الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عداده في أهل الكوفة. وقال البخاريّ: أنس بن الحارث قتل مع الحسين بن علي، سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم، قاله محمد عن سعيد بن عبد الملك الحرانيّ، عن عطاء بن مسلم، حدثنا أشعث بن سحيم، عن أبيه، سمعت أنس بن الحارث.
ورواه البغويّ، وابن السكن وغيرهما من هذا الوجه، ومتنه: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ ابني هذا- يعني الحسين- يقتل بأرض يقال لها كربلاء، [ (1) ] فمن شهد ذلك منكم فلينصره» .
قال: فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء، فقتل بها مع الحسين.
قال البخاريّ: يتكلمون في سعيد- يعني رواية.
وقال البغويّ: لا أعلم رواه غيره. وقال ابن السّكن، ليس يروى إلا من هذا الوجه، ولا يعرف لأنس غيره.
قلت: وسيأتي ذكر أبيه الحارث بن نبيه في مكانه، ووقع في التجريد للذهبي: لا صحبة له، وحديثه مرسل. وقال المزّي: له صحبة، فوهم. انتهى.
ولا يخفى وجه الرد عليه مما أسلفناه، وكيف يكون حديثه مرسلا وقد قال سمعت؟
وقد ذكره في الصحابة البغوي وابن السكن وابن شاهين والدّغولي وابن زبر، والباوردي وابن مندة وأبو نعيم وغيرهم.
267- أنس بن زنيم الكناني [ (2) ] :
تقدم تمام نسبه في ترجمة ابن أخيه أسيد بن أبي أناس بن زنيم. ذكر ابن إسحاق في «المغازي» أن عمرو بن سالم الخزاعي خرج في أربعين راكبا يستنصرون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على قريش فأنشده:
لاهمّ إنّي ناشد محمّدا
…
عهد أبينا وأبيه الأتلدا
[الطويل] الأبيات، ثم قال: يا رسول اللَّه، إن أنس بن زنيم هجاك، فأهدر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دمه، فبلغه ذلك، فقدم عليه معتذرا، وأنشده أبياتا مدحه بها، وكلمه فيه نوفل بن معاوية الديلي فعفا عنه. وهكذا أورد الواقدي والطبري القصة لأنس بن زنيم، وساق ابن شاهين بسند منقطع إلى حرام بن هشام بن خالد الكعبي عن أبيه قال: لما قدم وفد خزاعة يستنصرون
[ (1) ] كربلاء: بالمد: هو الموضع الّذي قتل فيه الحسين بن عليّ رضي الله عنه في طرف البرية عند الكوفة على جانب الفرات. انظر: مراصد الاطلاع 3/ 1154.
[ (2) ] تجريد أسماء الصحابة 1/ 30، تهذيب الكمال 1/ 120 خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 104، الوافي بالوفيات 9/ 422، أسد الغابة ت 149.
النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكر نحو هذه القصة، وفيها: فلما كان يوم الفتح أسلم أنس بن زنيم، وهو القائل من أبيات:
تعلّم رسول اللَّه أنّك مدركي
…
وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد
[الطويل] وأخرجه ابن سعد، عن محمد بن عمر، حدثني حرام بن هشام بن خالد، عن أبيه نحوها، وفيها: فقال نوفل: أنت أولى بالعفو، ومن منا لم يؤذك ولم يعادك، وكنا في الجاهلية لا ندري ما نأخذ وما ندع، حتى هدانا اللَّه بك، وأنقذنا من الهلكة؟ فقال: قد عفوت عنه فقال: فداك أبي وأمي، وأول القصيدة يقول فيها:
فما حملت من ناقة فوق رحلها
…
أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد [ (1) ]
ويقول فيها:
ونبّي رسول اللَّه أن قد هجوته
…
فلا رفّعت سوطي إليّ إذا يدي
فإنّي لا عرضا خرقت ولا دما
…
هرقت فذكّر عالم الحقّ واقصد
سوى أنّني قد قلت يا ويح فتية
…
أصيبوا بنحس يوم طلق وأسعد
أصابهم من لم يكن لدمائهم
…
كفيئا فعزت غيرتي وتلدّدي
ذؤيبا وكلثوما وسلما وساعدا
…
جميعا فإلّا تدمع العين تكمد
على أنّ سلما ليس فيهم كمثله
…
وإخوته وهل ملوك كأعبد
[الطويل] وفي هذه القصيدة قوله:
فما حملت من ناقة فوق رحلها
…
أعفّ وأوفى ذمّة من محمّد
قال دعبل بن عليّ في «طبقات الشّعراء» : هذا أصدق بيت قالته العرب.
قلت: ولأنس بن زنيم مع عبيد اللَّه بن زياد أمير العراق أخبار أوردها أبو الفرج الأصبهاني في ترجمة حارثة بن بدر الغداني، منها أنّ عبيد اللَّه بن زياد كان يحرّش بين الشعراء، فأمر حارثة أن يهجو أنس بن زنيم، فقال فيه أبياتا، منها قوله:
وخبّرت عن أنس أنّه
…
قليل الأمانة خوّانها
[المتقارب]
[ (1) ] ينظر البيت في الشعر والشعراء 714، وسيرة ابن هشام 4/ 46.