الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كبيرة، وبما تميّزت به كل واحدة عن الأخرى من سمات ظاهرة كانت علما عليها، وكانت المنافسة بين هاتين المدرستين حامية الوطيس، كل تعيب على الأخرى مسلكها في التشريع، وكان لكل منها رجالها وأعلامها المبرزون.
مدرسة المدينة
كان لمدرسة المدينة في العصر الأول للإسلام المكانة المرموقة إذ كانت الجامعة التي يقصدها طلاب الفقه والحديث الرّاغبون في العلم والمعرفة، لأنّها دار هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم والبلد الّذي نزل فيها الوحي وعاش فيها الصّحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعون فضلا عن كونها العاصمة السّياسيّة للدولة الإسلامية، ومركز الخلافة بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم فكانت مجمع العلماء ومثوى الفقهاء، ودار الأتقياء والصّالحين، وبقيت كذلك وقتا طويلا.
وكان إمام هذه المدرسة سعيد بن المسيّب، يرى هو وأصحابه أن أهل الحرمين أثبت النّاس في الفقه، حيث الصّحابة كثيرون والسّنة متوافرة، فما وجدوه مجمعا عليه بين علماء المدينة فإنّهم يتمسكون به، وما كان فيه اختلاف عندهم فإنّهم يأخذون بأقواه وأرجحه، إمّا بكثرة من ذهب إليه أو لموافقته لقياس جليّ أو تخريج صريح من الكتاب والسّنّة أو نحو ذلك، وإذا لم يجدوا فيما حفظوا منهم جواب المسألة، خرجوا من كلامهم وتتبّعوا الإيماء والاقتضاء فحصل لهم من ذلك مسائل كثيرة في كل باب من أبواب الفقه.
أصول هذه المدرسة
الصّحابة الّذين أثروا فيها هم: عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وعبد اللَّه بن عمر، وأم المؤمنين عائشة، وعبد اللَّه بن عباس.
قال الشّعبي: من سرّه أن يأخذ بالوثيقة في القضاء فليأخذ بقول عمر.
وقال مجاهد: إذا اختلف النّاس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به.
وقال ابن المسيّب: ما أعلم أحدا بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلم من عمر بن الخطاب.
وقال بعض التّابعين: دفعت إلى عمر فإذا الفقهاء عنده مثل الصّبيان قد استعلى عليهم في فقهه وعلمه.
وأما عن زيد بن ثابت، فقد قال مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الرّاسخين في العلم،
وصح عن النّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للصحابة: «أفرضكم زيد» .
وقال الشّعبي: غلب زيد النّاس على اثنتين: الفرائض والقرآن.