المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة تسعين وستمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٧

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد السابع]

- ‌سنة إحدى وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستمائة

- ‌سنة أربع وستمائة

- ‌سنة خمس وستمائة

- ‌سنة ست وستمائة

- ‌سنة سبع وستمائة

- ‌سنة ثمان وستمائة

- ‌سنة تسع وستمائة

- ‌سنة عشر وستمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وستمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وستمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وستمائة

- ‌سنة أربع عشرة وستمائة

- ‌سنة خمس عشرة وستمائة

- ‌سنة ست عشرة وستمائة

- ‌سنة سبع عشرة وستمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وستمائة

- ‌سنة تسع عشرة وستمائة

- ‌سنة عشرين وستمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وستمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وستمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وستمائة

- ‌سنة ست وعشرين وستمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وستمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وستمائة

- ‌سنة ثلاثين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وستمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وستمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وستمائة

- ‌سنة أربعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وستمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وستمائة

- ‌سنة ست وأربعين وستمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وستمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وستمائة

- ‌سنة خمسين وستمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وستمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وستمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وستمائة

- ‌سنة ست وخمسين وستمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وستمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وستمائة

- ‌سنة ستين وستمائة

- ‌سنة إحدى وستين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وستمائة

- ‌سنة أربع وستين وستمائة

- ‌سنة خمس وستين وستمائة

- ‌سنة ست وستين وستمائة

- ‌سنة سبع وستين وستمائة

- ‌سنة ثمان وستين وستمائة

- ‌سنة تسع وستين وستمائة

- ‌سنة سبعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وستمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وستمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وستمائة

- ‌سنة ست وسبعين وستمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وستمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وستمائة

- ‌سنة ثمانين وستمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وستمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وستمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وستمائة

- ‌سنة ست وثمانين وستمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وستمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وستمائة

- ‌سنة تسعين وستمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وستمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وستمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وستمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وستمائة

- ‌سنة ست وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وستمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وستمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وستمائة

- ‌سنة سبعمائة

الفصل: ‌سنة تسعين وستمائة

‌سنة تسعين وستمائة

فيها ولله الحمد والمنّة فتح ما كان بأيدي النّصارى من بلاد الشّام ولم يبق لهم بها حصن ولا معقل.

وفيها توفي الشيخ الخابوري خطيب حلب ومقرئها ونحويّها الإمام شهاب الدّين أحمد بن عبد الله بن الزّبير الحلبي [1] صاحب النّوادر والظّرف. سمع بحرّان من فخر الدّين ابن تيميّة، وبحلب من ابن الأستاذ، وببغداد من ابن الدّاهري، وبدمشق من ابن صباح، وقرأ القراءات على السّخاوي. وتوفي في المحرّم وقد قارب التسعين.

وفيها السّويديّ الحكيم العلّامة شيخ الأطباء عزّ الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن طرخان الأنصاري الدمشقي [2] .

ولد سنة ستمائة، وسمع من الشّمس العطّار، وابن ملاعب، وطائفة.

وتأدّب على ابن معطي، وأخذ الطبّ عن المهذب الدّخوار [3] وبرع في الطبّ، وصنّف فيه، وفاق الأقران، وكتب الكثير بخطّه المليح، ونظر في

[1] انظر «العبر» (5/ 365- 366) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (288) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .

[2]

انظر «العبر» (5/ 366) و «الوافي بالوفيات» (6/ 123- 125) .

[3]

هو عبد الرحيم بن علي بن حامد الدمشقي، المعروف بالمهذّب أو مهذّب الدّين الدّخوار.

وقد مضت ترجمته في وفيات سنة (628) من هذا المجلد، ص (224) .

ص: 718

العقليات، وألّف كتاب «الباهر في الجواهر» وكتاب «التذكرة» في الطب، وتوفي في شعبان.

وفيها أرغون بن أبغا بن هولاكو [1] ، صاحب العراق وخراسان وأذربيجان. تملّك بعد عمّه الملك أحمد، وكان شهما مقداما، كافر النّفس، شديد البأس، سفّاكا للدّماء، عظيم الجبروت. هلك في هذا العام، فيقال:

إنه سمّ، فاتهمت المغل وزيره سعيد الدولة اليهودي بقتله، فمالوا على اليهود قتلا ونهبا وسبيا. قاله في «العبر» .

وفيها إسماعيل بن نور بن قمر الهيتي الصّالحي [2] . روى عن موسى بن عبد القادر وجماعة، وتوفي في رجب.

وفيها سلامش الملك العادل بدر الدّين، ولد الملك الظّاهر بيبرس الصّالحي [3] ، الذي سلطنوه عند خلع أخيه السعيد، ثم نزعوه بعد ثلاثة أشهر، وبقي خاملا بمصر، فلما تسلطن الأشرف أخذه وأخاه الملك خضر وأهلهم، وجهّزهم إلى مدينة اسطنبول بلاد الأشكري فمات بها وله نحو من عشرين سنة. وكان مليح الصّورة، رشيق القدّ، ذا عقل وحياء.

وفيها التّلمساني عفيف الدّين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي [4] . الأديب الشّاعر، أحد زنادقة الصّوفية، وقيل له مرّة: أأنت نصيريّ [5] ؟ فقال: النّصيريّ بعض مني.

[1] انظر «العبر» (5/ 366) و «البداية والنهاية» (13/ 324) وفي «آ» و «ط» : «هلاكو» مكان «هولاكو» .

[2]

انظر «العبر» (5/ 366- 367) .

[3]

انظر «العبر» (5/ 367) و «البداية والنهاية» (13/ 326) .

[4]

انظر «العبر» وما بين الحاصرتين زيادة منه (5/ 367) و «البداية والنهاية» (13/ 326) .

[5]

تحرفت في «ط» إلى «نصير» .

ص: 719

وأما شعره ففي الذّروة العليا من حيث [البيان و] البلاغة لا من حيث الاتحاد.

توفي في خامس رجب، وله ثمانون سنة. قاله في «العبر» .

وقال الشيخ عبد الرّؤف المناوي: أثنى عليه ابن سبعين، وفضّله على شيخه القونوي، فإنه لما قدم شيخه القونوي رسولا إلى مصر، اجتمع به ابن سبعين لما قدم من المغرب، وكان التّلمساني مع شيخه القونوي، قالوا لابن سبعين: كيف وجدته؟ - يعني في علم التوحيد- فقال: إنه من المحقّقين، لكن معه شابّ أحذق منه، وهو العفيف التّلمساني.

والعفيف هذا من عظماء الطّائفة القائلين بالوحدة المطلقة.

وقال بعضهم: هو لحم خنزير في صحن صيني، وأنه يدرج السّمّ القاتل في كلامه لمن لا فطنة له بأساس قواعده.

ورموه بعظائم من الأقوال والأفعال، وزعموا أنه كان على قدم شيخ شيخه [1] في أنه لا يحرّم فرجا، وأن عنده إن ما ثم غيره ولا سوى بوجه من الوجوه، وأن العبد إنما يشهد السوي إذا كان محجوبا، فإذا انكشف حجابه ورأى أنّ ما ثم غيره تبين له الأمر، ولهذا كان يقول: نكاح الأم والبنت والأجنبية واحد، وإنما هؤلاء المحجوبون قالوا حرام علينا، فقلنا حرام عليكم.

وذكروا أنه دخل على أبي حيّان، فقال له: من أنت؟ قال: العفيف التّلمساني، وجدّي من قبل الأم ابن سبعين، فقال: إي والله عريق أنت في لإلهية يا كلب يا بن الكلب.

وأكثروا من نقل هذا الهذيان في شأنه وشأن شيخه وشيخ شيخه، ولم

[1] في «ط» و «المنتخب» : «على قدم شيخه» .

ص: 720

يثبت عنهم شيء من ذلك بطريق معتبر. نعم هم قائلون بأن واجب الوجود هو الوجود المطلق، ومبنى طريقهم على ذلك. انتهى كلام المناوي ملخصا.

وقال غيره: له عدة تصانيف، منها «شرح أسماء الله الحسنى» و «شرح مواقف النّفّري» [1] ، وشرح «النّصوص» وغير ذلك. وله ديوان شعر.

وقال الشيخ برهان الدّين بن الفاشوشة الكتبي: دخلت عليه يوم مات، فقلت له: كيف حالك؟ قال: بخير، من عرف الله كيف يخاف، والله مذ عرفته ما خفته وأنا فرحان بلقائه.

ومن شعره:

إن كان قتلي في الهوى يتعيّن

يا قاتلي فبسيف طرفك أهون

حسبي وحسبك أن تكون مدامعي

غسلي وفي ثوب السّقام أكفّن

عجبا لخدّك وردة في بانة

والورد فوق البان ما لا يمكن

أدنته لي سنة الكرى فلثمته

حتّى تبدّل بالشّقيق السّوسن

ووردت كوثر ثغره فحسبتني

في جنّة من وجنيته أسكن

ما راعني إلّا بلال الخال من

خدّيه في صبح الجبين يؤذّن

وفيها تاج الدّين الفركاح، فقيه الشام، شيخ الإسلام، أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري الدمشقي الشافعي [2] .

ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمع من ابن الزّبيدي، وابن اللّتي، وابن الصّلاح، والسّخاوي، وخلائق.

[1] تصحفت في «ط» إلى «النفزي» وهو محمد بن عبد الجبّار النّفّري، أبو عبد الله، عالم متصوف. مات سنة (354) وكتاب «المواقف» مطبوع. انظر «الأعلام» (6/ 184) الطبعة الرابعة.

[2]

انظر «العبر» (5/ 367- 368) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 287- 289) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 222- 226) .

ص: 721

وتفقه على الإمامين ابن الصّلاح، وابن عبد السّلام.

وبرع في المذهب وهو شابّ، وجلس للإشغال وله بضع وعشرون سنة، وكتب على الفتاوى وله ثلاثون سنة. وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار.

قال القطب اليونيني: انتفع به جمّ غفير، ومعظم قضاة الشّام وما حولها وقضاة الأطراف تلامذته. وكان- رحمه الله عنده من الكرم المفرط وحسن العشرة، وكثرة الصّبر والاحتمال، وعدم الرغبة في التّكثّر من الدنيا، والقناعة والإيثار، والمبالغة في اللّطف، ولين الكلمة والأدب، ما لا مزيد عليه.

وقال الذهبي: فقيه الشام، درّس وناظر وصنّف، وانتهت إليه رئاسة المذهب في الدّنيا، كما انتهت إلى ولده برهان الدّين. وكان من أذكياء العالم، وممن بلغ رتبة الاجتهاد. ومحاسنه كثيرة، وهو أجلّ ممن [1] ينبّه عليه مثلي.

وكان- رحمه الله يلثغ بالراء، فسبحان من له الكمال. وكان لطيف اللّحية، قصيرا، حلو الصّورة، مفركح السّاقين: ولهذا قيل له: الفركاح.

وقال ابن قاضي شهبة: كان أكبر من النّووي بسبع سنين، وكان أفقه نفسا، وأزكى قريحة، وأقوى مناظرة، من الشيخ محيي الدّين [2] ، وأكثر محفوظا منه. وكان قليل المعلوم كثير البركة، وكان مدرّس البادرائية، ولم يكن بيده سواها.

وقال الذهبي: جمع تاريخا مفيدا، وصنّف التصانيف، رأيته وسمعت كلامه في حلقة إقرائه مدّة، وكان بينه وبين النّووي- رحمهما الله- وحشة.

توفي بالبادرائية في خامس جمادى الآخرة ودفن بمقبرة باب الصغير.

[1] ويقال أيضا: «وهو أجلّ من أن

» .

[2]

يعني النووي رحمه الله تعالى.

ص: 722

وفيها الأبهري القاضي، شمس الدّين، عبد الواسع بن عبد الكافي بن عبد الواسع الشّافعي [1] .

ولد بأبهر- وهي بالباء الموحدة السّاكنة، مدينة نحو يوم من قزوين- سنة تسع وتسعين وخمسمائة، وسمع من ابن روزبه وابن الزّبيدي، وطائفة.

وأجاز له أبو الفتح المندائي، والمؤيد ابن الإخوة، وخلق. وسمع منه الحافظ المزّي.

وتوفي في شوال بدمشق بالخانقاه الأسدية.

وفيها الفخر بن البخاري مسند الدّنيا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السّعدي المقدسي الصّالحي الحنبلي [2] .

ولد في آخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وخلق. وأجاز له أبو المكارم اللبّان، وابن الجوزي، وخلق كثير. وطال عمره، ورحل الطلبة إليه من البلاد، وألحق الأسباط بالأجداد في علو الإسناد. قاله في «العبر» .

وقال ابن رجب في «طبقاته» : تفرّد في الدّنيا بالرواية العالية. وتفقه على الشيخ موفق الدّين، وقرأ عليه «المقنع» وأذن له في إقرائه، وصار محدّث الإسلام وراويته. روى الحديث فوق ستين سنة، وسمع منه الأئمة الحفّاظ المتقدّمون، وقد ماتوا قبله بدهر. وخرّج له عمّه [3] الحافظ ضياء الدّين جزءا من عواليه. وحدّث به كثيرا، سمعناه من أصحابه.

وذكره عمر بن الحاجب في «معجم شيوخه» فقال: تفقه على والده،

[1] انظر «العبر» (5/ 368) و «طبقات الشافعية الكبرى» (8/ 316) .

[2]

انظر «العبر» (5/ 368- 369) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 325- 329) .

[3]

في «آ» و «ط» : «عمّ» والتّصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» .

ص: 723

وعلى الشيخ موفق الدّين، قال: وهو فاضل، كريم النّفس، كيّس الأخلاق، حسن الوجه، قاض للحاجة، كثير التّعصب- أي للحقّ- محمود السّيرة.

سألت عمّه الشيخ ضياء الدّين عنه، فأثنى عليه ووصفه بالفعل الجميل [1] والمروءة التّامّة.

وقال الفرضي في «معجمه» : كان شيخا، عالما، فقيها، زاهدا، عابدا، مسندا، مكثرا، وقورا، صبورا على قراءة الحديث، مكرما للطلبة، ملازما لبيته، مواظبا على العبادة، ألحق الأحفاد بالأجداد، وحدّث نحوا من ستين سنة، وتفرّد بالرواية عن شيوخ كثيرة.

وقال الذهبي: كان فقيها، عارفا بالمذهب، فصيحا، صادق اللهجة، يردّ على الطلبة، مع الورع والتّقوى والسّكينة والجلالة، زاهدا، صالحا، خيّرا، عدلا، مأمونا. وقال [2] : سألت المزّي عنه فقال: أحد المشايخ الأكابر والأعيان الأماثل، من بيت العلم والحديث، ولا نعلم أحدا حصل له من الحظوة في الرّواية في هذه الأزمان مثل ما حصل له.

قال شيخنا ابن تيميّة: ينشرح صدري إذا أدخلت ابن البخاري بيني وبين النّبيّ، صلى الله عليه وسلم، في حديث.

قلت: وقد دخل بيني وبين النّبيّ صلى الله عليه وسلم، في أحاديث لا تحصى، منها:

الحديث المسلسل بالحنابلة الذي يقال له: «سلسلة الذّهب» [3] ولا يوجد حديث أصحّ منه، وهو ما حدّثني به أستاذي الشيخ أيوب بن أحمد بن أيوب، وكان حنبليا، ثم تحنّف، وهو سبط الشيخ موسى الحجاوي الحنبلي،

[1] في «ذيل طبقات الحنابلة» : «بالخلق الجميل» .

[2]

القائل الحافظ الذهبي.

[3]

وقد جمع أحاديث سند هذه السلسلة الذهبية الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في جزء صغير، وقد حققه الدكتور عبد المعطي قلعجي ونشرته دار المعرفة ببيروت سنة (1406) هـ.

ص: 724

قال: روينا عن الشيخ إبراهيم- يعني ابن الأحدب- قال: روينا بعموم الإذن إن لم يكن سماعا عن النّجم بن حسن الماتاني الحنبلي قال: ثنا أبو المحاسن يوسف بن عبد الهادي الحنبلي، ثنا جدّي أحمد بن عبد الهادي الحنبلي «ح» قال: ابن الماتاني: وأنبأنا أيضا محمد بن أبي عمر الحنبلي المعروف بابن زريق، ثنا عبد الرحمن بن الطّحّان الحنبلي بقراءتي عليه، قالا: ثنا الصّلاح محمد بن أحمد بن أبي عمر الحنبلي، ثنا علي ابن أحمد بن عبد الواحد الحنبلي المعروف بابن البخاري، ثنا حنبل بن عبد الله البغدادي الحنبلي، ثنا محمد بن الحصين الحنبلي، ثنا الحسن بن علي بن المذهب الحنبلي، ثنا أحمد بن جعفر القطيعي الحنبلي، ثنا عبد الله بن الإمام أحمد الحنبلي، ثنا إمام السّنّة وحافظ الأمّة الصّدّيق الثاني الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، إمام كل حنبليّ في الدّنيا، رضي الله عنه، ثنا محمد بن إدريس الشافعي، ثنا مالك بن أنس، عن نافع عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«لا يبع بعضكم على بيع بعض» [1] . «ونهى عن النّجش» [2] و «نهى عن بيع حبل الحبلة» [3] و «نهى عن المزابنة» [4] . والمزابنة: بيع الرّطب بالتّمر كيلا، وبيع الكرم بالزّبيب كيلا» . انتهى، والله أعلم، وله الحمد والمنّة.

وقال الذهبي: وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمانية رجال ثقات.

[1] رواه البخاري رقم (2032) في البيوع، باب لا يبع على بيع أخيه، ومسلم رقم (1412) في النكاح: باب تحريم الخطبة على الخطبة، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وانظر «جامع الأصول» (1/ 535) بتحقيقي.

[2]

رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع الأصول» (1/ 506) .

[3]

رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع الأصول» (1/ 488) .

[4]

رواه البخاري ومسلم عن عبدان بن عمر رضي الله عنهما، وانظر «جامع الأصول» (1/ 476) .

ص: 725

وقال ابن رجب: حدّث ببلاد كثيرة، بدمشق، ومصر، وبغداد، والموصل، وتدمر، والرّحبة، والحديثة، وزرع.

وتكاثرت عليه الطلبة من نحو الخمسين وستمائة، وازدحموا عليه بعد الثمانين، وروى عنه من الحفّاظ ما لا يحصى [1]، منهم: ابن الحاجب، والزّكي المنذري، والرّشيد العطّار، والدّمياطي، وابن دقيق العيد، والحارثي، والشيخ تقي الدّين بن تيميّة. وبقيت طلبته وجماعته إلى نيّف وسبعين وسبعمائة، وهذه بركة عظيمة.

ومن شعره:

تكررت السّنون عليّ حتّى

بليت وصرت من سقط المتاع

وقلّ النّفع عندي غير أني

أعلّل بالرّواية والسّماع

فإن يك خالصا فله جزاء

وإن يك مانعا فإلى ضياع

وله:

إليك اعتذاري من صلاتي قاعدا

وعجزي عن سعي إلى الجمعات

وتركي صلاة الفرض في كلّ مسجد

تجمّع فيه النّاس للصّلوات

فيا ربّ لا تمقت صلاتي ونجّني

من النّار واصفح لي عن الهفوات

وتوفي- رحمه الله تعالى- ضحى يوم الأربعاء ثاني شهر ربيع الآخر، وصلّي عليه وقت الظهر بالجامع المظفّري، ودفن عند والده بسفح قاسيون، وكانت له جنازة مشهودة، شهدها القضاة والأمراء والأعيان، وخلق كثير.

وفيها ابن الزّملكاني الإمام المفتي علاء الدّين أبو الحسن [2]

[1] في «ط» : «من لا يحصى» .

[2]

قوله: «أبو الحسن» سقط من «ط» .

ص: 726

علي بن العلّامة البارع كمال الدّين عبد الواحد بن عبد الكريم الأنصاري السّماكي الدمشقي الشّافعي [1] مدرّس الأمينية.

توفي في ربيع الآخر، وقد نيّف على الخمسين.

سمع من خطيب مراد، والرّشيد العطّار، ولم يحدّث. قاله في «العبر» .

وفيها الفخر الكرخي [2] أبو حفص عمر بن يحيى بن عمر الشّافعي [3] ولد سنة تسع وتسعين وخمسمائة بالكرخ [4] . وتفقه بدمشق على ابن الصّلاح وخدمه مدّة. وسمع من البهاء عبد الرحمن، وابن الزّبيدي وطائفة، وليس ممن يعتمد عليه في الرّواية. توفي هو والفخر ابن البخاري في يوم واحد.

وفيها أبو محمد غازي الحلاوي بن أبي الفضل بن عبد الوهاب الدّمشقي [5] . سمع من حنبل، وابن طبرزد، وعمّر دهرا، وانتهى إليه علو الإسناد بمصر، وعاش خمسا وتسعين سنة. وتوفي في رابع صفر بالقاهرة.

وفيها الشّهاب بن مزهر الشيخ [6] أبو عبد الله محمد بن عبد الخالق بن مزهر الأنصاري الدمشقي المقرئ [7] .

[1] انظر «العبر» (5/ 369) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 13) .

[2]

تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الكرجي» والتصحيح من مصادر الترجمة.

[3]

انظر «العبر» (5/ 369) و «البداية والنهاية» (13/ 326) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .

[4]

تصحفت في «آ» و «ط» إلى «الكرج» .

[5]

انظر «العبر» (5/ 369) و «النجوم الزاهرة» (8/ 32) .

[6]

لفظة «الشيخ» لم ترد في «ط» .

[7]

انظر «العبر» (5/ 370) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 706) .

ص: 727

قرأ القراءات على السّخاوي وأقرأها، وكان فقيها، عالما، وقف كتبه بالأشرفية.

وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن بن أبي الفتح الصّوري الصّالحي [1] .

ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من الكندي، وابن الحرستاني [2] وطائفة، وببغداد من أبي علي بن الجواليقي وجماعة. وأجاز له ابن طبرزد وجماعة. وكان آخر من سمع من الكندي موتا.

توفي في منتصف ذي الحجّة.

وفيها ابن المجاور نجم الدّين أبو الفتح يوسف ابن الصّاحب يعقوب بن محمد بن علي الشّيباني الدمشقي الكاتب [3] .

ولد سنة إحدى وستمائة، وسمع من الكندي، وعبد الجليل بن مندويه وجماعة، وتفرّد برواية «تاريخ بغداد» عن الكندي.

وتوفي في الثامن والعشرين من ذي القعدة.

وكان ديّنا، ومصلّيا، إلّا أنه يخدم في المكس. قاله في «العبر» .

[1] انظر «العبر» (5/ 370) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .

[2]

تحرفت في «ط» إلى «ابن الخرستان» .

[3]

انظر «العبر» (5/ 370) و «النجوم الزاهرة» (8/ 33) .

ص: 728