المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ست وخمسين وستمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٧

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد السابع]

- ‌سنة إحدى وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستمائة

- ‌سنة أربع وستمائة

- ‌سنة خمس وستمائة

- ‌سنة ست وستمائة

- ‌سنة سبع وستمائة

- ‌سنة ثمان وستمائة

- ‌سنة تسع وستمائة

- ‌سنة عشر وستمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وستمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وستمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وستمائة

- ‌سنة أربع عشرة وستمائة

- ‌سنة خمس عشرة وستمائة

- ‌سنة ست عشرة وستمائة

- ‌سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وستمائة

- ‌سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌سنة عشرين وستمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وستمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاثين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وستمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌سنة ست وأربعين وستمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وستمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمسين وستمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وستمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وستمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وستمائة

- ‌سنة ست وخمسين وستمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وستمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ستين وستمائة

- ‌سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌سنة أربع وستين وستمائة

- ‌سنة خمس وستين وستمائة

- ‌سنة ست وستين وستمائة

- ‌سنة سبع وستين وستمائة

- ‌سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌سنة تسع وستين وستمائة

- ‌سنة سبعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمانين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وستمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وستمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وستمائة

- ‌سنة ست وثمانين وستمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وستمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وستمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وستمائة

- ‌سنة ست وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وستمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبعمائة

الفصل: ‌سنة ست وخمسين وستمائة

‌سنة ست وخمسين وستمائة

فيها قتل المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر بالله أبي جعفر منصور بن الظّاهر محمد بن النّاصر العبّاسي [1] ، آخر الخلفاء العراقيين. وكانت دولتهم خمسمائة سنة وأربعا وعشرين سنة.

ولد أبو أحمد هذا سنة تسع وستمائة في خلافة جدّ أبيه، وأجاز له المؤيد الطّوسي وجماعة، وسمع من علي ابن النّيّار [2] الذي لقنه الختمة.

وروى عنه محيى الدّين بن الجوزي، ونجم الدّين البادرائي بالإجازة، واستخلف في جمادى الأولى سنة أربعين. وكان حليما، كريما، سليم الباطن، قليل الرأي، حسن الدّيانة، مبغضا للبدعة في الجملة، ختم له

[1] انظر «سير أعلام النبلاء» (23/ 174- 184) و «العبر» (5/ 225- 226) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «عيون التواريخ» (20/ 129) و «البداية والنهاية» (13/ 204- 211) و «النجوم الزاهرة» (7/ 63- 64) و «تاريخ الخلفاء» للسيوطي ص (464- 477) .

[2]

جاءت الإشارة إليه في ترجمة المترجم في «سير أعلام النبلاء» على النحو التالي: «ختم على ابن النيّار» ثم ذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (23/ 323) في عداد من توفي مع الحافظ المنذري سنة (656) فقال: «وشيخ الشيوخ صدر الدّين ابن النيّار» فقط. وجاء في التعليق على ترجمة المستعصم من «السّير» ما نصه: «وابن النيّار قتل في الوقعة- يعني التي قتل فيها المستعصم- دون الإحالة على مصدر الكلام.

وذكره العيني في «عقد الجمان» (1/ 175) فيمن مات في كارثة بغداد فقال: «وقتل شيخ الشيوخ، مؤدّب الخليفة، صدر الدّين علي بن النيّار» ولم يزد على ذلك.

ص: 467

بخير، فإن الكافر هولاكو [1] أمر به وبولده، فرفسا حتّى ماتا، وذلك في آخر المحرم. وكان الأمر أشغل من أن يوجد مؤرّخ لموته أو مواراة جسده، وبقي الوقت بلا خليفة ثلاث سنين. وكان سبب قتلهما أن المؤيد العلقمي الوزير- قاتله الله- كاتب التتار وحرّضهم على قصد بغداد لأجل ما جرى على إخوانه الرافضة من النهب والخزي، فظنّ المخذول أن الأمر يتم له، وأنه يقيم خليفة علويّا، فأرسل أخاه ومملوكه إلى هولاكو [1] ، وسهّل عليه أخذ بغداد، وطلب أن يكون نائبا له عليها، فوعدوه بالأماني، وساروا فأخذ لؤلؤ صاحب الموصل يهيئ للتتار الإقامات، ويكاتب الخليفة سرّا، فكان ابن العلقمي- قبحه الله- لا يدع تلك المكاتبات تصل إلى الخليفة، مع أنها لو وصلت لما أجدت، لأن الخليفة كان يردّ الأمر إليه، فلما تحقّق الأمر، بعث ولد محيى الدّين بن الخوارزمي رسولا إلى هولاكو [1] يعده بالأموال والغنائم، فركب هولاكو [1] في مائتي ألف من التتار والكرج، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الصالح إسماعيل، فخرج ركن الدّين الدوادار، فالتقى بأخوايين، وكان على مقدمة هولاكو [1] ، فانكسر المسلمون، ثم سار باجو فنزل من غربي بغداد، ونزل هولاكو [1] من شرقيها، فأشار ابن العلقمي على المستعصم بالله أن أخرج إليهم في تقرير الصلح، فخرج الخبيث وتوثق لنفسه، ورجع فقال:

إن الملك قد رغب أن يزوّج ابنته بابنك الأمير أبي بكر، وأن تكون الطّاعة له كما كان أجدادك مع الملوك السلجوقية، ثم يترحل، فخرج إليه المستعصم في أعيان الدولة، ثم استدعى الوزير العلماء والرؤساء ليحضروا العقد بزعمه، فخرجوا فضربت رقاب الجميع، وصار كذلك يخرج طائفة بعد طائفة وتضرب أعناقهم، حتّى بقيت الرّعية بلا راع، ثم دخلت حينئذ التتار بغداد، وبذلوا السيف، واستمر القتل والسّبي نحو أربعين يوما، ولم يسلم إلّا من

[1] في «آ» و «ط» و «تاريخ الخلفاء» : «هلاكو» .

ص: 468

اختفى في بئر أو قناة، وقتل الخليفة رفسا، ويقال: إن هولاكو [1] أمر بعدّ القتلى، فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسر، فعند ذلك نودي بالأمان. ثم أمر هولاكو [1] بأخوايين فضربت عنقه، لأنه بلغه أنه كاتب الخليفة، وكانت بلية لم يصب الإسلام بمثلها. وعملت الشعراء قصائد في مراثي بغداد وأهلها، وتمثّل بقول سبط [ابن] التّعاويذي:

بادت وأهلوها معا فبيوتهم

ببقاء مولانا الوزير خراب [2]

وقال بعضهم:

يا عصبة الإسلام نوحي واندبي

حزنا على ما تمّ للمستعصم

دست الوزارة كان قبل زمانه

لابن الفرات فصار لابن العلقمي

وكان آخر خطبة خطبت ببغداد، أن قال الخطيب في أولها: الحمد لله الذي هدم بالموت مشيّد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه الدّار.

وقال تقيّ الدّين بن أبي اليسر قصيدته في بغداد وهي:

لسائل الدّمع عن بغداد أخبار

فما وقوفك والأحباب قد ساروا

يا زائرين إلى الزّوراء لا تفدوا

فما بذاك الحمى والدّار ديّار

تاج الخلافة والرّبع الذي شرفت

به المعالم قد عفّاه إقفار

أضحى لعصف [3] البلى في ربعه أثر

وللدّموع على الآثار آثار

[1] في «آ» و «ط» و «تاريخ الخلفاء» : «هلاكو» .

[2]

قال العلّامة الزركلي رحمه الله في تعليقه على ترجمة ابن العلقمي في «الأعلام» (5/ 321) :

وهذا البيت من قصيدة للسبط في «ديوانه» ص (47) يهجو بها «ابن البلدي» ولم يدرك أيام ابن العلقمي، فإن وفاته سنة (583) .

قلت: وقد تقدمت ترجمة ابن التعاويذي في حوادث سنة (584) من المجلد السادس من كتابنا هذا صفحة (461) فراجعها.

[3]

في «آ» و «ط» : «لعطف» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» .

ص: 469

يا نار قلبي من نار لحرب وغى

شبّت عليه ووافى الرّبع إعصار

علا الصّليب على أعلى منابرها

وقام بالأمر من يحويه زنّار

وكم حريم سبته التّرك غاصبة

وكان من دون ذاك السّتر أستار

وكم بدور على البدريّة انخسفت؟

ولم يعد لبدور منه إبدار

وكم ذخائر أضحت وهي شائعة؟

من النّهاب وقد حازته كفّار

وكم حدود أقيمت من سيوفهم

على الرّقاب وحطّت فيه أوزار

ناديت والسّبي مهتوك تجرّهم [1]

إلى السّفاح من الأعداء دعّار [2]

ولما فرغ هولاكو [3] من قتل الخليفة وأهل بغداد، أقام على العراق نوّابه، وكان ابن العلقمي حسّن لهم أن يقيموا خليفة علويا فلم يوافقوه، واطّرحوه، وصار معهم في صورة بعض الغلمان، ومات كمدا، لا رحمه الله.

وهو مؤيد الدّين محمد بن أحمد [4] ، وزير الإمام المستعصم بالله [5] . كان فاضلا، متغاليا في التشيع إلى غاية ما يكون عامل التتار ليظفر ببغيته، لم ينل منهم ذلك. وكان ينشد وهو في حالة الهوان:

وجرى القضاء بعكس ما أمّلته

ثم أرسل هولاكو [6] إلى الناصر صاحب دمشق كتابا صورته: يعلم

[1] في «تاريخ الخلفاء» : «تجرّ بهم» .

[2]

في «آ» و «ط» : «دعّاز» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» .

[3]

في «آ» و «ط» : «هلاكو» .

[4]

قال العلّامة الزركلي رحمه الله في تعليقه على ترجمته في «الأعلام» (8/ 321) : قلت:

والمصادر مختلفة في تسميته «محمد بن أحمد» أو «محمد بن محمد» ولعل الصواب الأول، ومن سمّاه «محمد بن محمد» قد يلقبه بعز الدّين، وعز الدّين «محمد» ابنه، ولي الوزارة للتتار بعده.

[5]

انظر «فوات الوفيات» (3/ 252- 255) و «الوافي بالوفيات» (1/ 184- 186) .

[6]

في «آ» و «ط» : «هلاكو» .

ص: 470

سلطان مصر ناصر- طال بقاؤه- أنا لما توجهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم فقتلناهم بسيف الله، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدّموها، فكان قصارى كلامهم سببا لهلاك نفوس تستحق الإهلاك. وأما ما كان من صاحب البلد [1] فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا [2] ، فسألناه عن أشياء كذبنا فيها، فاستحق الإعدام. وكان كذبه ظاهرا، وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً 18: 49 [3] .

أجب ملك البسيطة، ولا تقولنّ: قلاعي المانعات، ورجالي المقاتلات، ولقد بلغنا أن شذرة من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة:

أين المفرّ ولا مفرّ لهارب

ولنا البسيطان الثرى والماء

فساعة وقوفك على كتابنا، تجعل قلاع الشّام سماءها أرضا وطولها عرضا [4] ، والسلام.

ثم أرسل له كتابا ثانيا يقول فيه: خدمة ملك ناصر- أطال عمره-.

أما بعد: فإنا فتحنا بغداد واستأصلنا ملكها وملكها إلى هنا [5] وكان ظنّ- وقد ضنّ [6] بالأموال، ولم ينافس الرّجال- أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذكره، ونما قدره، فخسف في الكمال بدره:

إذا تمّ أمر بدا نقصه

توقّع زوالا إذا قيل تمّ

[1] في «تاريخ الخلفاء» ص (473) : «البلدة» .

[2]

في «آ» و «ط» : «عبودتنا» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» مصدر المؤلف.

[3]

قلت: وذلك اقتباس من قوله تعالى: وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً 18: 49 [الكهف: 49] مع مراعاة أن الله عز وجل ذكر هذه الآية في حق أهل النار، بينما استشهد بها هولاكو أو من كتب له- وهو ابن العلقمي على الأرجح- في الكلام على خليفة المسلمين، لعن الله هولاكو وكل من رضي بأعماله في حق ديار المسلمين ظاهرا أو باطنا.

[4]

في «آ» و «ط» : «سماءها أرضها، وطولها عرضها» وأثبت لفظ «تاريخ الخلفاء» مصدر المؤلف.

[5]

عبارة «إلى هنا» لم ترد في «تاريخ الخلفاء» الذي بين يدي.

[6]

في «تاريخ الخلفاء» : وقد فتن» .

ص: 471

ونحن في طلب الازدياد، على ممر الآباد، فلا تكن كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ 59: 19 [1] وأبد ما في نفسك، إما إمساك بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ 2: 229 [2] أجب دعوة ملك البسيطة تأمن شرّه وتنال [3] برّه، واسع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوق رسولنا [4] ، والسلام.

ثم أرسل كتابا ثالثا يقول فيه: أما بعد: فنحن جنود الله، بنا ينتقم ممن عتا وتجبّر، وطغى وتكبّر، وبأمر الله ما ائتمر، إن عوتب تنمّر، وإن روجع استمرّ [5] ، ونحن قد أهلكنا البلاد، وأبدنا العباد، وقتلنا النسوان والأولاد، فأيّها الباقون، أنتم بمن مضى لاحقون، ويا أيها الغافلون، أنتم إليهم تساقون، ونحن جيوش الهلكة، لا جيوش المملكة [6] ، مقصودنا الانتقام، وملكنا لا يرام، ونزيلنا لا يضام، وعدلنا في ملكنا قد اشتهر، ومن سيوفنا أين المفر:

أين المفرّ ولا مفرّ لهارب

ولنا البسيطان الثّرى والماء

ذلّت لهيبتنا الأسود فأصبحت

في قبضتي الأمراء والخلفاء

ونحن إليكم صائرون، ولكم طالبون [7] ، ولكم الهرب، وعلينا الطلب.

ستعلم ليلى أيّ دين تداينت

وأيّ غريم بالتّقاضي غريمها

دمرنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأهلكنا العباد، وأذقناهم العذاب، وجعلنا

[1] اقتباس من قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ 59: 19 [الحشر: 19] .

[2]

اقتباس من قوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ 2: 229 [البقرة:

229] .

[3]

في «تاريخ الخلفاء» : و «تنل» .

[4]

في «تاريخ الخلفاء» : «رسلنا» .

[5]

في «آ» و «ط» : «روجع واستمرّ وتجبّر» واللفظة الأخيرة وصوابها: «وتجبّر» انتقلت بطرفة عين من السطر الذي قبله ولا محلّ لها هنا فحذفتها.

[6]

في «تاريخ الخلفاء» : «لا جيوش الملكة» .

[7]

عبارة «ولكم طالبون» سقطت من «تاريخ الخلفاء» فتستدرك.

ص: 472

عظيمهم صغيرا، وأميرهم أسيرا، أتحسبون أنكم منّا ناجون، أو متخلصون، وعن قليل سوف تعلمون، على ما تقدمون، وقد أعذر من أنذر، والسلام [1] .

وفيها توفي أبو العبّاس القرطبي أحمد بن عمر بن إبراهيم الأنصاري [2] المالكي المحدّث الشّاهد، نزيل الإسكندرية. كان من كبار الأئمة.

ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع بالمغرب من جماعة، واختصر «الصحيحين» وصنّف كتاب «المفهم في شرح مختصر مسلم» .

وتوفي في ذي القعدة.

وفيها ابن الحلاوي شرف الدّين أبو الطيب أحمد بن محمد بن أبي الوفاء الهزبر [3] له فضيلة تامة، وشعره في غاية الجودة والرّقّة.

فمن ذلك قوله:

وافى يطوف بها الغزال الأغيد

حمراء من وجناته تتوقّد

مالت به وأماله سكر الصّبا

فنديمها كمديرها يتأوّد

ثقلت مآزره وأرهف لحظه

فالقائلان [4] مثقّل ومحدّد

فإذا انثنى وإذا رنا فقوامه

واللّحظ منه مثقّف ومهنّد

[1] قلت: وقد نثر السّبكي قصة سقوط بغداد ومقتل الخليفة المستعصم بالله عقب ترجمة الحافظ المنذري من كتابه «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 261- 274) فيحسن بالقارئ الرجوع إليه.

[2]

انظر «العبر» (5/ 226- 227) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «النجوم الزاهرة (7/ 69) و «عقد الجمان» (1/ 190) و «حسن المحاضرة» (1/ 457) .

[3]

انظر «العبر» (5/ 227) و «عيون التواريخ» (20/ 154- 159) و «السّلوك لمعرفة دول الملوك» (1/ 2/ 413) و «الوافي بالوفيات» (8/ 102- 108) و «فوات الوفيات» (1/ 143- 148) .

والهزبر: من أسماء الأسد. انظر «لسان العرب» (هزبر) .

[4]

في «عيون التواريخ» : «فالقاتلان» .

ص: 473

ومدح الملوك والكبار، وعاش ثلاثا وخمسين سنة. وكان في خدمة صاحب الموصل.

وفيها الزّعبي- بفتح الزاي، نسبة إلى زعب بطن من سليم- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل بن علي الحمّامي [1] . روى «كتاب الشكر» عن ابن شاتيل، ومات في المحرم ببغداد.

وفيها الصّدر البكري أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن محمد بن عمروك التيمي النيسابوري ثم الدمشقي [2] الصّوفي الحافظ.

ولد سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وسمع بمكّة من عمر الميانشيّ، وبدمشق من ابن طبرزد [3] ، وبخراسان من أبي روح، وبأصبهان من أبي الفتوح، وابن الجنيد، وكتب الكثير. وعني بهذا الشأن أتم عناية، وجمع وصنّف، وشرع في مسودة «ذيل» على تاريخ ابن عساكر، وولى مشيخة الشيوخ وحسبة دمشق، وعظم في دولة المعظّم، ثم فتر سوقه وابتلي بالفالج قبل موته بأعوام، ثم تحوّل إلى مصر فمات بها في حادي عشر ذي الحجّة ضعّفه بعضهم، وقال الزكيّ البرزالي: كان كثير التخليط.

وفيها الشّرف الإربلي، العلّامة أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الهذباني [4] الشّافعي اللّغوي [5]

[1] انظر «العبر» (5/ 227) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 318) .

[2]

انظر «العبر» (5/ 227- 228) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 326- 328) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) .

[3]

في «سير أعلام النبلاء» : «ابن طبرزذ» بالذال وهو من أخطاء الطبع فتصحح.

[4]

تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الهدناني» والتصحيح من مصادر الترجمة.

[5]

انظر «العبر» (5/ 228) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 354- 355) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) .

ص: 474

ولد سنة ثمان وستين وخمسمائة بإربل، وسمع بدمشق من الخشوعي وطائفة. وحفظ على الكندي خطب ابن نباتة، و «ديوان المتنبي» و «مقامات الحريري» . وكان يعرف اللّغة ويقرئها.

توفي في ثاني ذي القعدة.

وفيها العماد داود بن عمر بن يوسف أبو المعالي الزّبيديّ المقدسيّ الشّافعيّ الدّمشقي الآباريّ [1] خطيب بيت الآبار [2] .

ولد سنة ست وثمانين وخمسمائة، وسمع من الخشوعي، والقاسم [بن عساكر] ، وطائفة. وكان فصيحا، خطيبا، بليغا، لا يكاد يسمع موعظة أحد إلّا يبكى. ولي خطابة دمشق وتدريس الغزالية بعد ابن عبد السّلام، ثم عزل بعد ست سنين، وعاد إلى خطابة القرية، وبها توفي في شعبان، ودفن هناك.

وفيها الملك النّاصر داود بن المعظّم بن العادل [3] ، صاحب الكرك، صلاح الدّين أبو المفاخر.

[1] انظر «العبر» (5/ 229) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 301- 302) و «عيون التواريخ» (20/ 168) و «البداية والنهاية» (13/ 213) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 420) .

[2]

تنبيه: تحرفت في «سير أعلام النبلاء» إلى «بيت الأبّار» فتصحح.

قال ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 519) : بيت الآبار: جمع بئر، قرية يضاف إليها كورة من غوطة دمشق فيها عدة قرى، خرج منها غير واحد من رواة العلم.

وقال الأستاذ محمد كرد علي في كتابه النّفيس «غوطة دمشق» ص (164) : بيت الآبار:

بليدة خربت، وكانت حاضرة الإقليم، وسمي باسمها. ويؤخذ من كلام ابن عبد الهادي في القرن العاشر أنها كانت موجودة في عصره. ومن عملها المنيحة، وجرمانا، ودير هند، وبيت سابا أو سابر. والغالب أنها التل الكبير المائل للعيان شرقي جرمانا، وقد خربت غير مرة، ويقال لخرابها الآن تل أم الإبر، وانظر تتمة كلامه هناك.

[3]

انظر «العبر» (5/ 229- 230) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 376- 381) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «عيون التواريخ» (20/ 168- 177) .

ص: 475

ولد سنة ثلاث وستمائة، وأجاز له المؤيد الطّوسي، وسمع ببغداد من القطيعي. وكان حنفيا، فاضلا، مناظرا، ذكيا، بصيرا بالأدب، بديع النظم، كثير المحاسن، ملك دمشق بعد أبيه، ثم أخذها منه عمّه الأشرف، فتحول إلى مدينة الكرك فملكها إحدى عشرة سنة، ثم عمل عليه ابنه، وسلّمها إلى صاحب مصر الصّالح وزالت مملكته. وكان جوادا، ممدحا.

ومن شعره يفضّل الجارية على الغلام:

أحبّ الغادة الحسناء ترنو

بمقلة جؤذر فيها فتور

ولا أصبو إلى رشأ غرير

وإن فتن الورى الرّشأ الغرير

وأنّى يستوي شمس وبدر

ومنها يستمدّ ويستنير

وهل تبدو الغزالة في سماء

فيظهر عندها للبدر نور

وله:

قلبي وطرفك قاتل وشهيد

ودمي على خدّيك منه شهود

يا أيّها الرّشأ الذي لحظاته

كم دونهنّ صوارم وأسود

ومن العجائب أنّ قلبك لم يلن

لي والحديد ألانه داود

توفي- رحمه الله بظاهر دمشق، بقرية البويضاء [1] ، ودفن عند والده الملك المعظم في جمادى الأولى، وكانت أمّه خوارزمية، عاشت بعده مدة.

وفيها بهاء الدّين زهير بن محمد بن علي بن يحيى الصّاحب المنشئ أبو الفضل وأبو العلاء الأزديّ المهلّبيّ المكّيّ ثم القوصيّ [2] الكاتب، له «ديوان» مشهور.

[1] قرية بالقرب من دمشق إلى الشرق منها. انظر «غوطة دمشق» للعلّامة كرد علي ص (21) .

[2]

انظر «وفيات الأعيان» (2/ 332- 338) و «العبر» (5/ 230) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 355- 356) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «عيون التواريخ» (20/ 181-

ص: 476

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وكتب الإنشاء للملك الصّالح نجم الدّين ببلاد المشرق، فلما تسلطن بلّغه أعلى المراتب ونفّذه رسولا.

ولما مرض بالمنصورة تغيّر عليه وأبعده، لأنه كان سريع [1] التخيل والغضب والمعاقبة على الوهم، ثم اتصل البهاء زهير بالنّاصر صاحب الشام، وله فيه مدائح. وكان ذا مروءة ومكارم.

ومن شعره [2] :

يطيب لقلبي أن يطول [3] غرامه

وأيسر ما يلقاه منه حمامه

وأعجب منه كيف يقنع بالمنى

ويرضيه من طيف الخيال [4] لمامه

ومنها [5] :

وما الغصن إلّا ما حوته بروده

وما البدر إلّا ما حواه لثامه

خذوا لي من البدر الذّمام فإنّه

أخوه لعلّي نافع لي ذمامه

ومن شعره أيضا [6] :

أنا ذا زهيرك ليس إ

لّا جود كفّك لي مزينه

أهوى جميل الذّكر عن

ك كأنّما هو لي بثينه

188) و «عقد الجمان» (1/ 186- 188) و «حسن المحاضرة» (1/ 567) و «الأعلام» (3/ 52) الطبعة الرابعة.

[1]

في «العبر» بطبعتيه: «

وأبعده. وكان سريع التخيل والغضب

» ولا يستقيم النص بذلك لأن الضمير في الكلام يعود على الملك الصالح نجم الدّين» والصواب ما جاء في كتابنا، فليحرر.

[2]

البيتان في «ديوانه» ص (301) طبعة دار صادر ببيروت.

[3]

في «آ» و «ط» : «أن يطيب» وأثبت لفظ «الديوان» و «عيون التواريخ» .

[4]

كذا في «آ» و «ط» و «عيون التواريخ» : «من طيف الخيال» وفي «ديوانه» : «من طيف الحبيب» .

[5]

البيتان في «ديوانه» ص (301- 302) .

[6]

الأبيات في «ديوانه» ص (369) و «وفيات الأعيان» (2/ 336) .

ص: 477

فاسأل ضميرك عن ودا

دي [1] إنّه فيه جهينة

ومنه أيضا [2] :

بروحي من أسميّها بستّي

فترمقني [3] النّحاة بعين مقت

يظنّوا أنّني [4] قد قلت لحنا

وكيف وإنّني لزهير وقتي

وقد ملكت جهاتي الستّ طرّا

فلا عجب إذا ما قلت ستّي [5]

قال ابن خلّكان: وشعره كلّه لطيف، وهو كما يقال: السهل الممتنع، وأجازني رواية «ديوانه» وهو كثير الوجود بأيدي النّاس.

قال: وكان مسّه ألم فأقام به أيّاما، ثم توفي قبل المغرب يوم الأحد رابع ذي القعدة، ودفن من الغد بعد صلاة الظهر بتربة بالقرافة الصّغرى، بالقرب من قبة الإمام الشافعي، رضي الله عنه، في جهتها القبلية، ولم يتفق لي الصّلاة عليه لاشتغالي بالمرض.

وفيها الكفرطابي أبو الفضل عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن بيان القوّاس الرّامي الأستاذ [6] .

ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وسمع الكثير من يحيى الثّقفي، وعمّر دهرا، وتوفي في الحادي والعشرين من شوال بدمشق.

[1] في «آ» و «ط» : «عن وداد» وأثبت لفظ «الديوان» .

[2]

الأبيات في «ديوانه» ص (56) .

[3]

لفظ «ديوانه» : «فتنظرني» .

[4]

لفظ «ديوانه» : «يرون بأنّني» .

[5]

رواية البيت في «ديوانه» :

ولكن غادة ملكت جهاتي

فلا لحن إذا ما قلت ستّي

[6]

انظر «العبر» (5/ 231) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 324) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «النجوم الزاهرة» (7/ 68) .

ص: 478

وفيها أبو العزّ بن صديق عبد العزيز بن محمد بن أحمد الحرّاني [1] وهو بكنيته أشهر، ولهذا أسماه بعضهم ثابتا. سمع من عبد الوهّاب بن أبي حبّة، وحدّث بدمشق وبها توفي في جمادى الأولى.

وفيها الحافظ الكبير زكي الدّين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي ابن عبد الله بن سلامة المنذري الشّامي ثم المصري الشّافعي [2] ، صاحب التصانيف.

ولد سنة إحدى وثمانين خمسمائة، وسمع من الأرتاحي، وأبي الجود، وابن طبرزد، وخلق. وتخرّج بأبي الحسن علي بن المفضّل، ولزمه مدة. وله «معجم» كبير مرويّ، ولي مشيخة الكاملية مدة، وانقطع بها نحوا من عشرين سنة، مكبّا على العلم والإفادة.

قال ابن ناصر الدّين [3] : كان حافظا، كبيرا، حجّة، ثقة، عمدة. له كتاب «الترغيب والترهيب» [4]

[1] انظر «العبر» (5/ 231) و «النجوم الزاهرة» (7/ 68) .

[2]

انظر «العبر» (5/ 232) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 319- 324) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 259- 261) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 223- 224) و «السلوك لمعرفة دول الملوك» (1/ 2/ 412) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 140- 142) و «النجوم الزاهرة» (7/ 68) و «عقد الجمان» (1/ 188- 189) و «غربال الزمان» ص (534) وقد أورد في آخر ترجمته بيتين من الشعر له يحسن ذكرهما، وهما:

اعمل لنفسك صالحا لا تلتفت

لظهور قيل في الأنام وقال

فالناس لا يرجى اجتماع جميعهم

لا بدّ من مثن عليك وقال

[3]

في «التبيان شرح بديعة البيان» (179/ ب) .

[4]

طبع في مصر ثلاث مرّات:

الأولى في إدارة الطباعة المنيرية بعناية الشيخ محمد منير الدمشقيّ، رحمه الله، وعلى هذه الطبعة اعتمد الأستاذ المحدّث الشيخ محمد ناصر الدّين الألباني في إعداد «صحيح الترغيب والترهيب» و «ضعيف الترغيب والترهيب» وقد صدر الأول من «الصحيح» عن المكتب الإسلامي ببيروت.

ص: 479

و «التكملة لوفيات النّقلة» [1] . انتهى.

وقال ابن شهبة: برع في العربية والفقه، وسمع الحديث بمكّة، ودمشق، وحرّان، والرّها، والإسكندرية. وروى عنه الدمياطي، وابن دقيق العيد، والشّريف عز الدّين، وأبو الحسين اليونيني، وخلق. وتخرّج به العلماء في فنون من العلم. وبه تخرّج الدّمياطي، وابن دقيق العيد، والشريف عزّ الدّين، وطائفة في علوم الحديث.

قال الشريف عز الدّين: كان عديم النّظير في معرفة علم الحديث على اختلاف فنونه، عالما بصحيحه وسقيمه ومعلوله وطرقه، متبحرا في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيّما بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، ماهرا في معرفة رواته وجرحهم وتعديلهم ووفياتهم ومواليدهم وأخبارهم. إماما، حجّة، ثبتا، ورعا، متحريا فيما يقوله، متثبتا فيما يرويه.

وقال الذهبيّ: لم يكن في زمانه أحفظ منه.

ومن تصانيفه «مختصر مسلم» [2] و «مختصر سنن أبي داود» وله عليه حواش مفيدة. وكتاب «الترغيب والترهيب» في مجلدين، وهو كتاب نفيس.

توفي- رحمه الله تعالى- في رابع ذي القعدة، ودفن بسفح المقطّم.

وفيها جمال الدّين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة والثانية بعناية الشيخ محمد محيي الدّين عبد الحميد، رحمه الله.

والثالثة بعناية وتعليق الشيخ مصطفى محمد عمارة، وهي أشهر الطبعات الثلاث وقد صورت مرارا.

ويقوم الأساتذة محيي الدّين مستو، وسمير العطّار، ويوسف بديوي بتحقيق الكتاب من جديد، وستصدر هذه الطبعة عن دار ابن كثير، وقد شرعت بطبع الجزء الأول وهو قيد التصحيح الآن.

[1] طبع أول مرة ببغداد طبعة متقنة مفهرسة بتحقيق الأستاذ الدكتور بشار عوّاد معروف عام (1387 هـ) ثم أعادت طبعه مصورا عن طبعته الأولى مؤسسة الرسالة ببيروت عام (1401 هـ) .

[2]

طبع أول مرة في الكويت بوزارة الأوقاف طبعة متقنة بتحقيق الأستاذ المحدّث الشيخ محمد ناصر الدّين الألباني، ثم أعاد المكتب الإسلامي طبع هذه الطبعة عدة مرات في بيروت.

ص: 480

ابن سلطان بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي النّابلسي [1] الفقيه الحنبلي المحدّث.

ولد يوم عاشوراء سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وسمع بالقدس من أبي عبد الله بن البنّا، وحدّث بنابلس.

قال الشريف عزّ الدّين: كان له سعة وفيه فضل. توفي في ذي القعدة بنابلس.

وفيها موفق الدّين أبو محمد عبد القاهر بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبد العزيز بن الفوطي البغدادي الحنبلي الأديب [2] .

قال ابن السّاعي: كان إماما، ثقة، أديبا، فاضلا، حافظا للقرآن، عالما بالعربية واللغة والنجوم، كاتبا شاعرا، صاحب أمثال. وكان فقيرا ذا عيال، ولم يوافق نفسه على خيانة. ولي كتابة ديوان العرض، وقتل صبرا في الواقعة ببغداد.

وفيها ابن خطيب القرافة أبو عمرو عثمان بن علي بن عبد الواحد القرشي الأسدي الدمشقي الناسخ [3] . كان له إجازة من السّلفي، فروى بها الكثير، وتوفي في ثالث ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة.

وفيها الشّاذلي أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الحميد المغربي [4] الزاهد، شيخ الطائفة الشاذلية. سكن الإسكندرية، وصحبه بها

وقام بنشره منذ فترة قريبة بدمشق الأستاذ الدكتور مصطفى البغا.

[1]

انظر «الوافي بالوفيات» (18/ 178) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 266- 267) .

[2]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 264- 265) .

[3]

انظر «العبر» (5/ 232) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 347) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «النجوم الزاهرة» (7/ 68) .

[4]

انظر «العبر» (5/ 232) و «طبقات الأولياء» ص (458- 459) و «غربال الزّمان» ص (534- 535) و «حسن المحاضرة» (1/ 520) .

ص: 481

جماعة. وله في التصوف مشكلة توهم، ويتكلّف له في الاعتذار عنها، وعنه أخذ الشيخ أبو العبّاس المرسي. قاله في «العبر» .

وقال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في «طبقات الأولياء» : علي أبو الحسن الشاذلي السيد الشريف، من ذرية محمد بن الحسن، زعيم الطائفة الشاذلية، نسبة إلى شاذلة قرية بإفريقية.

نشأ ببلده، فاشتغل بالعلوم الشرعية، حتّى أتقنها، وصار يناظر عليها، مع كونه ضريرا، ثم سلك منهاج التصوف، وجدّ واجتهد، حتّى ظهر صلاحه وخيره، وطار في فضاء الفضائل طيره، وحمد في طريق القوم سراه وسيره.

نظم فرقّق ولطّف، وتكلّم على الناس فقرّط الأسماع وشنّف، وطاف وجال، ولقي الرّجال، وقدم إلى إسكندرية من المغرب، وصار يلازم ثغرها من الفجر إلى المغرب، وينتفع الناس بحديثه الحسن وكلامه المطرب، وتحوّل إلى الدّيار المصرية، وأظهر فيها طريقته المرضية، ونشر سيرته السرية، وله أحزاب محفوظة وأحوال بعين العناية ملحوظة. قيل له من شيخك؟ فقال: أما فيما مضى فعبد السّلام بن بشيش [1] . وأما الآن فإني أسقى من عشرة أبحر، خمسة سماوية وخمسة أرضية.

ولما قدم إسكندرية كان بها أبو الفتح الواسطي، فوقف بظاهرها واستأذنه، فقال: طاقية لا تسع رأسين، فمات أبو الفتح في تلك الليلة، وذلك لأن من دخل بلدا على فقير بغير إذنه فمهما كان أحدهما أعلى سلبه أو قتله، ولذلك ندبوا الاستئذان. وحجّ مرارا، ومات قاصدا الحجّ في طريقه.

قال ابن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله منه، ومع ذلك آذوه وأخرجوه بجماعته من المغرب، وكتبوا إلى نائب إسكندرية أنه يقدم عليكم مغربي

[1] لم أقف على ترجمة له فيما بين يدي من المصادر والمراجع.

ص: 482

زنديق، وقد أخرجناه من بلدنا فاحذروه. فدخل إسكندرية فآذوه، فظهرت له كرامات أوجبت اعتقاده.

ومن كلامه: كل علم تسبق إليك فيه الخواطر، وتميل النّفس، وتلتذ به فارم به وخذ بالكتاب والسّنّة.

وكان إذا ركب تمشي أكابر الفقراء وأهل الدّنيا حوله، وتنشر الأعلام على رأسه، وتضرب الكوسات [1] بين يديه، وينادي النّقيب أمامه بأمره له: من أراد القطب الغوث فعليه بالشاذلي.

قال الحنفي: اطلعت على مقام الجيلاني والشّاذلي، فإذا مقام الشاذلي أرفع.

ومن كلام الشاذلي: لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يحدث في غد وما بعده إلى يوم القيامة [2] .

وقد أفرد التّاج بن عطاء الله [3] مؤلفا حافلا لترجمته وكلامه.

مات- رحمه الله تعالى- بصحراء عيذاب [4] قاصدا للحجّ في أواخر ذي القعدة، ودفن هناك. انتهى ملخصا.

وفيها سيف الدّين بن المشدّ، سلطان الشعراء، صاحب «الديوان» المشهور. الأمير أبو الحسن علي بن عمر بن قزل التّركماني [5] .

[1] قال الشيخ محمد أحمد دهمان رحمه الله في كتابه «معجم الألفاظ التاريخية» ص (132) :

الكوسات: الطبول، وفسّرها بعضهم بأنها صنوج من نحاس شبه الترس الصغير.

[2]

قلت: هذا الكلام وأمثاله من مبالغات الصّوفية وما أكثرها! ولا يعلم الغيب إلّا الله وحده جل جلاله.

[3]

هو أحمد بن محمد بن عطاء الله الإسكندري، سترد ترجمته في وفيات سنة (709) من المجلد الثامن إن شاء الله تعالى.

[4]

قال الزّبيدي في «تاج العروس» (عذب) : عيذاب، بالفتح بالصعيد، ونسبت إليها الصحراء.

وانظر «الروض المعطار» للحميري ص (423- 424) .

[5]

انظر «العبر» (5/ 233) و «عيون التواريخ» (20/ 120- 127) و «فوات الوفيات» (3/ 51-

ص: 483

ولد سنة اثنتين وستمائة بمصر، وكان فاضلا، كثير الخير والصدقات، ذا مروءة.

ومن شعره:

بشرى لأهل الهوى عاشوا به سعدا

وإن يموتوا فهم من جملة الشّهدا

شعارهم رقّة الشّكوى ومذهبهم

أن الضّلالة تيه [1] في الغرام هدى

عيونهم في ظلام اللّيل ساهرة

عبرى وأنفاسهم تحت الدّجى صعدا

تجرّعوا كأس خمر الحبّ مترعة

ظلّوا سكارى فظنّوا غيّهم رشدا

وعاسل القدّ معسول مقبّله

كالغصن لما انثنى والبدر حين بدا

نادمته وثغور البرق باسمة

والغيث ينزل منحلّا ومنعقدا

كأنّ جلّق حيّا الله ساكنها

أهدت إلى الغور [2] من أزهارها مددا

فاسترسل الجوّ منهلّا يزيد على

ثوري [3] ويعقد محلول النّدى بردى

ومن شعره أيضا:

بين الجفون مصارع العشّاق

فخذوا حذاركم من الأحداق

فهي السّهام بل السّيوف وإنّها

أمضى وأنكى في حشا المشتاق

توفي- رحمه الله في تاسع المحرم بدمشق، ودفن بقاسيون.

وفيها النّشبيّ المحدّث شمس الدّين أبو الحسن علي بن المظفّر بن

56) و «البداية والنهاية» (13/ 197- 198) و «النجوم الزاهرة» (7/ 64- 65) و «الأعلام» (4/ 315) .

قلت: وسمي بالمشدّ لأنه تولى شدّ الدواوين بمصر والشام كما في «فوات الوفيات» و «النجوم الزاهرة» . ومعنى شدّ الدواوين: أن يكون صاحبها رفيقا للوزير، متحدثا في استخلاص الأموال، وما في معنى ذلك. انظر «صبح الأعشى» (4/ 22) .

[1]

في «عيون التواريخ» : «فيه» .

[2]

كذا في «آ» و «عيون التواريخ» : «إلى الغور» وفي «ط» : «إلى النور» وهو خطأ.

[3]

تحرفت في «عيون التواريخ» إلى «نور» فتصحح و «ثوري» أحد فروع نهر بردى بدمشق.

ص: 484

القاسم الرّبعي النّشبيّ الدمشقي [1] ، نائب الحسبة. سمع الكثير من الخشوعي، والقاسم بن عساكر، وخلق. وكان فصيحا، طيّب الصوت بالقراءة، كتب الكثير، وكان يؤدّب ثم صار شاهدا.

توفي في ربيع الأول وقد جاوز التسعين.

وفيها الشيخ علي الخبّاز [2] الزاهد، أحد مشايخ العراق. له زاوية وأتباع، وأحوال وكرامات.

وفيها ابن عوّه أبو حفص عمر بن أبي نصر بن أبي الفتح الجزري [3] ، التّاجر السفّار العدل. حدّث بدمشق عن البوصيري، وتوفي في ذي الحجّة، وكان صالحا.

وفيها الموفق بن أبي الحديد أبو المعالي، القاسم بن هبة الله بن محمد بن محمد المدائني [4] المتكلم الأشعري، الكاتب المنشئ البليغ.

كان فقيها، أديبا، شاعرا، محسنا، مشاركا في أكثر العلوم. فمن شعره:

استر لثامك حتّى يستر اللّعس

وقف ليبعد عن أعطافك الميس

إني أخاف على حسن حبيت به

إصابة العين إنّ العين تختلس

يا غاصب الخشف أوصافا مكمّلة

لم يبق للخشف إلّا السّوق والخنس

وفاضح البدر إنّ البدر مقتبس

من التي هي من خدّيك تقتبس

معدّل الخلق لا طول ولا قصر

مكمّل الخلق لا هين ولا شرس

[1] انظر «العبر» (5/ 233) ، و «سير أعلام النبلاء» (23/ 326) و «توضيح المشتبه» (1/ 500) .

[2]

انظر «العبر» (5/ 233) و «البداية والنهاية» (13/ 213) و «غربال الزمان» ص (535) .

[3]

انظر «العبر» (5/ 234) .

[4]

انظر «وفيات الأعيان» (5/ 392) و «العبر» (5/ 234) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 274- 275 و 372) و «الوافي بالوفيات» (8/ 225- 226) و «فوات الوفيات» (1/ 154- 155) .

ص: 485

حموه عن كلّ ما يشفى العليل به

حتّى على طيفه من شكله حرس

قد كنت أبصر صبحا في محبته

فعاد وهو بعيني كلّه غلس

توفي ببغداد في رجب.

وفيها الإمام شعلة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن الحسين الموصلي [1] الحنبلي المقرئ العلّامة، شارح «الشاطبية» . قرأ القرآن على أبي الحسن علي بن عبد العزيز الإربلي وغيره، وتفقه، وقرأ العربية، وبرع في الأدب والقراءات، وصنّف تصانيف كثيرة، ونظم الشعر الحسن.

قال الذهبي: كان شابا، فاضلا، ومقرئا محقّقا، ذا ذكاء مفرط، وفهم ثاقب، ومعرفة تامّة بالعربية واللغة، وشعره في غاية الجودة. نظم في الفقه، وفي التاريخ، وغيره. ونظم كتاب «الشّمعة في القراءات السّبعة» وكان- مع فرط ذكائه- صالحا، زاهدا، متواضعا. كان شيخنا التّقيّ المقصّاتي [2] يصف شمائله وفضائله، ويثني عليه. وكان قد حضر بحوثه.

وقال ابن رجب: له تصانيف كثيرة، أكثرها في القراءات، منها «شرح الشاطبية» وكتاب «الناسخ والمنسوخ» وكلامه فيه يدل على تحقيقه وعلمه، وله كتاب «فضائل الأئمة الأربعة» .

ومن نظمه قوله:

دع عنك ذكر فلانة وفلان

واجنب لما يلهي عن الرّحمن

[1] انظر «العبر» (5/ 234) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 360) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 671- 672) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 256- 258) و «غاية النهاية في طبقات القراء» (2/ 80- 81) .

[2]

هو شيخ القراء تقيّ الدّين أبو بكر ثابت بن محمد بن المشيّع الجزريّ المقصّاتيّ، سترد ترجمته في وفيات سنة (713) من المجلد الثامن إن شاء الله تعالى.

ص: 486

واعلم بأنّ الموت يأتي بغتة

وجميع ما فوق البسيطة فان

فإلى متى تلهو وقلبك غافل

عن ذكر يوم الحشر والميزان؟

أتراك لم تك سامعا ما قد أتى

في النّصّ بالآيات والقرآن؟

فانظر بعين الإعتبار ولا تكن

ذا غفلة عن طاعة الدّيّان

واقصد لمذهب أحمد بن محمد

أعني ابن حنبل الفتى الشّيباني

فهو الإمام مقيم دين المصطفى

من بعد درس معالم الإيمان

أحيا الهدى وأقام في إحيائه

متجرّدا للضرب غير جبان

تعلوه أسياط الأعادي وهو لا

ينفكّ عن حقّ إلى بهتان

[ويقول عند الضّرب: لست بتابع

يا ويحكم، لكم بلا برهان

ماذا أقول غدا لربّي إن أنا

وافقتكم في الزّور والبهتان] [1]

وعدلت [2] عن قول النّبيّ وصحبه

وجميع من تبعوه بالإحسان

أترون أني خائف من ضربكم

لا والإله الواحد المنّان

كن حنبليّا ما حييت فإنّني

أوصيك خير وصية الإخوان

ولقد نصحتك إن قبلت فأحمد

زين الثّقات [3] وسيّد الفتيان

من ذا أقام كما [4] أقام إمامنا

متجرّدا من غير ما أعوان

مستعذبا للمرّ في نصر الهدى

متجرّعا لمضاضة السّلطان

وسلا بمهجته وبايع ربّه

أن لا يطيع أئمة العدوان

وأقام تحت الضّرب حتّى إنه

دحض الضّلال وفتنة الفتّان

وأتى برمح الحقّ يطعن في العدا

أهل الضّلال وشرعة الشّيطان

[1] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» و «ط» و «المنتخب» لابن شقدة (176/ ب) واستدركته من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف.

[2]

في «آ» و «ط» و «المنتخب» : «وعزلت» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

[3]

في «آ» و «ط» : «زين التقاة» وما أثبته من «المنتخب» و «ذيل طبقات الحنابلة» .

[4]

في «آ» و «ط» : «ماذا أقام وقد

» وفي «المنتخب» : «ماذا أقول وقد

» وما أثبته من «ذيل طبقات الحنابلة» مصدر المؤلف.

ص: 487

من ذا لقي [1] ما قد لقيه من الأذى

في ربّه من ساكني البلدان

فعلى ابن حنبل السّلام وصحبه

ما ناحت الورقاء في الأغصان

إني لأرجو أن أفوز بحبّه

وأنال في بعثي رضا الرّحمن

حمدا لربّي إذ هداني دينه

وعلى شريعة أحمد أنشاني

واختار مذهب أحمد لي مذهبا

ومن الهوى والغيّ قد أنجاني

من ذا يقوم من العباد بشكر ما

أولاه سيّده من الإحسان

قال الذهبي: توفي في صفر بالموصل، وله ثلاث وثلاثون سنة، رحمه الله تعالى.

وفيها الأديب الفاضل سعد الدّين محمد بن الشيخ محيي الدّين محمد بن العربي الحاتمي الطّائي [2] .

ولد بملطية، وسمع الحديث، ودرّس. وله «ديوان» مشهور، وناب بدمشق.

ومن شعره في مليح رآه في الزيادة:

يا خليليّ في الزّيادة ظبي

سلبت مقلتاه جفني رقاده

كيف أرجو السّلوّ عنه وطرفي

ناظر حسن وجهه في الزّيادة

وله:

سهري من المحبوب أصبح مرسلا

وأراه متّصلا بفيض مدامعي

قال الحبيب بأنّ ريقي [3] نافع

فاسمع رواية مالك عن نافع

[1] تحرفت في «ذيل طبقات الحنابلة» إلى «ماذا لقي» فتصحح.

[2]

انظر «الوافي بالوفيات» (1/ 186- 188) و «فوات الوفيات» (3/ 267- 271) - وقد ذكر بأن وفاته كانت سنة (686) - و «نفح الطيب» (2/ 170) و «الأعلام» (7/ 29) .

[3]

في «آ» و «ط» : «ربعي» والتصحيح من «المنتخب» لابن شقدة (176/ ب) و «الوافي بالوفيات» .

ص: 488

وله:

أشكو إلى الله علّام الخفيّات

من جور ألحاظك المرضى الصحيحات

إن أنكرت هذه الأجفان ما صنعت

سل عن دمي الوجنات العندميّات

روت لواحظها عن بابل خبرا

ويلاه من سقم هاتيك الرّوايات

فيا جليسي بدا ما كنت أكتمه

إنّ المجالس فاعلم بالأمانات

لله سرب ظباء من بني أسد

حرّرت معهنّ أرباب المسرّات

حلّقت أحداقها بعدي وأوجهها

كم من عيون تركناها وجنّات

توفي- رحمه الله تعالى- بدمشق، ودفن عند قبر أبيه بتربة بني الزّكي بقاسيون.

وفيها ابن الجرح أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري التّلمساني المالكيّ [1] نزيل الثّغر. كان من صلحاء العلماء، سمع بسبتة «الموطأ» من أبي محمد بن عبيد الله الحجري [2] ، وتوفي في ذي القعدة، عن ثنتين وتسعين سنة.

وفيها خطيب مردا الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح المقدسي النّابلسي [الحنبلي [3] .

ولد بمردا سنة ست وستين وخمسمائة ظنّا، وتفقه بدمشق، وسمع من

[1] انظر «العبر» (5/ 234) و «حسن المحاضرة» (1/ 457) .

[2]

تقدمت ترجمته في المجلد السادس صفحة (500) فراجعها.

[3]

انظر «العبر» (5/ 235) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 325- 326) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 267) .

ص: 489

يحيى الثقفي] [1] وأحمد [بن] الموازييني، وبمصر من البوصيري وغير واحد، وتوفي بمردا في أوائل ذي الحجّة.

وفيها الفاسيّ الإمام أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن يوسف المغربي المقرئ [2] ، مصنف «شرح الشّاطبية» . قرأ على رجلين قرءا على الشّاطبي، وكان فقيها، بارعا، متفنّنا، متين الدّيانة، جليل القدر، تصدّر للإقراء بحلب مدة، وتوفي في ربيع الآخر.

وفيها الفقيه الزّاهد محيي الدّين أبو نصر محمد بن نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن أبي صالح الحنبلي البغدادي [3] ، قاضي القضاة، عماد الدّين. سمع من والده، ومن الحسن بن علي بن المرتضى العلوي، وغيرهما. وطلب بنفسه، وقرأ وتفقّه. وكان عالما، ورعا، زاهدا، يدرّس بمدرسة جدّه ويلازم الاشتغال بالعلم إلى أن توفي.

ولما ولي أبوه قضاء القضاة، ولّاه القضاء والحكم بدار الخلافة، فجلس في مجلس الحكم مجلسا واحدا وحكم، ثم عزل نفسه ونهض إلى مدرستهم بباب الأزج، ولم يعد إلى ذلك تنزّها عن القضاء وتورعا.

وسمع منه الدّمياطي الحافظ، وحدّث عنه، وذكره في «معجمه» وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشر شوال ببغداد، ودفن إلى جنب جدّه الشيخ عبد القادر بمدرسته، وكانت وفاته بعد انقضاء الواقعة.

وفيها ابن صلايا، الصّاحب تاج الدّين، أبو المكارم، محمد بن نصر ابن يحيى الهاشمي العلوي [4] ، نائب الخليفة بإربل. كان من رجال الدّهر

[1] ما بين الحاصرتين سقط من «آ» وأثبته من «ط» .

[2]

انظر «العبر» (5/ 235) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 361) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 668- 669) و «غاية النهاية» (2/ 122- 123) و «غربال الزمان» ص (535) .

[3]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 265- 266) .

[4]

انظر «العبر» (5/ 236) و «الوافي بالوفيات» (5/ 128- 129) .

ص: 490

عقلا، ورأيا، وهيبة، وعزما، وجودا، وسؤددا. قتله هولاكو [1] في ربيع الآخر بقرب تبريز [2] .

وفيها الفاضل الأديب نور الدّين محمد بن محمد بن رستم الإسعردي [3] الشاعر المشهور. كان قاضي القضاة ابن سني الدولة أجلسه تحت السّاعات شاهدا، فحضر يوما عند السلطان صلاح الدّين يوسف فأعجبته عبارته، فجعله نديما، وخلع عليه القباء والعمامة المذهبة، فأتى ثاني يوم بالعمامة المذهبة والقباء وجلس تحت السّاعات بين الشهود، وكان الغالب عليه المجون. وأفرد هزلياته في كتاب سماه «سلافة الزّرجون في الخلاعة والمجون» [4] .

وفيها فتح الدّين محمد بن عبد الصّمد بن عبد الله بن حيدرة السّلمي [5] . عرف بابن العدل، أحد الصّدور الأماثل. ولي حسبة دمشق إلى حين وفاته، وكان موصوفا بالعفاف، وجدّه محيي الدّين هو باني المدرسة بالزّبداني، وكان كثير البرّ والصدقة، له الأملاك الكثيرة، ودفن بسفح قاسيون.

وفيها ابن شقير [6] ، الشيخ عفيف الدّين أبو الفضل المرجّى بن

[1] في «آ» و «ط» : «هلاكو» وفي «العبر» بطبعتيه: «هولاوو» .

[2]

كذا في «ط» و «العبر» : «بقرب تبريز» وفي «آ» : «بتبريز» .

[3]

انظر «الوافي بالوفيات» (1/ 188- 192) و «نكت الهميان» ص (255) و «فوات الوفيات» (3/ 271- 276) و «البداية والنهاية» (13/ 212) وقد تحرفت «الإسعردي» فيه إلى «الأشعري» فتصحح، و «عقد الجمان» (1/ 189) .

[4]

قلت: ضمّنه هزليات من شعره، وضم إليها أشياء من نظم غيره. قال الصّفدي.

[5]

انظر «الوافي بالوفيات» (1/ 257- 258) و «عيون التواريخ» (20/ 202- 203) و «البداية والنهاية» (13/ 213) .

[6]

كذا في «آ» و «ط» و «العبر» : «ابن شقير» وفي «سير أعلام النبلاء» و «معرفة القراء الكبار» :

«ابن شقيرا» وفي «غاية النهاية» : «ابن شقيرة» .

ص: 491

الحسن بن هبة الله بن غزال الواسطي [1] المقرئ التّاجر السفّار.

ولد سنة إحدى وستين وخمسمائة بواسط، وقرأ القراءات على أبي بكر ابن الباقلّاني وأتقنها، وتفقه. وكان آخر من روى وحدّث عن أبي طالب الكتّاني.

وذكر الفاروثي [2] أنّه عاش إلى حدود هذه السنة.

وفيها ابن الشّقيشقة المحدّث، نجيب الدّين أبو الفتح نصر الله بن أبي العزّ مظفّر بن عقيل الشّيباني الدمشقي الصفّار [3] .

ولد بعد الثمانين وخمسمائة، وسمع من حنبل [4] ، وابن طبرزد، وخلق كثير. وروى «مسند أحمد» . وكان أديبا، ظريفا، عارفا بشيوخ دمشق ومروياتهم، لكن رماه أبو شامة بالكذب ورقة الدّين [5] . وكان جعله قاضي القضاة ابن سني الدولة عاقدا تحت السّاعات، فقال فيه البهاء بن الدجّاجية:

جلس الشّقيشقة الشّقيّ ليشهدا

بأبيكما ماذا عدا فيما بدا

هل زلزل الزّلزال أم قد أخرج الدّ

جال أم عدموا الرّجال أولي الهدى [6]

عجبا لمحلول العقيدة جاهل

بالشّرع قد أذنوا له أن يعقدا

[1] انظر «العبر» (5/ 236) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 329- 330) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 656- 657) و «غاية النهاية» : (2/ 293) .

[2]

تحرف في «آ» و «ط» إلى «الفاروي» والصواب ما أثبته، وهو أحمد بن إبراهيم بن عمر الواسطي الشافعي الفاروثي، سترد ترجمته في وفيات سنة (694) من هذا المجلد.

[3]

انظر «ذيل الروضتين» ص (201) و «العبر» (5/ 236- 237) و «ميزان الاعتدال» (4/ 254) و «عيون التواريخ» (20/ 205- 206) و «النجوم الزاهرة» (7/ 68) .

[4]

في «آ» : «سمع ابن حنبل» وهو خطأ وما أثبته من «ط» و «العبر» و «ميزان الاعتدال» .

[5]

انظر «ذيل الروضتين» ص (201) .

[6]

رواية الشطرة الثانية من البيت في «ذيل الروضتين» :

أم عدم الرجال ذوو الهدى.

ص: 492

ولابن الشّقيشقة لغز في الواو والميم والنّون، وهو:

أوّله آخره

وبعضه جميعه

ثلاثة حروفه

وواحد مجموعه

إن شئت أن تعكسه

فلست [1] تستطيعه

توفي في جمادى الآخرة ووقف داره بدمشق دار حديث.

وفيها الصّرصري الشيخ العلّامة القدوة أبو زكريا يحيى بن يوسف ابن يحيى الصّرصري [2] الأصل- نسبة إلى صرصر بفتح الصادين المهملتين، قرية على فرسخين من بغداد- كان إليه المنتهى في معرفة اللّغة وحسن الشعر، «وديوانه» ومدائحه سائرة [3] ، وكان حسّان وقته.

ولد سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وقرأ القرآن بالرّوايات على أصحاب ابن عساكر البطائحي [4] . وسمع الحديث من الشيخ علي بن إدريس اليعقوبي الزاهد، صاحبه الشيخ عبد القادر، وصحبه، وتسلّك به، ولبس منه الخرقة وأجاز له الشيخ عبد المغيث الحربي وغيره، وحفظ الفقه واللغة، ويقال: إنه كان يحفظ «صحاح» الجوهري بكمالها. وكان يتوقّد ذكاء،

[1] علق الأستاذ حسام الدّين القدسي، رحمه الله تعالى،- ناشر الطبعة السابقة من الكتاب- بقوله: لعل الصواب «فأنت» لأن هذه الحروف لا تتغير إذا قرئت طردا وعكسا.

[2]

انظر «العبر» (5/ 237) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «نكت الهميان» ص (308) و «فوات الوفيات» (4/ 298- 319) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 262- 263) .

[3]

قال العلّامة الزركلي في «الأعلام» (8/ 177) : له ديوان صغير، ومنظومات في الفقه وغيره، منها: قصيدة دالية في الفقه الحنبلي (2774) بيتا، شرحها محمد بن أيوب التّاذفي في مجلدين، و «المنتقى من مدائح الرسول صلى الله عليه وسلم» لعله المسمى «المختار من مدائح المختار» .

[4]

هو علي بن عساكر بن المرحّب البطائحي، تقدمت ترجمته في المجلد السادس صفحة (400) .

ص: 493

ويقال: إن مدائحه في النّبيّ- صلى الله عليه وسلم تبلغ عشرين مجلدا، وقد نظم في الفقه «مختصر الخرقي» و «زوائد الكافي» ونظم في العربية، وفي فنون شتى وكان صالحا، قدوة، كثير التّلاوة، عظيم الاجتهاد، صبورا، قنوعا، محبّا لطريقة الفقراء ومخالطتهم. وكان يحضر معهم السماع ويرخص في ذلك، وكان شديدا في السّنّة، منحرفا على المخالفين لها. وشعره مملوء بذكر أصول السّنّة ومدح أهلها وذمّ مخالفيها.

قال ابن رجب: وكان قد رأى النّبيّ- صلى الله عليه وسلم في منامه، وبشّره بالموت على السّنّة. ونظم في ذلك قصيدة طويلة معروفة.

وسمع منه الحافظ الدّمياطي، وحدّث عنه، وذكره في «معجمه» .

ولما دخل التتار بغداد، كان الشيخ بها فلما دخلوا عليه قاتلهم وقتل منهم بعكّازه نحو اثني عشر نفسا، ثم قتلوه شهيدا برباط الشيخ علي الخبّاز، وحمل إلى صرصر فدفن بها.

وفيها محيى الدّين بن الجوزي، الصّاحب العلّامة سفير الخلافة أبو المحاسن يوسف بن الشيخ أبي الفرج عبد الرّحمن بن علي بن محمد التيمي الكبري البغدادي الحنبلي [1] ، أستاذ دار المستعصم بالله.

ولد سنة ثمانين وخمسمائة، وسمع من أبيه وذاكر بن كامل، وابن بوش، وطائفة. وقرأ القرآن بواسط على ابن الباقلاني، وكان كثير المحفوظ، قويّ المشاركة في العلوم، وافر الحشمة.

قال ابن رجب: قرأ القرآن بالروايات العشر على ابن الباقلّاني، وقد جاوز العشر سنين من عمره، ولبس الخرقة من الشيخ ضياء الدّين بن سكينة.

[1] انظر «العبر» (5/ 237) و «سير أعلام النبلاء» (23/ 372- 374) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 258- 261) و «عقد الجمان» (1/ 175) .

ص: 494

واشتغل بالفقه، والخلاف، والأصول. وبرع في ذلك. وكان أشهر فيه من أبيه، ووعظ من صغره على قاعدة أبيه، وعلا أمره، وعظم شأنه، وولي الولايات الجليلة ثم عزل عن جميع ذلك. وانقطع في داره يعظ، ويفتي، ويدرّس. ثم أعيد إلى الحبسة.

وقال ابن السّاعي: ظهرت عليه آثار العناية الإلهية مذ كان طفلا، فعني به والده، فأسمعه الحديث، ودرّبه في الوعظ، وبورك له في ذلك، وبانت عليه آثار السعادة.

وتوفي والده وعمره سبع عشرة سنة، فكفلته والدة الإمام النّاصر، وتقدمت له بالجلوس للوعظ على عادة والده عند تربتها، بعد أن خلعت عليه. فتكلم بما بهر به الحاضرين، ولم يزل في ترقّ وعلوّ، كامل الفضائل، معدوم الرّذائل، أرسله الخليفة إلى ملوك الأطراف فاكتسب مالا كثيرا، وأنشأ مدرسة بدمشق، وهي المعروفة بالجوزية، ووقف عليها أوقافا كثيرة، ولم يزل في ترقّ إلى أن قتل صبرا بسيف الكفّار شهيدا عند دخول هولاكو [1] إلى بغداد بظاهر سور كلواذى، وقتل معه أولاده الثلاثة:

الشيخ جمال الدّين أبو الفرج عبد الرّحمن [2] ، وكان فاضلا، بارعا، واعظا، له تصانيف. قتل وقد جاوز الخمسين.

وشرف الدّين عبد الله [3] ، ولي الحسبة أيضا، ثم تزهّد عنها ودرّس وتاج الدّين عبد الكريم [4] . ولي الحسبة أيضا لما تركها أخوه ودرّس، وقتل ولم يبلغ عشرين سنة.

[1] في «آ» و «ط» : «هلاكو» .

[2]

انظر «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (274) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 261- 262) .

[3]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 262) .

[4]

انظر «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 262) .

ص: 495

ومن مصنفات يوسف المذكور [1]«معادن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز» ، و «المذهب الأحمد في مذهب أحمد» ، و «الإيضاح في الجدل» .

وسمع منه [2] خلق، منهم الحافظ الدّمياطي.

[1] رجع المؤلف إلى الكلام على «يوسف بن عبد الرحمن بن الجوزي» .

[2]

في «آ» و «ط» : «منهم» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

ص: 496