الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طريق ابن مجمّع المذكور: جعفر بن عمرو هذا ليس هو ابن عمرو بن أمية الضّمري لصلبه، وإنما هو جعفر بن عمرو بن فلان بن عمرو بن أمية، وإنما الحديث عن أبيه عمرو عن جده عمرو بن أميّة.
قلت: فالضمير في قوله عن جده عائد إلى عمرو بن فلان لا إلى جعفر، وتبين أنّ الحديث من مسند عمرو بن أمية الضمريّ لا من مسند أمية.
تنبيه: وقع في معجم الطّبرانيّ في الحديث المذكور: عن جعفر بن عوف، عن إبراهيم ابن إسماعيل بن مجمّع، عن الزهري: أخبرني جعفر. انتهى.
وقوله: عن الزّهريّ من المزيد في متّصل الأسانيد. وأما الحديث الثاني فسقط منه لفظة واحدة وهي ابن.
والصّواب: عن الزّهري عن ابن عمرو بن أميّة عن أبيه، والزهريّ لم يلحق عمرو بن أميّة، وإنما روى عن ابنه جعفر كما سنوضحه.
وقد قال ابن مندة أيضا: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، أخبرنا أبو مسعود، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عمرو بن أمية الضمريّ، عن أبيه، قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلّى ولم يتوضّأ [ (1) ] . قال ابن مندة: كذا رواه عبد الرزاق، ورواه إبراهيم بن سعد عن الزّهري، عن جعفر بن عمرو بن أميّة عن أبيه. وهو الصّواب.
قلت: لا ينبغي نسبة الوهم فيه إلى عبد الرزاق وحده: لاحتمال أن يكون الوهم منه في حال تحديثه لأبي مسعود أو ابن أبي مسعود، فقد رواه الترمذي عن محمود بن غيلان، عن عبد الرّزاق على الصّواب.
وكذا هو في مصنف عبد الرزاق من رواية إسحاق الدّيري عنه. وكذا رواه البخاري من طريق ابن المبارك عن معمر، وكذا رواه عقيل وصالح وشعيب ويونس وعمرو بن الحارث عن الزهري. وكلها صحيحة، فظهر أن الحديث الثاني من مسند عمرو بن أميّة أيضا واللَّه أعلم.
552 ز- أمية بن أبي الصّلت
الثقفي المشهور ذكره ابن السكن في الصحابة، وقال: لم يدركه الإسلام، وقد صدّقه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض شعره، وقال: قد كاد أمية أن يسلم، ثم قصّ قصة موته من طريق محمد بن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي، عن أبيه عن جده، ثم أخرج حديث عكرمة عن ابن عبّاس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنشد قول أمية:
[ (1) ] وهو من حديث ابن عباس أخرجه البخاري 1/ 310 في الوضوء (207) ومسلم 1/ 273 (91/ 354) .
زحل وثور تحت رجل يمينه
…
والنّسر للأخرى وليث مرصد [ (1) ]
[الكامل] فقال: صدق، هكذا صفة حملة العرش.
قلت: وصحّ عن الشريد بن عمرو أن النبيّ صلى الله عليه وسلم استنشده من شعر فقال: كاد أن يسلم.
وفي البخاريّ عن أبي هريرة- مرفوعا- في حديث: وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم.
وأم أمية رقيّة بنت عبد شمس بن عباد بن عبد مناف، فذلك رثى أمية بن أبي الصلت قتلى بدر بقصيدته المشهورة، لأنه كان من رءوس من قتل بها عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس، وهما ابنا خاله.
وكان أبو الصّلت والد أميّة شاعرا، وكذا ابنه القاسم بن أمية، وسيأتي أنّ له صحبة.
وقال أبو عبيدة: اتّفقت العرب على أنّ أمية أشعر ثقيف.
وقال الزّبير بن بكّار: حدّثني عمي، قال: كان أمية في الجاهلية نظر الكتب وقرأها، ولبس المسوح وتعبّد أوّلا بذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفية، وحرّم الخمر، وتجنّب الأوثان، وطمع في النبوة، لأنه قرأ في الكتب أنّ نبيا يبعث بالحجاز، فرجا أن يكون هو، فلما بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم حسده فلم يسلم، وهو الّذي رثى قتلى بدر بالقصيدة التي أولها:
ماذا يبدّر والعقنقل
…
- من مرازبة جحاجح [ (2) ]
وذكر صاحب المرآة في ترجمته عن ابن هشام، قال: كان أمية آمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. فقدم الحجاز ليأخذ ماله من الطّائف ويهاجر، فلما نزل بدرا قيل له: إلى أين يا أبا عثمان؟ قال:
أريد أن أتبع محمّدا، فقيل له: هل تدري ما في هذا القليب؟ قال: لا، قيل فيه شيبة وعتبة ابنا خالك وفلان وفلان، فجدع أنف ناقته وشقّ ثوبه، وبكى، وذهب إلى الطائف فمات بها، ذكر ذلك في حوادث السنة الثانية.
والمعروف أنه مات في التاسعة. ولم يختلف أصحاب الأخبار أنه مات كافرا، وصحّ أنه عاش حتى رثى أهل بدر، وقيل: إنّه الّذي نزل فيه قوله تعالى: الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها [الأعراف 175] وقيل: إنه مات سنة تسع من الهجرة بالطائف كافرا قبل أن يسلم الثقفيون.
[ (1) ] انظر ديوانه 25.
[ (2) ] انظر ديوانه 20.
وقال المرزبانيّ: اسم أبي الصلت عبد اللَّه بن ربيعة بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف، ويقال: هو أبو الصلت بن وهب بن علاج بن أبي سلمة، يكنى أبا عثمان، ويقال أبا القاسم.
مات أيام حصار الطائف بعد حنين.
وفي الطّبرانيّ الكبير، عن أبي سفيان بن حرب، قال: خرجت تاجرا في رفقة فيهم أميّة بن أبي الصّلت. فذكر قصة فيها أن أمية قال: إن نبيا يبعث بالحجاز من قريش. وأنه كان يظنّ أنه هو إلى أن تبيّن له أنه من قريش، وأنه يبعث على رأس الأربعين، وأنه سأله عتبة بن ربيعة، فقال: إنه جاوزها. قال: فلما رجعت إلى مكة وجدت النبيّ صلى الله عليه وسلم قد بعث، فلقيت أميّة فقال لي: اتبعه فإنّه على الحق. قلت: فأنت؟ قال: لولا الاستحياء من صبيات ثقيف، إني كنت أحدّثهن أني هو ثم يرينني تابعا لغلام من بني عبد مناف.
ومن شعر أميّة من قصيدة:
كلّ دين يوم القيامة عند
…
الله إلّا دين الحنيفة زور [ (1) ]
[الخفيف] ومن قصيدة أخرى:
يا ربّ لا تجعلنّي كافرا أبدا
…
واجعل سريرة قلبي الدّهر إيمانا [ (2) ]
[البسيط] ومثل هذا في شعره كثير، ولذلك
قال صلى الله عليه وسلم: «آمن شعره وكفر قلبه» .
وذكر [ (3) ] ابن الأعرابيّ في «النّوادر» أنّ أمية خرج في سفرته، فذكر قصة أنه رأى شيخا من الجن، فقال: إنك متبوع، فمن أين يأتيك صاحبك؟ قال: من قبل أذني اليسرى، قال:
فما يأمرك أن تلبس؟ قال: السواد، قال: هذا خطيب الجنّ، كدت أن تكون نبيّا، فلم تكن، إن النبيّ يأتيه صاحبه من قبل الأذن اليمنى، ويأمره بلبس البياض.
وذكر عمر بن شبّة بسند له عن الزّهريّ، قال: دخل أمية على أخته فنام على سرير لها فإذا طائران، فوفع أحدهما على صدره فشقّه فأخرج قلبه، فقال له الآخر: أوعى؟ قال: نعم
[ (1) ] انظر ديوانه 38.
[ (2) ] انظر ديوانه 62.
[ (3) ] من أول «وذكر ابن الأعرابي إلى آخر الترجمة» سقط في أ.