الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وأربعين وستمائة
في جمادى الآخرة أخذ المسلمون عسقلان، وطبريّة عنوة، وكان الفتح على يد فخر الدّين ابن الشيخ.
وفيها توفي الكاشغري- بسكون الشين وفتح الغين المعجمتين وراء، نسبة إلى كاشغر مدينة بالمشرق [1]- أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشي [2] ببغداد في حادي عشر جمادى الأولى، وله تسع وثمانون سنة.
سمع من ابن البطّي، وعلي بن تاج القرّاء، وأبي بكر بن النّقور، وجماعة.
وعمّر ورحل إليه الطلبة، وكان آخر من بقي بينه وبين مالك خمسة أنفس ثقات، ولي مشيخة المستنصرية.
وفيها أبو مدين شعيب بن يحيى بن أحمد بن الزعفراني [3] التاجر، إسكندراني متميز. جاور بمكة، وحدّث عن السّلفي، وتوفي في ذي القعدة.
وفيها أبو محمد علي بن أبي الحسن بن منصور [الحريريّ] الدمشقي الفقير [4] .
[1] انظر خبرها في «معجم البلدان» (4/ 430- 431) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 185) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 148- 150) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 186) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 268- 269) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) .
[4]
انظر «العبر» (5/ 186) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 224- 227) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) و «البداية والنهاية» (13/ 173- 174) .
ولد بقرية بسر من حوران [1] ، ونشأ بدمشق، وتعلّم بها نسج العتابي، ثم تمفقر وعظم أمره وكثر أتباعه، وأقبل على المطيبة والراحة والسماعات والملاح، وبالغ في ذلك، فمن يحسّن الظن به يقول: هو كان صحيحا في نفسه صاحب حال ووصول. ومن خبر أمره رماه بالكفر والضلال، وهو أحد من لا يقطع له بجنة ولا نار، فإنا لا نعلم بما يختم له به، لكنه توفي في يوم شريف يوم الجمعة قبل العصر، السادس والعشرين من رمضان وقد نيّف على التسعين. مات فجأة قاله في «العبر» .
وقال ابن شهبة في «تاريخ الإسلام» : هو صاحب الزاوية التي بظاهر دمشق بالشرف الأعلى القبلي، التي يجتمع بها الناس للسماعات، يقال لها:
زاوية الحريري، وقف عليه في أول أمره دراهم فحبسه أصحاب الديوان، فبات تلك الليلة في الحبس بلا عشاء، فلما أصبح صلّى بالمحتبسين [2] صلاة الصبح، وجعل يذكر بهم إلى ضحوة، وأمر كلّ من جاءه شيء من المأكول من أهله أن يشيله، فلما كان وقت الظهر أمرهم أن يمدوا الأكل سماطا، فأكل كل من في الحبس وفضل شيء كثير، فأمرهم بشيله. وصلّى بهم الظهر، وأمرهم أن يناموا ويستريحوا، ثم صلّى بهم العصر، وجعل يذكر بهم إلى المغرب، ثم صلّى بهم المغرب وقدّم ما حضر، وبقي على هذا الحال، فلما كان في اليوم الثالث أمرهم أن ينظروا في حال المحتبسين وكلّ من كان محبوسا على دون المائة يجبون له من بينهم ويرضون غريمه ويخرجونه، فخرج جماعة، وشرع الذين خرجوا يسعون في خلاص من بقي، وأقام ستة أشهر محبوسا، وجبوا له وأخرجوه، فصار كلّ يوم يتجدد له أتباع إلى أن آل من أمره ما آل.
[1] انظر خبرها في «معجم البلدان» (1/ 420) .
[2]
في «آ» و «ط» : بالمحتسبين» وما أثبته يقتضيه سياق النص.
قال شرف الدّين خطيب عقربا: خرج الفلك المسيري يقسم قرية له وأخذ معه جماعة، فلما قسموا ووصلوا إلى زرع، قالوا: نمشي إلى عند الشيخ علي الحريري، فقال أحدهم: إن كان صالحا يطعمنا حلوى سخنة بعسل وسمن وفستق وسكر، وقال الآخر: يطعمنا بطيخا أخضر، وقال الآخر:
يسقينا فقّاعا عليه الثلج، فلما وصلوا تلقاهم بالرحب وأحضر شيئا كثيرا، من جملته حلوى، كما قال ذلك الرجل، فأمر بوضعها بين يدي مشتهيها، ثم أحضر بطيخا أخضر [1] ، وأشار إلى مشتهيه بالأكل، فلما فرغوا نظر إلى صاحب شهوة الفقّاع، وقال: يا أخي كان عندي تحت الساعات أو باب البريد، ثم صاح: يا فلان ادخل، فدخل فقير وعلى رأسه دست فقّاع وعليه الثلج منحوت، وقال: بسم الله، اشرب [2] ولما مات كانت ليلة مثلجة، فقال نجم الدّين بن إسرائيل:
بكت السماء عليه ساعة دفنه
…
بمدامع كاللؤلؤ المنثور
وأظنّها فرحت بمصعد روحه
…
لمّا سمت وتعلّقت بالنّور
أوليس دمع الغيث يهمي باردا
…
وكذا تكون مدامع المسرور
وفيها أبو الحسن علي بن إبراهيم بن علي بن محمد بن المبارك [3] ابن أحمد بن محمد بن بكروس بن سيف التميمي الدّينوري، الفقيه الحنبلي، وقد سبق ذكر أبيه وجدّه.
ولد في تاسع عشري رمضان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وأسمعه والده الكثير في صغره من ابن بوش، وابن كليب، وتفقّه وحدّث، وروى عنه
[1] تحرفت في «ط» إلى «آخر» .
[2]
قلت: وهذا أيضا ما لا يقرّه الإسلام الحنيف ولا العقل السليم.
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «المبرك» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 243) مصدر المؤلّف.
محمد بن أحمد القزّاز، وأجاز لسليمان بن حمزة الحاكم، وتوفي ليلة سادس عشر رجب.
وفيها أبو علي الشّلوبين عمر بن محمد بن عمر الأزدي الأندلسي الإشبيلي النحوي [1] ، أحد من انتهت إليه معرفة العربية في زمانه.
ولد سنة اثنتين وستين وخمسمائة، وسمع من أبي بكر بن محمد بن خلف، وعبد الله بن زرقون، والكبار. وأجاز له السّلفي، وكان أسند من بقي بالمغرب. وكان في العربية بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى، قياما عليها واستبحارا فيها. تصدّر لإقراء النحو نحوا من ستين عاما، وصنّف التصانيف، وله حكايات في التغفّل. قاله في «العبر» .
وقال ابن خلّكان: كان فيه مع هذه الفضيلة غفلة وصورة بله في الصورة الظاهرة. توفي في أحد الرّبيعين، وقيل في صفر بإشبيلية.
والشّلوبين: بفتح الشين المعجمة واللّام، وسكون الواو، وكسر الباء الموحدة، وسكون المثناة التحتية ونون، هي بلغة الأندلس الأبيض الأشقر.
وفيها الملك المظفّر شهاب الدّين غازي بن العادل [2] . كان فارسا شجاعا، وشهما مهيبا، وملكا جوادا. وكان صاحب ميّافارقين، وخلاط، وحصن منصور، وغير ذلك. حجّ من بغداد، ثم توفي في هذه السنة، وتملّك بعده ابنه الشهيد الملك الكامل ناصر الدّين.
وفيها ابن الدّوامي عزّ الكفاة، الصاحب أبو المعالي هبة الله بن الحسن بن هبة الله [3] . كان أبوه وكيل الخليفة الناصر، وسمع هو من تجنّي
[1] انظر «وفيات الأعيان» (3/ 451- 452) و «العبر» (5/ 186- 187) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 207- 208) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (269) .
[2]
انظر «العبر» (5/ 187) .
[3]
انظر «العبر» (5/ 187) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 230- 231) .
الوهبانية، وابن شاتيل، وكان صاحب الحجّاب مدة، ثم تزهد وانقطع إلى أن توفي في جمادى الأولى.
وفيها شرف الدّين الأمير الكبير يعقوب بن محمد بن حسن الهدباني الإربلي [1] . روى عن يحيى الثقفي وطائفة، وولي شدّ دواوين الشام، وكان ذا علم وأدب. توفي في ربيع الأول بمصر.
[1] انظر «العبر» (5/ 187- 188) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 231- 232) و «حسن المحاضرة» (1/ 377) .