الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وسبعين وستمائة
في آخرها نزل السّلطان الملك الكامل سنقر الأشقر إلى الشّام غازيا، فنزل قريبا من عكّا، فخضع له أهلها، وراسلوه في الهدنة، وجاء إلى خدمته عيسى بن مهنّا، فصفح عنه وأكرمه.
وفيها توفي ضياء الدّين أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمود بن رفيعا الجدري، بفتح الجيم والدال المهملة وراء، نسبة إلى جدرة حيّ من الأزد [1]- المقرئ الفرضي الحنبلي، نزيل الموصل.
قرأ بالسبع على علي بن مفلح البغدادي نزيل الموصل، وسمع الحديث من جماعة، وصنّف تصانيف في القراءات وغيرها، ونظم في القراءات والفرائض قصيدة معروفة لامية، وكان شيخ القرّاء بالموصل، قرأ عليه ابن خروف الموصلي الحنبلي وأكثر عنه، وسمع منه «الأحكام» للشيخ مجد الدّين بن تيميّة، وأجاز لعبد الصّمد بن أبي الجيش غير مرّة، وتوفي سادس جمادى الآخرة.
وفيها تقيّ الدّين أبو محمد عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر الحنبلي [2] . سمع من موسى بن عبد القادر، وابن
[1] تنبيه: كذا قيد المؤلّف- رحمه الله نسبته «الجدري» والصواب «الجزري» كما في «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 298) مصدر المؤلّف، و «غاية النهاية في طبقات القراء» (1/ 403) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 323- 324) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 298- 299) .
الزّبيدي، والشيخ الموفق، وبه تفقه في مذهب أحمد. ومهر في المذهب، وعني به، وبالسّنّة وجمع فيها، وناظر الخصوم وكفّرهم، وكان صاحب حزبية وتحرّق [1] على الأشعرية، فرموه بالتجسيم.
قال الذهبي: ورأيت له مصنّفا في الصّفات، فلم أر به بأسا. قال: وكان متأيدا للحنابلة، وفيه شراسة أخلاق، مع صلاح ودين يابس.
توفي في ثامن شعبان عن نيّف وسبعين سنة.
وفيها الفقيه [2] شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن داود بن إلياس البعلي الحنبلي [3] .
ولد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وسمع من الشيخ موفق الدّين، وابن البنّ [4] وطائفة. وخدم الشيخ الفقيه اليونيني مدة.
قال القطب ابن اليونيني: سمع من حنبل، والكندي، وابن الزّبيدي، ورحل إلى لبلاد للسماع، وخدم والدي، وقرأ عليه القرآن، واشتغل عليه، وحفظ «المقنع» وعرف الفرائض. وكان ذا ديانة وافرة، وصدق، وأمانة، وتحرّ في شهاداته وأقواله. وحدّث بمسموعاته، وتوفي في حادي عشري رمضان، ودفن بظاهر بعلبك.
وفيها ابن النّنّ- بنونات [5]- الفقيه شمس الدّين محمد بن عبد الله بن محمد البغدادي الشافعي [6] في رجب، بالإسكندرية، وله ثمانون
[1] في «ذيل طبقات الحنابلة» : «صاحب جرأة وتحرّق» .
[2]
لفظة «الفقيه» سقطت من «ط» .
[3]
انظر «العبر» (5/ 324) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 299- 300) .
[4]
تحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «ابن المنّي» فتصحح.
[5]
لفظة «بنونات» ليست في «آ» وأثبتها من «ط» .
[6]
انظر «العبر» (5/ 324) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (283) و «تبصير المنتبه» (1/ 107) .
سنة. سمع من عبد العزيز بن منينا، وسليمان الموصلي، وجماعة. وكان ثقة، متيقظا. قاله في «العبر» .
وفيها الجزّار الأديب، جمال الدّين أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم المصري [1] ، الأديب الفاضل. كان جزّارا، ثم استرزق بالمدح، وشاع شعره في البلاد، وتناقلته الرّواة. وكان كثير التّبذير، لا تكاد خلّته تنسدّ، وكان مسرفا على نفسه، سامحه الله تعالى.
ومن شعره:
عاقبتني بالصّد من غير جرم
…
ومحا هجرها بقية رسمي
وشكوت الجوى إلى ريقها العذ
…
ب فجارت ظلما بمنع لظلم
أنا حكّمتها فجارت وشرع ال
…
حبّ يقضي أني أحكّم خصمي
ومنها في المديح:
يا أميرا يرجّى ويخشى لبأس
…
ونوال في يوم حرب وسلم
أنت موسى وقد تفرّ عن ذا الخط
…
ب ففرّقه من نداك بيمّ
لي من حرفة الجزارة والآ
…
داب فقر يكاد ينسيني اسمي
وله:
أكلّف نفسي كلّ يوم وليلة
…
هموما على من لا أفوز بخيره
كما سوّد القصّار في الشّمس وجهه
…
حريصا على تبييض أثواب غيره
وكانت بينه وبين السّرّاج الورّاق [2] مداعبة، فحصل للسرّاج رمد، فأهدى الجزّار له تفاحا وكمّثرى، وكتب مع ذلك:
[1] انظر «العبر» (5/ 324) و «البداية والنهاية» (13/ 293) و «النجوم الزاهرة» (7/ 345) و «حسن المحاضرة» (1/ 568) .
[2]
سترد ترجمته في وفيات سنة (695) انظر ص (753) من هذا المجلد.
أكافيك عن بعض الذي قد فعلته
…
لأنّ لمولانا عليّ حقوقا
بعثت خدودا مع نهود وأعينا
…
ولا غرو أن يجزي الصديق صديقا
وإن حال منك البعض عمّا عهدته
…
فما حال يوما عن ولاك وثوقا
بنفسج تلك العين صار شقائقا
…
ولؤلؤ ذاك الدّمع عاد عقيقا
وكم عاشق يشكو انقطاعك عند ما
…
قطعت على اللّذّات منه طريقا
فلا عدمتك العاشقون فطالما
…
أقمت لأوقات المسرّة سوقا
توفي في شوال وله ست وسبعون سنة أو نحوها، ودفن بالقرافة.
وفيها الشيخ يوسف الفقّاعيّ الزّاهد ابن نجاح بن موهوب [1] . كان عبدا، صالحا، قانتا، كبير القدر، له أتباع ومريدون.
توفي في شوال، ودفن بزاويته بسفح قاسيون، وقد نيّف على الثمانين.
وفيها الفقيه المعمّر أبو بكر بن هلال بن عبّاد الحنفي عماد الدّين [2] ، معيد الشّبلية.
توفي في رجب عن مائة وأربعين سنة، وقد سمع في الكهولة من أبي القاسم بن صصرى وغيره.
وفيها النّجيب بن العود أبو القاسم بن حسين الحلّي الرّافضي [3] المتكلم، شيخ الشيعة وعالمهم. سكن حلب مدّة فصفع بها لكونه سبّ الصحابة [4] ، ثم سكن جزّين إلى أن مات بها في نصف شعبان، وله نيف وتسعون سنة، وكان قد وقع في الهرم.
[1] انظر «العبر» (5/ 324) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (283) و «النجوم الزاهرة» (7/ 347) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 325) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 325) و «مرآة الجنان» (4/ 191) و «النجوم الزاهرة» (7/ 347) .
[4]
لفظة «الصحابة» سقطت من «آ» .