الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنافس العرب في ميدان البيان كل ذلك مما لا يحتاج إلى شرح ولا تبيان، فهذا كتاب اللَّه ينطق علينا بالحقّ، ويتحدّى بإعجازه كافّة الخلق، وهذا سحر النّبوّة يفيض بالدّراري واللآلئ، ويزخر بالهدايات البالغة والحكم الغوالي، وهذا تاريخ الأدب العربيّ يسجّل لأولئك العرب تفوقهم في صناعة الكلام، وسبقهم في حلبة الفصاحة كافة الأنام، وامتيازهم في تذوق أسرار البلاغة خصوصا بلاغة القرآن.
العامل السّادس:
التّرغيب في الإقبال على الكتاب والسّنّة علما وعملا، وحفظا وفهما، وتعليما ونشرا، وكذلك التّرهيب من الإعراض عنهما والإهمال لهما.
ففي القرآن الكريم قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ، لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [ (1) ] .
فتأمّل كيف قدم تلاوة القرآن على إقام الصّلاة وإيتاء الزكاة؟ ونقرأ قوله جلّ ذكره:
كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ (2) ] .
فانظر كيف حثّ بهذا الأسلوب البارع على تدبّر القرآن والتذكّر والاتّعاظ به.
ونقرأ قوله عزّ اسمه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [ (3) ] .
فتدبّر كيف يكون وعيد من كتم القرآن وهدى القرآن؟
ثم نقرأ في السّنّة النّبوية
قوله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت اللَّه يتلون كتاب اللَّه ويتدارسونه بينهم إلّا نزلت عليهم السّكينة، وغشيتهم الرّحمة، وحفّتهم الملائكة وذكرهم اللَّه فيمن عنده»
[ (4) ] .
[ (1) ][فاطر: (30) ] .
[ (2) ][سورة ص آية: (29) ] .
[ (3) ][البقرة: 159] .
[ (4) ] أخرجه مسلم في الصحيح 4/ 2074 كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (48) حديث رقم (38/ 2699) وأبو داود في السنن 1/ 460 كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن حديث رقم 1455 وابن ماجة في السنن 1/ 82 المقدمة باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (17) حديث رقم 225 وذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين 5/ 8.
وفي «الصّحيحين» قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» [ (1) ] .
وفي السّنة قوله صلى الله عليه وسلم: «عرضت عليّ ذنوب أمّتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أتاها رجل ثمّ نسيها» [ (2) ] .
أليس ذلك وأمثال ذلك وهو كثير يحفز الهمم ويحرّك العزائم إلى حفظ القرآن واستظهاره والمداومة على تلاوته مخافة الوقوع في وعيد نسيانه، وهو وعيد شديد؟
أمّا السّنّة النّبوية فقد جاء في شأنها عن اللَّه تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ، وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ (3) ]، وقوله: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [ (4) ]، وقوله: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [ (5) ]، وقوله:
فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [ (6) ] .
وجاء ترغيبا في السّنّة النّبوية من الحديث الشّريف
قوله صلى الله عليه وسلم «نضّر اللَّه امرأ سمع منّا حديثا فأدّاه كما سمعه، فربّ مبلّغ أوعى من سامع» [ (7) ] ،
وهو حديث متواتر.
[ (1) ] أخرجه البخاري في الصحيح 6/ 330 كتاب فضائل القرآن باب خيركم من تعلم القرآن حديث رقم 5027 وأبو داود في السنن 1/ 460 كتاب الصلاة باب في ثواب قراءة القرآن حديث رقم 1452 والترمذي في السنن 5/ 159- 160 كتاب فضائل القرآن (46) باب ما جاء في تعليم القرآن (15) حديث رقم 2907، وقال هذا حديث حسن صحيح 2908 وابن ماجة في السنن 1/ 76- 77 المقدمة باب فضل من تعلم القرآن وعلمه (16) حديث رقم 211، 212، 213 وأحمد في المسند 1/ 58، 69- والدارميّ في السنن 2/ 437 وابن سعد 6/ 111- والخطيب في التاريخ 4/ 19، 109، 10/ 459- 11/ 35، وأبو نعيم في الحلية 4/ 194 وابن عدي في الكامل 2/ 610، 3/ 1234، 4/ 1568، 5/ 1938 وذكره المنذري في الترغيب 2/ 342 والهيثمي في الزوائد 7/ 169- والهندي في كنز العمال حديث رقم 2351، 2353.
[ (2) ] أخرجه أبو داود في السنن 1/ 179 كتاب الصلاة باب في كنس المسجد حديث رقم 461 والترمذي في السنن 5/ 163- 164 كتاب فضائل القرآن (46) باب (19) حديث رقم 2916 وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
[ (3) ][الحشر: 7] .
[ (4) ][النساء: 80] .
[ (5) ][الأحزاب: 21] .
[ (6) ][النساء: 65] .
[ (7) ] أخرجه أبو داود في السنن 2/ 346 كتاب العلم باب فضل نشر العلم حديث رقم 3660 والترمذي في السنن 5/ 33 كتاب العلم (42) باب ما جاء من الحث على تبليغ السماع (7) حديث رقم 2656، 2657 وقال أبو عيسى: حديث حسن وقال: هذا حديث حسن صحيح وابن ماجة في السنن 1/ 85 المقدمة