المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة عشرين وستمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٧

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد السابع]

- ‌سنة إحدى وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستمائة

- ‌سنة أربع وستمائة

- ‌سنة خمس وستمائة

- ‌سنة ست وستمائة

- ‌سنة سبع وستمائة

- ‌سنة ثمان وستمائة

- ‌سنة تسع وستمائة

- ‌سنة عشر وستمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وستمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وستمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وستمائة

- ‌سنة أربع عشرة وستمائة

- ‌سنة خمس عشرة وستمائة

- ‌سنة ست عشرة وستمائة

- ‌سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وستمائة

- ‌سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌سنة عشرين وستمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وستمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاثين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وستمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌سنة ست وأربعين وستمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وستمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمسين وستمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وستمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وستمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وستمائة

- ‌سنة ست وخمسين وستمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وستمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ستين وستمائة

- ‌سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌سنة أربع وستين وستمائة

- ‌سنة خمس وستين وستمائة

- ‌سنة ست وستين وستمائة

- ‌سنة سبع وستين وستمائة

- ‌سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌سنة تسع وستين وستمائة

- ‌سنة سبعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمانين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وستمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وستمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وستمائة

- ‌سنة ست وثمانين وستمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وستمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وستمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وستمائة

- ‌سنة ست وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وستمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبعمائة

الفصل: ‌سنة عشرين وستمائة

‌سنة عشرين وستمائة

فيها كانت الملحمة الكبرى بين التتار وبين القفجاق والرّوس، وثبت الجمعان أياما، ثم انتصرت التتار وغسلوا [1] أولئك بالسيف.

وفيها توفي الشيخ أبو علي الحسن بن زهرة الحسيني النّقيب [2] ، رأس الشيعة بحلب، وعزّهم وجاههم وعالمهم. كان عارفا بالقراءات، والعربية، والأخبار، والفقه، على رأي القوم، وكان متعينا للوزارة، ونفذ رسولا إلى العراق وغيرها، واندكت الشيعة بموته.

وفيها الحسين [3] بن يحيى بن أبي الردّاد المصري، ويسمى أيضا محمدا [4] . كان آخر من روى بنفس مصر عن ابن رفاعة. توفي في ذي القعدة.

وفيها الشيخ موفق الدّين المقدسي أحد الأئمة الأعلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الحنبلي [5] صاحب التصانيف.

ولد بجمّاعيل سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وهاجر مع أخيه الشيخ أبي عمر سنة إحدى وخمسين، وحفظ القرآن، وتفقه، ثم ارتحل إلى بغداد،

[1] في «آ» و «ط» : «وغلّوا» والتصحح من «العبر» بطبعتيه.

[2]

انظر «العبر» (5/ 78) و «تاريخ الإسلام» (429- 430) .

[3]

في «آ» و «ط» : «الحسن» والتصحيح من «العبر» و «تاريخ الإسلام» .

[4]

انظر «العبر» (5/ 78- 79) و «تاريخ الإسلام» (430- 431) .

[5]

انظر «العبر» (5/ 79- 80) و «تاريخ الإسلام» (62/ 434- 448) و «سير أعلام النبلاء» (22/ 165- 173) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 133- 149) و «القلائد الجوهرية» (2/ 465- 470) طبعة المجمع.

ص: 155

فأدرك الشيخ عبد القادر [1] ، فسمع منه، ومن هبة الله الدقّاق، وابن البطّي وطبقتهم، وتفقه على ابن المنّي حتّى فاق على الأقران، وحاز قصب السبق، وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله، وكان مع تبحّره في العلوم ويقينه، ورعا زاهدا تقيّا ربّانيا، عليه هيبة ووقار، وفيه حلم وتؤدة، وأوقاته مستغرقة للعلم والعمل، وكان يفحم الخصوم بالحجج والبراهين، ولا يتحرّج ولا ينزعج، وخصمه يصيح ويحترق.

قال الحافظ الضياء: كان تامّ القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدعج العينين، كأن النّور يخرج من وجهه لحسنه، واسع الجبين، طويل اللّحية، قائم الأنف، مقرون الحاجبين، لطيف اليدين [2] ، نحيف الجسم، إلى أن قال: رأيت الإمام أحمد في النوم فقال: ما قصّر صاحبكم الموفق في شرح «الخرقي» [3] .

وسمعت أبا عمرو [4] بن الصلاح المفتي يقول: ما رأيت مثل الشيخ الموفق.

وسمعت شيخنا أبا بكر بن غنيمة المفتي ببغداد يقول: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلّا الشيخ الموفق.

قلت: جمع له الضياء ترجمة في جزءين، ثم قال: توفي في يوم عيد الفطر. قاله جميعه في «العبر» .

وذكر الناصح بن الحنبلي [5] : أنه حجّ سنة أربع وسبعين وخمسمائة،

[1] يعني الجيلاني رحمه الله تعالى وهو عبد القادر بن موسى، وقد توفي ببغداد سنة (561) هـ.

[2]

في «آ» و «ط» : «لطيف البدن» وما أثبته في «العبر» .

[3]

يعني «مختصر الخرقي» ومعلوم أنه شرحه في كتابه العظيم «المغني» وسوف يذكر المؤلف ذلك بعد قليل.

[4]

في «ط» : «أبا عمر» وهو خطأ.

[5]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 134) و «شذرات من كتب مفقودة» ص (186) وما بين الحاصرتين مستدركة منه.

ص: 156

ورجع مع وفد العراق إلى بغداد، وأقام بها [سنة] . واشتغلنا جميعا على الشيخ أبي الفتح [بن المنّي] ثم رجع إلى دمشق واشتغل بتصنيف كتاب «المغني في شرح الخرقي» فبلغ الأمل في إتمامه، وهو كتاب بليغ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه وأجاد فيه، وجمّل به [1] المذهب. وقرأه عليه جماعة، وانتفع بعلمه طائفة كثيرة.

قال: ونشأ على سمت [2] أبيه وأخيه، في الخير، والعبادة، وغلب عليه الاشتغال بالفقه والعلم.

وقال سبط ابن الجوزي: كان إماما في فنون كثيرة، ولم يكن في زمانه- بعد أخيه أبي عمر، والعماد [3]- أزهد ولا أورع [4] منه. وكان كثير الحياء، عزوفا [5] عن الدّنيا وأهلها، هينا، لينا، متواضعا، محبا للمساكين، حسن الأخلاق، جوادا، سخيا، من رآه كأنما رأى بعض الصحابة، وكأن النّور يخرج من وجهه. كثير العبادة، يقرأ كل يوم وليلة سبعا من القرآن، ولا يصلي ركعتي السّنّة إلّا في بيته اتباعا للسّنّة. وكان يحضر مجالسي دائما بجامع دمشق وقاسيون.

وقال أبو شامة: كان شيخ الحنابلة موفق الدّين إماما من أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدّين في العلم والعمل، وصنّف كتبا حسانا في الفقه وغيره، عارفا بمعاني الأخبار والآثار. سمعت عليه أشياء، وجاءه مرّة الملك العزيز بن الملك العادل يزوره، فصادفه يصلي، فجلس بالقرب منه

[1] لفظة «به» سقطت من «آ» .

[2]

تحرفت في «آ» و «ط» إلى «سمعت» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

[3]

أقول: أخوه أبو عمر: هو محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، المتوفى سنة (607) هـ وقد تقدم صفحة (50) .

والعماد: هو إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني المقدسي، توفي سنة (614) هـ وقد تقدم صفحة (105) من هذا المجلد (ع) .

[4]

تحرفت في «آ» و «ط» إلى «أروع» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

[5]

في «ط» : «عفوفا» وهو تحريف.

ص: 157

إلى أن فرغ من صلاته، ثم اجتمع به ولم يتجوز في صلاته. ومن أظرف [1] ما حكي عنه: أنه كان يجعل في عمامته ورقة مصرورة، فيها رمل يرمّل به ما يكتبه للناس من الفتاوى والإجازات وغيرها، فاتفق ليلة أن [2] خطفت عمامته، فقال لخاطفها: يا أخي خذ من العمامة الورقة المصرورة بما فيها وردّ العمامة أغطي بها رأسي وأنت في أوسع الحلّ مما في الورقة، فظن الخاطف أنها فضة، ورآها ثقيلة، فأخذها وردّ العمامة، وكانت صغيرة عتيقة، فرأى أخذ الورقة خيرا منها بدرجات، فخلّص الشيخ عمامته بهذا الوجه اللّطيف.

وقال أبو العباس بن تيمية: ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ الموفق، رحمه الله.

وقال الضياء: كان- رحمه الله تعالى- إماما في القرآن، إماما في التفسير، إماما في علم الحديث ومشكلاته، إماما في الفقه، بل أوحد زمانه [فيه، إماما][3] في علم الخلاف، أوحد زمانه في الفرائض، إماما في أصول الفقه، إماما في النحو، إماما في الحساب، إماما في النجوم السّيّارة والمنازل.

قال: ولما قدم بغداد قال له الشيخ أبو الفتح بن المنّي: اسكن هنا، فإن بغداد مفتقرة إليك، وأنت تخرج من بغداد ولا تخلّف فيها مثلك.

وكان العماد [4] يعظّم الموفق تعظيما كثيرا، ويدعو له، ويقعد بين يديه، كما يقعد المتعلم من العالم.

[1] في «ط» : «ومن أطرف» .

[2]

لفظة «أن» لم ترد في «آ» و «ذيل طبقات الحنابلة» .

[3]

ما بين الحاصرتين سقط من «آ» .

[4]

يعني عماد الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني المقدسي، المتوفى سنة (614) هـ وقد تقدم صفحة (105) .

ص: 158

وقال ابن غنيمة: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلّا الموفق.

وقال أبو عمرو بن الصلاح: ما رأيت مثل الشيخ الموفق.

وقال الشيخ عبد الله اليونيني: ما أعتقد أن شخصا ممن رأيته حصل له من الكمال في العلوم والصفات الحميدة التي يحصّل بها الكمال سواه، فإنه- رحمه الله كان إماما كاملا في صورته ومعناه، من الحسن، والإحسان، والحلم، والسؤدد، والعلوم المختلفة، والأخلاق الحميدة، والأمور التي ما رأيتها كملت في غيره. وقد رأيت من كرم أخلاقه وحسن عشرته، ووفور حلمه، وكثرة علمه، وغزير فضله وفطنته [1] ، وكمال مروءته، وكثرة حيائه، ودوام بشره، وعزوف نفسه عن الدّنيا وأهلها، والمناصب وأربابها، ما قد عجز عنه كبار الأولياء، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم قال:«ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة أفضل من أن يلهمه ذكره» [2] فقد ثبت بهذا أن إلهام الذكر أفضل [من] الكرامات، وأفضل الذكر ما يتعدى نفعه إلى العباد، وهو تعليم العلم والسّنّة، وأعظم من ذلك وأحسن ما كان جبلّة وطبعا، كالحلم، والكرم، والفضل [3] ، والعقل، والحياء، وكان قد جبله الله على خلق شريف، وأفرغ عليه المكارم إفراغا، وأسبغ عليه النّعم، فلطف به في كل حال.

وقال ابن رجب: كان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره، لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات، ويأمر بالإقرار والإمرار لما جاء في

[1] في «ط» : «وغزير فطنته» .

[2]

ذكره الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 400) من رواية ابن أبي الدنيا عن أبي ذرّ رضي الله عنه بلفظ «ما من يوم وليلة إلا ولله عز وجل فيه صدقة يمنّ بها على من يشاء من عباده، وما من الله على عبد بأفضل من أن يلهمه ذكره» وصدّره بلفظ روي، وهذا دليل على ضعفه كما ذكر في مقدمته للكتاب، فهو حديث ضعيف.

وهو قطعة من حديث أبي ذر ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/ 236- 237) وقال:

رواه البزّار وفيه حسين بن عطاء، ضعّفه أبو حاتم وغيره، وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال:

يخطئ ويدلس.

[3]

لفظة «والفضل» لم ترد في «ذيل طبقات الحنابلة» .

ص: 159

الكتاب والسّنّة من الصفات من غير تغيير ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تحريف، ولا تأويل ولا تعطيل.

ومن تصانيفه في أصول الدّين «البرهان في مسألة القرآن» و «جواب مسألة وردت من صرخد في القرآن» جزء، و «الاعتقاد» [1] جزء، و «مسألة العلو» جزءان، و «ذم التأويل» جزء، و «كتاب القدر» جزءان، و «منهاج القاصدين في فضائل الخلفاء الراشدين» و «رسالة إلى الشيخ فخر الدّين بن تيمية في عدم تخليد أهل البدع في النار» و «مسألة في تحريم النظر في كتب أهل الكلام» .

ومن تصانيفه في الحديث « [مختصر العلل للخلّال» مجلد ضخم، و «مشيخة شيوخه» أجزاء كثيرة.

ومن تصانيفه في الفقه: «المغني» في عشر مجلدات، و «الكافي» [2] أربع مجلدات، و «المقنع» [3] مجلد] [4] و «مختصر الهداية» مجلد.

و «العمدة» مجلد صغير، و «مناسك الحج» جزء، و «ذم الوسواس» جزء، وفتاوى ومسائل منثورة، ورسائل شتى كثيرة [5] و «الروضة في أصول الفقه» مجلد.

[1] واسمه الكامل «لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد» وقد طبع في دمشق عام (1391) هـ بمكتبة دار البيان بتحقيق والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله، ثم نشرته مكتبة الهدى في الرياض نشرة جديدة عام (1408) هـ اشتملت على زيادات وفوائد نافعة كتبها والدي في حواشي الكتاب. وهو كتاب صغير الحجم جمّ الفوائد لو عمل الإنسان بما فيه لكفاه إن شاء الله عن الخوض في الكتب المطولات في هذا الباب.

[2]

وقد قام بتحقيقه والدي حفظه الله بالاشتراك مع زميله الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط، ونشره المكتب الإسلامي بدمشق في ثلاث مجلدات كبار عام (1382) هـ.

[3]

وهو مطبوع في مصر طبعة قديمة صورت مرات عدة، وقد حصلت على مصورتين لنسختين خطيتين نفيستين منه.

[4]

ما بين الحاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .

[5]

في «آ» و «ط» : «ورسائل شيء كثير» وما أثبته من «ذيل طبقات الحنابلة» .

ص: 160

وله في اللغة والأنساب ونحو ذلك مصنفات. وله «كتاب التوابين» [1] و «كتاب المتحابين في الله» و «كتاب الرّقة والبكاء» وغير ذلك.

وانتفع بتصانيفه المسلمون عموما، وأهل المذهب خصوصا، وانتشرت واشتهرت بحسن قصده وإخلاصه، ولا سيما كتابه «المغني» فإنه عظم النفع به، حتّى قال الشيخ عزّ الدّين بن عبد السلام: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم [2] مثل «المجلّى و «المحلّى» [3] وكتاب «المغني» للشيخ موفق الدّين بن قدامة في جودتهما وتحقيق ما فيهما.

ونقل عنه أيضا أنه قال: ما طابت نفسي بالفتيا حتّى صار عندي نسخة «المغني» مع أنه كان يسامي الشيخ في زمانه.

وقال سبط ابن الجوزي: أنشدني الموفق لنفسه:

أبعد بياض الشّعر أعمر مسكنا

سوى القبر إني إن فعلت لأحمق

يخبّرني شيبي بأني ميّت

وشيكا وينعاني إليّ فيصدق

يخرّق عمري كل يوم وليلة

فهل مستطيع رفو [4] ما يتخرّق [5]

كأني بجسمي فوق نعشي ممدّدا

فمن ساكت أو معول يتحرّق

إذا سئلوا عني أجابوا وأعولوا

وأدمعهم تنهلّ هذا الموفّق

وغيّبت في صدع من الأرض ضيّق

وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق

[1] وقد طبع في المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق أول مرة بتحقيق جورج المقدسي، ولكن تلك الطبعة جاءت خالية من الضبط والإتقان والشرح والبيان والتخريج والتوضيح والتعليق على المواطن المهمة، فتصدى لتحقيق ذلك كله والدي حفظه الله وصدرت الطبعة التي حققها منه عن دار البيان بدمشق عام (1389) هـ، ثم صورت مرات كثيرة في دور نشر مختلفة ببيروت. وقد قمت باختصاره بالاشتراك مع الأستاذ حسن مروة، ونشرته دار الخير بدمشق.

[2]

قوله: «في العلم» لم يرد في «آ» .

[3]

وهما للإمام ابن حزم الأندلسي، وقد شرح «المجلّى» بكتابه «المحلّى» . انظر «سير أعلام النبلاء» (18/ 194) .

[4]

في «ذيل طبقات الحنابلة» : «رفق» .

[5]

في «البداية والنهاية» لابن كثير (13/ 100) : «فهل مستطاع رقع ما يتخرق» . (ع) .

ص: 161

ويحثو عليّ التّرب أوثق صاحب

ويسلمني للقبر من هو مشفق

فيا ربّ كن لي مؤنسا يوم وحشتي

فإني لما أنزلته لمصدّق

وما ضرّني أني إلى الله صائر

ومن هو من أهلي أبرّ وأرفق

ومن شعره أيضا:

لا تجلسنّ بباب من

يأبى عليك دخول داره

وتقول حاجاتي إلي

هـ يعوقها إن لم أداره

اتركه واقصد ربّها

تقضى وربّ الدار كاره

وتفقه على الشيخ موفق الدّين خلق كثير، منهم ابن أخيه الشيخ شمس الدّين عبد الرحمن. وروى عنه جماعة من الحفّاظ وغيرهم، منهم ابن الدّبيثي، والضياء، وابن خليل، والمنذري، وعبد العزيز بن طاهر بن ثابت الخيّاط المقرئ.

وتوفي- رحمه الله تعالى- بمنزله بدمشق يوم السبت يوم عيد الفطر، وصلّي عليه من الغد، وحمل إلى سفح قاسيون فدفن به، وكان جمع عظيم لم ير مثله.

قال عبد الرحمن بن محمد [1] العلوي: كنا بجبل بني هلال، فرأينا على قاسيون ليلة العيد ضوءا عظيما، فظننا أن دمشق قد احترقت، وخرج أهل القرية ينظرون إليه، فوصل الخبر بوفاة الموفق، وسمّيت تربته بالروضة لأنه رؤي بعض الموتى المدفونون هناك في سرور عظيم، فسئل عن ذلك فقال: كنا في عذاب، فلما دفن عندنا الموفق صارت تربتنا روضة من رياض الجنة [2] .

[1] في «آ» و «ط» : «محمد بن عبد الرحمن» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» و «القلائد الجوهرية» .

[2]

أقول: في هذه القصة أيضا مبالغات. (ع) .

ص: 162

وقال سبط ابن الجوزي: كان له أولاد: محمد، ويحيى، وعيسى، ماتوا كلّهم في حياته، وله بنات. ولم يعقب من ولد الموفق سوى عيسى، خلّف ولدين صالحين وماتا وانقطع عقبه.

وفيها أبو أحمد عبد الحميد بن مرّي بن ماضي المقدسي [1] الفقيه الحنبلي، نزيل بغداد. سمع الكثير من ابن كليب وطبقته، وحدّث عنه بنسخة ابن عرفة، سمعها منه الحافظ الضياء، وتفقه في المذهب، وكان حسن الأخلاق، صالحا، خيّرا، متوددا.

توفي ليلة الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة، ودفن بباب حرب.

قال ابن النجار: أظنه جاوز الخمسين بيسير.

وفيها فخر الدّين أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الإمام المفتي الدمشقي الشافعي شيخ الشافعية بالشام [2] .

ولد سنة خمسين وخمسمائة، وسمع من عمّيه الصائن، والحافظ أبي القاسم، وحسّان الزيّات، وطائفة. وبرع في المذهب على القطب النيسابوري، وتزوج بابنته، ودرّس بالجاروخية، ثم بالصلاحية بالقدس، ثم بالتقوية بدمشق، وكان يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرا، وكان لا يملّ أحد من رؤيته لحسن سمته واقتصاده في لباسه، ولطفه ونور وجهه، وكثرة ذكره لله تعالى.

قال ابن شهبة: كان لا يخلو لسانه من ذكر الله تعالى، وأريد على أن يلي القضاء فامتنع، وجهّز أهله للسفر إلى ناحية حلب، وأشار بتولية ابن الحرستاني.

[1] انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 133) .

[2]

انظر «سير أعلام النبلاء» (22/ 187- 190) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة، (2/ 67- 69) .

ص: 163

وقال أبو المظفّر [1] : كان زاهدا، عابدا، ورعا، منقطعا إلى العلم والعبادة، حسن الأخلاق، قليل الرغبة في الدّنيا.

وقال عمر بن الحاجب: صنّف في الفقه والحديث مصنفات، وتفقه عليه جماعة، منهم: عز الدّين بن عبد السلام، وكان إماما، زاهدا، ثقة، كثير التهجد، غزير الدمعة، حسن الأخلاق، كثير التواضع، قليل التعصب. سلك طريق أهل اليقين، وكان يطرّح التكلف، وعرضت عليه مناصب ولايات دينية فأباها. توفي في رجب، ودفن بطرف مقابر الصوفية الشرقي مقابل قبر ابن الصّلاح، جوار تربة شيخه القطب.

وفيها الأمير مبارز الدّين سنقر الصّلاحي [2] . كان مقيما بحلب، ثم انتقل إلى ماردين، فخاف منه الأشرف وشكا حاله للمعظّم، فخدعه ووعده بأن يوليه مهما اختار، وجهّز إليه ابنه، فحضر إلى الشام، فالتقاه المعظم ولم ينصفه، وتفرّق عنه أصحابه، فمرض من شدة غبنه ونزل في دار شبل الدولة بالصالحية، ومات غبنا، فقام شبل الدولة بأمره أحسن قيام، واشترى له تربة على رأس زقاق الخانقاه عند المصنع ودفنه بها، وكان المبارز محبّبا إلى الناس ولم يكن في زمنه أكرم منه.

وفيها محمد [بن سليمان] بن قتلمش السّمرقندي [3] . كان حاجبا للخليفة، وبرع في علم الأدب، وكان مغرى بالنرد والقمار.

[1] يعني سبط ابن الجوزي.

[2]

انظر «تاريخ الإسلام» (62/ 432) .

[3]

انظر «معجم الأدباء» (18/ 205- 206) و «المحمدون من الشعراء وأشعارهم» بتحقيق صديقي العزيز الأستاذ رياض عبد الحميد مراد، مصورة دار ابن كثير، و «الوافي بالوفيات» (3/ 125) وما بين الحاصرتين مستدرك منها.

ص: 164

ومن شعره:

لا والذي سخّر قلبي لها

عبدا كما سخّر لي قلبها

ما فرحي في حبّها [1] غير أن

تبيح [2] لي عن هجرها قلبها

ومنه أيضا:

ومقرطق [3] وجدي عليه كردفه

وتجلّدي والصّبر عنه كخصره

نادمته في ليلة من شعره

أجلو محاسنه بشمعة ثغره

وفيها صاحب المغرب السلطان المستنصر بالله أبو يعقوب يوسف بن محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن القيسيّ [4] . لم يكن في آل عبد المؤمن أحسن منه ولا أفصح ولا أشغف باللّذات. ولي الأمر عشر سنين بعد أبيه، ومات ولم يعقب.

[1] تحرفت في «ط» إلى: «حبه» .

[2]

في «آ» و «ط» : «يتيح» وما أثبته من «الوافي بالوفيات» ورواية البيت في «معجم الأدباء» :

ما فرحي في حبّها غير أن

زيّن عندي هجرها قلبها

[3]

كذا في «آ» و «ط» : «ومقرطق» وفي «الوافي بالوفيات» : «ومقرطف» بالفاء.

[4]

انظر «تاريخ الإسلام» (62/ 465- 467) و «العبر» (5/ 81) .

ص: 165