: 10- 22.
[ (2) ] أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 119 كتاب البيوع باب من أحب البسط
…
حديث رقم 2067، 8/ 8 كتاب الأدب باب من بسط له.. حديث (5985) ومسلم في الصحيح 4/ 1982 كتاب البر والصلة والآداب (45) باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها (6) حديث رقم (20/ 2557) ، (21/ 2557) - وذكره المنذري في الترغيب 3/ 335 والقرطبي في التفسير 9/ 330- والدولابي في الأسماء والكنى 1/ 108- والهندي في كنز العمال حديث رقم 6965.
[ (3) ] أخرجه الترمذي في السنن 4/ 554 كتاب صفة القيامة والرقائق والورع (38) باب (30) حديث رقم 2465 وابن حبان في الموارد حديث رقم 72 وذكره المنذري في الترغيب 4/ 121 والزبيدي في الإتحاف 6/ 390، 10/ 8 والهندي في كنز العمال حديث رقم 8186.